بدون شيء من الانضباط لا يصلح الإنسان لشيء‏!!‏ يصبح انسانا فاقد الأهلية‏..‏ فاقد الهوية‏..‏ تسيره أهواؤه ونزواته‏..‏ لا يؤمن بالقيم ولا بالمثل ولا بالدين‏..‏ فهو متحلل من كل التزام‏..‏ خارج عن كل نظام‏..‏ لا وزن له في الدنيا ولا وزن له في الآخرة‏..‏ هؤلاء وصفهم رب العزة بقوله سبحانه قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا‏.‏ الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا‏.‏ أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا‏(‏ الكهف‏103‏ ـ‏105)..‏
والانضباط له درجات‏..‏ وعدم الانضباط له درجات أيضا‏..‏ وكلما زاد قدر الانضباط لدي المرء زادت قدرته علي تحقيق أهدافه في الحياة‏..‏ وكلما نقص قدر الانضباط لديه‏,‏ قلت قدرته علي تحقيق أهدافه‏..‏ هذا إن كانت لدي مثل هذا الشخص غير المنضبط أهداف في الحياة وما بعدها‏..‏ لأنه ـ كما تقدم ـ يكون محكوما بأهوائه ونزواته‏..‏ لا يتقيد بشيء‏..‏ ولا يلتزم بشيء‏..‏ ولا يؤمن بشيء أصلا‏..‏ فهو إنسان ضائع‏..‏ فاقد المصداقية‏..‏ أمام نفسه وأمام الناس‏..‏ لا يثق في نفسه ولا يثق فيه أحد‏..‏ فهو يعيش غير عابيء بما يحدث له في الدنيا‏,‏ ناهيك عن مصيره في الآخرة‏..‏
والإنسان لكي يكون ناجحا في حياته‏..‏ محترما بين الناس‏..‏ لابد أن يحوز قدرا معقولا من الانضباط‏:‏ في الكلمة‏..‏ في المواعيد‏..‏ في السلوكيات‏..‏ في أكله وشربه‏..‏ في مواعيد استيقاظه‏..‏ في هيئته ومظهره الخارجي‏..‏ وكلما زاد ما لدي الإنسان من الانضباط ارتفع في عين نفسه وفي أعين الناس‏..‏ وكان نجاحه مؤكدا ومستمرا‏..‏
والأديان السماوية تعلم الانضباط وتؤكده‏..‏ والإسلام ـ خاتم الأديان السماوية ـ يعلي قيمة وأهمية الانضباط‏..‏
فالصلاة تحتاج الي انضباط‏..‏ والصوم يحتاج الي انضباط‏..‏ كذلك اخراج الزكاة وأداء مناسك الحج‏..‏ فبدون انضباط لا يستطيع الانسان أن يؤدي الصلاة في مواقيتها‏..‏ وبدون انضباط لا يستطيع الانسان أن يصوم شهر رمضان كما ينبغي‏..‏ وبدون انضباط لا يخرج الانسان الزكاة في مواعيدها‏..‏ ومناسك الحج فيها الكثير الذي يتطلب الانضباط‏..‏ وهكذا تعلمنا الفرائض الانضباط‏..‏ فإذا ما تعودنا الانضباط وباشرناه بالنسبة لسائر أمورنا الحياتية نجحنا نجاحا باهرا‏..‏
فالطالب المنضبط يحرص علي مذاكرة دروسه ولا يتكاسل‏..‏ ويحترم مواعيد الدراسة ولا يتأخر‏..‏ ويبذل قصاري جهده لكي يحصل علي أعلي الدرجات ولا يتراخي‏..‏
الموظف المنضبط يحافظ علي مواعيد الدوام سواء في المصالح الحكومية أو البنوك أو الشركات‏..‏ وهو يؤدي عمله علي أكمل وجه‏..‏ ولا يتمارض ولا يزوغ‏!!‏ وهو يجد في اتقان عمله اثباتا لذاته‏,‏ ويكون قدوة حسنة لزملائه في العمل‏..‏ ويكون أيضا موضع تقدير من رؤسائه‏..‏
الطبيب المنضبط يذهب الي عيادته في المواعيد المعلنة للمرضي‏,‏ ولا يترك مرضاه ينتظرون ساعات طوالا لحين حضوره‏,‏ ومنهم من يشق عليه الانتظار‏,‏ بالنظر الي ظروفه الصحية أو العائلية أو المهنية‏..‏
الإنسان المنضبط عموما يحافظ علي صحته‏..‏ ولا يسرف في الأكل‏..‏ ولا يدخن‏..‏ ويمارس الرياضة بانتظام‏..‏
النجاح المرموق في أي مجال يتطلب قدرا كبيرا من الانضباط‏..‏ فالانضباط يكفل الاتقان‏..‏ يكفل المحافظة علي المواعيد‏,‏ يكفل الأداء المتميز‏..‏ يكفل حسن المعاملة مع الناس‏..‏ كما أن الانضباط يحقق الكثير لمن يتحلون به‏..‏ وهم دائما في طليعة زملاء المهنة الواحدة أو التخصص الواحد‏..‏ وهم مرموقون في كل مجالات الحياة‏..‏
والمؤمن المنضبط يحقق أغلي أهداف الحياة بدخول الجنة والاقامة فيها بلا نهاية‏..‏ فالجنة ليست لكل من هب ودب‏..‏ ولكنها لمن يعمل لها بدأب ومثابرة‏..‏ ونحن نقرأ في كتاب الله فرحة من سعدوا بتلقي كتابهم بأيمانهم يوم القيامة‏,‏ علامة علي القبول من رب العالمين فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه‏,‏ إني ظننت أني ملاق حسابيه‏,‏ فهو في عيشة راضية‏,‏ في جنة عالية‏,‏ قطوفها دانية‏,‏ كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية‏(‏ الحاقة‏19‏ ـ‏24).‏
ويهنئهم رب العزة بانضباطهم وما قدموه لأنفسهم من أجل الفوز بجنة الخلد بقوله كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام اخالية أي خلال إعمارهم في الحياة الدنيا‏.‏
أرأيتم أن الانضباط هو مفتاح النجاح في الدنيا والفوز في الآخرة؟‏

  • Currently 96/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
33 تصويتات / 395 مشاهدة
نشرت فى 5 فبراير 2006 بواسطة nsma

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

233,988