ـ الجحيم بين دانتي وأبي العلاء المعرِّي دراسة تطبيقية زرعت في رحم الأدب المقارن، فتمخضت عنها مقاربات تطبيقية متنوعة حول تأثر وتأثير كل من الأديبين بعضهما بالآخر بالإضافة إلى تأثير الثقافة العربية في الثقافة الغربية. فالموضوع الأساس في العملين هو رحلة خياليّة إلى العالم الآخر، مع وجود تشابه في قضية الرحلة الخيالية خاصة فيما يتعلق بالجحيم (رحلة الجحيم). ولد دانتي سنة (1265م) وقد نفي إلى البندقية فترة من الزمن، وخلال هذه الفترة كتب (الكوميديا الإلهية)، حيث كان غاضباًَ من السلطة السياسية في روما، فوزع الطبقة السياسية في هذه الطبقات من الجحيم، وكانت العقوبة تتناسب مع الجرم المرتكب في الحياة. فالكوميديا الإلهية هذه مؤلفة من ثلاثة أجزاء الفردوس، المطهر، الجحيم، وكل قسم من هذه الأقسام مؤلف من (33) نشيداً، والمقدمة نشيد، فالمجموع العام مئة نشيد. ترجمت الكوميديا الإلهية إلى اللغة العربية، حيث قام بترجمتها كاتب مصري حذف نشيداً من الجحيم هو مقطع شعري له علاقة بالدين الإسلامي. فالجحيم عند دانتي يقع على شكل هرم رأسه في الأسفل، وهو مؤلف من تسع طبقات، الطبقة الأسفل وضع فيها إبليس، وكلَّما كان الجرم أكبر نزل أكثر في الجحيم، كما وضع في هذه الطبقات السفلية بعض الشخصيات الإسلامية، ووضع في الطبقة الأعلى من الجحيم فلاسفة اليونان، ومن العرب ابن سينا، ابن رشد، وصلاح الدين الأيوبي، (لأنهم لم يكونوا مسيحيين ولكنهم خدموا البشرية، وساهموا في التعاون البشري حسب تعبيره. والذين كانوا موجودين في هذه الطبقة يعذبون فترة ثم ينتقلون إلي المطهر ثم إلى الجنة). دانتي هو الذي قام بالرحلة الخيالية مع (فرجيل) صاحب الإنياده الذي اعتبره دانتي معلمه، حيث يخرج من الجحيم ثم إلى المطهر، وهنا لا يحق لـ(فرجيل) باعتباره غير مسيحي أن يدخل إلى الفردوس، فتأتي بياتريس وتصطحب دانتي معها إلى الفردوس. وبياتريس شخصية حقيقية أحبها دانتي عندما كان منفياً في البندقية، وأقسم أن يخلدها بعملٍ أدبي، فكان ذلك في الكوميديا الإلهية، حيث أعطاها صورة القديسة. فكرة التطهير: هي فكرة قديمة موجودة قبل الديانات السماوية والأرضية، ناتجة عن عقدة الذنب، فلابد من التطهر حتى يتوازن الإنسان نفسياً. أما الموضوع الأساس في رسالة الغفران أو السؤال الأساس هو: لماذا غفر الله لك؟ أو لماذا لم يغفر الله لك؟ رسالة الغفران ـ طبعاً المعرِّي أقدم من دانتي وأقام فكرته على أن الذهاب للعالم الآخر يتم برحلة، فقيِلَ أن دانتي أخذ الفكرة من المعرِّي، وأول دراسة تناولت هذه الفكرة هي للمستشرق الإسباني (آسيسن بلاسيوس) سنة 1919م، حيث ألقى محاضرة في الكلية الملكية في مدريد تحدث فيها عن المؤثرات الإسلامية في الكوميديا الإلهية، كما نشر كتاباً حول هذه المسألة، وبعد هذا التاريخ كثرت الدراسات العربية حول تأثير رسالة الغفران بالكوميديا الآلهية ومنها كتاب لـ(قسطاكي الحمصي) المؤلف من ثلاثة أجزاء (منهل الوراد في علم الانتقاد) حيث اعتمد على دراسة (بلاسيوس) وشتم دانتي. لقد اجمعت الدراسات على أن فكرة الرحلة الخيالية إلى العالم الآخر أقدم من دانتي وأقدم من المعرِّي، ذلك أن (فرجيل) في الإنيادة، يتحدث عن رحلة خيالية في عالم آخر، كما أنه لم يثبت حتى الآن معرفة دانتي برسالة الغفران أو أنها كانت في زمنه أو ترجمت إلى اللغة اللاتينية، وذلك لأن المعرِّي عُرِفَ في أوروبا منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين وقبل ذلك لم يكن معروفاً، أما دانتي فكان يتقن اللغة القشتالية (لغة محلية) واللاتينية، ولم تترجم رسالة الغفران إلى إحدى اللغتين المذكورتين، ولا دانتي عَرف العربية، إلا أن بعض الدراسات ذكرت ترجمة لقصة (معراج بن عباس) للغة القشتالية قبل ولادة دانتي بسنتين، ولا تزال موجودة في أوروبا حتى اليوم (مكتبة روما) وربما يكون دانتي قد اطلع عليها، فهذا من جانب التأثير، أمّا جانب الرحلة الخيالية إلى العالم الآخر، ففرجيل كتب عن هذا الموضوع قبل ألف سنة كما ذكرت، والفردوسي كتب أيضاً ألف بيت من الشعر... ومن خلال هذه الدراسات نجد أن دانتي عندما كتب عن هذه الرحلة أخذ ما هو شائع في الثقافة الغربية في العصور الوسطى عن الإسلام، لذلك وضع الشخصيات الإسلامية في الجحيم، فهذا ناتج عن سوء الفهم بين الغرب والشرق وهو سوء فهم قديم وليس حديثاً منذ أيام الحروب الصليبية وقيام أوروبا بترجمة مقاطع من القرآن الكريم بإشراف اليهود على هذه الترجمة؛ إلى حروب المغول ـ التتار وحدوث التصدعات في هيكل الثقافة العربية الإسلامية آنذاك. شذا عاقلة

nooooooooo

طيور الجنة يرحب بكم جميعا

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 43 مشاهدة
نشرت فى 18 إبريل 2012 بواسطة nooooooooo

ساحة النقاش

nooooooooo
»

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

19,706