استخدام المدخل الاسكندنافي في تحسين جودة حياة الأشخاص الصم المكفوفين


 " تجربة جمعية نداء في مصر  "


إعداد
 سهير عبد الحفيظ عمر
[email protected]
ماجستير في التربية ( صحة نفسية )
أخصائية تأهيل الصم المكفوفين بجمعية نداء .



مقدمة إلى

المؤتمر الدولي السادس
“تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة"
رصد الواقع واستشراف المستقبل
معهد الدراسات التربوية ـ جامعة القاهرة









مقـدمـــة :

 

    يعد السمع والبصر أهم حاستين بعيدتين منحهما الله للإنسان ، ويؤثر الفقد الكلي أو الجزئي لإحدى هاتين الحاستين على مختلف جوانب نمو الإنسان ، ويختلف التأثير كيفيا وكميا في حالة الفقد الجزئي أو الكلي للحاستين معا ، ولقد بين بيست (2003) Best أن مفهوم الصمم وكف البصر deafblindness  مفهوم يختلف في آثاره واحتياجاته عن مفهوم الصمم deafness وكف البصر blindness كل على حده ، كما ذكر عادل عبد الله (2004 ، ص293 ) أن" الأصم الكفيف له وضعه الفريد الذي يميزه عن غيره من الأطفال  سواء العاديين أو حتى من فئات الإعاقة الأخرى وخاصة الأطفال المكفوفين أو أقرانهم الصم ؛ فمعدل نموه في جوانبه المختلفة يتأخر كثيرا عنهم مما يجعله في حاجة دائمة إلى التدخل ."
 

    وقد أشار براون وباتس Bates & Brown (2005 ) إلى حدوث تغيرات جوهرية في مجتمع الأطفال الصم المكفوفين خلال الربع الأخير من القرن الماضي نتيجة التطور في علم أسباب الأمراض وخاصة فيما يتعلق بالوراثة والجينات  ، ولقد صاحبت هذه التغيرات زيادة مطردة في فهم ومعرفة الاستراتيجيات التربوية الفعالة لمساعدة هذه المجموعة من الأطفال .


    وتعد كل من آنا نافستاد Anne Nafstad  وإنجر رودبرو Inger Rodbro  من أبرز المتخصصات في مجال الإعاقة السمعية البصرية خلال العشرين عاما الماضية ، واللتان أسستا ما يعرف بالمدخل الاسكندنافي   Scandinavian Approach في تعليم الصم المكفوفين .


    أما في العالم العربي ومصر فنتيجة لعدم تصنيف الإعاقة السمعية البصرية كإعاقة قائمة بذاتها ، وعدم وجود برامج متخصصة لتأهيل هؤلاء الأطفال  عانى الصم المكفوفون وأسرهم من نقص أو غياب خدمات التدخل أو التأهيل أو التعليم ، وشهد عام 2002 م انطلاق أول برنامج تدريبي لإعداد كوادر متخصصة عاملة في مجال تأهيل الصم المكفوفين من خلال جمعية نداء المصرية ، وذلك بهدف الارتقاء  بجودة الحياة لدى  الأطفال الصم المكفوفين .


  وذكر أشرف أحمد عبد القادر (2005 ، ص 8) أن اهتمام المجتمع بالمعاقين والرقي بهم وتحسين جودة الحياة لديهم يعتبر من أهم المؤشرات الدالة على تقدم هذا المجتمع .

مشكلة الدراسة :

      ذكر موقع  Sense للصم المكفوفين أن هناك 23000 أصم كفيف في بريطانيا ، كما ذكرت الشبكة الأوربية للصم المكفوفين European Deafblind Network  (2006) أنه يوجد في أوروبا حوالي 150 ألف شخص أصم كفيف ، أما في الولايات المتحدة الأمريكية فبناء على تقديرات مركز  هيلين كيلر القومي Helen Keller National Center    (2007 ) فإنه في الشريحة العمرية الأقل من 40 يوجد 70 ألف أصم كفيف في الولايات المتحدة ، ويرتفع العدد إلى مليون شخص إذا أضفنا الصم المكفوفين بسبب التقدم في العمر .

      أما في مصر فلا يوجد حصر دقيق لعدد الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة بصفة عامة ، والصم المكفوفين بصفة خاصة ؛  وذلك لخلو بيانات التعداد السكاني الذي يجري كل عشر سنوات من الأسئلة والبيانات التفصيلية عن حالات الإعاقة بصفة عامة ،  وقد أشارت ورقة سياسات الحزب الوطني الديمقراطي الخاصة بتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة (2005 ، ص4)  إلى  وجود قصور في المعلومات والإحصاءات عن الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ، كما أن الإحصائيات لا تتصف بالدقة والموضوعية وتخضع للتقديرات التقريبية.

    ولا تذكر الإحصاءات الأشخاص الصم المكفوفين بل يتم إدراجهم  تحت إعاقات مختلفة ،  ويؤكد ذلك أن التوزيع النسبي للإعاقات المصنفة بورقة سياسات الحزب الوطني الديمقراطي الخاصة بتعليم ذوي الاحتياجات الخاصة (2005 ، ص4) لا يتضمن إعاقة الصمم وكف البصر المتلازمتين كإعاقة قائمة بذاتها ، ونتيجة لذلك فلا يوجد لهذه الفئة تصنيف أو إحصاء داخل جمهورية مصر العربية .


    وقد طبقت إيناس عبد الحليم (2006) نسبة انتشار إعاقة الصمم وكف البصر في أوروبا والدنمارك ـ والبالغة 0.018% ـ على تعداد مصر وتوقعت وجود 12700أصم كفيف تقريبا في جمهورية مصر العربية .


     وقد نصت الاتفاقية الدولية لحماية وتعزيز حقوق المعوقين وكرامتهم ( 2007 ) ـ والتي وقعت عليها مصر وخمسة عشر دولة عربية حتى تاريخ 15 مايو 2008 ـ في مادتها الرابعة والعشرين على” كفالة توفير التعليم للمكفوفين والصم المكفوفين وخاصة الأطفال منهم بأنسب اللغات وطرق ووسائل الاتصال للأشخاص المعنيين في بيئات تسمح بتحقيق أقصى قدر من النمو الاجتماعي والأكاديمي " ، مما يفتح الآفاق لنمو خدمات تأهيل الصم المكفوفين وتعليمهم كأحد الحقوق الأساسية  .

     وذكر موقع جمعية نداء (2007 ) حول أهمية إنشاء وحدة متخصصة لتأهيل الأطفال الصم المكفوفين "  ترجع أهمية مشروعنا إلى عدم وجود خدمات تأهيلية متاحة  للأطفال الصم المكفوفين في مصر ، كما لا توجد إحصائيات دقيقة متعلقة بالمشكلة  من حيث العدد ، فكثيراً ما يصنف هؤلاء الأطفال معاقون ذهنياً ، كما أن مؤسسات الصم لا تقبلهم نتيجة لما يعانون من إعاقة بصرية ، بينما لا تقبلهم مؤسسات المكفوفين نتيجة لإعاقتهم السمعية ، و محصلة ذلك كله بقاء الأطفال الصم  المكفوفين معزولين عن المجتمع بل عن الحياة بأكملها "
       وتؤثر نواحي النقص الخلقية ( الفطرية ) تأثيرا سلبيا على الاستعداد البيولوجي اللازم لدخول الشخص  في العالم الاجتماعي المحيط به ، ويكون هذا الأثر السلبي خطيرا في حالة الصمم وكف البصر الولادي Congenital deafblindness   ، وقد أشار الكسندر ميشكيرياكوف (1998 ) إلى بعض العوائق التي تقلل حركة الأطفال الصم المكفوفين مثل الخوف من التخبط في الأشياء أو الناس المحيطين بهم  .


   كما  أشار علي عبد النبي (2003) إلى مشكلات الطفل الأصم الكفيف باعتباره محروما من القدرة على التواصل مع البيئة على نحو ذي معنى ، و لديه إدراك مشوه للعالم من حوله كما تنقصه القدرة على المبادأة مع أحداث المستقبل ، وتوقع ما يترتب عليها من نتائج ، وهو محروم من الشعور بأهم محركات الدافعية الأساسية ، ولديه مشكلات طبية قد تقوده إلى صعوبات نمائية أشد خطورة ، ولديه صعوبة بالغة في بناء أو تأسيس علاقات بين شخصية والحفاظ عليها .

    وذكر شاكر قنديل ( 1999 ، ص 183 ) أن أقوى مقومات الإنسان في النمو كإنسان هو ما يستمده من الآخرين ، لأن هوية الإنسان وسلامته النفسية تتكون من علاقات متبادلة ذات معنى .

    ولقد توصلت الكتابات الحديثة في مجال تنمية التواصل لدى الأطفـال الصم المكفوفين ولاديا ( مثل نافستاد ورود برو Rodbro & Nafstad ، 1999 ، مايلز وريجوMiles & Riggio  ، 1999 ) إلى  أن استخدام المداخل التفاعلية interactive approaches  التي تعتمد  على بناء العلاقات تمثل أساسا هاما في تعليم وتأهيل الصم المكفوفين  ، كما أكدت  رودبرو Rodbro  (2006 ) على  بناء establishing التفاعل وتنمية التواصل كأساس للتدخل مع الأشخاص الصم المكفوفين ، كما أشار بجركان  Bjerkan  (1997) إلى أن التواصل مع فرد أصم كفيف يعني الدخول في علاقة مشتركة معه وتستلزم هذه العلاقة وجود شريك  partner أكثر كفاءة منه .


      ولقد أشارت ورقة سياسات الحزب الوطنى الديمقراطي (2005)  إلى النقص الحاد كماً وكيفاً في الكوادر المتخصصة والمدربة على التصدي لمشاكل الإعاقة .

  كما أشار أشرف أحمد عبد القادر (2005) إلى جودة الحياة باعتبارها الهدف الأسمى نحو مستقبل أفضل للحياة ، وأن جودة الحياة لدى المعاقين تقوم على أساس تمكين المعاق سواء كان طفلا أو راشدا أو كهلا من حقه في الاندماج أسريا ومهنيا لتحقيق احترام الشخص المعاق وحماية حقوقه الإنسانية .

من كل ما سبق تتلخص مشكلة الدراسة  الحالية في الأسئلة التالية :
1-    ما أهم ملامح تجربة جمعية نداء المصرية لتحسين جودة حياة الأشخاص الصم المكفوفين؟
2-    ما دور الشركاء السامعين المبصرين في بناء وتنمية التفاعلات مع الأشخاص الصم المكفوفين ؟

أهداف الدراسة :

1-    التعرف على أهم ملامح تجربة جمعية نداء المصرية لتحسين جودة حياة الأشخاص الصم المكفوفين.
2-    التعرف على دور الشركاء السامعين المبصرين في بناء وتنمية التفاعلات مع الأشخاص الصم المكفوفين .


الإطار النظري :

    شهدت السنوات الأخيرة اهتماما دوليا وعربيا بالأشخاص الصم المكفوفين ، وتزخر شبكة المعلومات العالمية بالعديد من المواقع التي تقدم خدماتها للأشخاص الصم المكفوفين وأسرهم والمتخصصين في إعاقة الصمم وكف البصر ومنها على سبيل المثال موقع مركز هيلين كيلر القومي  للصم المكفوفين Helen Keller National Center for Deaf-Blind    ، وموقع الجمعية الدولية للصم المكفوفين Deafblind International   وموقع  Sense   أما باللغة العربية فلقد خصصت بعض المنتديات المهتمة بذوي الإعاقة أقساما خاصة لذوي الإعاقة المزدوجة أو المتعددة  كالشبكة العربية لذوي الاحتياجات الخاصة ، ومنتديات مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ، والمنتدى السعودي للتربية الخاصة  ، كما شهد عام 2007 انطلاق موقع جمعية نداء  ، وكذلك مدونة الصم المكفوفين .

المصدر: جمعية نداء
  • Currently 165/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
56 تصويتات / 1471 مشاهدة
نشرت فى 1 فبراير 2010 بواسطة nidasociety

ساحة النقاش

جمعية نداء

nidasociety
لتأهيل الأطفال الصم وضعاف السمع »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

217,011