أخبار اليوم

الرّأيُ قَبلَ شَجاعةِ الشّجْعانِ هُوَ أوّلٌ وَهيَ المَحَلُّ الثّاني

أخبار اليوم - عامر الحمادين

العنف بصفة عامة، قضية كبرى، عرفها الإنسان منذ بدء الخليقة  ، كما أنه أحد القوى التي تعمل على الهدم أكثر من البناء في تكوين الشخصية الإنسانية ونموها، وهو انفعال تثيره مواقف عديدة، ويؤدي بالفرد إلى ارتكاب أفعال مؤذية في حق ذاته أحيانا وفي حق الآخرين أحياناً أخرى.

ظاهرة العنف لا تعني فئة معينة دون أخرى ، فهي متشعبة في مختلف فئات المجتمع سواءً المتعلمة منها أو غير المتعلمة ، وتشمل مستويات ثقافية مختلفة ، وهو ما ينذر رغم أن البعض يقول أنها عادية ، يتحول المجتمع إلى العنف الأمر الذي يستدعي أن تكون هناك دراسات شاملة لهذه الظاهرة ووضع الحلول للحد منها.. أشكال مختلفة ومتنوعة من العنف الاجتماعي .

ما هو حجم المشكلة وهل هي في تعاظم مستمر أم أنها في الحدود الطبيعية كما يرى بعض المختصين ؟

جمع العديد من فئات المجتمع من خلال التحقيق  على أن العنف المجتمعي أصبح ظاهرة, لكثرة الحوادث التي تحصل : منها سيدة تقتل أطفالها إلى أب يقتل فلذات أكباده إلى المشاجرات الجماعية في المناطق المختلفة التي يذهب فيها أعداد كبيرة من الضحايا إلى القتل بداعي السرقة إلى وجود أوكار للإجرام والمخدرات إلى العنف داخل حرم الجامعات والاعتداء على الأطباء والموظفين ورجال الأمن وغيرها من القضايا.

تم طرح السؤال التالي على بعض الأساتذة في جامعة الحسين بن طلال عن أسباب العنف الذي يحدث في المجتمع , ذكر الدكتور معاذ الشاويش أن من أسباب العنف اجتماعية اقتصادية ، إما سوء تربية في الأبناء بحيث يهملوا لدرجة أنهم لم يعودوا يميزوا بين أهلهم ولا يعرفون العلاقة بين الأسرة والرفق بالوالدين ، ويمكن أن يكون أيضا السبب الفقر والبخل عند الأهل ، فنجد بأن شخص يقتل والده أو جدته بسبب مبلغ بسيط من المال فهذا يدل على سوء في التربية والأخلاق والفقر في نفس الوقت.

وأضاف الدكتور رفيق الهاشمي أن من أسباب التي أدت إلى تنامي العنف في المجتمع منها الخلل الذي تعرضت له منظومتنا القيمية والأخلاقية والتربوية حيث ضعف دور الوالدين والمربين والوجهاء في التربية والتوجيه وأصبح التأثير الأكبر لوسائل الإعلام التي ساهمت بشكل كبير في نشر ثقافة العنف والتشجيع عليها، سواء من خلال الأفلام أو المسلسلات التي تنشر مشاهد العنف وتعتبرها نوعا من البطولة، ولعل ذلك ماثلا أيضا في البرامج الموجهة للأطفال والتي تمتلئ بمشاهد العنف، في الوقت الذي تفتقر فيه إلى أساليب التوجيه الصحيح، ولكون الأطفال يقضون أوقاتاً طويلة في مشاهدة الفضائيات، والبحث على مواقع الإنترنت فإن التأثير السلبي يكون كبيرا”. مبينا أن مبالغة وسائل الإعلام في الحديث عن بعض المشكلات وتضخيمها ساهم أيضاً في زيادتها وجعلها أكثر انتشاراً في المجتمع.

وذكر الدكتور أحمد السعيدات نستطيع الحديث عن العلاقة التسلطية ما بين المعلم والمتعلم: فسلطة المعلم لا تناقش(حتى أخطاؤه لا يسمح بإثارتها، ولا تكون له الشجاعة للاعتراف بها)، بينما على الطالب أن يمتثل ويطيع ويخضع…الأمر الذي يؤدي في بعض الأحيان إلى تعارض صارخ بين الطرفين، تنتج عنه ردود فعل عنيفة من طرف هذا أو ذاك، الأمر الذي تبرزه العديد من الأبحاث التربوية في هذا المجال، والتي ترجع دوافع العنف إلى ذلك التناقض الحاد بين التلميذ والأستاذ في ظل انعدام ثقافة حوارية منتجة وخلاقة وإيجابية.

وأضاف الدكتور نسيم الطويسي أن أهم أسباب العنف الاجتماعي في المجتمع الأردني هو عدم تماثل أبناء المجتمع لمؤسسات الضبط الاجتماعي غير الرسمي وعدم قيام هذه المؤسسات بدورها في حماية الابناء وتوجيههم نحو نبذ العنف مبينا أن وسائل الضبط غير الرسمي في المجتمع التي تراجع دورها هي ” الأسرة والمدرسة والجامعة والمختار والجار والجد المسجد والعشيرة والاعلام ” . وهذه الوسائل تلعب دورا كبيرا في ممارسة الضبط على أفراد المجتمع وحفظهم من اللجوء للعنف والانحراف والمحافظة على نظم المجتمع وقواعد السلوك والتعامل الايجابي البناء بين الأفراد، وقال “ان دور الأب في الأسرة أصبح ممولا فقط لطلبات واحتياجات الأبناء وان دور الأسرة أصبح هامشيا في التنشئة الاجتماعية ولهذا السبب أصبح هناك تنشئة اجتماعية من وسائل أخرى مثل رفاق السوء، التكنولوجيا الحديثة ،الإنترنت فأصبح التهميش الأوضح لدور هؤلاء الناس في المجتمع، لذلك فإن حصر دور الأب في كونه ممولا اقتصاديا يعزل الآباء عن الأبناء ويؤدي إلى ضعف القيود على الأبناء وعدم تعلمهم الطاعة والامتثال، الأمر الذي يؤدي إلى عدم ضبط سلوكهم.

و محمد الحمادين من حماية الأسرة شدد على دور الأسرة حيث يقع عليها عبء كبير في عملية تعلم نماذج السلوك السوي، وممارسة الضبط الذاتي لأفرادها وللمجتمع. ولكن الذي يجري في المجتمع الأردني مؤسف للغاية حيث انه تم تسجيل (52250) حالة طلاق خلال الخمس سنوات الماضية، أي إنه من كل خمس حالات زواج يوجد حالة زواج فاشلة، أما بالنسبة ” للخلع ” فالرقم مزعج ومقلق حيث انه منذ إن تقرر منح المرأة حق طلب الخلع من زوجها في نهاية عام 2001 وحجم حالات الخلع بازدياد حتى بلغ ما مجموعه 10957 قضية ما بين قضايا مدورة وواردة وقضايا مفصولة ومسقطة. وهذا يعني المزيد من القهر للأبناء والتفكك الأسري وسيدفع الثمن الأبناء والمجتمع والأرقام المقلقة تتمثل في عنف ووحشية العنف الذي يمارس داخل الأسرة الأردنية ، فقد سجل في العام الماضي (6416 ) حالة وقضية عنف اسري في الوقت الذي تزداد به عدد حالات العنف المسجلة بشكل مستمر، كان العنف والإيذاء الجسدي من داخل الأسرة يشكل (97%) والمعتدين في الدرجة الأولى هو الزوج أو الباقين من الأبناء والبنات والإخوة والأخوات . ماذا سنجني من الأسرة العنيفة غير العنف .

وأضاف الطالب فراس الدهامشه من كلية الهندسة في جامعة الحسين بن طلال أن وراء العنف المجتمعي ما قامت به كثير من الجامعات في تفعيل قوانين انتخابات مجالس الطلبة، أو ممثلين عنهم وتحت مسميات مختلفة، والتي افتقرت إلى أبسط قواعد المنطق والعدالة، وكان التمييز والمحاباة واضحاً فيها. وقد شجعت على إثارة النعرات والعصبيات وغياب وجود صاحب الفكر والرأي، فكانت النتيجة صراعات مستمرة لا تكاد تنتهي وفي المقابل فإن صاحب الفكر والرأي والحجة لا يلجأ إلى أساليب العنف بل سلامة الكلمة والمنطق والحوار”،

وتحدث الدكتور ذيب الرواد فلسفه وارشاد نفسي عن أهم مسببات هذه الظاهرة الأسباب النفسية المتتالية من الضغوطات الاجتماعية والاقتصادية وعدم ضبط النفس وبالتالي عدم القدرة على الحد من الانفعالات العصبية التي تأتي نتيجة ضغوطات الحياة”، كما بينت أن قله الوعي الأمني وعدم قناعة المواطنين بفعالية دور الأجهزة الأمنية بالدفاع عنهم يجعلهم يمارسون “شريعة الغاب” ويلجأ الفرد لاستخدام العنف في حل مشاكله بدل من اللجوء للقانون.

واتفق الجميع على أن مواجهة هذه المشكلة وحلها يتوجب  أن ندرك أهمية دور الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد في مجال الوعي وتربية الأطفال على الالتزام بالقيم والتعاليم الإسلاميه التي تحد من تدهور وانهيار الأخلاق الذي يؤدي في النهاية إلى العنف المجتمعي  ودور العشيرة كركيزة أساسيه في بناء المجتمع الأردني والعمل على محاربة هذه الظاهرة وتفعيل العادات العشائرية الايجابية.والالتزام بالتعاليم الإسلامية السمحة التي تنبذ العنف بإشكاله كافة.والى تعزيز دور المؤسسات التربوية والتعليمية في نشر القيم الإنسانيه النبيلة ودور الجامعات في تحمل العبء الأكبر في هذا المجال والرقابة في عملية دخول الحرم الجامعي لغير طلبتها، وتدريس مساق التربيه الوطنيه على أكمل وجه في الجامعات ليعزز الانتماء الحقيقي للوطن ومعالجة الفراغ الطويل بين المحاضرات ومشاركة الطلبة بنشاطات في داخل الجامعة تخفف منه وبالاضافه الى نشر ثقافة التسامح والحوار وتعزيز المشاركة في الحياة العامة و تعزيز دور الإعلام الايجابي في إطار نبذ العنف والاحتكام إلى القانون.

واقترح الاستاذ عاطف الهلالات أن يكون هناك مساق مهني إجباري في الجامعات للذكور والإناث للقضاء على الوقت الفراغ الطويل الذي يعيشه الطلاب في الجامعة وإذا نفذ هذا الشرط يضمن للطالب التخرج بشهادة علمية ومهنة وهذا يحد من البطالة ويقضي على ساعات طويلة من معاناة الفراغ في الجامعة .

وبذلك نضمن بشكل كبير الحد والتخفيف من هذه الظاهرة ونحن نعرف أن الأمن والاستقرار مرتكزات أساسية لتنمية الحياة المجتمعية.

 

newsday

http://kenanaonline.com/newsday

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 125 مشاهدة
نشرت فى 2 يناير 2013 بواسطة newsday

أهم الاخبار المتنوعه ...

newsday
عرض أهم الاخبار المحليه والعالميه والرياضيه بكل مصداقيه »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

3,973