فيما يعد فتحا جديدا على طرق الاكتشاف المبكر للمواهب الفنية والعبقريات الواعدة، أعلن في دراستين منفصلتين في الولايات المتحدة عن تحديد موقعي التذوق الفني والترابطات اللغوية في الدماغ.
ونشرت المجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم نتائج أبحاث قام بها فريق من الباحثين من جامعة باليريك أيلاندز بإسبانيا، لاختبار الفكرة الشائعة والقائلة بأن مركز التذوق الفني والجمالي يقع في المنطقة الجبهية (الأمامية) من الدماغ، ولم يكن ثمة دليل على ذلك من قبل.
وقام الباحثون بقيادة الدكتور كاميلو سيلا كوندي بتعريض ثمانية أشخاص لأعمال فنية تتكون من صور أو لقطات جميلة من الطبيعة، وطلبوا من كل منهم أن يحدد أي هذه الصور أكثر جمالا.
وأثناء ذلك كان الباحثون يقومون بتصوير أدمغة هؤلاء الأشخاص بتقنية تسمى التصوير المغناطيسي الكهربي للدماغ (MEG). وقد أثبتت هذه التجارب الاعتقاد السائد, فقد استحثت هذه الصور جزءا محددا في المنطقة الجبهية من الدماغ، ويعتقد أن هذه المنطقة مسؤولة عن عدة وظائف أخرى مثل صنع القرار وتحديد نمط الشخصية وغيرها.
أما الدراسة الثانية فقد نشرتها مجلة "بلوس بيولوجي" على شبكة الإنترنت، وهي تحدد موقعا هاما في الدماغ هو موقع الرؤية أو الكشف أو الحل، أو –كما يسميه البعض- موقع "وجدتها" Eureka.
وقام فريق بحثي من جامعة نورث وسترن بالولايات المتحدة بقيادة الدكتور مارك يونغ-بيمان بتصميم مجموعة من الألغاز كل منها يتكون من ثلاث كلمات، وطلبوا من 37 شخصا أن يأتوا بالكلمة الرابعة التي تصلح أن تكوّن لفظا مركبا مع كل من الكلمات الثلاث.
ثم طلب الباحثون من هؤلاء الأشخاص أن يضغطوا على زر أمامهم حالما يتراءى الحل لأدمغتهم. وباستخدام تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي والتصوير الكهربي، استطاع الباحثون أن يحددوا موقع "وجدتها" في الدماغ، وذلك في الطبقة القشرية للفص الأيمن للدماغ.
ومن المعروف أنه في هذا الجزء من الدماغ تحدث الارتباطات اللغوية بين الأنواع المختلفة من الأفكار، مما يؤدي إلى توليد أفكار ورؤى جديدة. ولعل هذه الدراسة هي الأولى من نوعها التي تثبت أن هناك فارقا في النشاط الدماغي بين مجرد الوصول لحل مشكلة ما، وبين الوصول لرؤية أو كشف.
وربما تؤدي الدراستان إلى زيادة قدرتنا على فهم الدماغ البشري، فهو أكثر التكوينات الحيوية تعقيدا على الإطلاق. وربما تساعدانا أيضا على الاستكشاف المبكر للمواهب الفنية والعبقريات الواعدة عن طريق تحديد مستوى نمو الموقعين اللذين حددهما الباحثون.