التكنولوجيا "البرتقالية" استخدمت في بيلوروسيا ولكنها لم تكن فعالة
بقلم: يوري فيليبوف، المعلق السياسي لوكالة نوفوستي
تدل الانتخابات الرئاسية التي أجريت في بيلوروسيا في 19/03/2006 وما تلاها من أحداث على أن التكنولوجيا "البرتقالية" قد استخدمت حتى في الظروف البيلوروسية، ولكنها بدت غير فعالة في مثل هذه الظروف. إن المجتمع والدولة في بيلوروسيا مستقران بشكل كبير لا يتيح لهما الانجرار إلى أزمة سياسية بسبب الانتخابات كما حدث في جورجيا وأوكرانيا وقرغيزيا الأقل استقرارا
لقد تشكلت في بيلوروسيا ظاهرة شاذة بالنسبة لجمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، وهي التخطيط لثورة لم تندلع. وبغض النظر عن الرغبة في تصديق ذلك أو رفضه إلا أن الحقيقة لا يمكن إنكارها، إذ أثبتت السياسة التي ينتهجها الرئيس البيلوروسي الكسندر لوكاشينكو الفائز في الانتخابات على أنها مبررة. لقد بقيت السلطات البيلوروسية تنظر إلى الأحداث من فوق، ولم تقحم نفسها من الناحية التكتيكية في نزاعات في الشارع في يوم الانتخابات وبعده. كما أن السلطات البيلوروسية منحت المعارضة حرية التحرك، وغضت بصرها عن مخالفات مرشحي المعارضة لقانون الانتخابات (تنظيم احتجاج في يوم إجراء الانتخابات على سبيل المثال
وأثبتت الأحداث في بيلوروسيا على أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة اللذين دعما المرشحين المعارضين بنشاط غير قادرين على عمل كل شيء في شرق أوروبا. كما لا يخفي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مصلحتهما السياسية في تلك الأحداث. وإذا كان ينظر إلى دعم الغرب، مثلا، للثورة "البرتقالية" في أوكرانيا كخطوة لإبداء التضامن مع الشعب الأوكراني (أو مع نصفه الأكثر "ديمقراطية") فلا يمكن أن يدور الحديث بالنسبة لبيلوروسيا حول أي تضامن كان من جانب الغرب، أو أي احترام لإرادة الشعب البيلوروسي
ومما لا شك فيه أن مثل هذا الاستعراض الواضح لسياسة المعايير المزدوجة سيقوض سمعة البلدان الغربية في بيلوروسيا وروسيا بشكل جدي. ومهما كان تبادل الملاحظات اللاذعة حادا بين الروس والأوروبيين في اجتماعات الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا إلا أن روسيا تقر عموما بمكانة الغرب في المجال الإنساني. أما الموقف الأوروبي والأمريكي تجاه بيلوروسيا فإنه يضع علامة استفهام كبيرة على تلك المكانة، خاصة وأنها قد اهتزت في السنوات الأخيرة بعد العدوان على يوغسلافيا والعراق
ومازال الوضع في بيلوروسيا يتطور حيث يرفض أنصار مرشحي المعارضة ميلينكيفيتش وكوزولين الاعتراف بالنتائج الأولية للانتخابات، ويطالبون بإعادتها. وقد تمكنت المعارضة البيلوروسية من جمع 3-5 آلاف شخص في مظاهرة الاحتجاج غير المصرح بها التي أعقبت عملية التصويت مباشرة في مينسك. ومازالت دعوة المعارضة لجميع من صوت ضد لوكاشينكو إلى الخروج إلى الشارع تصدح بقوة. وإذا خرج نصف عدد هؤلاء (تدعي المعارضة بأن العدد أكثر من 7 ملايين ناخب) فإن الأحداث في بيلوروسيا ستتمتع بفرص كبيرة لتغطية شهرة "أحداث الميدان" في العاصمة الأوكرانية كييف
لكن من الواضح وضح النهار أن المعارضة تبالغ كثيرا من خلال تصوير ما تتمناه وكأنه واقع. أما معطيات لجنة الانتخابات المركزية فإنها وإن لم تكن مثالية إلا أنها أقرب إلى الحقيقة. وحتى لو صدقنا المعارضة وافترضنا أن جزءا من أوراق التصويت المؤيدة للرئيس الحالي الكسندر لوكاشينكو كانت مزورة (إذا أخذنا بعين الاعتبار نسبة المشاركة الخيالية جدا في عملية التصويت والتي بلغت 6ر92 بالمائة من مجموع الناخبين) فإن ذلك لا يعني التصويت لصالح المعارضة أو ضد الرئيس الحالي
ولا ترى موسكو أن الانتخابات الرئاسية في بيلوروسيا قد شهدت مخالفات تستحق الذكر. وقد هنأ الرئيس فلاديمير بوتين نظيره البيلوروسي الكسندر لوكاشينكو بمناسبة فوزه الكبير في الانتخابات، وأعرب عن أمله بأن يتمكن الجانبان بجهودهما المشتركة من "تأمين تطور البلدين في
ساحة النقاش