<!--[endif]-->
الأبدال وجهتنـــا ومنهجنــا نحو الخلاص القادم
الحلقة الثانية
الشيخ محمد نور الدين الهاشمي
نؤكد أننا الأمناء على السنة والخادمون بسيفتنا كما قلمنا للعترة النبوية ..
اعتقادا منا أن
" أهل البيت عليه السلام هم أهل السنة الحقيقيون" وأنصارهم حملة الحق
وخلاصة النبوة وبوابة النور والعلم والحكمة هم آل البيت عليه السلام وهو القول الفصل
في وصية النبي الأعظم صلى الله عليه وآله :
" أنا مدينة العلم وعلي بابها ، فمن أراد الدين فعليه بالباب "
وهو ترجمان قول الحق في علاه :
{... َلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْاْ الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا
وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (45)
: وبعد أن نزلت الآية الكريمة أشار النبي ألأعظم لتفسيرها مشيرا إلى بيت أمير المؤمنين :
علي عليه السلام في خطابه : وقال : "كذب من زعم أنه يدخل البيت من غير بابه "(46)
... وعليه بات واضحا أن باب آل النبي محمد عليه السلام هم بوابة الدين والعلم والشرف
المقدس. وهم خلفاء النبوة الراشدين المرشودين الذين قال فيهم نبي الأمة صلى الله عليه وآله "
عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ " (47)
.. ولا يحق لمدعي وزاعم أن يدخل الأمة من غير باب نبيها !!
والصحابة الأجلاء هم عنوان الإتباع وها هو الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه يؤكد
عشرات المرات في اعترافه أمام الصحابة أجمعين بالقول في حرم الله وأمام الكعبة المقدسة :
" أعوذ بالله أن أعيش في زمن ليس فيه أبا الحسن "
علي بن أبي طالب " عليه السلام
وعمر بن الخطاب كان قد تفرد برواية الحديث الذي لم يأخذ شهرة
عند المسلمين لأساب خاصة بأزمة فاجعة السقيفة " قال :
" والله إني لأشهد على رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال :
" لو وضع إيمان أهل السموات السبع في كفة ، و أهل الأراضين السبع في كفة
وإيمان علي بن أبي طالب عليه السلام في كفة لرجح إيمان علي " (48)
وبهذا الاختصار نؤكد على وجهتنا الاعتقادية في حمل الإسلام العظيم ..
على أرضية السنة والعترة .. لا على خطى أعدائهم وقاتليهم وليس أمامنا خيار :
إما الانحياز لمشروع النبوة الممثل في أهل البيت المطهرين عليهم السلام و ختامها خليفة الله
المهدي الموعود " عليه السلام ومتبعيهم من المؤمنين والصحابة الأجلاء، وأما حمل العداوة
للنبي وأهل بيته المطهرين عليهم السلام وهو بوابة الكفر !! هذه وجهتنا الثابتة والمنحازة
سلفا إلى الخندق النبوي وخنادق آل بيته المطهرين ...
رابعا : وحدة الأمـــة خيارنا :
من خصائص وجهتنا هو توجهنا التوحيدي ونبذ كل ما يفرق صف المسلمين، وعلى هذه الوجهه
ندعوا أنصار آل محمد عليهم السلام في الأرض المقدسة وفي المحور الشامي المقدس إلى نبذ كل
أشكال الفرقة.. وكما تعرف شوارع الوطن وجهتنا في الانتفاضة الأولى وعلى امتداد الساحة
قدمنا أنموذج الوحدة في بياناتنا وكتبنا، ونحن وأنصارنا ندرك حجم المؤامرة على هذا الخط
الإلهي المقدس وليس أدل على ذلك مما يفعله الخونة في مواجهة حزب الله وقيادته المنصورة..
وعلى أنصار آل البيت عليه السلام أن يكونوا أنموذج الطهر كسادتهم في هذا العالم.. وقد طهر
العلي القدير النبي صلى الله عليه وآله في القرآن وحين وضعهم النبي صلى الله عليه وآله
وجبرائيل عليه السلام في كساء التقديس لينزل عز وجل قدره في قولة العلي :
{.. إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطْهِيراً} (49(
– دعوتنا وحدة للتكاتف والطهر ونبذ كل خيارات الشيطان وأشكال التزييف والدجل وكل أشكال
المقامرة بالدين والشهداء .. إن أمة يشهد لها النبي الأعظم صلى الله عليه وآله يقتضي بناؤها أن
يكون منحازا للنبي صلى الله عليه وآله المطهرين عليهم السلام، والوحدة هي أرقي أشكال الثورة
وفكر المواجهة وهي ضمانة السلاح من فكر الفتن.. وهديها من نور ربها .
قال تعالى:
{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء
فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ
اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } (50)
والاعتصام بالقرآن والسنة عبر بوابة العترة هي الضمانة الأكيدة لوحدة الأمة المؤمنة .
وقد أوصى النبي الأعظم صلى الله عليه وآله " عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال : إني أوشك أن أدعي فأجيب وأني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وان اللطيف الخبير أخبرني أنهما
لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروني بم تخلفوني فيهما " (51)
قال المفسرون : " حبل الله هم آل محمد صلى الله عليه وآله .
وذكر النبي صلى الله عليه وآله في ترجمان الآيات قوله: " إني تركت فيكم ما إن اعتصمتم
به فلن تضلوا أبدا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله " (52(
.. والملاحظ التطابق بين مفهوم الاعتصام وهو دعوة محقة ظاهرة للقرآن والعترة " الثقلين "
وهو ما استهدف إيجاد بناء نسيجي قرآني للوحدة الإسلامية بين المؤمنين . يكون أهل البيت
هم أصل النهضة والثورة." فاخلفوني فيهما " الحديث
.. عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء
إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ألا إنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض " (53)
" عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : لما رجع رسول الله صلى الله عليه و سلم من حجة
الوداع و نزل غدير خم أمر بدوحات فقمن فقال : كأني قد دعيت فأجبت إني قد تركت فيكم
الثقلين
أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله تعالى وعترتي فانظروا كيف تخلفوني فيهما فإنهما لن يتفرقا
حتى يردا علي الحوض ثم قال : إن الله عز و جل مولاي و أنا مولى كل مؤمن ثم أخذ بيد علي
رضي الله عنه فقال : من كنت مولاه فهذا وليه اللهم وال من والاه و عاد من عاداه ..
و ذكر الحديث بطوله "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه بطولها " (54(
... قال النبي صلى الله عليه وآله :
" إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا ، أحدهما أعظم من الآخر : كتاب الله
حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ، ولن يتفرقا حتى يردا علي
الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما " (55)
.. وقال صلى الله عليه وآله وسلم :
" أخلفوني في أهل بيتي " (56)
خامســا : موقفنا من الصحابة المكرمين :
موقفنا واضحا جليا من الصحابة الأبرار وهو الترضي عنهم .. وعدم الدخول في المسائل
القدرية لهم مثل الجنة والنار، ونرى ذلك يدخل من يتناوله في باب المحظور أو التأله ،
وأن ننتهج الأمر الإلهي بالدعاء للمؤمنين كافة والاستغفار لهم والتمني لهم بالفوز والرحمة وهو
نهج أئمتنا وقادتنا عبر التاريخ .. وهو ما يتجلى في قوله تعالى : "
{ وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي
قُلُوبِنَا غِلّاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } (57)
وقد تميز أئمة آل البيت عليهم السلام وبالخصوص ما وصلنا من الإمام زين العابدين
عليه السلام في دعواته وسجداته بالدعاء لأتباع الرسل :
" اللهم وإتباع الرسل ومصدقوهم من أهل الأرض بالغيب عند معارضة المعاندين لهم بالتكذيب
والاشتياق إلى المرسلين بحقائق الإيمان في كل دهر وزمان .. " وكان يدعو :
" اللهم وأصحاب محمد خاصة الذين أحسنوا الصحابة والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره ،
وكانفوه وأسرعوا إلى وفادته، وسابقوا إلى دعوته واستجابوا له حيث أسمعهم حجة رسالته ،
وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته وانتصروا به
ومن كانوا منطوين على محبته يرجون تجارة لن تبور في مودته، والذين هجرتهم العشائر إذ
تعلقوا بعروته، وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل فقرابته، فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك
وفيك وأرضهم من رضوانك وبما حاشوا الخلق عليك وكانوا مع رسولك دعاة لك إليك، واشكرهم
على هجرهم فيك ديار قومهم، وخروجهم من سعة المعاش إلى ضيقه ومن كثرت في إعزاز دينك
من مظلومهم... اللهم وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان الذين يقولون: ربنا اغفر لنا ولإخواننا
الذين سبقونا بالإيمان " (58)
والدعاء المطول يكشف عن روح الرقة والمودة الشعورية وحسن رد الجميل..
وهو الأنموذج النبوي الأصيل في الرأفة .. وما دون ذلك من أشكال اللعن والسباب والتي نها
عنها النبي صلى الله عليه وآله . فهي من أبواب الفسق والفواحش المحرمة والذنوب الدنيئة
الموجبة من الإمام العقوبة ، فضلا عن أنها تجاوز حقوق العباد وفيه المحظور القرآني
والنبوي.. والاشكالات التاريخية لا تحسمها قوة في الأرض سوى قوة الخليفة والحجة القادم .. وفيه قول الحق تبارك وتعالى ":
}وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ
عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } (59)
وقال تعالى في السياق :
{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً } (60)
والنبي الأعظم صلى الله عليه وآله يؤكـد على البعد الأخلاقي في عدم مشروعية اللعن والسباب
للمسلمين عامة ويقول في السياق:
" أبي وائل عن عبد الله قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق وقتاله كفر "
وقال صلى الله عليه وآله :
" عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
" ألا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض "
ومن المشين الخلط والتعميم الدائر باسم الدين والتشويه الجائر الذي يقوم به بعض الجهال
كرد فعل على مظلومية آل البيت الطاهرين عليهم السلام وفيه الإساءة البالغة والمخالفة الصريحة
لكل الأصول والثوابت !! وعليه نؤكد لكل أنصار آل البيت عليهم السلام في قلب الأرض
المقدسة بإغلاق باب الفتنة وإثارة البغضاء المسيئة لروح الدين ورسالة التسامح
التي حملها أئمة آل البيت الطاهرين عليهم السلام ، حتى مع خصومهم . وهذا لا يعني إغفال
حالة النفاق والعداوة النفاقية لبني أمية وهم قتلة الأئمة المطهرين ومن لحقهم من بني العباس،
ونري أن الأهم لرسالتنا هو التهيئة والتوطئة لمقدم خليفة العدل الإلهي الذي سيقتل كل رموز
الإفساد في الأرض وهذه هي المهمة الحقة لمسيرتنا .
إن النظر للتاريخ بكليته بمنطق التضاد والعداوة والسوداوية يجعل من العقل الإسلامي محكوم
عليه بالإغلاق والتفسيرات المقلوبة، وهو نفس الأنموذج المعادي للحق ، والذي مارسه الطغاة
بضراوة ضد المتقين الأطهار فالسب واللعن على المنابر هو خاصية أموية جعلتهم خارج سياق
الحق وضمن أنموذج البغاة . والإمام علي عليه السلام نهى صراحة عن اللعن والسباب
" لا تلعنوا أهل الشام " وأما الخونة وقتلة آل محمد عليهم السلام .. فعليهم اللعنة إلى يوم الدين ..
ومن هنا نؤكد أن التشريف بآل النبي محمد عليه السلام يكمن بأتباعهم والتطهر بتطهيرهم ، هذا
هو موقفنا من مسألة الصحابة .. ونحن بذلك لا نسطح التاريخ ولا ننظر له بالقدسية الكلية ولكن
حفظا على اتساق سمة التوازن الأخلاقي .. والأفضل عدم الانجرار للوقوع في المحظور درء
لباب الفتنة والشك والتوجه الإنساني هو الأساس في قبول مشروع آل البيت عليه السلام ..
وزرع العداوة يعزل المسلمين عنهم وبالتالي بغطاء آل البيت عليهم السلام يمارس الكذب
وسياسات التلاعن و ما أفسح المجال لخصوم آل البيت عليهم السلام من تكريس
حملة الحقد وفتاوى القتال والاغتيال؟
البقية والمراجع يتبع الجزء الثاني
أخوكم
محمد نور الدين الهاشمي
فلسطين المقدسة
15 ذو القعدة 1430 هجرية
2 نوفمبر 2009 ميلادية
ساحة النقاش