التأتأة .. نظرة سريعة  

الأستاذة لينا فارس

أخصائية نفسية - القسم المدرسي في Commission Scolaire de Montreal
مونتريال - كندا

[email protected]

إن الخالق الكريم قد خلق الانسان و زوده بجهاز للصوت و الكلام يكبر و ينمو و يتطور مع تقدم الطفل بالعمر إلى أن يصبح قادراً على التحكم بالصوت و لفظ الكلمة و استعمالها.

طفلنا الصغير يمر بفترة من التعلم و التنشئة الاجتماعية قبل أن يتلفظ بكلمته الأولى بشكل غير واضح .ثم يستمر بالتعلم ليلفظها بطريقة واضحة ومن ثم تتوالى الكلمات و تبدأ بالزيادة لتتكون اللغة.

لكن ثمة أطفال تبدو عندهم بعض الصعوبات أو العيوب في الكلام مثل التأتأة واللجلجة و هنا سأستبعد الكلام في العيوب الحاصلة بسبب العوامل العضوية و التي تعود لاصابة الدماغ أو لانخفاض شديد في الذكاء و سأستعرض العيوب الحاصلة بسبب اضطرابات و ظيفية يكون العامل الأساسي فيها نفسياً .و عليه فالعلاج النفسي هو الأصل في مواجهته.

تعريف التأتأة :

إنها اضطراب في الكلام أو تمتمة أو انحباس للحظات أو إطالة للأصوات أو الكلمات أو الجمل و اضطراب كهذا يظهر عند الطفل في سن الثالثة أو الرابعة من عمره و يمكن أن يمتد إلى ما بعد سن المراهقة .

هذا الاضطراب يكون مصحوبا بأعراض جسمية مثل رفرفة الجفون و حركات في اللسان و الشفتين و الوجه و اليدين و كذلك بهز الأرجل .

أسباب التأتأة :

إن الطفل يكون قادراً على استعمال الكلام و لديه زاد مناسب منه و لكن جملة من العوامل تتدخل فتجعل في ممارسة هذه القدرة نوعاً من العيب أو الاضطراب الذي يؤدي بصاحبه إلى الانزعاج و الضيق ومنه إلى التأتأة.

إن أشكال المعاملة داخل الأسرة هي من العوامل المسببة .. فالضغط الشديد والعقوبات المتكررة سواء الجسمية منها أو المتمثلة بالتوبيخ و الإهانة مضافاً إليها النظام الصارم , كلها عوامل تجبر الطفل على اتخاذ رد فعل متمثلاً باللعثمة كسلوك عدواني تجاه الأهل و من ثم تجاه المجتمع.

و عليه فان مايلحق بذلك من مشاعر انعدام الأمن و الطمأنينة و الحاجة إلى العطف يخلق رواسب نفسية سلبية تعمل على زعزعة الثقة بالنفس فيلجأ الطفل للتأتأة و كأنها نزوع دفاعي يحتمي به لاستدرار العطف أو لخوفه من إعطاء جواب على أمر يخاف من نتائج الكلام عنه.كما أنه في بعض الأحيان تكون قدرة الطفل الذهنية على التفكير بالكلام أسرع من تمكن اللسان على إخراجها. أما الوراثة فهي تشكل مع ما سبق ذكره من أسباب تربة صالحة لظهور عارض التأتأة .

ويطرح البعض نظرية عدم التناسق العضلي الحركي المرتبطة بعضلات النطق والتي لاتزال أسبابها غير محددة بدقة كتفسير لحالة الـتأتأة .

أما نسبة تواجدها فهو واحد بالمئة في الصفوف الابتدائية إلى إثنان و نصف بالمائة في الحضانات و دور رياض الأطفال. و يمكن لها أن تحدث في عمر الشباب نتيجة صدمة أو اصابة عصبية . أما انتشارها بين الذكور فهو أكبر منه عند الإناث , كما أنه يحدث في جميع المجتمعات.

علاج التأتأة :

ينقسم لعلاج ذاتي وإرشادي و كلامي:

الذاتي: يعتمد المتأتئ على الملاحظة الذاتية للحظات التأتأة و لحظات الشد العضلي الزائد ليخفف منها عن طريق إبطائه في سرعة الكلام أي أن يأخذ وقته بالكلام.

الإرشادي:يكون بتغلب المتأتئ على الخوف و الخجل و تنمية الشخصية و إيجاد الجو المناسب المشبع بالود والتفاهم والتقدير والثقة المتبادلة .

الكلامي:و هو ضروري جداً و يتلخص بتدريب المريض على طريقة الاسترخاء والكلام وتمرينات النطق الايقاعية لتعليم الكلام من جديد باستخدام المسجل الصوتي وكذلك تنظيم عمليتي الشهيق و الزفير بشكل جلسات يجريها مع اختصاصي علاج النطق ومن ثم يطبقها بنفسه .

المصدر: حياتنا النفسية
  • Currently 146/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
49 تصويتات / 341 مشاهدة
نشرت فى 14 يناير 2010 بواسطة nuhaline

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

107,813