<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"جدول عادي"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:10.0pt; font-family:"Times New Roman";} </style> <![endif]-->
- الهجرة والأخذ بالأسباب والسنن الكونية
- أهمية التخطيط في العمل الإسلامي وعدم الارتجال
- كيفية تقديم الإسلام للآخرين أخذاً بالأسباب
الهجرة والأخذ بالأسباب والسنن الكونية
يتجلى لنا في مواقف كثيرة في الهجرة.
أولاً: كان الله -سبحانه وتعالى- قادراً على أن يهاجر برسوله عن طريق معجز كما أسرى به بطريق معجز، نحن نعلم أن الله -سبحانه وتعالى- أسرى برسوله من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به من المسجد الأقصى إلى السموات العلى إلى سدرة المنتهى، كل هذا في ليلة واحدة أو بعض ليلة.. جزء من ليلة.. قالوا عاد وفراشه لازال دافئاً، فلماذا لم يفعل الله تعالى ذلك برسوله، بدل هذه المعاناة، كان يجيب له براق يركبه، وبدل ما يتعرض من الدخول في الغار، والتعرض للذين يحاولون أن يأخذوه في الطريق، ويتعرض للمضايقات، وللاغتيالات ولهذه الأشياء كلها، كان ببراق يعني سهل أن ينتقل كما انتقل.. وأعتقد إن يعني المسافة من مكة إلى المدينة أقصر بكثير من المسافة من مكة إلى بيت المقدس، ولكن الله -سبحانه وتعالى- أراد برسوله أن يعاني ما يعانيه الناس، وأن يمضي حسب السنن السائدة في هذا الكون وفي هذا المجتمع ولا يخرج عن هذه السنن، ومن هنا وجدنا النبي -عليه الصلاة والسلام- يعني حتى قبل الهجرة.. الرسول -عليه الصلاة والسلام- بدأ يفكر في البدائل المختلفة، يعني هو دعا قومه من قريش، أهل مكة، استجاب له القليل والأقل من القليل.. والأكثرون أعرضوا عنه لأسباب شتى، بعضها يعني التقليد الأعمى، (إنا وجدنا آباءنا على أمه وإنَّا على آثارهم مقتدون)، وبعضهم الكبرياء يعني (لولا نُزِّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم) ما تلاقيش إلا محمد اليتيم الفقير الكذا، وبعضهم حسب إن بني هاشم اللي يأخذوا السقايا والكذا والكذا، في الجاهلية وبعدين يجوا كمان يقولوا فينا نبي، كما قال ذلك أبو جهل، بنو مخزوم يقول لك تنازعنا نحن وبنو هاشم الشرف فأطعموا وأطعمنا.. وسقوا وسقينا وبعدين يجوا يقولوا منا نبي، فهذا الذي لا نستطيع، هناك أسباب شتى جعلتهم يقفون ضد دعوة محمد صلى الله عليه وسلم، الرسول -عليه الصلاة والسلام- حينما وجد هذا الإعراض ماذا فعل؟ بيفكر.. التفكير البشري المعتاد ما هي البدائل؟ من البدائل مثلاً إنه ذهب إلى الطائف حيث هناك قبيلة ثقيف وعرض عليهم الإسلام وللأسف يعني قابلوه بأسوأ مقابلة وعاملوه أسوأ معاملة، ولم يجد منهم أي استجابة، وكان من البدائل المعروضة أمامه أن يعرض دعوته على القبائل، مكة تمتاز بأنها موسم للحجيج ويجتمع فيها العرب في كل عام من.. من أنحاء الجزيرة العربية، فهي فرصة يعني لا تعوض بالنسبة لصاحب الدعوة، لذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يذهب إلى القبائل المختلفة ويعرض عليهم دعوته ويطلب منهم نصرته، من ينصره ويأخذ بيده ويشد أزره، فبعض القبائل كانوا يردونه رداً حسناً وبعضهم يشترط عليه شروطاً يقول طيب لما ننصرك هل يبقى لينا الأمر من بعدك؟ يبقى إحنا الحكام من بعدك؟ يعني فعايزين مقابل دنيوي، فكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يرفض أي اشتراط من هذا النوع، وكان يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- يعني حريص إلى أن هيأ الله له الأسباب، برضو أسباب طبيعية.. إنه بعض الناس الذين عرض عليهم هذا وكانوا من الخزرج، ستة من الخزرج جاءوا من يثرب، فحينما عرض عليهم الدعوة تفتحت آذانهم وقلوبهم وعقولهم لهذه الدعوة، وأقبلوا عليها ودخلوا في الإسلام، خصوصاً هيأهم لهذا الاستقبال للدعوة إنهم كانوا يسمعون من اليهود جيرانهم في يثرب أن نبياً قد قرب زمانه وأوشك أن.. أن يظهر وكانوا يعني يخوفونهم بهذا النبي ويقولوا لهم سنتبعه ونقتلكم معه قتل عاد وإرم فهما قالوا والله دا يمكن هذا هو اللي كان يحذرنا منه اليهود.. ويخوفنا به اليهود، ففتح الله قلوبهم وشرح صدورهم ودخلوا في.. وبعدين هؤلاء الستة جاءوا في العام المقبل بعدد أكبر وبايعهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بيعة العقبة الأولى.. العقبة اللي هي القريبة من مكة اللي فيها الرمي الآن، وفي السنة الثانية بايعهم بيعة العقبة الثانية، وكانت بيعة على أن يهاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهم وأن يمنعوه مما يمنعوا منه ذراريهم ونسائهم وأولادهم، يعني حماية كاملة وحضر العباس بن عبد المطلب عم النبي -عليه الصلاة والسلام- وأخبرهم إن محمد في عزة ومنعة من قومه، إذا كنتم أهل لهذا وبتاع، فقالوا والله إحنا مستعدين نحارب الأحمر والأسود، المهم كانت هذه الخطوات التي تمت قبل الهجرة.
ماهر عبد الله: اسمح لي، استوقفك عند مسألة العباس -رضي الله تعالى عنه- يعني لماذا اختار رجلاً كافراً لصحبه في هذه البيعة على سريتها، على خطورتها على تعلق مستقبل الإسلام بها؟
د. يوسف القرضاوي: لأن بني هاشم رغم إنهم لم يؤمنوا كانوا يعني يعتقدون إن حماية محمد -صلى الله عليه وسلم- من واجبهم، ولذلك دخلوا معه الشِعْب.. شِعْب بني طالب وظلوا ثلاث سنوات محاصرين.. أكلوا أوراق الشجر حتى دميت أشداقهم وجرحت أفواههم.. قوطعوا اقتصادياً وقوطعوا اجتماعياً، دخل مسلمهم وكافرهم.. بنو هاشم وبنو المطلب.. وقالوا لم نفترق في جاهلية ولا إسلام من بني عبد مناف، ولذلك ربنا -سبحانه وتعالى- اختار العرب لهذه العصبية، لأن العصبية دية كانت تمثل حماية لمحمد في فترة الدعوة الأولى، فأراد العباس رغم إنه لم يسلم.. وبعضهم يقول إنه أسلم مبكراً، ولكنه الظاهر أنه لم يسلم، وهذا أيضاً يعني من.. من يعني تدبير الله تبارك وتعالى، إنه أعمام النبي عليه الصلاة والسلام أبو طالب والعباس لم يسلما حتى لا يقال.. أسلم فقط حمزة، فلذلك يعني أراد العباس أن يستوثق لإبن أخيه، لأنه معتبر إنه هي مسؤولية بني هاشم، هذا من صنع الله -سبحانه وتعالى- لهذه الدعوة.
ماهر عبد الله: أنا سألتك لأنه يعني يدور كثير خصوصاً هذه الأيام بعد إشكالات الحادي عشر من سبتمبر يعني قضية الولاء والبراء، ويجب أن لا يُستعان بكافر، وأنه الكافر كأنه من ملة أخرى يعني، كيف توفق بين هذه القصة حقيقة يعتمد على عمه من نسبه، من دمه مقابل..
د. يوسف القرضاوي: لأ، هو الاستعانة بكافر.. يعني أمر فيه خلاف بين الفقهاء الاستعانة بهم في الحرب والجهاد، ولكن استعانة بكافر في الأمور الفنية.. هذا لا مانع حتى هو.. سنأتي إن في.. في الهجرة نفسها كان الدليل الذي يدل النبي -صلى الله عليه وسلم- على الطرق، أنت تعرف إنه فيه طرق معروفة يسلكها الناس.. وفيه الخبراء بالطرق يعرفون الطرق التي لا يسلكها الكثيرون والتي يمكن أن تخفى على الكثيرين، فاستأجر رجلاً خبيراً يقولون العرب عنه: (خرير)، يعني هو عبد الله بن أريقط وكان مشركاً، ولكنه مشرك مأمون، ولذلك العلماء قالوا: لا مانع أن نستخدم المشركين وغير المسلمين المأمونين في الأمور الفنية وكذا ماداموا تحت سطوتنا، يعني مادمنا إحنا اللي بنأمرهم وبننهاهم وبيشتغلوا.. بيشتغلوا لحسابنا إحنا، ومادمنا مستأمنينهم ومأمونين عندنا فلا مانع من.. إنما هو المشكل وحتى يعني في الحرب النبي -عليه الصلاة والسلام- استعان ببعض المشركين في حرب الطائف وحنين، صفوان بن أمية وغيره، فلأنه عارف إنه هؤلاء كانوا مخلصين له من ناحية العصبية، قال صفوان بن أمية لأن يربني رجل من قريش خير من أن يربني رجل من هوازن، يعني قال لك محمد ده مهما كان من قريش أن يسودني واحد من قريش أحسن ما يسودني واحد.. فهناك اعتبارات تجعلك تأمن للشخص حتى، ولكن المفروض إن يكون أنت المسيطر.. مش تشتغل أنت لحسابه ويبقى هو اللي بيأمرك.. وهو اللي بيجعلك، وأنت يعني نفر بتشتغل عنده، هذا شيء آخر.
ماهر عبد الله: طيب، كيف تجمع بين هذا وبين عقيدة الولاء والبراء؟
د. يوسف القرضاوي: دي مالهاش دعوة بالولاء والبراء.
ماهر عبد الله: يثور الآن جدل أنه يجب أن لا نتصل بأي غير مسلم.
د. يوسف القرضاوي: لأ.. ليس الولاء.. ليس معنى الولاء أنك لا تتصل بأي إنسان كان، هذا لم يقل أحد الولاء بهذا قط.. لأنه الرسول -عليه الصلاة والسلام- حينما ذهب إلى المدينة أول ما عمل.. عمل أيه؟ عمل اتفاقية أو معاهدة مع.. مع اليهود، يهود المدينة اللي هم كانوا ثلاث قبائل بني قينقاع وبني قريظة وبني النضير عقد معاهم معاهدة معروفة وكتب الصحيفة المعروفة، هل ده ينافي الولاء؟ لأ، هذا ما.. الولاء شيء إنك.. الولاء أن تضمر لهم المودة وتنتصر لهم لكفرهم، إنما أن تعاشرهم بالمعروف، أن توفِّي لهم بما عاهدتهم عليه، هذا ليس من الولاء في شيء.
أهمية التخطيط في العمل الإسلامي وعدم الارتجال
ماهر عبد الله: في.. في.. في جانب تحدث عن إنه زار عرض على بني ثقيف وعرض على أمم أخرى وطلب من جزء من الصحابة.. بعض الصحابة أن يهاجر إلى.. إلى الحبشة، أهمية التخطيط في أي عمل إسلامي، يعني أليس هذا مؤشراً على أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يرتجل مثل هذه المواقف؟
د. يوسف القرضاوي: لا.. لا.. لأ بالعكس، كان عمله -عليه الصلاة والسلام- كله مرتباً.. مخططاً، حتى قضية الهجرة إلى.. إلى الحبشة هذه لم تكن اعتباطاً.. إنه يعني اختار المكان المناسب جغرافياً والمناسب دينياً، والمناسب سياسياً.
المناسب جغرافياً بحيث لم يختر مكاناً بعيداً يذهب إليه المسلمون فيهلكوا في الطريق، في الصين أو في الهند أو.. لأ، مكان قريب، بس يعدي البحر يوصل هناك، فهو مناسب جغرافياً.
ومناسب دينياً، لأن الحبشة كانوا أهل كتاب وكانوا من النصارى الذين هم أقرب مودة للمسلمين.
وهو مناسب سياسياً، لأن الرسول قال: "اذهبوا إلى الحبشة فإن بها ملكاً أرجو أن لا تظلموا عنده" ومعنى هذا إنه كان عنده معلومات إنه هذا الملك لا يُظلم أحد يعني عنده، وهذا أمر مهم جداً يكون عندك يعني معلومات كافية حتى تستطيع ترتب أمورك بناء على هذه المعلومات، الآن في عصرنا بنقول عصر الإحصاء والأرقام، فلهذا اختار.. وكانت فعلاً كما يعني.
ماهر عبد الله: وصف..
د. يوسف القرضاوي: قدر النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى إن قريشاً حينما أرسلت عمرو بن العاص ومعه الآخر يحاولون أن يرشوا هذا الملك ويسلمهم المهاجرين رفض الرجل، فكان رجلاً عادلاً وكان عند حسن الظن، ومع هذا لم يهاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الحبشة مع أصحابه.
ماهر عبد الله: سيدي، يعني قبل أن ننهي موضوع التخطيط، ذكرت في معرض الجواب على السؤال الأخير أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يعلم ما الذي يجري في الحبشة، كان اختيار جغرافي، كان يعلم عن طبيعة الحاكم، وعن طبيعة نظام الحكم، هذه المعلومات هل كانت معلومات توقيفية جاءته من جبريل بالوحي، أم أنه سعى لها؟ لأننا نلاحظ الكثير من المسلمين وخصوصاً الإسلاميين يتحدثون عن المعركة مع هذه الدولة وتغيير العالم وسيادة العالم وهم لا يعلمون عنهم شيئاً، كيف يمكن أن نتحرك، أن تغير أوضاعاً وأنت لا تعلم لا عن عدوك ولا حتى عن نفسك في بعض الحالات؟
د. يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم، لاشك أن أي تخطيط لابد أن يكون مبنياً على معلومات، وهذه المعلومات يجمعها الإنسان بوسائله الخاصة، ليس معقولاً أن يكون كل شيء بوحي، بعض الناس يظنون كأنه محمد -عليه الصلاة والسلام- كان عبارة عن آلة يحركها الوحي، لأ، أمَّال لماذا يختار الله الأنبياء من أذكى الناس عقولاً وأزكى الناس أنفساً وأقوى الناس شخصية؟ لأنهم يستطيعوا أن يدبروا الأمور بعقولهم، وبعدين في اللحظة الحاسمة يأتي الوحي، الرسول هو بوسائله الخاصة كون فكرة عن الحبشة من الناس الذين يذهبون من قريش، كان بين العرب والحبشة يعني اتصالات من.. من قديم، حتى إن الحبشة أرادت تهدم الكعبة حتى ينصرف الناس وتعمل كعبة عندها، يعني فيه صلات قديمة أحياناً صلات عدائية وأحياناً صلات وفاقية، فأي تخطيط لابد أن يكون مبنياً على..، مشكلتنا في عصرنا هذه إنه خصومنا وأعداءنا يعرفون عنا كل شيء، كشفونا حتى النخاع، ونحن لا نكاد نعلم عنهم شيئاً، وهذا أمر في غاية الخطورة، من يريد أن يحارب عدواً فلابد أن يعرف عن عدوه كل شيء عن هذا العدو، وهذا ولذلك تجد في الحروب النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يبعث إلى أناس يسمونهم العيون، عيون له يعرفون عن الأعداء وكان يعرف خطط الأعداء، يعني غزوة تبوك كان سبق من الرسول -عليه الصلاة والسلام- لأنه عرف أن الروم يريدون أن يغزوه في بلده، فبدأ هو وأيه؟ وقال نغزوهم قبل أن.. أن يغزونا.
في قصة.. قصة الهجرة تجد فيها التخطيط واضحاً جداً، النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما أذن الله له بالهجرة وبدأ يفكر في الانتقال إلى هذه الأرض الجديدة والقاعدة الجديدة التي تتكون فيها دار للإسلام وأرض للإسلام حرة للإسلام، فبدأ يفكر.. يفكر من سيكون رفيقه؟ فاختار أبا بكر الصدِّيق القديم، أول رجل آمن في الإسلام، من يهديه الطريق.. الدليل، اختار عبد الله بن أيه.. ابن أريقط.. من يبيت في موقعه ليلة خروجه؟ علي بن أبي طالب، لابد أن يختبئ عدة أيام قبل أن.. أن يغادر مكة، فاختار غار ثور، واختار غار ثور في جنوب مكة، تعرف إن المدينة في الشمال، واختار الغار في جنوب مكة، تعرف إن المدينة في الشمال، واختار الغار في الجنوب لأن هم لما يجوا يبحثوا هيبحثوا.. ما هم عارفين إنه رايح لإنه الصحابة كانوا بدؤوا هاجروا، يعني.. تقريباً كل الصحابة هاجروا ما عدا علي وصهيب وكم واحد يعني، فهو سيذهب إلى البلد اللي هاجر أصحابه إليها، فتتجه أبصارهم إلى أن يبحثوا في المغارات التي هي في طريق المدينة هؤلاء، فاختار هو غاراً في غير طريق المدينة، غار ثور، طيب سيبقى عدة أيام في هذا الغار، محتاج إلى من يأتيه بالطعام، وليس الطعام فقط، والأخبار، لابد أن يعرف ماذا يحدث؟ فاختار يعني من يأتي له، لم يختر رجلاً وإنما اختار امرأة.. أسماء بنت أبي بكر، لأنه لو اختار واحد من أصحابه ممكن العيون تكون عليه.. إنما اختار امرأة، لا يتصور أحد إن امرأة تصعد هذا الغار ثور.. غار ثور، صعده بعض الشباب فلهثوا من.. من شدة التعب، فكيف بهذه الفتاة تصعد كل يوم؟! يعني.. طيب وبعدين وهي بتذهب ممكن آثار أقدامها تظهر، فرتب عامر بن فهيرة الذي كان راعياً عند أبي بكر فيذهب بغنمه بعد أن تذهب أسماء ليعفِّي على آثارها، يعني شيء مرتب وكل واحد وُضع في الموضع المناسب له، يعني موضع أسماء لا ينفع فيها علي بن أبي طالب، وعلي بن أبي طالب ماينفعش يكون فيه أسماء، وهكذا..
فهذا هو الترتيب والتخطيط الذي فعله النبي عليه الصلاة والسلام، يعني وضع لكل شيء.. أعدَّ لكل شيء عدته.
ومع هذا هناك أشياء تأتي وليست في الحسبان.
وهنا يأتي دور التوكل، يعني مع كل هذا الترتيب والتدبير استطاع المشركون أن يصلوا إلى الغار، والرسول -عليه الصلاة والسلام- وأبو بكر في قلب الغار وأبو بكر في غاية الإشفاق، لا يشفق على نفسه ولا يخاف على نفسه وإنما يخاف على رسول الله وعلى مستقبل الدعوة، فلذلك.. يعني قال: "يا رسول الله، والله لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا"، يعني لو واحد كلف خاطره وطأطأ كده.. هيشوفنا، فقال أبو بكر.. فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر: "يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما" -تخاف على اثنين ثالثهما الله؟!- "لا تحزن إن الله معنا" فكان في غاية.. هنا يأتي دور التوكل، يعني أخذ بالأسباب وخطط ودبر ورتب، ولكن عندما خلاص تفقد الأسباب ولا يكون لك شيء يأتي دور التوكل، هنا "لا تحزن إن الله معنا" الكلمة هي من معين واحد، سيدنا موسى حينما أقبل فرعون بجنوده، وقال أصحاب موسى (إنا لمدركون) البحر أمامنا وفرعون وجنوده من خلفنا، قال موسى (كلا إن معي ربي سيهدين) فـ (كلا إن معي ربي سيهدين) مثل "لا تحزن إن الله معنا" عندما الإنسان لا يجد الأسباب في صفه، هناك يتوكل على مسبب الأسباب ورب الأرباب وهو الله تبارك وتعالى، وفعلاً كان الأمر، كما قال الله تعالى: (فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا)، ولذلك هناك بعض العلماء المحققين يقولون: إن المسألة لم تكن حماماً ولا عنكبوتاً -كما هو سائد- قصة الحمام لم ترد حتى -كما قال بعض العلماء- ولا حتى في حديث ضعيف، وقصة العنكبوت وردت في حديث ضعَّفه بعض العلماء وحسَّنه بعض العلماء، والبعض يقول: إن ظاهر القرآن.. يقول إن الجنود غير مرئية، (وأيده بجنود لم تروها) والعنكبوت جندي مرئي، لأنه حاجة حسية، فبيقول.. الأوفق بالنص القرآني إنه لم يكن هناك جند من جنود هذه الأرض (أيده الله بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا).
ماهر عبد الله: طيب، اسمح لي أن نعود إلى الإخوة المشاهدين، معذرة الأخ أحمد العنزي من السعودية، معذرة على التأخير أخ أحمد، اتفضل.
أحمد البهنسي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكل عام وأنتم بخير.
ماهر عبد الله: عفواً، أخ أحمد البهنسي، تفضل.
أحمد البهنسي: السلام عليكم ورحمة الله.
ماهر عبد الله: عليكم السلام.
د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام يا أخي ورحمة الله.
أحمد البهنسي: وكل سنة وأنتم طيبين.
د. يوسف القرضاوي: وأنت بالصحة والسلامة.
أحمد البهنسي: وكل عام وأنتم بخير، وجزاكم الله خير على البرنامج.
ماهر عبد الله: وأنت طيب.
د. يوسف القرضاوي: بارك الله فيك.
أحمد البهنسي: فرصة وجود الشيخ القرضاوي في هذه المناسبة الطيبة تشجعني على السؤال على التوازن بين الأخذ بالأسباب في أمتنا الإسلامية والتوكل أو التواكل في أمور مثلاً مثل المشروع الحضاري الإسلامي، كيف نسعى لهذا المشروع الحضاري الإسلامي ونحن مثلاً رابطة العالم الإسلامي التي المفروض أن تجمِّع وتعرض هذا المشروع، رابطة العالم الإسلامي هل.. هل أجاويد.. تركيا الرابطة.. من.. من سيعرض المشروع الإسلامي؟ وأنا لا أحب أن أذكر أسماء، لكن الأمثلة كثيرة، أين من رابطة العالم الإسلامي مَنْ سيعرض المشروع الحضاري الإسلامي؟ النقطة الثانية..
د. يوسف القرضاوي[مقاطعاً]: أنت يا أخي أظنك.. أظنك.. أظن الأخ تقصد مؤتمر العالم.. منظمة المؤتمر الإسلامي؟
أحمد البهنسي: أيوه..
د. يوسف القرضاوي: منظمة المؤتمر الإسلامي، لأن رابطة العالم الإسلامي شيء، ومنظمة المؤتمر الإسلامي..
أحمد البهنسي: هي انبثقت عنه..
د. يوسف القرضاوي: لا.. لا.. لا، رابطة العالم الإسلامي دي أسبق من منظمة.. رابطة العالم الإسلامي دي رابطة شعبية أُقيمت من قديم في المملكة العربية السعودية، إنما منظمة العمل الإسلامي هي منظمة أقامها المسلمون بعد حريق المسجد الأقصى حين اجتمع القادة في المغرب سنة 1969، فأنا أظن إنك تقصد منظمة المؤتمر الإسلامي.
أحمد البهنسي: أيوه، جزاكم الله خير يا شيخ على التوضيح، هذا.. هل إحنا كمسلمين في العالم كيف نقوم بالمشروع الحضاري الإسلامي وكيف نعرضه؟ ومثال آخر على الأخذ بالأسباب في تطبيق الاقتصاد الإسلامي دراساتك دكتور القرضاوي ودراسات الكثيرين في الاقتصاد الإسلامي ومحاولات العمل الإسلامي في البنوك والمصارف الإسلامية في الكويت وغيرها، وفي.. وفي مصر وفي السعودية، هذه المشاريع لما لا تجمَّع مع بعضها أخذاً بالأسباب وتعاوناً وتناصر كي يُطبق هذا كمثل للمشروع الإسلامي؟ في الإعلام مثلاً لما لا تتضافر الجهود وبمجهود مقنع زي حضرتك وزي الإخوة المخلصين الكثيرين في جميع أنحاء العالم لما لا يتضافروا على عمل قناة إعلامية ناطقة باللغة، لأنه (الجزيرة) لم تجب طلبنا من سنين على أن تكون لها ترجمة لكن أن تكون قناة بلغتهم، حتى نعرض فكرنا الإعلامي؟ وجزاكم الله خير يا دكتور يوسف فعلاً كيف نحل هذه المشاكل آخذاً بالأسباب حتى نعرض مشروعنا الحضاري الإسلامي.. اقتصادياً وشورى وإعلام؟
ماهر عبد الله: مشكور يا أخ أحمد، مشكور يا أخ أحمد، معايا الأخ عبد الله بدران من الإمارات، أخ عبد الله اتفضل.
عبد الله بدران: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ماهر عبد الله: وعليكم السلام.
د. يوسف القرضاوي: وعليكم السلام ورحمة الله.
عبد الله بدران: سيدي الشيخ يوسف القرضاوي.
د. يوسف القرضاوي: اتفضل يا أخي.
عبد الله بدران: عندي سؤالين إذا سمحت.
د. يوسف القرضاوي: تفضل.
عبد الله بدران: أولاً: ما رأي فضيلتكم في من لا يؤدي الأمانة لأهلها، وخاصة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قد رد الأمانات إلى أهلها قبل الهجرة وبعدها؟
ثانياً: ما رأي فضيلتكم من الناحية الشرعية والأخلاقية في اتفاقية السلام التي وقعتها مصر والأردن مع العدو الصهيوني قبل أن يردوا الأمانة إلى أهلها، والأمانة هي غزة لدى مصر والضفة الغربية التي كانت أمانة لدى الأردن؟ وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله.
ماهر عبد الله: الأخ وليد عدنان من لبنان.. طيب .. يبدو أنه فقدنا الصلة بالأخ وليد.
كيفية تقديم الإسلام للآخرين أخذاً بالأسباب
ماهر عبد الله: التي نتمنى أن تنحصر فيها الأسئلة والنقاش حول موضوع الهجرة وكيفية الاستفادة من بعض.. يعني بعض الأحيان أشعر أنا بالتحايل على الموضوع، موضوع الأسباب والتوكل أنا أعتقد يعني خاتمة كلامك، قبل سؤال الأخ أحمد كان هو هذا الموضوع، الجمع بين الأخذ بالأسباب والتوكل، يعني هل.. هل تحب أن تعلق تعليق مختصر على كيفية تقديم الإسلام أخذاً بالأسباب؟
د. يوسف القرضاوي: هو يعني.. لاشك أن المسلمين مقصرون جداً في رعاية السنن، يعني هذه السنن هي القوانين التي أقام الله عليها نظام هذا الوجود، سواء القوانين الكونية أو القوانين الاجتماعية، كما يقول القرآن (قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين)، (فلن تجد لسنة الله تبديلاً ولن تجد لسنة الله تحويلاً)، (سنة الله في الذين خلوا من قبل)، يعني نستقرأ التاريخ ونستقرأ الواقع لنعرف منه سنن الله، المسلمون للأسف لم يعرفوا السنن، يعني واخدين الأمور يعني سبهللة، ولا يمكن للإنسان أن يستطيع أن يصل إلى النتيجة إلا بمقدمتها الصحيحة، من.. من زرع حصد، ومن زرع الشوك لا يحصد العنب، هذه سنن لابد أن.. أن تُراعى، نحن -للأسف- أجهل الناس بسنن الله، فما يقوله الأخ بصفة عامة هو يدل على أن المسلمين لا يأخذون بالسنن، منظمة المؤتمر الإسلامي التي يقول عنها الأخ هي يعني بتمثل الأمة الإسلامية، في وهن الأمة الإسلامية، في تشرذم الأمة الإسلامية، في تمزق العلاقات بين أبنائها، هي مرآة للأمة.. إذا قويت الأمة قويت هذه المؤسسات من غير شك.
ماهر عبد الله: يعني عندي سؤالين..
د. يوسف القرضاوي: الأخ اللي بعد..
ماهر عبد الله: يعني سؤال كان عن الأمانة خرج عن الموضوع تماماً، إذا حبيت تعلق عليه، موضوع.. كيف.. يعني ما رأيك وما تقول في ما لا يؤدي الأمانة إلى أهلها؟ وما هو موقفك من اتفاقية السلام مع مصر والأردن على اعتبار أنها لم تؤدي إلى أن تعود الأمانة إلى أهلها؟
د. يوسف القرضاوي: والله هو أولاً أنا أحب أقول للأخ أنا ممن يعارضون الاتفاقات الجانبية مع إسرائيل، وهذا رأي معروف لي وكتبت فيه وقلته من.. من.. من قديم، ولازلت أرى إنه إسرائيل لا يمكن أن تُقاوم إلا بعمل جماعي من العرب جميعاً ووراءهم المسلمون، لابد أن يتفق العرب جميعاً ويقفوا وقفة رجل واحد، والصهاينة استطاعوا أن يخرجوا مصر من المعركة ثم يخرجوا الأردن وهي أقرب الناس إلى القضية من المعركة، وهذه سياسة خبيثة ينبغي أن نفطن لها ونحاول أن نبطل مفعولها.
ماهر عبد الله: يعني اسمح لي بس أقرأ الرسالة من الأخ ياسر عز الدين سليم على اعتبار إنه فيها توضيح نحن لم نقل أن هذا ذكرى الهجرة النبوية، نحن نوهنا أن هذا بداية عام هجري جديد، الأخ ياسر يقول، يعني كنا نود أن تضيفوا ملاحظة ثالثة لفاتحة حديثكم وهو أن هذه الأيام ليست أيام ذكرى الهجرة النبوية، لأن الهجرة المباركة حدثت في غرة ربيع الأول، وبلغ الرسول -صلى الله عليه وسلم- يثرب يوم الحادي عشر منه، ولكن هذه الأيام تمثل بداية السنة الهجرية حتى لا يكون خطأً للسامعين، كما كنت أتمنى لو ذكرتم أن شهر محرم هُتكت به كرامة الأمة عندما قُتل سبط رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسبي ذراري الرسول. الحقيقة يعني كوننا نعيش المحرم.
عندي رسالة أخرى من الأخ عباس رضا أيضاً بالفاكس يعني يريد منا التعريج على حادث المحرم ومقتل الإمام الحسين، خصوصاً إنه جزء من ضعف حالة الأمة هذه الأيام هي هذه الصراعات الداخلية، يعني هل.. هل نقف لحظة مع مقتل الإمام؟
د. يوسف القرضاوي: أنا يعني نبهت في أكثر من مرة إلى أن هذا البرنامج هو للأمة الإسلامية كلها وليس لطائفة من الطوائف، لا ينبغي لبعض الإخوة أن يحاول أن يستغل هذا البرنامج لصالح طائفة معينة، نحن نحب آل البيت، ونحب الحسن والحسين ونعتبرهما سيديّ شباب أهل الجنة، ونأسف على ما حدث للحسين -رضي الله عنه- ولكن ليس الحسين أول شهيد في الأمة، استُشهد قبل الحسين أبوه -رضي الله عنه- علي بن أبي طالب، واستشهد قبله عثمان، واستشهد قبله عمر، واستشهد كثير من الأنبياء (ففريقاً كذبتم وفريقاً تقتلون).
ماهر عبد الله[مقاطعاً]: وسيد.. وسيد الشهداء..
د. يوسف القرضاوي: ذُبح السيد الحصور يحيى، ونُشر بالمنشار زكريا، وحدث.. التاريخ مليء يعني بالشهداء، فلماذا الإخوة فقط اهتموا بمقتل الحسين ولم يهتموا بمقتل أبيه ولا بمقتل..؟ نحن نأسف لمقتل الحسين، ولكن لا نقبل أن نجعل شهر المحرم شهر أحزان، ولا نقبل ما يفعله بعض المسلمين ممن يجعلوا يوم عاشوراء يوم عيد عندهم ويُسن فيه الاغتسال والاكتحال وكذا، لا هذا مقبول ولا هذا يعني مقبول، ولا أريد أن أدخل في هذا اللون من الصراع.
ماهر عبد الله: طيب، معايا الأخ علاء الزعتري من فلسطين، أخ علاء اتفضل.
علاء الزعتري: آلو، السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام.
د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.
علاء الزعتري: تحياتي لك أخي ماهر وللشيخ القرضاوي.
د. يوسف القرضاوي: حياكم الله يا أخي.
علاء الزعتري: الله يحييك، أنا إلي والله لو سمحت سؤالين.
د. يوسف القرضاوي: تفضل.
علاء الزعتري: السؤال الأول يتعلق بالطريق اللي سار فيه الرسول -عليه الصلاة والسلام- حين وصل إلى المدينة وأقام دولة الإسلام، هذا الطريق اللي سار فيه الرسول -عليه الصلاة والسلام- والذي الرسول.. نحن يجب علينا الالتزام بطريقه، والتأسي به، أليس واجباً علينا وعلى العاملين في هذه الأوقات التأسي بالرسول للوصول إلى دولة الإسلام؟ هذا السؤال الأول.
أما السؤال الثاني: فإنني أوجهه إلى فضيلة القرضاوي.. الشيخ القرضاوي: لماذا الشيخ القرضاوي في هذا الظرف الذي يتعرض فيه أهل فلسطين، للقتل وللتدمير -طبعاً في فلسطين وفي غير فلسطين من بلاد المسلمين- لماذا لا يقوم فضيلة القرضاوي بالتوجه إلى قواد الجيوش في العالم الإسلامي لتتحرك نحو تحرير فلسطين وقلع الأنظمة التي لا تحكم بالإسلام والتي هي حائل لعودة الإسلام إلى الوجود وبين تحرير فلسطين من دنس الكافرين؟ وبارك الله فيكم.
ماهر عبد الله: مشكور جداً يا أخ علاء، يعني نتمنى لو كان الشيخ يستطيع أن يفعل أكثر من.. من مثل ما يفعل، لكن ستسمع منه تعليق، معايا الأخ خالد صلاح الدين من اليمن، أخ خالد اتفضل، عفواً خالد صلاح.
خالد صلاح: السلام عليكم ورحمة الله.
ماهر عبد الله: اتفضل يا أخ خالد.
خالد صلاح: السلام عليكم.
د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله يا أخي.
خالد صلاح: عفواً يا شيخنا الكريم، بس أنا بدي أعرف ما هو حكم الشرع في الاحتفال بيوم السنة الهجرية؟ وأيضاً يوم مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، يوم الإسراء والمعراج، ما هو الحكم الشرعي في ذلك؟ هذا هو الجائز أم هذا ابتداع وهو لا يجوز؟
الأمر الآخر هو ما يختص في يوم عاشوراء وما إلى ذلك، في إخواننا الشيعة في O.K، نحن كلنا، نعم نأسف لموت الحسن والحسين وتلك مصيبة عظيمة، ولكن هل يجوز لنا أن نسب معاوية وهو صحابي من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو كما نعلم أنه كاتب للوحي؟ فلا يجوز لنا سبه، ونعته بالنعت الذي لا يليق على مسلم، وجزاك الله خيرا شيخنا.
ماهر عبد الله: طيب، مشكور يا أخ خالد، معايا الأخ سعد من السعودية، أخ سعد اتفضل.
سعد الحمدان: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام.
د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.
سعد الحمدان: لو سمحت أنا بأتكلم بس بخصوص مبادرة الأمير عبد الله يعني شيء معروف أيه هدفها، مش هدفها الصلح مع.. يعني بس أنا المشاكل اللي تصير للفلسطينيين لأ، ليها هدفها هدف يعني كل الحكام العرب طبعاً (...) مواجهة فلسطين إذا انحرجوا بالنسبة للديمقراطية وحقوق الإنسان مطالبين بهم فينحرجون من أميركا ومن مواجهة إسرائيل.
ماهر عبد الله[مقاطعاً]: بس.. أخ سعد.. أخ سعد يعني أيش علاقة هذا بموضوعنا اليوم؟
سعد الحمدان: أنا بأوصل له، هو المشكلة إن الملكيين في زمن رموا التاج ورموا الخواتم الذهب ولبسوا البدلات العسكرية وقعدوا يتكلمون، الآن شفناهم هم نفسهم رموا البدلات العسكرية وقاعدين يتكلمون زي الأميركان، متأمركين، إحنا لازم نحترم آراء الغالبية، إحنا ما عندنا مشاكل معهم، إحنا طيب من عشر سنوات، أيش تعملون؟ مناهجنا..
ماهر عبد الله[مقاطعاً]: لأ، أنا عايز يا أخ سعد.. يا أخ سعد، يعني لو تكرمت عليَّ تربطه بموضوع الحلقة ومضطر إنه..
سعد الحمدان: يا عزيزي أنا بأربطه بموضوع الحلقة بس خليني أتكلم في الحقيقة يعني أنا أحاول أربط موضوع.. معلش يعني، فأقول لك يعني هو.. الحين نتكلم عن الهجرة والتاريخ الهجري وكذا والعراق الآن بينضرب طيب والمسلمين هناك، الكويت يعني.. يعني مشاكل كتيرة، ياريت.. وبعدين عندي كلمة عن (الجزيرة) لو سمحت أوصلها: بالنسبة لكلامهم عن قوات القاعدة والطالبان، لأ.. العدل الطالبان، يعني مش قوات القاعدة، هذه.. هذه قاعدة.. يعني زي الأميركان لما يتكلمون عن جيوش الأفغان، شكراً جزيلاً.
ماهر عبد الله: طيب، يعني أخ.. أخ سعد يعني أنا مضطر للأسف الشديد يا أخ سعد.. يا أخ سعد أعطيتك فرصة أكثر يعني موضوع خارج تماماً عن الموضوع، وللتو كنا نبهنا نرجو أن تنحصر الأسئلة والتعليقات في موضوع الحلقة، نحن نعلم أن هموم الأمة كثيرة، وأن الحقائق التي يمكن أن تقال كثيرة، ولكن لو أردنا أن نتحدث في كل المواضيع في كل حلقة فأعتقد أننا لن نفي أي موضوع حقه ولن نصل إلى أية نتيجة.
سيدي، سؤال الأخ علاء الزعتري: لماذا لا نتأسى بالرسول صلى الله عليه وسلم، كيف.. يمكن أنا أعيد صياغة.. صياغة سؤاله: كيف يمكن أن نتأسى بالرسول -صلى الله عليه وسلم- لإقامة دولة الإسلام؟ خصوصاً يعني لو سمحت لي كان أحد المحاور التي كان لابد أن.. يعني ثمة جانب خطير أيضاً في الهجرة أنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ضحى بعزيز، ضحى بوطنه، متى يمكن للإنسان أن يُضحي بوطنه من أجل إقامة هذه..؟ هل ضحى بالوطن من أجل إقامة الدعوة أم من أجل إقامة الدولة؟
د. يوسف القرضاوي: أولاً: الهجرة هي فعلاً كانت بحثاً عن أرض يستطيع الإسلام فيها أن يمكن لدينه بكل أحكامه وتعاليمه، في مكة لم يكن قادراً على التمكين للدين، حتى إنه هو نفسه ما كانش قادر يصلي، يعني يمكن في الأسبوع اللي فات اتكلم معاك أخونا الشيخ القره داغي، (أرأيت الذي ينهى عبداً إذا صلى) حتى محمد -عليه الصلاة والسلام- يُنهى عن الصلاة في.. في الكعبة، فأرض لم يستطع المسلمون أن يقيموا فيها دينهم فلابد أن يبحثوا عن أرض حرة، فكان البحث عن أرض حرة تُقام فيها كل أحكام الإسلام كانت هي أرض يثرب، فكان لإقامة الدعوة وإقامة المجتمع الإسلامي، وإقامة الدولة الإسلامية، ولذلك في المدينة هي التي نزل فيها قول الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا)، القرآن المكي كله ليس فيه (يا أيها الذين آمنوا)، لأن الذين آمنوا معناها صيغة جماعة مؤمنة، لم تكن فيهم هناك جماعة لها سلطانها ولها سيادتها، ولها قوتها في مكة حتى تُخاطب بهذا الخطاب، حينما أصبحت هناك جماعة مؤمنة لها أرضها ولها سلطانها، ولها قدرتها على التمكين لدينها نوديت بهذا الخطاب (يا أيها الذين آمنوا)، فالرسول -عليه الصلاة والسلام- حينما لم يجد في مكة هذا الأمر بحث عن بديلها وضحى بها وهي أحب الناس.. أحب البلاد إليه، ومعروف أنه قال -عليه الصلاة والسلام- حينما غادر مكة: "أما إنك لأحب بلاد الله إلى الله وأحب بلاد الله إليَّ، ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت"، ولذلك القرآن دائماً يعبر عن هذا بأُخرجوا: (أُذن للذين يُقاتلون بأنهم ظُلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله)، (للفقراء المهاجرين الذين أُخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً).. وإخراج الإنسان من داره يعني كأنه قتل، حتى إن القرآن يقول: (ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليلاً)، الخروج من الديار هذا خاصة إذا خُرجت منها رغم أنفك كما أُخرج أهل فلسطين من ديارهم رغم أنوفهم وشتتوا وشردوا في أنحاء الأرض.. هذه، ولكن حينما يجد الإنسان إنه فيه دينه وفيه وطنه، أيهما أغلى عنده وأعز؟
الدين والعقيدة أغلى من كل شيء، ولذلك القرآن يقول: (قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموالٌ اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها) اللي هي الأوطان (أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره)، فكل هذه الأشياء الآباء، والأبناء، والأخوة، والأزواج، والعشيرة، والوطن، وكله في كفة وحب الله ورسوله والجهاد في سبيله في كفه أخرى، فلذلك ضحى النبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا هو شأن المؤمن، وده.. وباب الهجرة مفتوح إلى يوم القيامة، إذا وجد الإنسان إنه في بلده لا يستطيع أن يُقيم دينه ولا أن يؤدي شعائره ولا كذا، ووجد الفرصة متاحة أيضاً، لأنه في عصرنا لا توجد هذه الفرصة، الناس زمان كان ممكن يترك البلد ويروح بلد آخر، ولا توجد حوائل ولا حواجز ولا جنسية، ولا.. لأ، الآن ليس الأمر، إنما إذا وجد هذا نقول له: لابد أرض الله واسعة يا أيها.. (يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون)، والقرآن الكريم يقول: ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعةً فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا إلا المستضعفين من الرجال والنساء والوالدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم) فالإنسان إذا لم يمكن لدينه في الأرض ووجد الفرصة للهجرة فليهاجر من بلد الكفر أو بلد المعصية أو بلد البدعة والمنكرات إلى بلدٍ آخر يسلم فيه دينه، إذا كان ذلك مُيسراً له.
أنا بالنسبة أقول للأخ اللي بيقول التأسي بالرسول أنا أعرف إخواننا التحريريين وآراءهم في مسألة طلب النصرة وإنه لازم نطلب النصرة من قواد الجيوش، وهذا أمر في عصرنا غير مقبول، لأن قادة الجيوش موظفون في.. في الدولة، ماهماش همَّ اللي بيتحكموا في الجيوش ويعملوا، قائد الجيش، أو قائد الأركان، أو وزير الدفاع، هذا موظف ممكن النهارده يكون قائد وبعد بكره يعني يغير ويأتي بغيره، فكوننا نطلب من قادة الجيوش هذا أمر ليس يعني..، والتأسي بالرسول.. التأسي ليس معناه إنه زي ما الرسول هاجر لازم إحنا نهاجر مش شرط، إذا الهجرة مطلوبة لك تهاجر، ولكن.. ولذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد كانت الهجرة في أول الأمر مفروضة على المسلمين، وقال الله تعالى: (وما لكم من ولايتهم من شيء)، (والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيءٍ حتى يهاجروا)، وظلت الهجرة فريضة على كل مسلم أسلم في أي مكان إنه يهاجر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في المدينة، وينضم إلى الجماعة الإسلامية، ويكثَّر سواد المسلمين، ويشدُّ من أزرهم، ويتعلم الإسلام، ثم بعد فتح مكة قال النبي -صلى الله عليه وسلم- بصريح العبارة: "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، وإذا استُنفرتم فانفروا" فليس.. ليس معناه إنه ما دام الرسول هاجر لازم نهاجر لأ، فالتأسي في المنهج العام منهج الدعوة العام.. إنما ليس الرسول عرض نفسه على القبائل نعرض نفسنا، لأ، كل أمر حسب الظروف وحسب الملابسات.
ماهر عبد الله: طيب معايا الأخ.. نعود لسؤال الأخ خالد بعد قليل. معايا الأخ علي بن عيسى من البحرين، أخ علي، اتفضل.
علي بن عيسى: لو اتكرمت أحب أقدم هذا السؤال لفضيلة الشيخ. جناب الشيخ السلام عليكم.
د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.
علي بن عيسى: ووفيتم خيراً.
د. يوسف القرضاوي: بارك الله فيك.
علي بن عيسى: جنابكم في هذه الأيام يُعرض مسلسل في الكويت يتناول موضوع فجر الإسلام، وأبو طالب مع حمايته للنبي قد مر بالراهب بحيري فأخبره بحيري.
د. يوسف القرضاوي: بِحيري.
علي بن عيسى: عن النبي محمد وعن العلامات التي تتوفر في هذا النبي، فهل تُرى أبو طالب مع حس العرب.. مع حسه العربي وتكالب الأخبار من الكتب السماوية السابقة عن صفات النبي وإخبار بحيري إله وهو أبو طالب الذي هو أبو طالب معروف في البطحاء كلها، هذا حسه لم يساعده مع ما رأى من ابن أخيه وحدا به عليه أن يكون مؤمناً؟ وجناب الشيخ معلم المعلمين وقدوتنا طبعاً إذا أكد لنا أن أبو طالب مات كافراً فقد نعتقد ذلك، ألا يلحقنا أو يلحق الشيخ -لا سمح الله- شيء من لو أن أبا طالب مات مؤمناً؟
وهل نحمل أبو طالب أصلاً على الإيمان أو على الكفر؟
ماهر عبد الله: طيب مشكور جداً أخ علي، معايا الأخ عبد الباري هيكل من سوريا، أخ عبد الباري، أتفضل
عبد الباري هيكل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ماهر عبد الله: عليكم السلام.
د. يوسف القرضاوي: وعليكم السلام ورحمة الله.
عبد الباري هيكل: كيف حالك فضيلة الشيخ؟
د. يوسف القرضاوي: بارك الله فيك.
عبد الباري هيكل: والله أنا عندي.. ذكر الشيخ ببداية الكلام أنه لما أعرض أهل مكة عن دعوة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعدَّد أسباب الإعراض قام الرسول -كما قال الشيخ- بالتفكير البشري وبدأ باختيار البدائل، ومنها العرض على القبائل والذهاب إلى المواسم. وقبائل العرب، هذا الكلام أظن أن عليه تعليق كبير جداً، فإذا لم نأخذ بالآيات العامة والأدلة العامة التي تؤكد أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحي يُوحى على الطريقة التي أمره بها ربه، لنأخذ هذا الدليل الخاص بالمسألة إن كان يتسع صدركم لهذا الحديث.
ماهر عبد الله: اتفضل.
عبد الباري هيكل: فقد جاء في فتح الباري شرح صحيح البخاري ما نصه: أخرج الحاكم وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل بإسناد الحسن عن ابن عباس حدثني علي بن أبي طالب قال: "لما أمر الله نبيه أن يعرض نفسه على القبائل خرج وأنا معه وأبو بكر إلى ِمنَى".. إلى آخر الحديث، فهذا نص صريح بأن عرض النبي -صلى الله عليه وسلم- على القبائل إنما كان بأمرٍ من الله عز وجل، ومنه ألا يقتضينا هذا الكلام إلى إعادة سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- على أنها منهج دعوة، منهج لإعادة إحياء هذه الأمة؟ وأرجو أن أرشدكم وأرشد الأخوة المستمعين إلى كتاب الدكتور محمد خير هيكل الذي اسمه "الجهاد والقتال في السياسة الشرعية" إصدار دار البيارق، هذا الكتاب فيه بحث شافٍ ووافٍ عن موضوع إقامة الدولة الإسلامية ومنها عاملوا الرسول -صلى الله عليه وسلم- وطلب النصرة، هذه النقطة الأولى.
النقطة الثانية للأخ ماهر.. قال بأن.. في تعليقه على موضوع الولاء والبراء وما أشبه ذلك، واستنكر أنه قال كأن الكافر ملة أخرى، أقول لك: يا أخ ماهر، مع الاحترام نعم، الكفر ملة أخرى، ويوجد ملة الإسلام وما دونها ملة الكفر، وملة الكفر والاستعانة بالكافر سؤال، وأظن أنه أتى ببعض اللبس الاستعانة بالكافر ليس بإعطاء السبيل لهم على المسلمين
ولن يجعل الله للكافرين على المسلمين سبيلاً.
د. يوسف القرضاوي: المؤمنين.
عبد الباري هيكل: أرجو التعليق على ذلك، والسلام عليكم ورحمة الله.
ماهر عبد الله: طيب مشكور يا أخ عبد الباري، معايا الأخ سيدي محمد ولد عويس من قطر.
سيدي محمد ولد عويس: ألو، السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام.
د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام.
سيدي محمد: حياك الله يا فضيلة الشيخ.
د. يوسف القرضاوي: حياك الله يا أخ تفضل.
سيدي محمد: سيدي فضيلة الشيخ، أريد أن أعرف عن تاريخ الهجري، هل الرسول -صلى الله عليه وسلم-
في معاهداته وفي شؤون رعيته اليومية كان يستخدم هذا التاريخ أم لا؟
ماهر عبد الله: طيب مشكور يا أخ ولد عويس شكراً لك. سيدي، ما حكم الشرع في الاحتفال بهذه المناسبات؟ كان سؤال الأخ خالد.
د. يوسف القرضاوي: نعم؟
ماهر عبد الله: ما حكم الشرع في الاحتفال بهكذا مناسبات.. عاشوراء؟
د. يوسف القرضاوي: ما معنى.. الاحتفال؟ إحنا.. إحنا بننتهز هذه الفرص لنذكر المسلمين بمعانٍ إسلامية والتذكر لنعم الله تعالى أمر مشروع، القرآن يقول: (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها) في غزوة الأية الخندق، (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم)، (يا أيها الذي آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هَمَّ قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكفَّ أيديهم عنكم).. إلى آخره، تَذكُّر نعم الله تعالى في الأحداث المختلفة هذا أمر مشروع، وبعدين إذا كان بعض المسلمين -للأسف- بيحتفلوا برأس ا�
ساحة النقاش