المخدرات
سألت الداعية عمرو خالد :
ما الدور الفاعل الذي تراه لكل هؤلاء : القاضي و الشرطي و المحامى و رجل الأعمال و الإباء و الإنسان العادي لحماية المجتمع من أفات الإدمان؟
بالنسبة للقاضي :التشديد في العقوبة و سرعة تنفيذ الأحكام.
رجل الشرطة : سرعة الاستجابة لأي بلاغ عن المتاجرين في المخدرات .
المحامى : عدم قبول أي قٌضية تخص تاجر مخدرات للدفاع عنه . فهذا التاجر الذي تدافع عنه سيقتل ابنك.
رجل الأعمال: المساهمة في إعادة تأهيل المدمنين.
طبيب التحاليل : تخفيض تكلفة إجراء التحاليل الطبية ليتمكن البسطاء من إجراء التحاليل لأبنائهم.
رجل الشارع : الإبلاغ الفوري عن أي تاجر مخدرات.
الشباب: تكوين فرق حماة المستقبل.
*178 مليار لعلاج المدمنين و مكافحة المخدرات
ما مدى خطورة تفشى المخدرات في مجتمعنا؟
المجلس القوم للأمومة و الطفولة في مصر أعلن إحصائية تقول إنه من بينهم كل مائه شاب هناك 16 يجربون المخدرات و 4 من بين كل 16 أدمنوها ، و أن عدد مدمني الهيروين في مصر ما بين 20 ألفا و 30 ألفا، و أن مضر تكلفت في السنوات العشر الماضية 178 مليار جنيه لعلاج المدمنين و مكافحة المخدرات. و هو ما يفوق عائد قناة السويس خلال هذه الفترة. و ما يفوق عوائد السياحة و أي معونة تتلقاها مصر من الخارج.
ما حجم الإنفاق على شراء المخدرات؟
في مصر كان الإنفاق عام 2001 على المخدرات 23,8 مليار جنيه. و عام 2003 بلغ 26 مليار جنيه.. أما في عام 2004 فيتوقع أن يفوق ال26 مليار جنيه.
أما الوضع في الخليج فهو مخيف : إحدى دول الخليج الصغيرة فيها 20 ألف مدمن مخدرات. 15 % من الشباب و البنات الطلبة يتعاطون المخدرات.
22% من طلبة المرحلة الإعدادية في الوطن العربي يتعاطون المخدرات.
30% من طالبات المدارس يتعاطون البانجو . في شهر لرمضان الماضي مات 40 شخصاً في أحدى دول الخليج الصغيرة نتيجة تعاطي جرعة زائدة من المخدر، من بينهم 6 أشخاص ماتوا خلال يوم واحد و 3 من الشباب تحت 18 سنة.
*المأساة تبدأ بسيجارة
و الشباب دائماً يقول إن المأساة بدأت بسيجارة و صحبة سيئة، أو برؤية الأب يجلس مع أصدقائه في جلسة تعاطي . و الكثير منهم يلجأ للسرقة و بيع أشياء ثمينة من بيته للحصول على المال الذي ينفق على المخدر. و البعض كان يظن أنه من المستحيل أن يتصور نفسه مدمناً للمخدر ثم فجأة وجد نفسه مدمناً.
و في بعض الحالات ارتكبت جرائم قتل للأمهات بقصد السرقة للحصول على المال لشراء المخدر، و الإدمان يدفع الرجل إلى بيع شرفة و المتاجرة بزوجته و أخته للحصول على المال لشراء جرعة المخدر. و أكثر من ذلك فإن المدمن يكون مستعدا ًلبيع بلاده و خيانة وطنه فيكون عميلاً لأعداء بلاده مقابل الحصول على ثمن المخدرات.
*المخدرات ..و الخيانة
و أكثر العملاء استعداداً لسيطرة العدو عليهم:
1 – بسبب المخدرات
2 - بسبب الجنس
3 – للحصول على المال
و العمالة للعدو شيء شديد الحقارة، يكفى أن نعلم أن عمليتي اغتيال الشيخ أحمد ياسين و د. عبد العزيز الرنتيسى تمتا بمساعدة العملاء. فلولا وجود العملاء ما استطاعت الطائرات الإسرائيلية رصد تحركات الشهيدين.
المخدرات من أكثر الأسباب التي تجعل الشاب يخون بلده و يبيع أهله و دينه. و العدو قبل أن يشرع في محاربة دولة ما، فإنه يعمل على نشر المخدرات بين شباب هذه الدولة من خلال الحدود، حتى يسلم الجيش الذي يواجهه قبل أن تبدأ المعركة.
المخدرات كان يتم ترويجها من العدو الإسرائيلي على حدود مصر ما بين حربي 67 و 1973 . و بعد اتفاقية السلام عادت المخدرات لتنتشر على الحدود المصرية الفلسطينية. ويجب أن ننتبه إلى أن المتعاطي للمخدرات يتحول إلى تاجر بعد حين.
*دوافع التعاطي و الإدمان
أين يتعاطى الشباب عادة المخدرات؟
يتعاطى الشباب المخدرات مع الأصدقاء بنسبة 82 %. و في السيارات 45 %. في الحفلات بنسبة 40 % و في الحمامات 25 % و في النوادي الليلية 15 %.
*القسوة مع المدمن لا تفيد
ما الذي يدفع الشباب إلى إدمان المخدرات؟
أربعة أسباب :
أصحاب السوء - التفكك العائلي و عدم اعتناء الأهل بأبنائهم- البطالة و الفراغ. ثم ضعف الإيمان في القلوب .
و يجب أن ننتبه إلى أن 99 % ممن يتعاطون المخدرات بدأوا بتدخين السجائر. و 37 % من مدمني المخدرات قالوا في البداية إنها مرة للتجريب و لن نعود إليها. و 94 % من متعاطي البانجو انتقلوا إلى المخدرات الثقيلة.
أخطر شيء أن الأصحاب هم الذين يقودون إلى هذه النتيجة. و الصاحب يعلم أن صاحبه أدمن المخدرات و لا يبلغ أهله من باب "الجد عنة".. فتكون النتيجة أن ينتقل صاحبه من فئة المبتدئين في التعاطي إلى فئة المدمن الكامل.
و هناك سبب أخر لانتقال المدمن المبتدئ إلى مدمن الكامل هو خوف الأهل من الفضيحة و عدم إدخال الابن للمصحة للعلاج، و يحبس في البيت و يعامل بقسوة، فتكون النتيجة أكثر سوءاً.
*الإعدام لا يكفى..
ما الحل؟ .. و كيف يمكن السيطرة على تعاطي المخدرات؟
الأمم المتحدة و حكومات العالم اتفقوا على ثلاث وسائل لمحاربة المخدرات:
- منع التجار من جلب المخدرات و عرضها للمستهلك و تجفيف الينابيع بمنع الزراعة و التهريب.
- تخفيف الطلب بخلق عزيمة ووعى بين الناس للإعراض عن المخدرات.
- تشديد العقوبات من خلال التشريع و القضاء حتى تقل المغامرة بالاتجار و التعاطي.
و أعلن مفتى مصر أن الإعدام هو العقوبة من يتاجر بالمخدرات عن طريق الجلب من الخارج. و أيد هذه الفتوى د. يوسف القرضاوى حين قال: يعدم لأنه يتاجر بأرواح الأمة من أجل المال، فهو أول من ينفذ فيه قول الله تعالى : "و لكم في القصاص حياة يا أولى الألباب". و قول الله تعالى: "إنما جزاء الذين يحاربون الله و رسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا".
هذا رأى العلماء.
و القانون المصري جعل الإعدام لمن يتاجر بالجلب من الخارج، و المؤبد لمن يتاجر و يوزع في الداخل و مع ذلك لم تؤثر هذه العقوبات رغم شدتها، لماذا؟ لأن القليل جداً من حالات الإعدام هي التي نفذت، لأن رجال القضاء يترددون ألف مرة قبل النطق بحكم الإعدام ، فتكون النتيجة الحكم بالمؤبد. فيعيش تاجر المخدرات في السجن مرفهاً، لأن تنفيذ العقوبة لا يجعلها كما أريد لها رادعة. ما نطلبه من رجال القضاء في مشروعنا هو سرعة تنفيذ الأحكام، و لو تم ذلك فإننا نكون قد أغلقنا الحلقة الأولى التي يفلت منها المذنبون.
دور رجال الشرطة هو منع وصول المخدرات إلى الناس، و أنا أحيى رجال الشرطة في مصر على ما فعلوه في عزبة "النخيل" بؤرة المخدرات، فقد كانت وقفتهم عظيمة و ضحوا بأرواح غالية منهم في سبيل القضاء على بؤرة الجريمة و وكر المخدرات.
و أنا أرجو منهم سرعة الاستجابة لأي بلاغ يصلهم من أي مواطن عن المخدرات، و أنا أطلب منهم ذلك إرضاء لله و مشاركة في صناعة الحياة. بهذا نغلق الحلقة الثانية عليهم.
هذه المشكلة لا يمكن أن تحل بالحكومة وحدها أو برجال القضاء وحدهم. و لا يمكن أن تحل بجهود الناس الذاتية وحدهم، لكن لابد أن تتكامل الحلقات الثلاث.
*مسؤولية الناس
ما المطلوب من الناس إذاً؟
الأمم المتحدة أعلنت أنه مهما بلغت الحكومة من قوة و بذلت الشرطة من جهد في بلد ما، فلن تستطيع مصادرة أكثر من30% من المخدرات، فالحكومة لن تعين مخبراً يراقب تصرفات كل مواطن.
و قد أعلنت الأمم المتحدة أن أي إستراتيجية تقوم على الضبط فقط و منع العرض و التجارة بالمخدرات هي إستراتيجية غير كاملة. و أنه لا يمكن فعل ذلك إلا بجهود الشعوب .. و قد نظمت الأمم المتحدة اجتماعاً طارئاً عام 98 بحضور 30 رئيس دولة، قرروا خلاله أن الجهود الحكومية لا يمكن وحدها أن تكفى و لابد من تكثيف الجهود الشعبية في الجمعيات الأهلية. و الصين لها تجربة غير عادية في محاربة المخدرات .. ففي القرن الماضي وجدت أوروبا أن الصين تغزوها بمنتجاتها ، بينما هي عاجزة عن تصدير أي شيء للصين، و هم يدركون أن المستورد عادة ما يكون تابعاً للذي يصدر له. فبدأت تتآمر على الشعب الصيني و بدأت تنشر تعاطي الأفيون إلى الصين و انتشرت تجارته.
و لجأت الحكومة الصينية إلى تعيين مسئول عن منع الاتجار في المخدرات، و جمع التجار الأوروبيين و طردهم ،و أحرق في يوم واحد 20 ألف صندوق للأفيون. فبدأت أوروبا حرباً على الصين أخضعتها بموجبها لاتفاقية شديدة ، و عاد الأفيون أثر مما كان.
ووجدت القيادة الصينية أن الأفيون يفتك بالشعب الصيني، فعينت في كل مدرسة و مصنع و قرية متطوعاً من الناس مهمته تذكير الناس و توعيتهم بأضرار الأفيون على الصحة و على الاقتصاد . و بدأت معدلات التعاطي تنخفض بسبب جهود الناس انخفاضاً مذهلاً.
نحن نستطيع أن نتحمل المسئولية و نفعل ما فعلته الصين. النبي صلى الله عليه و سلم يقول " كلكم راع و كلكم مسئول عن رعيته. الحاكم راع و هو مسئول عن رعيته. و الرجل راع في أهل بيته و هو مسئول عن رعيته، و المرأة راعية في بيتها و مسئولة عن رعيتها. حتى الخادم راع في مال سيده. من الحاكم للخادم.. الكل راع و الكل مسئول عن رعيته".
ساحة النقاش