ماذا سيحفظ تاريخ المصريين للمخرج السينمائي محمد خان؟ وماذا سوف يذكر لمفتي العسكر، علي جمعة؟

ترك محمد خان عشرات الأعمال السينمائية التي تحترم الإنسان، وتبحث عن الحق والخير والجمال، وتصون دماء البشر، وتحاول ملامسة ذلك الجزء الشفاف في البشر، ليرتقوا ويتحضّروا، ويصيروا أكثر إنسانية.

بينما علي جمعة، صاحب رصيد هائل من فتاوى القتل والتحريض على الكراهية والعنصرية، وسحق الفرد تحت أحذية السلطة العسكرية المستبدّة، ومخاطبة الجزء المعتم في الشخصية، كي يلقي حممه من القبح والبذاءة والإسفاف، حبّاً في الوطن.

مثال الوطن عند محمد خان إنساني ومتحضّر، وساعٍ إلى الحرية والعدالة والبساطة والعذوبة الإنسانية، لكن وطن علي جمعة مبتذل ومزيف وباطش في سعيه إلى تكريس العبودية للسلطة واستعذاب الجهل والرداءة.

أعمال مثل "زوجة رجل مهم" و"ضربة شمس" و"فتاة المصنع" هي بالضرورة أجمل وأحبّ إلى الله ورسوله والمؤمنين، من فتاوى علي جمعة التي تدغدغ غرائز السلطان، وتلاطف صلفه وغروره، وتحتقر حق الناس في الحرية والاختيار والتعبير.

في "زوجة رجل مهم"، اقترب محمد خان من جوهر الضابط المصاب بكل أمراض التسلط والطغيان، فعرّى شخصيته وسبر أغوارها، منتصراً للإنسان، من دون افتعال أو اتجار أو تصنّع، بينما اقتراب علي جمعة من الضباط يتأسّس على التزلف والخضوع الأجير لسلطتهم ومغازلة جبروتهم، بخلاعةٍ لا تليق بمن يحملون لقب "فضيلة الشيخ العلامة".

في كف محمد خان، ترتسم خيوط الفضيلة، بينما في كفي "إمام الطغيان" دماء ضحايا، وعلى حنجرته تتكدّس تلال من رذائل القول والرأي، يكفيه منها أنه سوّل للسلطة قتل معارضيها بالآلاف، ثم راح ينهش في جثث الضحايا والشهداء.

في آخر إبداعات علي جمعة شريط مصوّر عن الدعارة في تركيا، إذ لم تمنعه ملابس المفتي وعمامته ووقاره من وصم دولة كاملة بأنها داعرة، ونعت رئيسها بأنه "داعر"، بعد أن يسبّه بألفاظٍ، لن تجد لها مثيلا إلا في السينما التجارية الغارقة في الابتذال وانعدام القيمة، تلك السينما/ الخطيئة التي لم يقع فيها محمد خان، ولم يتلوّث بها أبداً.

في "أحلام هند وكاميليا" و"فتاة المصنع" كان محمد خان راقياً ونبيلاً وأخلاقياً وفارساً، وهو يقدّم شخصية المرأة المفقيرة المطحونة المغلوب على أمرها، المقهورة، حتى السقوط، منتصراً للفضيلة، مدافعاً عن الجزء النقي في الكائن البشري، بينما علي جمعة يتحدّث تلفزيونيا، عن دقائق عالم الدعارة وتفاصيله، موظِفاً أكاذيبه وسفاسفه لخدمة سلطانه، العسكري، طاعناً في شرف شعبٍ بالكامل، أذهل الدنيا بصموده في وجه انقلاب عسكري، مدعوم من كل أشرار العالم.

يمكنك أن تحصي أمام كل فيلم لمحمد خان يناضل فيه بلغة فنية شديدة النظافة، انتصارا لحياة أرقى، فتوى للشيخ العسكري المعمّم تدفع بالناس إلى استحسان القبيح، والتعايش مع الرديء، وتقديس التحالف الكريه بين الفساد والاستبداد، بلغة شديدة الاهتراء والتهتك.

أسهمت أفلام محمد خان في تحرير المواطن، رجلاً وامرأة، من الاستسلام لعبادة السلطة والمادة والرضوخ لقيم بيع النفس والجسد والكلمة بانحيازها، بينما ساقت فتاوى علي جمعة رجالاً ونساء إلى ظلام القبور والسجون، بانحيازه المبدئي لسلطةٍ ساحقةٍ إنسانية الإنسان وحقوقه في الكرامة والعدل والحرية.

باختصار، تحضّ أفلام محمد خان على الفضيلة، وتحرّض على الحرية، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، بينما تحض فتاوى علي جمعة على الرذيلة، وتحرض على العبودية للسلطة، وتأمر بالفاشية وتنهى عن العدل.

لذلك كله وغيره نقول: وداعاً فضيلة عبقري السينما محمد خان، وليرحمنا الله من إسفاف مفتي الديار السلطوية ورذائله.

المصدر: وائل قنديل
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 257 مشاهدة
نشرت فى 30 يوليو 2016 بواسطة news2012

صحافة على الهواء

news2012
نتناول الموضوعات السياسية والعلمية والدينية والإجتماعية على الساحة الداخلية والخارجية وتأثيرها على المجتمع المصرى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

125,340