حسام عبد القادر
هل يمكن أن يكون حل الأزمة الغذائية سهلا وفى متناول أيدينا.. هل يمكن أن يتوفر بديل سهل ورخيص للطاقة.. هل يمكن أن يساعد البحث العلمى البلاد النامية بل والمتقدمة فى التخلص من مشاكلها..
الإجابة على كل الأسئلة السابقة بالإيجاب.. والحل الذى لا يتوقعه الكثيرون هو سهل جداً.. وفى متناول الجميع وغير مكلف ولا يحتاج إلى كثير من الجهد.. والأغرب أنه يتم استخدامه فى كثير من الدول الاوروبية وفى أمريكا.. أى أنه مجرب من قبل..
وقبل أن يتهمنا القارئ بأننا نحكى عن شئ خيالى أو عن اسطورة فإننا نعرض نتائج ما توصل إليه الدكتور عبد العزيز نور أستاذ الإنتاج الحيوانى بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية من خلال أبحاثه ودراساته حيث د. عبد العزيز نور خلال دراسته حيث اكتشف نور أن "الطحالب" وهى النباتات الخضراء التى تتواجد طبيعياً فى كافة المسطحات المائية سواء مياه مالحة أو شروب أو عذبة، والمتوفرة طبيعيا هبة من الله سبحانه وتعالى فى أى مسطح مائى هى مصادر أصيلة لإنتاج الطاقة وهى تعتمد على الطاقة الشمسية وتوافر المياه سواء مالحة أو شرب أو عذبة، كما أنها تمتص ثانى أكسيد الكربون وهو الذى يسبب الاحتباس الحرارى والتغيرات المناخية، والعناصر المغذية وأهمها عنصرى الأزوت والفوسفور والتى تتواجد فى المسطحات المائية فى مصر وكثير من البلاد العربية بتركيزات مرتفعة حالياً مسببة تلوث هذه المسطحات وعدم صلاحية المياه للشرب أو الإنتاج الغذائى الآمن.ويضيف د. عبد العزيز نور أن تقديرات خبراء الطاقة تشير أن احتياجات مصر من الطاقة تتزايد سنوياً بمقدار 6% وأنه فى خلال الخمسة عشرة عاماً المقبلة سيكون هناك عجز فى الطاقة يعادل 37% من احتياجات البلاد عام 2022 نتيجة التوسع فى الأنشطة الاقتصادية ومشروعات التنمية وتزايد معدلات الاستهلاك فى بعض الصناعات بحوالى 10 إلى 30 % عن المتوسط العالمى وأن القطاع الصناعى فى مصر يستهلك 43% من انتاج الطاقة يليها قطاع النقل 29% وبالتالى فأن أى زيادة أو ترشيد للطاقة سيؤدى إلى التخفيف والحد من العجز فى موازنات الدولة على مدى السنوات القادمة، وبالتالى فلابد من الإسراع فى استخدام هذا البديل الحيوى لسد هذه الاحتياجات خاصة انه مجرب فى العديد من الدول.
ولقد تم اكتشاف أنواع من الطحالب وحيدة الخلية ذات محتوى مرتفع من الدهون بلغت حوالى 60% وتبين أن الاستزراع المقنن لهذه الطحالب فى مشروعات انتاجية كبيرة أو متوسطة أو صغيرة ستؤدى إلى توفير الطاقة بالإضافة إلى مميزات أخرى أهمها إنتاج المركزات العلفية الغنية فى البروتين كبدائل لاستيراد مخلفات مصانع استخلاص الزيوت وخاصة كسب فول الصويا إلى جانب أن تنمية الطحالب يخلص البيئة المائية من ملوثاتها من خلال عمليات التنقية البيولوجية للمياه الملوثة وذلك قبل التخلص منها فى المجارى والمسطحات المائية.
ويؤكد د. عبد العزيز قائلاً أنه آن الآوان لشعبنا الذى يعيش على 4% فقط من مساحة البلاد حالياً ليغطى حيزاً أكبر من مساحة الـ96% المتبقية له من خلال الأنتشار فى الصحراوات الشرقية والغربية وسيناء وجميع الأراضى المالحة الساحلية المطلة على البحرين الابيض والأحمر وأحد أهم الحلول التى نطرحها حالياً هو التوسع فى منظومة لإنتاج الطحالب باستخدام المياه الجوفية سواء المالحة أو الشروب فى الأراضى غير الصالحة للزراعة أو أى أغراض أخرى مثل السياحة أو الصناعة وغيرها والمشروع المقترح يمكن أن يغير من وجه الحياة على أرض مصر فى خلال سنوات قليلة بما يساهم فى دعم جهود القيادة السياسية لمواجهة آثار الأزمات الاقتصادية والغذائية وظواهر التغيرات البيئية المرتقبة والحد من البطالة، ليس هذا فقط بل يمكن أن تستفيد منه كافة الدول العربية وأن تعمر صحرائها الشاسعة. علماً بأن الوقود الحيوى المنتج من الطحالب لا يحتوى على عنصر الكبريت ولا يحوى أى مواد سامة ومعدل احتراقه مرتفع، كما أن تنمية الطحالب الدقيقة تحتاج إلى الطاقة الشمسية وأى نوع من الماء وثانى أكسيد الكربون وكذلك العناصر المغذية (مخلفات الصرف الزراعى/المزارع الحيوانية /والصرف الصحى ... وخاصة عنصر الآزوت والفوسفور), وهى كلها متوفرة فى صحراء مصر ومعظم الدول العربية.
ويؤكد د. عبد العزيز نور أن الطحالب بها عدة مزايا فهى سريعة التكاثر حيث تتضاعف الطحالب مرة كل 6 ساعات، كما أنها تخلص البيئة من ثانى أكسيد الكربون وتنتج الأكسجين وهو ما يساعد على الحد من الانبعاث الحرارى، كما أن إنتاج الطحالب لا تنافس محاصيل الغذاء أو الأعلاف على الارض الزراعية أو المياه العذبة، ثم أن مخلفات استخلاص الزيوت من الطحالب تشكل من 40-50% من المادة الجافة الأصلية وهى عبارة عن مركزات علفية غنية بالبروتين وصالحة للاستخدام فى تغذية الحيوان والدواجن والأسماك حيث أنها غنية جداً بالبروتين.
وأهم منتجات مزارع الطحالب هى: الزيوت، مركزات أعلاف الحيوانات، توليد الكهرباء، والديزل الحيوى، والإيثانول، وإنتاج البخار وفى ضوء أن أى موقع من المواقع الصحراوية المصرية يعيش على بحيرة كبيرة من الماء والمحتمل أن يكون مالحاً أو شروباً ولايصلح للزراعة ولكنه فى نفس الوقت يصلح للاستزراع المائى للطحالب وكذلك للأسماك الفاخرة للتصدير واذا استخرج الماء العذب من المياه الجوفية يمكن استخدامه فى إنتاج أسماك المياه العذبة ثم تستخدم مياه الصرف الناتجة من أحواض الأسماك فى الزراعة ليستفيد النبات من فضلات الأسماك وما تحويه من أسمدة عضوية فى عمليات إنتاج الغذاء العضوى وهو ما يركز العالم المتقدم على التوسع فى انتاجه حالياً، علماً بأن هذه التجارب مطبقة فى العديد من دول العالم ومنها اليابان وأوروبا وأمريكا ويستخرجون من الطحالب الوقود الحيوى.ومانعنيه بالاستزراع المائى ليس فقط الاستزراع السمكى حيث أن الاستزراع السمكى جزء يسير من الاستزراع المائى بل كافة أشكال الاستزراع المائى وعلى وجه التحديد استزراع الطحالب الدقيقـة والتى تشكل القاعدة الأساسية للكائنات التى تعيش فى البيئة المائية والتى تدور حولها بحوث علمية متنامية حالياً فى دول العالم المتقدمة أدت إلى انجازات عظيمة منها بلوغ عمليات الاستزراع المقننة لبعض هذه الطحالب وخاصة المحتوية على نسب مرتفعة من الدهون(50-60% دهون) على النطاق التجارى واستخدامها فى إنتاج الوقود الحيوى كبدائل للمشتقات البترولية بعد استخلاص الزيوت منها وكذلك إنتاج الايثانول والمتبقى بعد الاستخلاص هى مركزات علفية صالحة للاستخدام فى تغذية الحيوانات المزرعية.أن مشروعات إنتاج الطحالب فى المناطق الساحلية والصحراوية اعتماداً على المياه المالحة تعد أرخص المشروعات الإنتاجية تكلفة فهى لا تحتاج إلى تحلية المياه وذلك لإنتاج الوقود الحيوى كبديل آمن صديق للبيئة عوضاً عن المشتقات البترولية التى يتجه مخزونها حالياً إلى النضوب، والمشروعات المقترحة لإنتاج الطحالب يمكن تنفيذها فى مستويات انتاجية كبيرة وكذلك متوسطة أو صغيرة وذلك لكبار المستثمرين وصغارهم.وفكرة هذه المشروعات أن تنمية الطحالب والتى تعد وحدة البناء الاساسية فى منظومة الكائنات الحية النباتية المائية تقوم من خلال البلاستيدات الخضراء بها على تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كيميائية وتخزنها فى جسمها فى صورة دهون وكربوهيدرات وبروتينات وخلافه والطحالب الدقيقة تعد الأكفأ فى تخزين الزيوت بين مختلف النباتات الزيتية المستخدمة فى هذا المجال.
ساحة النقاش