مقتطفات هامة
على طريق القيادة الإدارية الرشيدة.
إعداد/ أحمد السيد كردي
مقدمة
تشكل القيادة محورًا مهمًا ترتكز عليه مختلف النشاطات في المنظمات العامة والخاصة على حد سواء، وفي ظل تنامي المنظمات وكبر حجمها وتشعب أعمالها وتعقدها وتنوع العلاقات الداخلية وتشابكها وتأثرها بالبيئة الخارجية من مؤثرات سياسية واقتصادية واجتماعية، لهي أمور تستدعي مواصلة البحث والاستمرار في إحداث التغيير والتطوير، وهذه مهمة لا تتحقق إلا في ظل قيادة واعية.
القيادة هى عملية تأثير شخصى على مجموعة معينة فى موقف معين توجيها لسلوكهم نحو انجاز هدف معين ، وتتركز بحوث ودراسات القيادة على عدد من النظريات الأكثر تعقيدا يجب تطويرها ، ومحاولة دراسة امكانات القيادة حيث المتغيرات الشخصية ودينامكية التفاعل بين هذه المتغيرات [1].
وتعرف القيادة الإدارية بأنها النشاط الذي يمارسه القائد الإداري في مجال اتخاذ وإصدار القرار و إصدار الأوامر و الإشراف الإداري على الآخرين باستخدام السلطة الرسمية والسلطة غير الرسمية التي تنبع من مدى قدرة الشخص القيادي في التأثير والإقناع بقصد تحقيق هدف معين، فالقيادة الإدارية تجمع في هذا المفهوم بين استخدام السلطة الرسمية وبين التأثير على سلوك الآخرين واستمالتهم بصفة غير رسمية وإلزامية للتعاون لتحقيق الهدف .
القيادة الادارية نوعان[2]:-
* القيادة الرسمية؛ وهي القيادة التي تمارس مهامها وفقاً لمنهج التنظيم (أي الأنظمة واللوائح) التي تنظم أعمال المنشأة. فالقائد الذي يمارس مهامه من هذا المنطلق تكون سلطاته ومسؤولياته محددة من قبل مركزه الوظيفي والقوانين واللوائح المعمول بها.
* القيادة غير الرسمية؛ وهي تلك القيادة التي يمارسها بعض الأفراد وفقاً لقدراتهم ومواهبهم القيادية وليس من مركزهم ووضعهم الوظيفي. فقد يكون البعض منهم في مستوى الإدارة التنفيذية أو الإدارة المباشرة، إلا أن مواهبه القيادية وقوة شخصيته بين زملائه وقدرته على التصرف والحركة والمناقشة والإقناع يجعل منه قائداً ناجحاً.
وبوجه عام، فإنه لا غنى عن هذين النوعين من القيادة في المنشأة، فالقيادة الرسمية وغير الرسمية يتعاونان في كثير من الأحيان لتحقيق أهداف المنشأة وقلما تجتمعان في شخص واحد.
إن عملية القيادة ووجود القائد الجيد على رأس عمله أمر غاية في الأهمية ، والقيادة لا بد منها حتى تترتب الحياة ، ويُقام العدل، ويُحال دون أن يأكل القوي الضعيف. والقيادة هي التي تنظم طاقات العاملين وجهودهم لتنصب في إطار خطط المنظمة بما يحقق الأهداف المستقبلية لها ويضمن نجاحها. كما يعمل القائد بشكل دائم على تدعيم السلوك الإيجابي للأفراد والمجتمعات، وإنه يبذل قصارى جهده لتقليل السلوك السلبي، موجداً بذلك مناخاً أفضل للعمل والإنتاج الهادف، ثم إن على القائد أن لا يُستهلك بالتعامل مع الأمور اليومية والروتينية، بل إن أهم عمل له هو استشراف المستقبل، ووضع الخطط المستقبلية وتطويرها، وحل أي مشكلات مستقبلية متوقعة قد يواجهها. إذاً فلا بد للقائد الإداري من صفات شخصية ومؤهلات علمية وإمكانات فنية ومهارية ليتمكن من تحقيق أهداف التنظيم.
إن الجاذبية الشخصية للقائد كما أنها كغيرها من صفات القائد، يمكن تعلمها وممارستها والتدرب عليها، ولكن في ذات الوقت تعد الموهبة القيادية التي يولد بها شخص ما، أو تلك النجاحات التي حققها عامل يسرع من قدرته على القيادة، ويرفع من كفاءته فيها، ولكن إن لم يكن هناك صقل لهذه الموهبة واستثمار لذلك النجاح، وبذل للجهد في سبيل التعلم والتدرب؛ فلن يكون لهذه الموهبة وتلك النجاحات أي أثر في قدرة القائد على جذب الآخرين وقيادتهم[3].
إن قضية صناعة القادة ليست بالعملية السهلة ويحتاج القادة بعد التدريب والتعليم إلى النزول إلى أرض الميدان، والتعامل مع تحديات الحياة المختلفة؛ بحيث يكتسب الخبرة المطلوبة ويحصل على التدريب العملي المراد، والشباب عندما تعطيهم المسؤوليات تطرد عن عقولهم وهم العقول المستريحة والشعور بالدونية[4].
العلاقة بين القيادة والإدارة
تتشابه الإدارة والقيادة فى بعض النواحى لكنها تختلفان فى معظمها – فالمدير الذى لا يتمتع بسمات القيادة يمكن أن يوجه جهود مرؤسيه لمجرد أنه يشغل منصبا رسميا فإذا خضع له المرؤسين على هذا الأساس سيبذلون الحد الأدنى من الجهد لتيجنبوا العقاب – أما أن توفر للمدير كقائد قدرة التأثير بسماته الشخصية فإن حماس مرؤسيه سيبذلون كامل جهودهم وقد يبدعون وعادة ما يكون المدير الناجح قائدا فاعلا, ويمكن التفرقة بين الإدارة والقيادة كما يلى:-
1- تميل الإدارة لأن تكون أكثر رسمية من القيادة وتعتمد على مهارات التخطيط والتنظيم والرقابة وهى تمثل مجموعة أدوات تقوم على علاقة السبب والنتيجة .
2- والقيادة تقوم على رؤية وتبصر لما يمكن أتكون عليه الوحدة التنظيمية وتتطلب توليد وتشجيع التعاون وروح الفريق وتحفيزهم باستخدام كافة سبل التأثير والاقناع.
سلطة القائد
السلطة: ونعني بها المكانة وحق القيادة والقدرة على التأثير، وبعبارة موجزة هي قدرة إعطاء الأوامر والتوجيهات إلى المرؤوسين للتأثير عليهم -حسب اختلاف المفاهيم الإدارية- فإن الإدارة الوظيفية تعتمد في تأثيرها على الآخرين على القرارات والأوامر الصادرة من فوق وحب الثواب وتجنب العقاب المتحفزة في كل فرد. بينما الإدارة الرائدة تعتمد على التوجيه والترشيد والقناعات الناشئة عن تحاور الرؤساء ومشاورة العاملين في القرارات من فوق، والشعور بالمحبة والمسؤولية والهدفية التي تعتمل في نفوس الأفراد. وكيف كان؛ فإن القيادة الإدارية تقوم على جملة من الأسس لا تتحقق من دونها وهي كالتالي[5]:
أ- الدور الوظيفي أو الاجتماعي الذي يحتله المدير.
ب- المعرفة والخبروية والحكمة التي يحملها المدير بين طيات نفسه ولمسات يده.
ج- قوة الشخصية وخصال العظمة والنفوذ الذي يتمتع به. وقد يرى البعض أن المال والقدرة على الدفع هي نقطة جوهرية أخرى في القدرة على التأثير وهذا قد يصح في بعض الأحيان، إلا أنه لا يشكل لنا قيادة إدارية يستجيب لها الأفراد طواعية وعن رغبة وقناعة - في الغالب-، كما لا يحقق لنا أعمالاً متماسكة ودائمة وآثاراً باقية.. ولذا حصرنا الخصوصيات القيادية بالثلاثة المذكورة لأنها الأقوى تأثيراً بالفعل والتي تصنع الشخصية القيادية بمعناها الفاعل والمؤثر ولعل الرسم البياني التالي يوضح الأمر أكثر.
ولعلّ من المناسب الخوض ببعض التفاصيل المرتبطة بالخصوصيات المذكورة:
الأولى: السلطة القائمة على الدور الوظيفي أو الاجتماعي:
وهي سلطة نابعة من قوة الدور الذي يؤديه المدير، وفي الدوائر الرسمية تنشأ غالباً من مركز العمل الوظيفي القائم على الترتيب الهرمي في السلطات، ويعتبر المركز الوظيفي هو الذي يمنح السلطة ويعطي الدور الفاعل للقائد المدير، بخلاف المؤسسات الاجتماعية والثقافية في الغالب، فإنها تنشأ من مدى وأهمية الدور الذي يؤديه المدير؛ فقد نجد من هو أقل مركزاً يملك تأثيراً أكبر ممن هو أقوى منه، وممارسة هذه السلطة تنشأ من حق الرئيس في مخاطبة مرؤوسيه بما يلي:
- ما يجب عمله، أي تحديد الوظيفة.
- في أي وقت ينفّذ والى أي وقت ينتهي، أي تعيين المبتدأ والمنتهى.
- بأية طريقة ينجز، أي كيفية التنفيذ.
و أنت ترى أن كل شيء في هذه الإدارة يعود إلى المدير.. وهنا تكمن النقطة الجوهرية بين المدير الناجح أو الفاشل، من الآخر الذي هو على درجات أكبر من النجاح؛ ففي الوقت الذي يحصر الأول السلطات والقرارات بيده ولا يشرك فيها أحداً من مرؤوسيه وأصحابه، يوزع الثاني الأدوار ويشرك الآخرين بقراره ويعدهم مشاورين له ومساعدين حقيقيين، لا آلات صماء عليها الطاعة وحسب؛ لذلك فإن النجاح في الأول ينحصر بقوة شخصية المدير ومدى أهمية وشدة مراقبته للأعمال، وبالتالي فإن الفخر يعود إليه أولاً وآخراً في الانتصارات كما أن الفشل رهين آرائه وقراراته.. هذا ويمارس المدير الوظيفي سلطاته -في الغالب- حسب المراحل التالية:
التفكير والتخطيط - إعطاء الأوامر - تعيين الوظائف وكيفية الإنجاز - مراقبة التنفيذ بشكل متواصل - وربما فرض عقوبات إذا لم تنفذ الأدوار بشكل جيد وكذا المثوبات في الإنجاز الجيد. بينما الثاني يجعل من العاملين فريقاً ومن العمل ماكنة يشترك في تحريكها الجميع والكل له دور في تفعيلها وتنشيطها كما يحظى ببعض السلطة، كما وله قسط من الفخر والنجاح.. وطريقة ممارسة السلطة يوضحها الرسم التالي:
وأكثر ما يتجلى هذا الأسلوب في المؤسسات الاجتماعية الناجحة، وتتجلى أهميته ودوره الكبير في تحقيق الانتصارات في أوقات الأزمات والمشاكل أو التعرض لصدمات كبرى، كما هو ملحوظ في المؤسسات التي تقوم بإنقاذ شعب من الاستبداد أو مقاومة غزو خارجي أو انتشال الناس من الفتن الداخلية. وتعمل بعض الحكومات المنفتحة على إقامة جبهات مشتركة تضم المعارضة والسلطة لمواجهة الأخطار أو التخطيط للبناء، كما هو ملحوظ في العديد من الدول الحرة، بينما نجد الأمر معكوساً في الدول المستبدة التي لا يعطي الحاكم فيها حق الرأي والتخطيط والتنفيذ لغيره، فيعرض بلده وشعبه إلى الدمار والتراجع في مختلف المجالات.. وهذا كما ينطبق على الحكومات والأنظمة، ينطبق أيضاً على سائر المنظمات والمؤسسات، صغيرة أو كبيرة وفي أي صعيد ومعترك..
الثانية: السلطة القائمة على الخبرة والمعرفة:
وهي سلطة الخبير أو العارف المحنك، ويسميها البعض سلطة المعرفة والحكمة؛ لأنها تقوم على حق أن يكون صاحب السلطة مستشاراً أو خاضعاً لفضيلة المعرفة التي يمتلكها، وهي في الحقيقة سلطة العلم؛ فإن من الواضح أن العلم وتجاربه يفرض نفسه على ميادين الحياة كما يهيمن بسلطته على عقول البشر وأرواحهم. وكل إنسان بطبعه الأولي يستسلم أمام العالِم العارف في مجاله. ومن هنا نشأت النظرية الإدارية القائمة على التخصص واعتبرت أن الأنظمة والقوانين والمعرفة هي التي تمنح القائد الإداري سلطاته والقدرة على التأثير.. وتعد السلطة المعرفية من أهم المعايير التي تقود المؤسسات إلى النجاح؛ لذا ينبغي توفرها في جناحي العمل؛ أي المدراء والعاملين.. وهي ضرورية جداً لسير الهيكل العام في المؤسسة، لأنها تشكل - مبدئياً - الاستعداد لتقويم الأفراد تبعاً لخبرتهم وكفاءتهم سواء كانوا رؤساء أو منفذين؛ لذلك فإنها تقوم على القناعة والاستجابة المنطقية للقرار، أو التوجيه الناشئ من أهله الذين يمتلكون خبرة في مجالهم. وبالتالي فإن الطابع الرئيس لهذه السلطة هو العقلانية لأنها مبنية على الاعتقاد بحقائق العلم وشرعية الرئيس العارف بمعاييره وطرقه. ولعل من الأمثلة التي توضح ما نريده، ما يلي:
- الطبيب في المستشفى والمهندس في المعمل والضابط في المعسكر. وهنا تكمن أهمية التربية والتعليم في المؤسسات التي تطمح إلى النجاح؛ إذ لا يكفي أن يكون المدير مضطلعاً بمهامه ما لم يصنع لنفسه جيلاً من المضطلعين في مختلف المجالات، ليقود مؤسسته بطريقة علمية ويضمن لها البقاء والاستمرار والنجاح لوجود ما يكفي من الطاقات الخبيرة في الإنجاز.. وهذا لا يتحقق إلا بوضع خطة للتربية والعمل عليها جنباً إلى جنب سائر الأعمال والوظائف، ثم اعضادها بخطوات عملية في هذا السبيل كتفويض الأدوار وتوزيع السلطات وفسح المجال للآخرين في المشاركة في الرأي والقرار.
الثالثة: السلطة القائمة على قوة الشخصية:
وتقوم هذه السلطة على التأثير القوي للمدير على مرؤوسيه.. وهو لا يتم إلا إذا تمكن المدير من أن يحتل موقعاً خاصاً في قلوب أفراده لما يتميز به من مؤهلات كثيرة يسلم الجميع بأنها رجحت كفته على غيره مثل:
- القدرة على الحكم (الرؤية الصائبة والقدرة على اتخاذ القرار).
- الحس المرهف.
- الأخلاق النبيلة.
- العدالة في التعامل.
- الإخلاص والنزاهة.
- المحبة والرعاية العاطفية (المداراة).
- التفاني للعمل (رعاية المصالح العامة) وللآخرين (المشاركة في آلامهم وآمالهم).
- المنطقية في التفكير والتنفيذ (الخبرة والتخطيط).
وغير ذلك من صفات نفسية وعقلية وإدارية كبيرة تجعل الآخرين يستجيبون له بشكل عفوي وعن قناعة واختيار... ومن الواضح أن هذه الخصوصيات من السهل التحدث عنها، إلا أنها في ميدان العمل من أعقد الأمور وأصعبها، لما تتطلبه من المجاهدة والجلد وكبح جماح النفس، لذلك لا تتوفر إلا في عظماء البشر وهم القلائل.. وهي قيادة يسميها البعض بأنها ملهمة لأنها تمتلك سيطرة تقوم على التفاني والإخلاص، وجعل المدير المتصف بها بطلاً جماعياً، أو قدوة وأمثولة له طابع مقدس أو محترم وتقوم على قدراته النفسية الكبيرة أو إنجازاته البطولية الرائعة.. وعلى الرغم من توافر هذا النوع من القيادة في العديد من المؤسسات خصوصاً الاجتماعية منها، إلا أنها تعاني من أزمات حقيقية في جهات ثلاث هي كالتالي:
الأولى: إن ردود الأفعال الناجمة عن الفشل في هكذا زعامات تعود قوية وقاصمة لظهر المؤسسات والأفراد معاً؛ لما تشكله من إحباطات إذا تحطمت الصورة المقدسة للمدير الفذ في أنظار أصدقائه.
الثانية: إن أكثر ما تلائم هذه النظرية، المؤسسات العاملة في العالم المتخلّف -المستبد- فإن طبيعة الاستبداد، تجعل من المدير قائداً تعطيه صفة الإلهام والرمزية، وتجعله في وضع مقدس لا يقبل النيل أو المس، بل يسعى الجميع لنيل الزلفى منه وكسب وده ورضاه، ومن الواضح أن هذا لا يتم إلا عبر التبجيل والتعظيم الكاذبين.. وبالتالي فإن خطورة هذا النوع من الإدارة تكمن في أنه قد ينتهي بالمدير إلى الصنمية المطلقة، وبالأفراد إلى جملة من المتزلفين، وتصبح معايير التقديم والتفاضل، هي الولاء لا العلمية والكفاءة، وأخيراً يصبح العمل آلة وجسراً لطموحات المدير ورغباته الخاصة، إذا لم يحسب لها حسابها منذ بادئ الأمر.
الثالثة: إنها قيادة قد لا تتكرر ولا تستمر فيمن يأتي بعدها -كما إذا تقاعد المدير أو مرض أو انتقل أو مات أو ما شابه ذلك- لذا فإن المهمة الشاقة تكمن في العمل على تكريس الصفات المثالية في الأفراد، وتكثير القادة المثاليين في المؤسسة، وهذا لا يتم إلا إذا خضنا عمليات تربوية شاقة ومتواصلة؛ أو حولنا القيادة إلى جماعة أو هيئة أو فريق يقوي بعضه بعضاً ويكمل دوره بالاستشارات والحوارات المفتوحة والعلاقات اللامركزية بين الأفراد. ومن هنا فكر جمع من المتخصصين في علم الإدارة بطرح طريقة جديدة يراها أنها تناسب تغييرات العصر وتحولاته وقدموا رأياً آخراً لسلطة المدير واعتبروها تقوم على ثلاثة محاور هي:
أ) الإدارة بالمعلومات؛ أي جمع وتحليل ونشر المعلومات الواردة من داخل وخارج المؤسسة والمعلومات الرسمية وغير الرسمية والمعلومات المكتوبة والشفاهية.
ب) الإدارة بالبشر؛ كممارسة الزعامة وخلق العلاقات الإنسانية وشبكات فرق العمل.
ج) الإدارة بتنفيذ العمل؛ والتي تطبق من خلال تنفيذ المهام والأعمال والنشاطات بشدة التركيز والمتابعة والنجاح في الأداء، ويعتبر المدير مثالياً عندما يتصرف جامعاً بين هذه المحاور الثلاثة.
صفات القائد[6].
1- صقل المقاييس العليا للأخلاقيات الشخصية : بحيث لا يستطيع القائد الفعَال أن يعيش أخلاقيات مزدوجة إحداها في حياته العامة (الشخصية) و الأخرى في العمل، فالأخلاقيات الشخصية لابد أن تتطابق مع الأخلاقيات المهنية.
2- النشاط العالي: بحيث يترفع القائد عن توافه الأمور و ينغمس في القضايا الجليلة في حال اكتشافه بأنها مهمة و مثيرة.
3- الإنجاز: فالقائد الفعَال تكون لديه القدرة على إنجاز الأولويات ،غير أن هناك فرقا مابين إعداد الأولويات وإنجازها.
4- امتلاك الشجاعة: فهناك فرق في الطريقة التي يتعامل بها الشخص الشجاع و الشخص الخجول مع الحياة ،فالشخص الجريء المقدام قد يلجأ إلى المشي على الحافة بهدف إنجاز الأعمال مع تحمله لكافة النتائج المترتبة على ذلك والمسؤولية الكاملة .
5- العمل بدافع الإبداع: يتميز القادة الفعالون بدوافعهم الذاتية للإبداع و الشعور بالضجر من الأشياء التي لا تجدي نفعا أما الأفراد الذين يتمتعون بالحماس و الإقدام فلن يكون لديهم الصبر لانتظار رنين الهاتف من أجل البدء بالعمل ،فالقائد الفعال هو شخص مبدع خلاَق يفضل أن يبدأ بطلب المغفرة على طلب الإذن.
6- العمل الجاد بتفان والتزام: فالقادة الفعالين يقوموا بإنجاز أعمالهم بتفان و عطاء كبير كما يكون لديهم التزام تجاه تلك الأعمال.
7- تحديد الأهداف: فجميع القادة الفعَالين الذين تم دراستهم يمتلكون صفة تحديد الأهداف الخاصة بهم والتي تعتبر ذات ضرورة قصوى لاتخاذ القرارات الصعبة.
8- استمرار الحماس: إن أغلب القادة يمتلكون حماسا ملهما ،فهم تماما كالشعلة التي لا تنطفئ أبدا لتبقى متقدة على الدوام ،فنمو القائد وتطوره يتطلب حماسا حقيقيا ملهما وإذا كان الفرد في حيرة حول الكيفية التي يمكن الحصول بها على ذلك الحماس فما عليه إذا إلا إعادة الصفات القيادية السابقة لوجود علاقة وثيقة و متراصة بين تلك الصفات.
9- امتلاك الحنكة: فالقائد الفعَال هو ذلك الشخص الذي يمتلك مستوى رفيعا من الحنكة بحيث يتمكن من تنظيم المواقف الفوضوية، فهو لا يتجاوب مع المشاكل بل يستجيب لها.
10- مساعدة الآخرين على النمو: فالقادة الحقيقيون لا يسعون للتطوير و النمو الذاتي فقط ،وعندما يكون جو العمل سليما و صحيا و خاليا من التفاهات يتم حينها تبادل الأفكار بحرية مما يؤدي إلى التعاون ،ومن خلال هذا التعاون تصبح المنظمة و العاملون فيها جزءا متكاملا لا يتجزأ منتجين فريقا يتصدى لأقوى الفرق و المهام.
أنماط القيادة
تأثرت العلاقة بين القائد ومرؤوسيه بظهور مفاهيم متباينة وفلسفات متنوعة حول ما هية العلاقة بين القائد ومرؤوسيه هل هي علاقة تسلط وسيطرة أم هي علاقة تعاطف وتآخٍ أم هي علاقة تجمع بين العلاقتين؟ لذلك ظهرت أنماط وأساليب متعددة للقيادة الإدارية يمكن استعراضها أهم نوعين منها على النحو التالي:
1- القيادة الأتوقراطية:
يتميز القائد الأتوقراطي بمحاولة تركيز كل السلطات والصلاحيات في يده، فهو يتولى القيام بكل صغيرة وكبيرة فلا يشرك معه أحد في مباشرة وظيفته، فهو يتخذ من المركزية المطلقة أسلوبًا في العمل، فهو لا يفوض سلطاته حتى البسيطة منها، بل يسعى دائما لتوسيع دائرة سلطاته وصلاحياته.وينفرد القائد في هذا النمط بوظيفة اتخاذ القرارات ووضع السياسات والخطط دون مشاركة من مرؤوسيه أو حتى استشارتهم في ذلك.
2- القيادة الديموقراطية:
تقوم فلسفة هذه القيادة على مبدأ المشاركة وتفويض السلطات، فالقائد الديموقراطي يتفاعل مع أفراد الجماعة ويشركهم في عملية اتخاذ القرارات. ويتوسع في تفويض السلطات والصلاحيات لمرؤوسيه، فهو يباشر مهامه من خلال جماعية التنظيم. فالسياسات تتحدد من خلال الاتفاق والمناقشة الجماعية لأعضاء التنظيم، وتلعب القيادة دورها في بلورة ما تتفق عليه الجماعة من آراء وأفكار إلى قرارات وسياسات، فالقرار في النهاية يأتي من تفكير ومبادرة الجماعة، ومن مزايا هذا الأسلوب رفع معنويات المرؤوسين، وخلق الثقة في نفوسهم، وزيادة التعاون، ومضاعفة الإنتاج، وفي هذا الأسلوب يشعر أفراد التنظيم بأن القرار قرارهم فيتمسكون به ويعلمون على تنفيذه التنفيذ السليم لارتباطهم العضوي به.
صلاحية القيادة:
لقد اتضح لنا الأسلوب القيادي المثالي هو الذي يتفق مع توقعات وأماني وخبرات جماعة معينة في ظروف معينة، وأن القيادة الصالحة هي القيادة القريبة من الواقع، وأن ممارسة القيادة تتطلب أن يكون القائد قادرًا على إدارة وقته, ولديه القدرة على التأثير في سلوك الجماعة، وقادرًا على التفاهم مع جميع أفرادها، وأن يكون لديه القدرة على رؤية التنظيم الذي يقوده، وفهمه للترابط بين أجزائه ونشاطاته، وفهمه للبيئة الخارجية بأشكالها وصورها وتنظيماتها المختلفة، وأن يكون القائد ذا مرونة عالية، فيستطيع أن يكف نفسه مع المواقف التي لا يمكن تغييرها، وبذلك تكون لديه القدرة على المواقف الحرجة وتحملها، كما تكون لديه القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة، ولعل من أهم واجبات القائد أن يكون قدوة حسنة للجماعة، فيلزم نفسه قبل غيره من أفراد الجماعة بالسلوك القويم، والالتزام بما يتطلبه عمله من صبر وأمانة وتضحية، وأن يتحلى بالخلق الكريم وأن يتصف بالتواضع والاستقامة، وأن يكون متفهمًا لأهداف المنظمة مقتنعًا بها، مؤمنًا بإمكانية تحقيق هذه الأهداف لما فيه خير المنظمة وصالح أفرادها.
بعض الاعتبارات التي تجعل من القائد صالحًا لعملية القيادة:-
1- الاقتناع بأهداف المنظمة: من أهم السمات التي يتصف بها القائد، القدرة على وضع الخطة المناسبة، بمعنى رسم السياسة الكفيلة بتحقيق الأهداف المنشودة والغايات المأمولة.والقائد إذا لم يكن مؤمنًا ومقتنعًا بأهداف المنظمة فإنه لا يستطيع أن يقنع الآخرين، بالاقتناع بالأهداف وإمكانية تحقيقها سوف يبعث على الحماس والتفاني لدى أفراد المنظمة، فالقائد المؤمن بالهدف المقتنع بإمكانية تحقيقه سوف يملأ نفوس مرؤوسيه بالحماس ويرفع من روحهم المعنوية ويجدد طاقاتهم ويدفعهم للمزيد من البذل والعطاء.
2- التطلع إلى الأمام: تتطلب القيادة الناجحة الطموح وعدم الركون للجمود، فالقيادة تتطلب العمل المتواصل لإحداث التغيير وتحقيق التطوير، ذلك أن التجديد والابتكار والإبداع سمات يجب أن يتحلى بها القائد ليجعل من يوم المنظمة أفضل من أمسها، وغدها أفضل من يومها.
3- فهم العوامل البيئية: إن المنظمات على اختلاف أنماطها وأحجامها ووظائفها وأدوارها لا تعيش في فراغ، بل تعمل في إطار بيئات تحكمها، سياسية واقتصادية واجتماعية، ومسؤولية القائد تفرض عليه أن يراعي تلك الظروف المختلفة وتأثيراتها المحتملة على أعمال المنظمة ونشاطاتها.
4- التصرف على مستوى المسؤولية: إن القيادة مسؤولية الالتزام، القيادة الناجحة ترتبط بالإقدام وليس بالإحجام، والقائد المسؤول هو الذي يرتفع بشخصيته وبوظيفته إلى مستوى المسؤولية.وتتجلى مسؤولية القائد عندما تسوء الأمور، وهنا تتطلع المنظمة إلى تصرف القائد ومعالجته للأمور، وهو الاختبار الحقيقي للقائد، فإن الشدائد تصنع الرجال، والقائد الناجح هو الذي يتصف بالشجاعة وقوة الإرادة، وهو الذي يدرك أن هناك أساليب عديدة لمواجهة الموقف الواحد.
5- مراعاة المصلحة العامة: القائد الناجح هو الذي ينتمي إلى الجماعة ويؤثر المصلحة العامة على مصلحته الشخصية ويشجب كل مظاهر الموالاة والتحيز، ويعمل على إنجاز الأعمال في منظمته بكفاءة وفاعليه تقوم على العلاقات الإنسانية السليمة وبالتوجيه الصحيح نحو تحقيق الأهداف.