الفيزياء النووية أصبحت في هذه الأيام ضرورة للعالم المتطور ، فقد أصبحت إحدى الأسس الكبرى لبناء المستقبل ،
نظراً لما توفره من امكانيات جبارة وطرق سهلة للتحكم بالطاقة الكامنة .
ولكن للأسف اشتهر عند العامة أن الفيزياء النووية ليست سوى القنابل النووية ويأتي الي الاذهان مباشرة أحداث هيروشيما ونجازاكي فعموما العامة عندما يسمعون عن الفيزياء النووية او كلمة نووي فقط سرعان ما يأتي الي الاذهان صورا القتل والانفجارات وتحكم الدول الكبري فى مصائر وحياة الشعوب الآخري .
و يظن الكثير أن فكرة الفيزياء النووية بدأت مع بداية الفيزياء الحديثة ، وهي في الحقيقة بدأت منذ أن تم اكتشاف الذرة ، ولكنها بدأت تتضح أكثر مع بداية ظهور عصر الفيزياء الحديثة ، التي أنجبت لنا ما يسمى بالفيزياء النووية، التي هي بدورها أنجبت طفلاً صغيراً أسميناه فيما بعد بـ(فيزياء الجسيمات الأولية) والتي هي من أهم العلوم الحديثة فى الفيزياء فى عصرنا الحديث وفي القرن الواحد والعشرين ونحن نحاول فى هذا المقالة تعزيز ايصال مفهوم الطاقة النووية والفيزياء النووية بشكل عام بشكل علمي مبسط لنتمكن من ايصال المعلومة للجميع بلا استثناء ان شاء الله
سنتناول عدة مباحث فى هذه السلسلة اولها سنتحدث عن الاسس العلمية التي تقوم عليها الفيزياء النووية وما هو تخصص الفيزياء النووية وما هي المباحث التي يقوم بدراستها والاستفادة منها أما ثاني المباحث فسنتعرض عرض موجز للهندسة النووية ودورها الهام فى الاستفادة من الطاقة النووية من انتاجها حيث نتعرض للمنشأت النووية مثل المفاعلات النووية والحاويات وغيرها اما ثالث المباحث فسيكون مبحث عام سنذكر فيه معلومات متفرقة فى موضوعنا ان شاء الله وكل مبحث من الثلاثة مباحث سينقسم الي 3 مقالات فى السلسلة باذن المولي
بسم الله الرحمن الرحيم
المبحث الأول : الآسس العلمية للفيزياء النووية
تتركز أسس الفيزياء النووية بشكل عام علي الذرة ومكوناتها الداخلية والتعامل مع تلك الذرة والعناصر وحيث ان هذا هو المبحث العام للفيزياء النووية فانه احيانا ما يطلق عليها الفيزياء الذرية الا أن مجال الفيزياء النووية أعم واشمل من الفيزياء الذرية وكذلك الفيزياء الذرية تهتم بدارسة الذرة فى حالاتها وتفاعلاتها المختلفة واحيانا تتطرق الي استخدام تلك التفاعلات وعموما فان التعاون والترابط ما بين المتخصصين والعلماء فى المجالات المختلفة التي يمكن الاستفادة منها فى الفيزياء النووية وانتاج الطاقة النووية وغيرها من الاستخدامات العسكرية والسلمية لها كان له جزيل الآثر في تحقيق ما وصلنا اليه من تطور وتقدم فى هذا المجال
سنستعرض الآن بعض المفاهيم الاساسية :
و بكل بساطة بدون الدخول فى تعقيدات فيزياء الجسيمات الآولية لان هدفنا ايصال المعلومة للجميع وليس للمتخصصين فقط وفى المراجع والملفات المرفقة يمكن الحصول علي معلومات أشمل واوسع والاستمرار فى الدراسة حول ما نتكلم عنه
الذرة :
الذرة هي تركيب مجهري يوجد في اية مادة عادية من حولنا ,الذرات تتكون من جزيئات فرعية (بروتونات، ألكترونات، ونيوترون)، حجم الفراغ كبير في الذرة، مركز الذرة صغير جدا، النواة ذات شحنة موجبة وتتألف من بروتونات ونيوترون، وحجم النواة ثمثل اصغر من 100,000 مرة من حجم الذرة.
عندما تنضم إلكترونات إلى ذرة معينة، تستقر في القشرة الاقل طاقة، ذلك هو المدار الأقرب إلى النواة، ويسمى (القشرة الأولى). اما الألكترونات في المدار الأبعد (قشرة التكافؤ) فهي التي تكون جاهزة للإلتصاق الذري .
يوجد العديد من الخصائص التي يمكن أن نتحدث عنها فى الذرة مثل
حجم الذرة :
فحجم الذرة لا يحدد بسهولة حيث ان مدار الإلكترون تتحرم الصفر بشكل تدريجي حسب الزيادات في المسافة عن النواة. للذرات التي يمكن أن تشكل بلورات صلبة، المسافة بين النوى المجاورة يمكن أن تعطي تقدير لحجم الذرّة. للذرات التي لا تشكل بلورات الصلبة الأخرى نستعمل تكنيك أخر، يدخل في ذلك الحسابات النظرية. كمثال، حجم ذرة الهيدروجين تقدر تقريبا بـ 1.2 × 10-10 . قارن هذا إلى حجم البروتون الذي هو جزيء في نواة ذرة الهيدروجين التي هي تقريبا 0.87 × 10-15 m. هكذا النسبة بين الأحجام في ذرة الهيدروجين إلى نواتها يساوي تقريبا 100,000. ذرات العناصر المختلفة تتفاوت في الحجم، لكن الأحجام تقريبا نفسها. إن السبب لهذا يرجع الى تلك العناصر ذات شحنة موجبة كبيرة في النواة تجذب الألكترونات إلى مركز الذرة بقوة أكثر
كتلة الذرة :
كتلة الذرة تعتمد بشكل أساسي علي كتلة النواة والتي سنتحدث عنها بعد قليل حيث ان الالكترونات كتلتها صغيرة جدا بحيث يمكن اهمال كتلتها فى حساب كتلة الذرة لكن طبعا بالنسبة للمتعمقين فى الفيزياء النووية هذا الامر مهم
* الذرات هي كتل البناء الأساسية للكيمياء، ومحفوظة في التفاعلات الكيمياوية، وهي الجزيء الأصغر للعنصر الكيميائي ؛ عندما تنقسم ذرة عنصر معين يتوقف عن كونه ذلك العنصر، اي يتحول الى عنصر اخر، وهناك العناصر الطبيعية وقد حددت ب92 عنصرا موجودة بشكل ذاتي فى الطبيعة كل عنصر فريد بعدد البروتونات في كل ذرة ذلك العنصر، كل ذرة لها عدد من الألكترونات يساوي عددها من البروتونات؛ إذا حدث عدم توازن تدعى الذرة في هذه الحالة آيون او ذرة متأينة. ذرات نفس العنصر يمكن أن تأخذ أعداد مختلفة من النيوترونات طالما عدد البروتونات أو الألكترونات لا تتغيران، والذرات ذوات الأعداد المختلفة من النيوترون تدعو نظائر مشعة للعنصر الكيميائي.
أما العناصر الأخرى خلقت بشكل إصطناعي، لكنها عناصر غير مستقرة عادة وتلقائيا تغيير إلى العناصر الكيميائية الطبيعية المستقرة بعمليات التحلل الإشعاعي.
النواة :
تتكون النواة من البروتونات Protons والنيوترونات Neutronsمرتبطة بقوة كبيرة تدعى القوة النووية Nuclear Force وهي قوة خاصة تختلف عن باقي الفوى في الكون وان مجموع عدد البروتونات وعدد النيوترونات يسمى العدد الكتلي A وان عدد البروتونات يسمى بالعدد الذري Z
حجم النواة :
ولو فرضنا أن النواة تكون على شكل كرة نصف قطرها R فان حجمها هوR(+3) π ¾ وان كتلتها هي m=cA أي إن كتلة النواة تتناسب مع العدد الكتلي A وحيث ان كثافة النواة تساوي حاصل قسمة الكتلة على الحجم فمنها نستنتج ان نصف قطر النواة يتناسب مع الجذر التكعيبي للعدد الكتلي AR=1.2A(+⅓)
بوحدات الفيرمي الذي يعادل E(-15) من المتر ( تخيل كم هو صغير حجم النواة)ولنتخيل حجم النواة: ان اكبر حجم هو حجم الكون ومن ثم حجوم المجرات وتليها المجموعات النجومية ومن ثم الشمس وبعد ذلك الأرض وتليها المادة المكونة للأجسام على سطح الكرة الأرضية حجم الخلايا حيث يبلغ قطر اصغر خلية 0.3 مايكرو متر واكبر خلية قطرها عدة سنتمترات مثل صفار البيض وقطر خلية الدم الحمراء 8 مايكرو متر وبشكل مقنع يمكن القول بان خلية جسم الإنسان هي 25 مايكرون بالمعدل وهذه اكبر مائة الف مرة من ألذره واكبر خمس مليارات من النواة وبعد ذلك يأتي حجم الجزيئات التي يبلغ قطرها بحدود 3xE-7 مليمتر وتليها الذرة حيث يبلغ قطر ذرة الهيدروجين( E-7 ) مليمتر والحجم الأصغر من الذرة بمائة ألف مرة هو النواة ويقدر بحدود ( E-12) ملي متر ( مثلا قطر نواة الليثيوم 4.8 F ) والنواة كما أسلفنا تتكون من البروتونات والنيترونات وقطر كل منها بحدود E-15 متر وكل من البروتونات والنيترونات مكونة من جسيم اصغر يسمى بالكوارك Quark الذي قطره بحدود E-18 متر والكواركات ترتبط مع بعضها داخل البروتون او النيترون يتبادل جسيم يدعى الكلون Glouns مع العلم بان قطر الإلكترون هو بحدود (E-18) متر. ومن ذلك نستنتج ان الكوارك هو اصغر جسيم في تركيب المادة وهو مكتشف عمليا ولديه كتلة وشحنة ويصنف إلى ستة أنواع فمثلا البروتون مكون من ثلاثة كواركات اثنين منها نحو الأعلى Up والثالث نحو الأسفل Down اما النيوترون فهو مكون من ثلاثة كواركات أيضا اثنين من نوع الأسفل والثالث من الأعلى ولهذا فان البروتون يحمل شحنة موجبة والنيترون متعادل الشحنة أي لديه شحنة ولكنها متعادلة ولهذا عند انبعاث بيتا السالبة يتحول النيوترون إلى بروتون يمتلك شحنة موجبة
كتلة النواة :
كتلة النواة تساوي مجموع كتل البروتونات والنيوترونات فكتلة كل منهما تقريبا تساوي 1.66(E-27 كيلوجرام وعليه فان كتلة نواة الليثيوم A=7 تساوي 11.62E-27 كيلوجرام تقريبا وكتلة نواة اليورانيوم 4E-25 كيلوجرام ونلاحظ هنا تغير كتلة النواة مع تغير العدد الكتلي. وكتلة النواة يمكن ان تقاس بالوحدات المتعارف عليها لقياس الكتلة بالإضافة الى ذلك تقاس كتلة النواة بالوحدات الذرية amu وكذلك بوحدة MeV وهذه الأخيرة هي الوحدة الاكثر استخداما في الفيزياء النووية فمثلا كتلة البروتون هي 1.66E-27 كيلوجرام وتساوي 1.0072amu وتساوي 938.27MeV/C(+2) وكتلة الإلكترون 5.48E-4 amu وتعادل 0.511 MeV
القوة الرابطة لمكونات للنواة :
اذا كانت البروتونات إحدى المكونات الرئيسية في النواة وفيما بينها قوة تنافر شديدة هي قوة كلوم فكيف ترتبط داخل هذا الحجم الصغر جدا مع العلم أنهى لكي نكسر هذه القوة الرابطة نحتاج الى طاقة كبيرة وقد اثبت ذلك عمليا!!القوى في الكون هي من اربعة انواع رئيسية وهي قوة الجاذبية والقوة الكهرومغناطيسية والقوة الضعيفة والقوة النووية وان أي قوة تحدث نتيجة لتبادل جسيم حيث القوة الكهرومغناطيسية يكون جسيمها الفوتون والقوة الضعيفة يكون جسيمها البوزون وقوة الجاذبية يكون جسيمها المتبادل هو جافتيون ( لم يكتشف لحد الآن) اما القوة النووية فان جسيمها المتبادل هو الكلون Gloun ومداها بحدود E-15 متر وإذا اعتبرنا قوتها هي الوحدة فان المقارنة مع القوة الكهرومغناطيسية ( مثل قوة كولوم) تبين ان القوة النووية اكبر من قوة كلوم بمقدار 137 مرة وأما المقارنة مع قوة الجاذبية فان القوة النووية اكبر من قوة الجاذبية بمقدار E+39 مره ولهذا كانت القوة النووية عظيمة نتيجة لتبادل جسيم كتلته كبيرة نسبيا وهذه الكتلة عندما تحول إلى طاقة تصبح كبيرة جدا.ان الطاقة التي تصرف لتفتيت النواة الى مكوناتها ( او هي الطاقة التي تربط مكونات النواة مع بعضها) تدعى بطاقة الربط او قوة الربط Binding Energy.
وهذه بعض الفلاشات حول الذرة والنواة تستطيع فيها بناء ذرة وعمل تغييرات لتري النتائج
نأمل أن نكون قد استطعنا فى الجزء الاول من المبحث الآول ايصال المعلومات التي نأمل فى ايصالها ونقبل بمراسلتنا عن أي ملاحظات