بعيدا عن أي كلام قد يقال عن محاولات لم الشمل والتقارب والمصالحة، فقد تعودت أن أصف الأمور على حقيقتها وأن أسميها بمسمياتها رغبة في التذكير بحقائق الأمور حتى لا تتوه وسط التفاصيل.

  1- مضى زمن الاستبداد __________________  الحكاية بدأت من إدراك أميركا أن مرحلة وجود حكام مستبدين مدعومين من أميركا وموالين لها في دول العالم الثالث لم تعد مجدية. الأفضل أن يزرعوا شباب أصحاب أيديولوجة علمانية يسمون أنفسهم أنصار الدولة المدنية ويتم دعمهم وتدريبهم لقيادة العمل السياسي في بلدانهم ومن ثم الوصول إلى الحكم بطريقة شرعية وعبر انتخابات حرة ونزيهة.  والحقيقة أن التجربة الجورجية والأوكرانية "الثورات البرتقالية" كانتا ملهمتين في هذا المجال للسياسيين في واشنطن، وأرادوا تكرارها في مصر. مجموعة من الشباب مدعومين من أميركا يصلون للحكم بشكل ديمقراطي!  ***   2- علاقة الحركة بأميركا __________________  الكلام عن دعم أميركا والغرب عموما لحركات مثل 6 إبريل لا ينكره أحد. فصور الشباب وهم يتدربون في صربيا وبعض الدول الأخرى شاهدها الجميع.   أكثر من كان يدرك هذه الحقيقة هو نظام مبارك الأمني، الذي كان يدرك علاقة هذه الحركات بالغرب. وليس خوف هذه الأجهزة على مصر وأمنها القومي؛ ولكن لإدراكهم أن هذه الحركات يتم إعدادهم ليكونوا البديل للأنظمة المستبدة التي شاخت.   ***  3- لكن الصندوق يأتي بالإخوان! _______________________  بعد الثورة كانت آمال الحركات العلمانية وعلى رأسها 6 إبريل عالية جدا، وكان يعتقدون أن بإمكانهم الفوز بالانتخابات والوصول للسلطة بطريقة شرعية. المشكلة أنهم اصطدموا بأكبر فصيل سياسي في مصر "الإخوان المسلمون" الذين فازوا في خمس استحقاقات انتخابية، ولهم شريحة واسعة، وينفذون مشروعا أيديولوجيا مخالف لمشروعهم العلماني.   ورغم عدم تعاون أي من مؤسسات الدولة مع الرئيس مرسي ورغم القصف الإعلامي الذي لم يتوقف إلا أن استمرار الرئيس مرسي في مدته كان يهدد بظهور ثمار حقيقية للشعب، الأمر الذي سيدفعهم للتمسك بهم أكثر وسيجعل التخلص منهم عبر الصندوق أمرا مستحيلا.   ***  4- التعاون مع الجيش! _________________  قررت الحركة بانتهازية شديدة إعطاء غطاء سياسي لانقلاب الجيش على الرئيس مرسي مقنعة نفسها أن ذلك هو عين ما فعله الجيش في 11 فبراير، رغم أن مبارك لم يكن منتخبا ولم تكن له أي شرعية، بينما الرئيس مرسي أول رئيس منتخب في تاريخ البلاد وأول رئيس بعد الثورة والانقلاب عليه يعد انقلابا على الثورة.   وحتى نخرج من ضيق التحليلات إلى فضاء الحقائق؛ أذكركم برسالة أحمد ماهر التي كتبها من محبسه بعنوان: للاسف كنت أعلم. هذه الرسالة التي اعترف فيها بعلمه بأن الجيش سينقلب على الرئيس مرسي قريبا وأن الجيش سيستغل مظاهرات 30 من يونيو كغطاء لهذا الانقلاب، وأن قياديا بالجيش اتصل به وأخبره أنهم يريدون 6 إبريل كي تقود هذه المرحلة! وعلى الرغم من كل ذلك فقد استمرت الحركة في تأييد الدعوة للتظاهر في 30 يونيو وذهب أحمد ماهر للقاء عدلي منصور عقب الانقلاب، وأعلنت الحركة أنها سترسل وفدا يقنع العالم أن ما جرى في مصر لم يكن انقلابا بل ثورة!   وفي حوار شهير بين مؤسس الحركة أحمد ماهر والمدون وائل عباس اعترف ماهر أن ما قام به الجيش انقلاب، لكنهم لن يتحركوا ضده!   ***  5- الحركة الآن: لا سلطة ولا معارضة ولا ثوار! _________________________________  الصفقة التي اتفق عليها العلمانيون مع الجيش كانت التخلص من الإخوان - سياسيا على الأقل - وإقامة ديمقراطية تحفظ مدنية الدولة (علمانيتها) على أساس أن الديكتاتورية والاستبداد أصبحا من الماضي وأنه لايمكن لعقارب الساعة أن تعود للوراء وفق ما جاء في رسالة ماهر المشار إليها. كانت الصفقة من باب: (اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين) يوسف  لكن العسكر تعودوا على وجود قائد واحد في الكتيبة، ويعلمون صلات هذه الحركات بالخارج، وأنهم يُعدون للوصول إلى السلطة بالانتخابات.   طبق السيسي نصيحة ميكافيللي الأثيرة: تخلص من كل من عاونك في الوصول للسلطة. بدأ بالبرادعي مرورا بـ 6 إبريل.   ورغم أن الحركة صارت خارج السلطة إلا أنها ظلت تطمع في مجرد تغيير ديكوري، أو "تحسين شروط العبودية" كما كان يطلق عليهم أنصار الإخوان. ظل لدى الحركة أمل في قانون انتخابات يتيح لهم لعب دور الكومبارس الذي لعبه حمدن صباحي في الانتخابات الرئاسية الهزلية التي نصب فيها قائد الانقلاب نفسه رئيسا!   إلا أن قانون الانتخابات خصص 70 % من المقاعد للفردي، مما أطاح بحلم الحركة في أي نجاح في البرلمان. ثم جاء قرار السيسي وفق معلومات استخبارية عن وجود محاولة للانقلاب عليه من داخل البرلمان يقودها ساويرس فألغى الانتخابات بجرة قلم.  ***  ختاما:  صارت الحركة خارج السلطة، وخارج المعارضة، فلم يبق أمامهم إلا إعادة لبس ثوب الثورية الذي خلعوه يوم باركوا هذا الانقلاب. إلا أنهم لم يعودوا تائبين منيبين معتذرين عن الورطة الكبرى التي وضعوا فيها البلاد، وعن المجازر التي تمت، بل عادوا مطالبين الإخوان بالاعتذار عن أخطائهم وشروطهم للتحالف مع الإخوان! ويدعون أن لديهم فعاليات في الشارع ضد الانقلاب لا يغطيها الإعلام!   أعتقد أن آخرها الفعالية التي أقاموها في الصحراء رافعين فيها صورة مرسي جنب السيسي ومبارك وطنطاوي باعتبراه خائن مثلهم! رحم الله يوما كانوا يتظاهرون أمام منزل مرسي بالبرسيم بينما يتظاهرون اليوم في الصحراء هربا من القمع الذي تسببوا فيه!

المصدر: د. أحمد نصار / كلمتى
  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 148 مشاهدة
نشرت فى 7 إبريل 2015 بواسطة news2012

صحافة على الهواء

news2012
نتناول الموضوعات السياسية والعلمية والدينية والإجتماعية على الساحة الداخلية والخارجية وتأثيرها على المجتمع المصرى »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

117,388