رحل شنودة، وصعد تواضروس، وترك عكرمة، وجاء حسين.. تلك بعض مفردات واقع الزمن الإسرائيلي.
في غضون 24 ساعة فقط، تنهمر مجموعة أخبار، تجعلك توقن أن "عرب إسرائيل" ليسوا هؤلاء المرابطين في الأراضي التي احتلت عام 1948 يقاومون التهويد و"الأسرلة" قدر استطاعتهم، وإنما هم هؤلاء الذين يحكمون العواصم العربية، بإرادة ودعم إسرائيليين، كاملين، إن في مقاعد السلطة السياسية، أو في الأحزاب والمؤسسات الدينية.
1- يقول الخبر الأول، كما نشرت "المصري اليوم" إن مفتي القدس، الشيخ محمد حسين، طالب المسلمين بشد الرحال إلى الأقصى، وقال إن ذهاب الأقباط المصريين للحج في القدس لا يعد تطبيعا مع إسرائيل.
دعني أعود بك إلى موقف مفتي القدس السابق، الشيخ عكرمة صبري، من زيارة القدس، والذي أعلنه مرارا وتكرارا، وكان سببا في رحيله عن منصبه، في العام 2006 بعد مجيئ محمود عباس رئيسا للسلطة، اختيارا إسرائيليا أميريكيا.
انتقد الشيخ عكرمة قيام الداعية اليمني الحبيب علي الجفري بزيارة مدينة القدس والمسجد الأقصى في العام 2012 بتأشيرة وبتصريح من قبل سلطات الاحتلال، معتبرا ذلك تطبيعا وإقرارا بشرعية الاحتلال الإسرائيلي للمدينة.
الشيخ عكرمة شدد على إن زيارة القدس المحتلة للصلاة في المسجد الأقصى بتأشيرة إسرائيلية وبتصريح من الاحتلال، تطبيع وإقرار بشرعية الاحتلال الإسرائيلى للمدينة". وأضاف "بالنسبة للدول العربية والإسلامية وغيرها من الدول التى لا تعترف بدولة الاحتلال، فلا يجوز شرعا زيارة القدس وهى تحت الاحتلال، كونه تطبيعا وإقرارا بشرعية الاحتلال لفلسطين ولمدينة القدس المحتلة".
هذا هو الفرق بين مفتي القدس، ومفتي "أوسلو".
2- يقول الخبر الثاني من "المصري اليوم " أيضا إن "صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية ذكرت أن حوالي 6 آلاف مصري، كلهم تقريبا من المسيحيين الأقباط، سافروا إلى إسرائيل لحضور حفل "سبت النور" الذي يقام في كنيسة القيامة بالقدس، السبت.
وأضافت إن ثمة زيادة كبيرة طرأت على عدد الحجاج من الأقباط المصريين إلى القدس في الآونة الأخيرة، بعد أن خفف البابا تواضروس الثاني من حدة الحظر الذي فرضه سلفه البابا شنودة على السفر إلى إسرائيل منذ عام 1980.
3- يقول الخبر الثالث الذي ينقله موقع "مصر العربية" إن صحيفة "يديعوت أحرونوت" الصهيونية سلطت الضوء على ما وصفتها بـ"أزمة حزب النور" السلفي المصري، والتي تسبب فيها لقاء "مسؤول في الحزب بشخصيات إسرائيلية بينهم الحاخام "يعقوب نجان" رئيس المدرسة الدينية "يشيفا" بمستوطنة "عتنائيل" بالضفة الغربية.
وفي التفاصيل أن الباحث في شؤون الأديان المصري الأمريكي، الدكتور عمر سالم، دعا الحاخام يعقوب نجان من عتنائيل بصحبة ناشطة السلام المتدينة رفاكا أبراهمسون، والباحث في شئون اليهودية البروفيسور يوسف رينجل لزيارة مصر، في إطار المساعي للتقريب بين الأديان، واشتملت الزيارة على لقاءات مع علي السمان المستشار السابق لشيخ الأزهر، والدكتور وجيه الشيمي مسؤول في حزب "النور" السلفي، ورئيس قسم الشريعة بكلية دار العلوم بجامعة الفيوم، وعضو سابق في البرلمان.
يلفت النظر في الأخبار الثلاثة أن جميع أبطالها، أفرادا ومؤسسات، ينتمون إلى المشروع المعادي للربيع العربي، الداعم لانقلاب عبد الفتاح السيسي، فحزب النور "السلفي" والكنيسة وسلطة محمود عباس، وفوقهم أو تحتهم، علي الجفري من الغلاة في تأييد نظام السيسي، الذي تدعمه إسرائيل، وتعتبره المتوج لأحلامها في الهيمنة والتحكم، والاحتلال الكامل للقرار العربي، والمؤسسات الدينية العربية، من دون أن تكلف نفسها مشقة الحرب.
وليس غريبا أيضا أن يكونوا كلهم من الساكتين عن بيع الجزر، وحرق المدنيين أحياء في حلب وغزة ورابعة وسيناء.
هنيئا للصهاينة بحزب النور وسبت النور.