د. نصرالدين عبدالله السني

يهتم الموقع بالدراسات التربوية والإجتماعية

قسم الكتب

edit

<!--

<!--<!--[if gte mso 10]> <style> /* Style Definitions */ table.MsoNormalTable {mso-style-name:"Table Normal"; mso-tstyle-rowband-size:0; mso-tstyle-colband-size:0; mso-style-noshow:yes; mso-style-priority:99; mso-style-qformat:yes; mso-style-parent:""; mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt; mso-para-margin:0in; mso-para-margin-bottom:.0001pt; mso-pagination:widow-orphan; font-size:11.0pt; font-family:"Calibri","sans-serif"; mso-ascii-font-family:Calibri; mso-ascii-theme-font:minor-latin; mso-fareast-font-family:"Times New Roman"; mso-fareast-theme-font:minor-fareast; mso-hansi-font-family:Calibri; mso-hansi-theme-font:minor-latin; mso-bidi-font-family:Arial; mso-bidi-theme-font:minor-bidi;} </style> <![endif]--><!--<!--

التَّعلُّقِ بَينَ المُرَبّي وَالمُتَرَبّي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

م.رامي أحمد ملحم

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرّحمن الرّحيم

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قال الله سبحانه وتعالى:

} وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الألْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُوْرِيكُمْ دَارَ الفَاسِقِيْنَ {

سورة الأعراف / آية 145.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إنّي ما كنتُ أكْتُبُ للنّاسِ لأُعْجِبَهُم، بل لأنْفَعَهُم ، ولا ِلأسْمَعَ مِنْهُم : أنتَ أحْسَنْتَ ، بل لأجِدَ في نُفُوسِهم أثَرَاً ممّا كَتَبْتُ .

مصطفى المنفلوطي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المقدّمة

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

       الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على خير الخلق محمّد وعلى آله وصحبه والتّابعين ومن اقتدى بسنّته إلى يوم الدّين. اللهم لا علم لنا إلا ما علّمتنا ولا فقه لنا إلا ما فقهتنا ولا أدب لنا إلا ما أدبتنا، اللهم أنت وليّ ذلك والقادر عليه وأهله، وبعد.

       منذ سنوات ستٍّ خلون بدأت بكتابة هذه الفصول حول ظاهرة التّعلّق بين المربّي والمتربّي، وأسميتها: نحو فهمٍ لظاهرة التّعلّق بين المربّي والمتربّي. وكان الدّافع لبحث هذا الموضوع والكتابة فيه أربعة أمور هي:

 أوّلها، أنّ التّعلّق بين المربّي والمتربّي من القضايا الحاضرة في السّاحة التّربويّة الإسلاميّة، لذا ليس بدٌّ من دراستها وتجليتها والوقوف عليها؛ شأنها شأن غيرها من قضايا التّربيّة المختلفة؛ إذ أيّ ظاهرةٍ في التّربيّة ينبغي أن تدرس وتستوعب ولا تبقى نهباً لتجارب فرديّة وآراء غير منضبطة.

 ثانيها، أنّي لم أقف على أيّ دراسة لا لمتقدّمين أو لمتأخّرين  تناقش هذه القضيّة، إنّما وجدت بعض المقالات المتفرّقة عن هذه الظّاهرة، كما وقعت على كتاباتٍ عديدةٍ عن آداب العالم والمتعلّم وحقوقهما وواجباتهما، وعن آداب المحدّث وراوي الحديث، وأحكاماً فقهيّةً متناثرةً في التّعامل مع الصّبيان والمردان، وقصصاً تنقل عن الصّوفيّة في العلاقة بين الشّيخ والمريد. وكلّ هذا لا يأتي على القضيّة ولا يعالج موضوعها.

ثالثها، أنّ هناك خلطاً في الفهم و في التّعامل مع الظاهرة والنّظر إليها، ولا يخلو ذلك من إفراطٍ أو تفريطٍ؛ فالبعض يتحسس من أيّ علاقة قويّة بين مربٍّ ومتربٍّ؛ خوفاً من الوقوع في مشكلة التّعلّق، والبعض يشجّع تقوية العلاقة وتمتينها بالغاً ما بلغت.

رابعها، قناعة عندي بضرورة الاهتمام بالتّربية الإسلاميّة وقضاياها وإعطائها أولويّة في الدّراسة والبحث خصوصاً في هذا الزّمن الذي أضحينا بأحوج ما نكون لها؛ إذ هي أسّ التّغيير المأمول وركيزته.

    وجزّأت الكتاب إلى أربعة فصول، الفصل الأوّل الذي تحدّثت فيه عن معنى التّعلّق وعرّفته بما يخرجه عن اللبس والغموض، والفصل الثّاني والذي استغرق طويلاً وهو علامات التّعلّق ويتضمّن مبحثين أوّلهما: علامات تعلّق المربّي بالمتربّي. والآخر: علامات تعلّق المتربّي بالمربّي. أمّا ثالث الفصول فكان للتّفصيل في أسباب التّعلّق وتضمّن مبحثين أيضاً أوّلهما: أسباب تعلّق المربّي بالمتربّي، وثانيهما: أسباب تعلّق المتربّي بالمربّي. وختمته بالفصل الأخير الذي يتحدّث عن الوقاية من الوقوع في التّعلّق وهو حتى لا نقع في التّعلّق.

        وأود التّنبيه على مجموعةٍ من الملحوظات أراها مهمّة للقارئ الكريم وهي:

(1)  إكثاري من استخدام الشّعر مع حذفي لكثيرٍ مما كنت أثبتّه؛ أخذاً بتوجيه غير ناقدٍ حريصٍ؛ وذاك لأنّ الشّعر يسجّل تجربة الإنسان، ويتأبّط الحياة الحسّية الشّعوريّة لكثيرين، ويحمل رسالة السّابق للاحق، وفيه من المعاني والقيم والآراء الكثيرة.  فينطق العربي بما يعلم ويقول ما يفهم، ويصوّر ما يرى، ويحدّث عمّا تمثّل في نفسه حديثاً صادقاً لا تكلّف فيه ولا تعمّل؛ لأنّ كل ما هو محيطٌ به من هواء وماءٍ وأرضٍ وسماءٍ، وطعامٍ وشرابٍ، ومرافق وأدوات، على الفطرة السّليمة الخاصّة، فأحرى أن يكون شعره كذلك. ذلك معنى قولهم: الشّعر ديوان العرب؛ لأنّه صورة حياتهم الاجتماعيّة والأدبيّة، ومثال خواطرهم الحقيقيّة والخياليّة.(1)

        والحقّ أنّه أسعفني كثيراً في الدّفاع عمّا أراه، والاستشهاد به فيما أرومه، علماً أنّي أعرضت عن الاستشهاد بشعر الغزل والنّسيب بين الرّجال والنّساء إلا نادراً وفيما ينسجم مع خصوصيّة ظاهرة التّعلّق ولا يفسدها، لذا آمل أن لا تُترك قراءته ويزهد فيه. علماً أنّي اجتهدت أن أستشهد بشعر الشّعراء الملتزمين، ولم أحد عن ذلك إلا نادراً ولا غضاضة إن شاء الله تعالى.

(2) لم أستشهد بحبّ الصّحابة الكرام – رضي الله عنهم - للنّبيّ – عليه الصّلاة والسّلام – أو حبّهم لبعضهم البعض، ولم أنقل قصصاً – مع كثرتها – لعلامات حبّهم للنّبيّ الكريم، أو لمعاملته – عليه السّلام – لصحابته، أو حبّهم لبعضهم بعضاً؛ وذلك لأنّي لا أرى أنّ علاقة الصّحابة الكرام مع نبيّنا – عليه السّلام – أو علاقتهم فيما بينهم– رضي الله عنهم – تعلّقاً.

(3) استشهدت أحياناً بالحديث الضعيف – ولا ضير في ذلك – إذ أنّ المقام ليس مقام العقائد والأحكام، والحافظ العراقيّ يقول : (( وأمّا غير الموضوع فجوّزوا التّساهل في إسناده وروايته من غير بيانٍ لضعفه إذا كان في غير الأحكام والعقائد، بل في التّرغيب والتّرهيب من المواعظ والقصص وفضائل الأعمال ونحوها، أمّا إذا كان في الأحكام الشّرعيّة من الحلال والحرام وغيرهما أو في العقائد كصفات الله تعالى وما يجوز ويستحيل عليه ونحو ذلك فلم يروا التّساهل في ذلك، وممن نصّ على ذلك من الأئمة عبدالرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وعبدالله بن المبارك وغيرهم وقد عقد ابن عدي في مقدّمة الكامل والخطيب في الكفاية باباً لذلك .))(1).

(4) اعتمدت كثيراً على كتاب الإمام ابن حزم الظاهريّ – رحمه الله تعالى -: طوق الحمامة في الألفة والألآف، كما هو الحال على كتاب الإمام ابن قيّم الجوزيّة – رحمه الله تعالى -: روضة المحبّين ونزهة المشتاقين. خصوصاً في الفصل الثّاني في الحديث عن علامات التّعلّق. بل الحقّ أنّ الفصل ما نهض إلا على كتابيهما. لذلك يمكنني أن أنقل أفكاراً لهما ولا أشير إلى ذلك في الحاشية.

(5) لا يُخدعنّ القارئ فلا يتصوّر المربّي إلا ذلك الشّاب والمتربّي هو ذلك الفتى القابعان في مسجدهما، بل إنّ المربّي قد يكون عالماً أو أميراً أو مدرّساً أو .... ، كما قد يكون ذكراً أو أنثى، شابّاً أو كهلاً. والمتربّي قد يطلق على الطّالب والجنديّ و... ، وأيضاً قد يكون ذكراً أو أنثى، أو شابّاً أو كهلاً.

      وكما أشرت سابقاً إنّ ظاهرة التّعلّق بين المربّي والمتربّي كانت لمّا تبحث بعد. و ما أشقّ أن يكتب المرء فيما لا يجد ما يعتمد عليه في أصل موضوعه. ومن المتوقّع أن يجد القارئ الكريم وما لا يتّفق ورأيه، لذا أرجو من كلّ فاضلٍ حريصٍ أن لا يبخل عليّ بنصحٍ أو توجيه.

     والله – تعالى - أسأل أن يجعل في هذه الأسطر فائدة ترتجى، وأدعوه -تعالى - أن يتقبّل ما كتبت ويجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن يتجاوز عن الزّلات .

} وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنّا للغيب حافظين { (1)

 

 

الرّياض في : 5 جمادى الآخرة 1423هـ



(1) مصطفى لطفي المنفلوطي المجموعة الكاملة (بتصرّف) / ص233.

(1) فتح المغيث بشرح ألفيّة الحديث / ص137. للزيادة يراجع : المقنع في علوم الحديث / ج1 / ص104 . وللاطلاع على شروط العمل بالضّعيف وروايته يراجع : الوسيط في علوم الحديث ومصطلح الحديث / ص277.

(1)سورة يوسف / آية (81).

nasr1234567

نصرالسني

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 90 مشاهدة
نشرت فى 20 يناير 2013 بواسطة nasr1234567

<!--

<!--<!--

التَّعلُّقِ بَينَ المُرَبّي وَالمُتَرَبّي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

م.رامي أحمد ملحم

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرّحمن الرّحيم

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قال الله سبحانه وتعالى:

} وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الألْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُوْرِيكُمْ دَارَ الفَاسِقِيْنَ {

سورة الأعراف / آية 145.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

إنّي ما كنتُ أكْتُبُ للنّاسِ لأُعْجِبَهُم، بل لأنْفَعَهُم ، ولا ِلأسْمَعَ مِنْهُم : أنتَ أحْسَنْتَ ، بل لأجِدَ في نُفُوسِهم أثَرَاً ممّا كَتَبْتُ .

مصطفى المنفلوطي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المقدّمة

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

       الحمد لله رب العالمين، والصّلاة والسّلام على خير الخلق محمّد وعلى آله وصحبه والتّابعين ومن اقتدى بسنّته إلى يوم الدّين. اللهم لا علم لنا إلا ما علّمتنا ولا فقه لنا إلا ما فقهتنا ولا أدب لنا إلا ما أدبتنا، اللهم أنت وليّ ذلك والقادر عليه وأهله، وبعد.

       منذ سنوات ستٍّ خلون بدأت بكتابة هذه الفصول حول ظاهرة التّعلّق بين المربّي والمتربّي، وأسميتها: نحو فهمٍ لظاهرة التّعلّق بين المربّي والمتربّي. وكان الدّافع لبحث هذا الموضوع والكتابة فيه أربعة أمور هي:

 أوّلها، أنّ التّعلّق بين المربّي والمتربّي من القضايا الحاضرة في السّاحة التّربويّة الإسلاميّة، لذا ليس بدٌّ من دراستها وتجليتها والوقوف عليها؛ شأنها شأن غيرها من قضايا التّربيّة المختلفة؛ إذ أيّ ظاهرةٍ في التّربيّة ينبغي أن تدرس وتستوعب ولا تبقى نهباً لتجارب فرديّة وآراء غير منضبطة.

 ثانيها، أنّي لم أقف على أيّ دراسة لا لمتقدّمين أو لمتأخّرين  تناقش هذه القضيّة، إنّما وجدت بعض المقالات المتفرّقة عن هذه الظّاهرة، كما وقعت على كتاباتٍ عديدةٍ عن آداب العالم والمتعلّم وحقوقهما وواجباتهما، وعن آداب المحدّث وراوي الحديث، وأحكاماً فقهيّةً متناثرةً في التّعامل مع الصّبيان والمردان، وقصصاً تنقل عن الصّوفيّة في العلاقة بين الشّيخ والمريد. وكلّ هذا لا يأتي على القضيّة ولا يعالج موضوعها.

ثالثها، أنّ هناك خلطاً في الفهم و في التّعامل مع الظاهرة والنّظر إليها، ولا يخلو ذلك من إفراطٍ أو تفريطٍ؛ فالبعض يتحسس من أيّ علاقة قويّة بين مربٍّ ومتربٍّ؛ خوفاً من الوقوع في مشكلة التّعلّق، والبعض يشجّع تقوية العلاقة وتمتينها بالغاً ما بلغت.

رابعها، قناعة عندي بضرورة الاهتمام بالتّربية الإسلاميّة وقضاياها وإعطائها أولويّة في الدّراسة والبحث خصوصاً في هذا الزّمن الذي أضحينا بأحوج ما نكون لها؛ إذ هي أسّ التّغيير المأمول وركيزته.

    وجزّأت الكتاب إلى أربعة فصول، الفصل الأوّل الذي تحدّثت فيه عن معنى التّعلّق وعرّفته بما يخرجه عن اللبس والغموض، والفصل الثّاني والذي استغرق طويلاً وهو علامات التّعلّق ويتضمّن مبحثين أوّلهما: علامات تعلّق المربّي بالمتربّي. والآخر: علامات تعلّق المتربّي بالمربّي. أمّا ثالث الفصول فكان للتّفصيل في أسباب التّعلّق وتضمّن مبحثين أيضاً أوّلهما: أسباب تعلّق المربّي بالمتربّي، وثانيهما: أسباب تعلّق المتربّي بالمربّي. وختمته بالفصل الأخير الذي يتحدّث عن الوقاية من الوقوع في التّعلّق وهو حتى لا نقع في التّعلّق.

        وأود التّنبيه على مجموعةٍ من الملحوظات أراها مهمّة للقارئ الكريم وهي:

(1)  إكثاري من استخدام الشّعر مع حذفي لكثيرٍ مما كنت أثبتّه؛ أخذاً بتوجيه غير ناقدٍ حريصٍ؛ وذاك لأنّ الشّعر يسجّل تجربة الإنسان، ويتأبّط الحياة الحسّية الشّعوريّة لكثيرين، ويحمل رسالة السّابق للاحق، وفيه من المعاني والقيم والآراء الكثيرة.  فينطق العربي بما يعلم ويقول ما يفهم، ويصوّر ما يرى، ويحدّث عمّا تمثّل في نفسه حديثاً صادقاً لا تكلّف فيه ولا تعمّل؛ لأنّ كل ما هو محيطٌ به من هواء وماءٍ وأرضٍ وسماءٍ، وطعامٍ وشرابٍ، ومرافق وأدوات، على الفطرة السّليمة الخاصّة، فأحرى أن يكون شعره كذلك. ذلك معنى قولهم: الشّعر ديوان العرب؛ لأنّه صورة حياتهم الاجتماعيّة والأدبيّة، ومثال خواطرهم الحقيقيّة والخياليّة.(1)

        والحقّ أنّه أسعفني كثيراً في الدّفاع عمّا أراه، والاستشهاد به فيما أرومه، علماً أنّي أعرضت عن الاستشهاد بشعر الغزل والنّسيب بين الرّجال والنّساء إلا نادراً وفيما ينسجم مع خصوصيّة ظاهرة التّعلّق ولا يفسدها، لذا آمل أن لا تُترك قراءته ويزهد فيه. علماً أنّي اجتهدت أن أستشهد بشعر الشّعراء الملتزمين، ولم أحد عن ذلك إلا نادراً ولا غضاضة إن شاء الله تعالى.

(2) لم أستشهد بحبّ الصّحابة الكرام – رضي الله عنهم - للنّبيّ – عليه الصّلاة والسّلام – أو حبّهم لبعضهم البعض، ولم أنقل قصصاً – مع كثرتها – لعلامات حبّهم للنّبيّ الكريم، أو لمعاملته – عليه السّلام – لصحابته، أو حبّهم لبعضهم بعضاً؛ وذلك لأنّي لا أرى أنّ علاقة الصّحابة الكرام مع نبيّنا – عليه السّلام – أو علاقتهم فيما بينهم– رضي الله عنهم – تعلّقاً.

(3) استشهدت أحياناً بالحديث الضعيف – ولا ضير في ذلك – إذ أنّ المقام ليس مقام العقائد والأحكام، والحافظ العراقيّ يقول : (( وأمّا غير الموضوع فجوّزوا التّساهل في إسناده وروايته من غير بيانٍ لضعفه إذا كان في غير الأحكام والعقائد، بل في التّرغيب والتّرهيب من المواعظ والقصص وفضائل الأعمال ونحوها، أمّا إذا كان في الأحكام الشّرعيّة من الحلال والحرام وغيرهما أو في العقائد كصفات الله تعالى وما يجوز ويستحيل عليه ونحو ذلك فلم يروا التّساهل في ذلك، وممن نصّ على ذلك من الأئمة عبدالرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل وعبدالله بن المبارك وغيرهم وقد عقد ابن عدي في مقدّمة الكامل والخطيب في الكفاية باباً لذلك .))(1).

(4) اعتمدت كثيراً على كتاب الإمام ابن حزم الظاهريّ – رحمه الله تعالى -: طوق الحمامة في الألفة والألآف، كما هو الحال على كتاب الإمام ابن قيّم الجوزيّة – رحمه الله تعالى -: روضة المحبّين ونزهة المشتاقين. خصوصاً في الفصل الثّاني في الحديث عن علامات التّعلّق. بل الحقّ أنّ الفصل ما نهض إلا على كتابيهما. لذلك يمكنني أن أنقل أفكاراً لهما ولا أشير إلى ذلك في الحاشية.

(5) لا يُخدعنّ القارئ فلا يتصوّر المربّي إلا ذلك الشّاب والمتربّي هو ذلك الفتى القابعان في مسجدهما، بل إنّ المربّي قد يكون عالماً أو أميراً أو مدرّساً أو .... ، كما قد يكون ذكراً أو أنثى، شابّاً أو كهلاً. والمتربّي قد يطلق على الطّالب والجنديّ و... ، وأيضاً قد يكون ذكراً أو أنثى، أو شابّاً أو كهلاً.

      وكما أشرت سابقاً إنّ ظاهرة التّعلّق بين المربّي والمتربّي كانت لمّا تبحث بعد. و ما أشقّ أن يكتب المرء فيما لا يجد ما يعتمد عليه في أصل موضوعه. ومن المتوقّع أن يجد القارئ الكريم وما لا يتّفق ورأيه، لذا أرجو من كلّ فاضلٍ حريصٍ أن لا يبخل عليّ بنصحٍ أو توجيه.

     والله – تعالى - أسأل أن يجعل في هذه الأسطر فائدة ترتجى، وأدعوه -تعالى - أن يتقبّل ما كتبت ويجعله خالصاً لوجهه الكريم، وأن يتجاوز عن الزّلات .

} وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنّا للغيب حافظين { (1)

 

 

الرّياض في : 5 جمادى الآخرة 1423هـ

              14 آب 2002 م

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفصل الأوّل

التّعريف بظاهرة التّعلّق

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

      لم أقف على تعريفٍ فضلاً عن تعريفٍ جامعٍ مانعٍ لظاهرة التّعلّق كظاهرة تربويّة،. لذا سأقترح تعريفاً لها وسأجريه على طريقة علماء أصول الفقه محدوداً بجنسٍ وقيودٍ. لكنّي أجد من المناسب قبل أن أعرّف الظّاهرة أن أنقل بعض تعريفات لغويّة للتّعلّق، ففيها توضيحات لأبعاد المصطلح :

 فمثلاً يقول الشّيخ أحمد رضا: اعتلقه: أحبّه، وتعلّق الشّيء: علقه من نفسه، وفلانة: أحبّها(1) . ويقول محمد الباشا: عَلِق – عَلَقاً وعُلُوقاً وعلاقَة الشّيء الشّيء وبه: نشب فيه واستمسك به. – فلانٌ فلاناً وبه: تمكّن حبّه من قلبه(2). ويقول حسن سعيد الكرمي: تعلّق يتعلّق تعلّقاً: الولد بأبيه عند الفراق: أمسك به وتشبّث، وتعلّق الرّجل المرأة أو بها: أحبّها، وتعلّق الشّوك بالثّوب: تشبّث، وتعلّق الثّوب على الشّجرة: سقط عليها وعلق.

ويقال: هذا الكلام يتعلّق بما سبق قوله: أي يتّصل بعلاقةٍ ومناسبةٍ، وتعلّق قلبه امرأة: أحبّها، ومنه قول امرئ القيس:

تعلّق قلبي طفلة عربيّة              تنعّم بالدّيباج والحليّ والحُلل.

ويقول: التّعلّق: هو النّسبة بين شيء وآخر كالعلاقة بين العالم والمعلوم وبين التّابع والمتبوع في معادلة جبريّة، والتّعلّق في العربيّة: هو نسبة الفعل إلى غير الفاعل. والمتعلّق: هو الذي يتعلّق والمتعلّق هو الذي يأكل اليسير ويكتفي به ولا يتشرّط ومنه قولهم : ليس المتعلّق كالمتأنّق(3)(4).

     أمّا تعريفي لظاهرة التّعلّق فهو: تمكّن الحبّ من القلب، وتأثيره على السّلوك بوجهٍ مخصوصٍ.

فجنس التّعلّق: هو التّمكّن، وهو الاستحكام والاستحواذ والأخذ بمجامع القلب والسّيطرة عليه. والتّمكّن غير الامتلاء؛ فالتّمكّن يخرج غيره كالحبّ القليل أو الكثير غير المسيطر.

 أمّا قيود التّعريف:

فالأوّل: هو الحبّ المتمكِّن من القلب، فخرج بهذا القيد غيره من الأمور التي قد تتمكّن من القلب أيضاً كالرّضا أو الإيمان.

والثّاني: هو القلب المتمكَّن منه، فالحبّ متمكّن من القلب لا من الجوارح أو العقل أو غيرهما.

 وأمّا الثّالث: تأثيره على السّلوك، فخرج به الحبّ الذي لا يؤثر على السّلوك وهو كثيرٌ.

والأخير: أنّه بوجّهٍ مخصوصٍ، أي أنّ لهذا التّأثير علاماته وأماراته وأسبابه الذّاتية. وغالب التّأثير هو تأثيٌر سلبيٌّ غير محمودٍ في التّربية .

     إذن فتعلّق المربّي بمتربيّه هو تمكّن حبّ المتربّي من قلب المربّي، وتأثيره على سلوك المربّي بوجهٍ مخصوصٍ. وأمّا تعلّق المتربّي بمربّيه فهو تمكّن حبّ المربّي من قلب المتربّي، وتأثيره على سلوك المتربّي بوجهٍ مخصوصٍ.

     والتّعلّق ظاهرة سلبيّة - مع أنّه ليس هناك شرٌّ محضٌ - في التّربية والتّعليم؛ لأنّه يؤثّر على سلوك الشّخص بوجهٍ سلبيٍّ؛ الأمر الذي يؤثّر على أهداف العمليّة التربويّة ومخرجاتها و على سلوك عنصريها الرّئيسين وهما المربّي والمتربّي.

     وهنا أودّ الإشارة إلى الفرق الكبير بين التّعلّق وبين الأخوّة الإسلاميّة، والذي يكمن في التّأثير بالوجه المخصوص السّلبيّ. فالأخوة مع ما فيها من تمكّن للحبّ من القلب إلا أنّها يجب ألا تؤثر سلباً على سلوك المربّي أو المتربّي بل إيجاباً بإذن الله تعالى. فالمتعلّق لا يرى إلا بعين حبّه أمّا الأخ المحبّ فيرى بعين الدّين والعدل ويحكم بحكمهما حتى لو اصطدم بحكم هواه وعاطفته .

     والأخوّة الإسلاميّة بالغاً ما بلغ عمقها هي علاقةٌ مطلوبةٌ محمودةٌ، وإن كانت قد تبدو في بعض حقوقها وواجباتها تتشابه مع علامات التّعلّق فلا ضير في ذلك.

     و لا بدّ أن لا يتوجّس المربّي أو المتربّي من قوّة العلاقة وعمقها ما دامت في سياقها المتّزن الصّحيح، بل إنّ قوّة العلاقة أمرٌ مطلوبٌ إذ أنّ التّربية لا تنهض إلا على حبّ المربّي لمتربّيه وحبّ المتربّي لمربّيه. بل كيف سيتمكّن المربّي من تغيير المتربّي نحو الأفضل من غير دافعٍ من حبٍّ و ودٍّ !! ، أليس دافعاً مهماً للصّبر والتّعب  على المتربّي هو حبّه والحرص عليه؟!. بل كيف سيتقبّل المتربّي ممن لا يحبّه؟! وهل يقدر أن يصارح مربّيه بمشاكله وهمومه من غير حبٍّ؟! .

      إنّ صورة الإفراط والتّفريط في العلاقة بين المربّي والمتربّي هي صورة قبيحة، فكم من مربٍّ تراه لا يحرص على توثيق علاقته مع من يربّيهم، بل إنّه يعتبر في سطحيّة العلاقة مغنماً وفي قوتها مغرماً؛ فلا تراه معهم إلا عابساً واجماً، لا يسأل عن أحوالهم ولا يؤاكلهم أو يمازحهم لأنّ في ذلك إفساداً للتربية – لقراءة الكتاب كاملا اذهب للتحميلات

 


(1) مصطفى لطفي المنفلوطي المجموعة الكاملة (بتصرّف) / ص233.

(1) فتح المغيث بشرح ألفيّة الحديث / ص137. للزيادة يراجع : المقنع في علوم الحديث / ج1 / ص104 . وللاطلاع على شروط العمل بالضّعيف وروايته يراجع : الوسيط في علوم الحديث ومصطلح الحديث / ص277.

(1)سورة يوسف / آية (81).

(1) معجم متن اللغة / ج4 / ص188.

(2) الكافي / ص705.

(3) الهادي إلى لغة العرب / ج3 / ص256 ، 257 ، 258.

(4) للمزيد ينظر : المحيط معجم للغة العربية /ج2 / ص880 ، والمعجم الوسيط /ج2/ ص662 ، والقاموس المحيط / ص276 .

 

nasr1234567

نصرالسني

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 520 مشاهدة
نشرت فى 20 يناير 2013 بواسطة nasr1234567

نصر السني

nasr1234567
نصر السني مهتم وباحث في الدراسات التربوية والإجتماعية »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

33,400