إلى سرطة*

جدارُ القهرِ

يحجبُ عنكِ

أغنيةً

ترددها العيونُ

الراسفاتُ

بقيدِهِ الملعونْ

وفي صدري

يرفرف طائرٌ مسجونْ

تحدّثه عروسُ البحرِ

عن خفقاتِ صدرِكِ

همسِ حقولِكِ الخضراءِ

والطرق الترابيةْ

وعن قُبَلِ المواعيدِ

الغراميةْ

وكيف تبددت في الريحِ

أحلاماً سرابيةْ

تعيد على مسامعِهِ

حكايةَ كائنٍ مهووسْ

أتى من آخر الدنيا

ويزعمُ

أنه الآتي على وعد السماءِ

وأنه المختارْ

وباسم الوعدِ

يفترسُ التراثَ

يصادرُ التاريخَ

يغتالُ السنابلَ والقصائدَ

يحرقُ الموّالَ

والرمّانَ

والدحنونَ

والليمونَ

والزيتونَ

والزعترْ

* * * * *

وكلُّ قصائدي حمراءُ

مذبوحةْ

ضحيَّةَ  خنجرِ التشريدِ

والماءِ المُلوّثِ

والرغيفِ الصلبِ

والأسمالِ

والخيمةْ.

وكلُّ قصائدي

أشلاءُ نفثةِ قلبيَ المحزونْ

تعانقُ ليلَكِ الجبّارَ

في بردِ الشتاءِ

وموسمِ الثلجِ

وتحلمُ بالأساطيرَ الربيعيةْ

محاصرةً بأنفاسِ الغرابِ

الخانقاتِ

وقصتي الثكلى

وأسألُ يا ترى لو عدتُ

هل تُتْلى

عليَّ قصائدي

ذكرى انزلاقِ الفأسْ

وخيبةِ سنبلاتِ القمحِ

أم القى ضحايا ترهات الأمسْ

حُطامَ غصونِ زيتونةْ

وجمجمةً

تُحَدِّق بي

بلا عينينْ

تُقَرِّعُني

بلا شفتينْ

وتقتلني...

أنا المقتولُ مرّاتٍ ومرّاتٍ

أنا الملقاةُ جثتُه

على الطرقاتْ

صريعَ تآمرِ الأعداءِ...

والأصحابْ

**********

وقيل تسوقُهُ اللقمةْ

فيمضغها

ويسجدُ للنعالِ

ويشكر النعمةْ

ولكني

وليدُ الجرحِ والإيمانِ

أصنعُ منهما

الإعصارَ والنقمةْ

وملءَ الصدرِ أغنيةُ

وفي قلبي الحنينُ إليكِ

يا سرطةْ

سيهدم ألفَ ألفِ جدارْ

وملءَ الصدرِ أغنيةٌ

لتحملني لأوّلِ حُبْ

لأنفذ للبيوتِ

المُثْخناتِ

بزَحْمَةِ الأحزانْ

أعانقُ أهلها الأبطالْ

وأحملُ في حقائبِ

رحلتي الخضراءْ

هدايا العيدْ

لأطفالٍ

يتمتمُ في عيونهِمُ

انتظارُ العيد

__________________________

 

<!--[endif]-->

 

* سرطة – مسقط رأسي – هي قرية فلسطينية ترزح تحت الاحتلال منذ حزيران 1967.

.

 

.

 

المصدر: من ديوان "بين زمانين"
  • Currently 27/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
9 تصويتات / 382 مشاهدة
نشرت فى 7 يناير 2011 بواسطة nizarsartawi

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

48,666