الكومبيوتر سهل تحديد الصفات الدقيقة للوثيقة إلا أنه جعل سبل التزوير أسهل

نيويورك: توم ماكنيكول
يطور العلماء نظما جديدة لفحص الوثائق وتدقيقها وكشف المزيفة منها. وقد اعطت الضجة التي اثيرت حول المذكرات التي ظهرت في تقرير اخباري لشبكة «سي بي اس» التلفزيونية الاميركية حول سجل بوش خلال خدمته في الحرس الوطني، دفعة لهذه الجهود. ويركز العديد من خبراء فحص الوثائق على نوعية الحروف المستخدمة في الوثائق، والمسافات بين الكلمات وغيرها من الامور المتعلقة بالطباعة. وهذا النوع من الفحوصات منتشر بحيث ان الذين يجرونها يطلق عليهم اسم «خبراء الوثائق المشكوك فيها».

وفي العادة فان مهام خبراء الوثائق اصعب بكثير من قضية شبكة «سي بي اس»، فمثل هؤلاء الخبراء يكلفون من قبل المحامين واقسام الشرطة والافراد لتحليل الوصايا التي تثار عليها خلافات، وتحديد ما اذا كان قد تم التلاعب في سجلات التأمين والسجلات الصحية، والتأكد من صحة الوثائق المكتوبة بخط اليد او التوقيعات على الرسائل والعقود. وتجدر الاشارة الى ان فحص الوثائق، مثله مثل كل شيء هذه الايام، قد تغير بصفة اساسية تغييرا كبيرا بسبب الكومبيوتر. ولكن العديد في هذا المجال يقولون ان التكنولوجيا الرقمية قد خلقت العديد من المشاكل مثلما حلت العديد منها.

ويقول وليام فلين وهو خبير وثائق لديه خبرة تمتد 36 سنة «بالنسبة لنا كان الكومبيوتر رحمة ولعنة في نفس الوقت، فمع برامج الغرافيك والاجهزة المتوفرة، يمكننا تحديد سمات دقيقة للغاية لصفات الوثيقة اكثر مما كنا نفعل في الماضي. ولكن الجانب السلبي هو ان الكومبيوتر يجعل التزوير سهلا».

وقد اصبحت مهمة مزوري الوثائق اكثر سهولة عن طريق برامج الغرافيك مثل «فوتوشوب». ويمكن للوثائق التي اعدت عن طريق برامج، معالجة النصوص تنظيفها وتغيير حجمها، او استخدام ترسانة فوتوشوب الضخمة من وسائل التلوين والمؤثرات الخاصة والمرشحات. ويمكن للمزور نسخ توقيع من وثيقة اصلية، وادخالها الى فوتوشوب ثم لصقها على وثيقة جديدة. وبالنسبة للعين غير المدربة، فإن الوثيقة المزورة يصعب تفريقها عن الوثيقة الاصلية.

* ميكروسكوب بالكومبيوتر

* غير ان لدى خبراء فحص الوثائق العديد من الاسلحة المضادة التي يمكن ان تساعدهم في اكتشاف التزوير الذي تم عن طريق القص واللصق. وواحد من هذه الاسلحة هو محلل الصورة الرقمية، وهو ميكروسكوب رقمي في غاية الدقة مرتبط بكومبيوتر به برنامج لتحليل الصور يمكنه التفريق وقياس صفات ميكروسكوبية للوثيقة : كل شيء من نوعية الحبر الى ضغطة القلم.

ويستخدم ميكروسكوب بعدستين لفحص الوثائق المشكوك فيها، وهو يرتبط بكاميرا فيديو او كاميرا فوتوغرافية بعدسة ثالثة لالتقاط الصور. ومعظم تحليل الخط اليدوي والتوقيعات يتم باستخدام هذا النوع من الميكروسكوب.

وتوضح ساندرا هوموود وهي خبيرة وثائق من سان دييغو، انها كثيرا ما التقت بأشخاص يقولوه لها «لا اتذكر توقيع هذه الوثيقة. يبدو مثل توقيعي، ولكن لا اتذكر توقيع هذه الوثيقة. وفي بعض الاحيان عندما اطلع عليها عبر الميكروسكوب اقول لهم: في الواقع هذا ليس توقعيك».

ومن بين الاجهزة الاخري المفضلة لخبراء فحص الوثائق جهاز المقارن الطيفي، وهو نظام للتصوير الرقمي يعرض الوثائق لعديد من انواع الموجات، من الموجات تحت الحمراء الى فوق البنفسجية. وهذه الوثيقة مفيدة في قضايا تم كتابة معلومات فوق الكتابة الاصلية، او شطبت او تم الطباعة فوقها. وعندما تتعرض الوثيقة الى مجموعة من الموجات تحت الحمراء او فوق البنفسجية، فإن الحبر الاصلي سيظهر بينما سيختفي البعض الاخر، اعتمادا على التشكيل الكيميائي.

ويوضح فلين ان «العديد من الوثائق التي نفحصها هي وثائق سليمة تم تعديلها بطريقة ما مثل الوثائق الطبية، فالبعض يموت في المستشفى، ثم يضيف واحد من العاملين بعض المعلومات او يغيرها لجعل الامر يبدو وكأنه حصل على بعض انواع العلاج». ومع استخدام جهاز المقارن الطيفي فانه «حتى اذا كتب الرسم البياني بقلم حبر جاف اسود اللون، وغيره شخص ما باستخدام قلم حبر جاف اسود اللون، فيمكنك معرفة ان الحبر مختلف».

* تحليل طيفي

* غالبا ما تخضع الوصايا المتنازع عليها، والتي تشكل لحمة عمل الكثير من خبراء الوثائق، الى تحليل طيفي. ومن بين التزويرات الشائعة في ما يتعلق بالوصايا هو ابدال الصفحة، حيث يجري ادخال صفحة مزورة أو أكثر الى وصية شرعية تحمل توقيع المتوفى الموثق. وحتى اذا بدا ان الحروف المطبوعة في الوثيقة مماثلة فان التحليل الطيفي قد يكشف عن أجهزة الطباعة المختلفة التي أنتجت صفحات مختلفة في الوصية، وهو دليل على أن الوثيقة لم تنتج في جلسة واحدة.

وقد جرى التعرف على الكثير من حالات سجلات العلاج الطبي والتأمين التي خضعت لتغييرات بمساعدة جهاز تسجيل كهروستاتيكي، وهو جهاز يمكن ان يكشف عن البصمات المتروكة من الكتابة على صفحة مضغوط عليها. ويتكون الجهاز من وحدة مفرغة في اعلاها لوحة معدنية فيها ثقوب. وتوضع الوثيقة على اللوحة وتغطى بقطعة خفيفة من طبقة بلاستيكية رقيقة واقية. ويجري تنشيط الوحدة المفرغة وتسحب الوثيقة بقوة الى الأسفل بمواجهة اللوحة المعدنية وتوضع شحنة كهروستاتيكية. ثم يرش مسحوق خاص على الوثيقة. ويلتصق المسحوق بالفراغات المشحونة الكتروستاتيا على الفيلم البلاستيكي، وغالبا ما تظهر غير مرئية سابقا على نحو مفاجئ.

وقالت الخبيرة اميلي ويل : «كانت لدي حالة نزاع حول ما اذا كان قد جرى تزوير توقيع على وثيقة. وعندما وضعت الوثيقة في الجهاز اكتشفت عشرات من كتابات التوقيع على كل الورقة. ومن الواضح أن شخصا ما كان يمارس العمل».

وغالبا ما يعمل الجهاز الكهروستاتيكي عندما يحاول الخبراء أن يقرروا ما اذا كانت سلسلة من الوثائق المؤرخة قد نفذت بصورة شرعية أو أعيد ترتيبها في وقت لاحق، فسجلات الطب والتامين، على سبيل المثال، يجري تغييرها في بعض الأحيان بعد حادث معين في محاولة لتقليص المسؤولية او توسيع حجم قضية معينة. ويمكن للتحليل ان يكشف ان هذه التغييرات تركت فراغات على صفحات أخرى من السجل لم تكن موجودة على التاريخ المفترض للدخول.

ومن المألوف استخدام هذا الاجراء عند محاولة تقرير ما اذا كان شخص معين قد ارسل ملاحظة مجهولة. وقال فلاين انه «من غير المألوف على الاطلاق ان يقوم شخص بكتابة ملاحظة الى رئيسه على ورقة كتابة ثم يمزق الصفحة». ويمكن للخبير ان يستخدم جهاز التسجيل الكهروستاتيكي على لوحة المشتبه فيه، وغالبا ما يرى المرء البصمات المستترة على الصفحات الفارغة التالية من الورق.

ويظهر برنامج شبكة «سي بي أس» حدود تكنولوجيا التحليل. وقالت الخبيرة ويل التي فحصت الوثائق في المحطة التلفزيونية قبل بث التقرير الخاص ببوش، انه طلب منها القيام بذلك من نسخ مرسلة بالفاكس تفتقر الى التفاصيل الضرورية للتأكد من صحة الوثيقة.

واضافت انها حذرت «سي بي أس» من أنها يمكن ان تواجه أسئلة من خبراء في الوثائق.

وقالت انه «بسبب كون الوثائق نسخا لم اتمكن من رؤية التفاصيل الدقيقة في التوقيع»، مضيفة انه «بدون معلومات أخرى مثل الوثيقة الأصلية أو مزيد من عينات التوقيع المكتوب باليد، لا يوجد سبيل آخر للتوثق من سلامة تلك الوثائق».

  • Currently 146/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
48 تصويتات / 3459 مشاهدة
نشرت فى 21 يونيو 2006 بواسطة nsma

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

235,476