أسامة الهتيمي
رئيس تحرير رسالة أونلاين
أحد احتمالين لا ثالث لهما فيما يخص المسئول عن حادث الأسكندرية الذي أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من المصريين أقباطا ومسلمين فأما الاحتمال الأول هو أن من دبر له وقام به مصريون مثلت لهم هذه العملية انتقاما وثأرا من قيادات الدولة والكنيسة على السواء على خلفية ما بات يعرف بقضية المسلمات المحتجزات وإن كان من المستبعد مشاركة مصريين بعد أن ثبت للجميع - بمن فيهم الجماعات الإسلامية الجهادية التي أصلت للعنف- أن أعمال القتل وإسالة الدماء غير مجدية وغير شرعية .
وأما الاحتمال الثاني فهو أن هذه العملية من فعل تنظيم القاعدة الذي كان قد هدد منذ شهور على لسان بعض عناصره بالعراق وخلال عملية اقتحامهم لكنيسة سيدة النجاة ببغداد باستهداف أقباط مصر إذا لم يتم إطلاق سراح من أطلق عليهم "الأخوات المسلمات " في إشارة إلى المواطنة كاميليا شحاته ومن سبقها ممن أسلمن وأشيع أن الكنيسة قامت باحتجازهن في الأديرة لإجبارهن على العودة للمسيحية.
وعلى هذا فإن اعتقادي أن الحادث الغادر الذي وقع في الأسكندرية لا تخرج أسبابه ودوافعه في كلا الاحتمالين عن قضية كاميليا وأخواتها وهي القضية التي بح صوت العديد من المخلصين من أبناء الوطن في التحذير من خطورة تداعياتها حيث طالبوا مرارا الدولة المصرية وقيادات الكنيسة بسرعة إيجاد حل فوري يزيل حالة الاحتقان التي وبكل أسف لم تقتصر على الحدود المصرية بعد أن تأكد الجميع أنها تجاوزتها لدول أخرى.
بديهيا أن يستنكر الجميع بلا استثناء مثل هذا الحادث الذي هو مخالفة صريحة لكل القيم الدينية والإنسانية خاصة إذا كان القتل والتدمير يستهدف أبرياء لا ذنب لهم سوى أنهم جاءوا ليؤدوا صلواتهم وطقوسهم أو أن يكون مثل هذا الحادث في بلد كمصر كانت ولا تزال تمثل أمل الجميع في ابتعاث هذه الأمة من جديد وبالتالي فإنه يجب أن تكون قوية قادرة على الفعل لا أن تكون ضعيفة مطعونة في مقدراتها التي تعد علاقة مسلميها بمسيحييها أحد أهم أشكالها.
لكن يبقى السؤال هل سيتم التعاطي مع الحادث الأليم بمنظور التركيز على الفاعل وفقط أم لابد من الانتباه سواء على مستوى أجهزة الأمن أو القيادات الكنسية إلى الدوافع والمبررات التي منحها منفذو الحادث لأنفسهم للقيام به والعمل على تلافيها بما لا يدع الفرصة لتكرار مثل هذه الحوادث مرة أخرى؟
إن الأهم هو أن تحدث حالة من المصالحة الحقيقية بين المسلمين والمسيحيين في مصر وأن لا يكون الأمر مقتصر على بعض البرامج التلفزيونية الاستعراضية أو الحوارت المصطنعة أو الندوات التي تعقد في غرف وقاعات مكيفة بعيدا عن أبناء الوطن فالمشكلات التي أزمت العلاقة بين الطرفين كبيرة بالفعل غير أنها قابلة للحل لو أدرك الجميع معنى ومفهوم المواطنة واستحقاقاتها
أعلم أنه وفي ظل حالة العوطف والمشاعر الأليمة التي تنتاب كل مصري في الوقت الحالي إزاء الحادث ربما تمثل له هذه الكلمات صدمة نفسية فالتفكير كله يتجه نحو التعبير عن مشاعر الوحدة والعلاقات الحميمية بين المصريين وأنه ليس من اللائق الحديث عن مشكلات وخلافات وما زالت دماء من راحوا ضحية الحادث على تراب الطريق لم تجف بعد .. وهو منهج الذين يريدون أن يدفنوا رؤوسهم في الرمال بل أسمح لنفسي بالقول بأن هؤلاء لا يحبون مصر حقيقة فإذا كنا نريد بالفعل أن نعبر بمصر هذا النفق المظلم فإن علينا جميعا بلا استثناء واجب الدفع بالدولة وأجهزتها والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية المسلمة والمسيحية للعمل على إجراء حوار مفتوح لمناقشة كل القضايا دون خطوط حمراء وبنفوس مستعدة مسبقا إلى التوصل لصيغة نهائية توافقية تراعي الاعتبارات التاريخية والسياسية والاجتماعية.
إنني وكمواطن مصري أحب هذه البلد وتربطني علاقة جميلة بالكثيرين من أبناءه المسيحيين سواء في قريتي الصغيرة أو مع الذين جمعتني وإياهم نضالات سياسية كثيرة أصر على استمرار المطالبة بسرعة التحرك لعودة الروح المصرية من جديد.
ساحة النقاش