أعز مكان في الدنيا سرج سابح وخير جليس في الزمان كتاب
الكتاب خير رفيق
الإنسان بلا قراءة قزم صغير، والأمة بلا كتاب قطيع هائمهكذا يصف المتنبي الكتاب لما له من أهمية كبرى للنفس والعقل والروح , ووهكذا كان ينظر الاقدمون الي الكتاب خير جليس مصدر المتعة الدائم الذي لا ينضب , ومصدر والعلم والمعرفة والتثقيف علي مر العصور .
وقال عملاق الأدب العربي العقاد عن الكتاب: لا أحب الكتب لأنني زاهد في الحياة.. ولكنني أحب الكتب لأن حياة واحدة لا تكفيني.. ومهما يأكل الإنسان فإنه لن يأكل بأكثر من معدة واحدة، ومهما يلبس فإنه لن يلبس على غير جسد واحد، ومهما ينتقل في البلاد فإنه لن يستطيع أن يحل في مكانين. ولكنه بزاد الفكر والشعور و الخيال يستطيع أن يجمع الحيوات في عمر واحد، ويستطيع أن يضاعف فكره وشعوره و خياله، كما يتضاعف الشعور بالحب المتبادل, وتتضاعف الصورة بين مرآتين.
يقاس تقدم الشعوب ورقيها بما تنتجه من ادوات المعرفة والمعلومات والتي من اهمها الكتاب فكلما زاد الانتاج المعرفي في دولة ما يزيد معه الانتاج العلمي وتزيد التطبيقات التكنولوجية لهذا الانتاج المعرفي والتقني وبالتالي تزداد تقدم الدولة .
وفي الغرب ودول العالم المتقدم يقاس الانتاج المعرفي والمعلوماتي للدولة بالكم الذي تنتجه من كتب في شتي المجالات المعرفية وبعدد الذين يقرأون هذه الكتب، والدقائق التي يستهلكونها يوميا في قراءتها، كما ينطبق ذلك على الشعوب المتخلفة بشكل معاكس, فكلما زاد انتاج الكتاب والكتّاب والقارئين زاد الانتاج الاقتصادي وتطور المجتمع تكنولوجيا وعلميا وثقافيا واجتماعيا. لذلك فإن أكثر المجتمعات تخلفا وفقرا تلك التي تقبع في أدنى السلّم البشري من حيث انتاج الكتاب ومن حيث استهلاكه بالقراءة.
ولعل الأمم التي وعت أهمية الكتاب هي الأكثر تطورا وازدهارا واستقرارا من غيرها، لأنه يقدم لها الوعي على طبق من ذهب، ويضع العلوم كافة تحت تصرفها، أما الآداب وما يتعلق بها فهي أيضا لم تصل إلى عقول الناس وبنياتهم الفكرية لولا هذا الجليس الذي لا يستغني عنه أحد.
ولكن ما حالنا نحن امة اقرأ مع الكتاب
هل نحن نقرأ بما فيه الكفاية
هل نقرأ بدرجة تكفي لاحداث طفرة علمية وثقافية لنا
هل نقرأ كفاية لتنمية عقولنا وتغذية ارواحنا
هل نقرأ كفاية لحماية ثراوتنا ومقدراتنا بل لحماية حياتنا وانفسنا من مخاطر عديدة تحيط بنا.
الجواب اننا لانقرأ كفاية بل ان كثير ممن يقراون هذه الايام في بلادنا يقرأون ما لا يفيد ولا يضيف لهم شيئا . ومنذ اربعون عاما قال احد قواد اعدائنا ان العرب لن ينتصرون عليهم لانهم لا يقرأون واذا قرأوا لايفهمون واذا فهموا لايطبقون.
إذا ركبت مع أوربي وجدته جالسا منغمساً يقرأ في كتاب، وإذا ركبت مع عربي وجدتهيبصبص كالذئب العاوي، أو كالعاشق الهاوي، يتعرف على الركاب، ويهزر مع الأصحابوالأحباب او يلعب في هاتفه المحمول . بينه وبين الكتاب عقدة نفسية، ونحن أمة (اقرأ)، ولكن ثقلت علينا المعرفة،وخف علينا القيل والقال، ولو سألت أكثر الشباب: ماذا قرأت اليوم ؟ وكم صفحة طالعت ؟لوجدت الجواب: صفر ، مع العلم أن غالب الشباب بطين سمين بدين، كسول لأنهمجتهد في تناول البرجر والبيتزا، وكل ما وقعت عليه العين ووصل إلى اليدين.
اصبح حال الامة يدعو للرثاء فنحن لا نقرأ وبالتالي ليس لدينا كم من المعارف لدرء الخطر من علينا ولنأخذ مثلا مشكلة انفلونزا الطيور في مصر ونتسأل هل لدينا علماء متخصصون في علم الفيروسات Virology وعلم الوبائيات وهل عددهم كاف وهل يمتلكون الخبرة والمعرفة والمهارة لانتاج الامصال واللقاحات ومكافحة الامراض الوبائية المعدية وهل لدينا كم مدرب مؤهل متخصص كمساعدين لهؤلاء العلماء
الجواب بالطبع لا للاسف لا يوجد داخل مصر معمل جيد متخصص في علم الفيروسات باستثناء معمل ابحاث البحرية الامريكية النمرو وهو معمل تابع للولايات المتحدة .
كيف نكون قاعدة علمية جيدة من شبابا الباحثين ونحن امة لا تقرأ ولا تقدر القرأءة ولا تحترم العلماء ولا تهتم بالبحث العلمي الذي اهم روافده الاساسية الثقافة العلمية المتخصصة الجادة بالقراءة الواعية العميقة لاهم مشكلات حياتنا .
نحن نحتفي بلاعبي الكرة ونترك العلماء بلا تقدير أو موارد حتي اوشكنا علي الضياع والقادم اسوأ فمن لا يعرف في هذا الزمان فلا يحزن لو حدث له ما لايحمد عقباه من تخلف ومرض وموت وهلاك.
أننا نريد في أن نرسل رسالة إلى الشباب الأطفال والأسر وكل الأجيال بأننا لا يمكن أن نتقدم بدون القراءة لأنها نافذة على الانتاج العالمي والانساني وهي الهوية ومنها ننطلق للانفتاح على العالم" وانها السبيل الوحيد لانقاذ من يمكن انقاذه من تراث وحياة ومقدرات هذه الامة.
عدد زيارات الموقع
4,077
ساحة النقاش