الكاتب

محمد سلماوي Fri, 21/01/2011 - 08:05 Average: Select ratingPoorOkayGoodGreatAwesomePoorOkayGoodGreatAwesome Your rating: لا يوجد Average: 3 (2 votes) ShareThis Share اطبعأرسل بالبريد

رابط دائم

بالتأكيد أن ما حدث فى تونس قابل للتكرار فى كل بلد يتوفر فيه مستوى راق من التعليم، وفى كل بلد لا يتعثر فيه عقل الشباب فى ضباب الغيبيات الشكلية والتطرف، ولقد كنا نتحدث أنا والصديق العزيز الروائى الكبير بهاء طاهر حول هبة الشباب التونسى التى أسقطت نظام الرئيس زين العابدين بن على، حين قال لى: لقد بحثت فى كل صور المظاهرات القادمة من تونس فلم أجد شاباً قد أطلق لحيته فوق صدره ولا فتاة توارت وراء نقاب أو حجاب، وتلك الملاحظة إنما تشير إلى أن من قاموا بهذا التغيير، الذى فاجأ العالم كله، يتمتعون بعقل راجح وواع ومستنير، لا عقل مغيب لا يملك إلا رفع شعارات تستخدم الدين بديلاً عن العمل السياسى الواعى الذى يعتبر الاحتجاج الشعبى أحد مظاهره فى جميع النظم السياسية فى العالم.

إن ما حدث تونس ليس فريداً من نوعه، ولا هو خاص بالعالم الثالث وحده، فقد شهدت فرنسا فى عام 1968 ومعها عدد من الدول الغربية الأخرى، هبة مماثلة قام بها شباب الجامعات أدت، هى الأخرى، إلى إسقاط الحكومات القائمة فى تلك الدول، والحقيقة أن مصر سبقت كل هؤلاء بحركات احتجاجية مماثلة طوال حقبة الأربعينيات من القرن الماضى، خرج فيها الطلبة فى المظاهرات وتعرضوا لرصاص القمع وفتحت من تحتهم الكبارى لكنهم مثل شباب تونس كانوا يسقطون الحكومات فتجرى انتخابات جديدة تأتى بحكم جديد.

وإذا نظرنا إلى كل هذه الحالات نجد أن وراءها جميعاً شبابًا تلقى تعليماً متقدماً يقوم على إعمال العقل لا تغييبه ويعتمد الفكر العلمى وليس الغيبى ويتسم بالتقدمية وليس بالسلفية.

لقد كان النظام القائم فى تونس سلطوياً قمعياً، لكن تونس كانت ومازالت تتمتع بنظام تعليمى متقدم تشير تقارير التنمية البشرية المتوالية فى السنوات الأخيرة إلى أنه أحد أفضل النظم التعليمية فى الوطن العربى، وإذا كانت بيانات الحكومة التونسية السابقة صادقة فإن التعليم يستحوذ على ما يقرب من ربع الميزانية العامة.

من هذا المنظور فإن ما حدث فى تونس لم يكن مفاجئاً فقد كانت أدواته قائمة فى المجتمع لأن وراءه عقلاً مستنيرًا لا يعوقه ضباب الغيبية الظلامية، ومن هذا المنظور لا يكون ما حدث فى تونس حالة استثنائية غير قابلة للتكرار إلا بقدر ما يكون العقل الواعى المستنير استثنائياً فى دولنا العربية.

ومن ناحية أخرى، يخطئ كل من يتصور أن وجود الاحتجاج الشعبى فى أى دولة من الدول يكفى لأن تتطور الأحداث بمثل ما تطورت إليه فى تونس، فإن الاحتجاج الشعبى كان هو الدافع وراء ما حدث فى تونس هذا صحيح، لكن أداة تفعيله كانت ذلك الشباب الواعى الذى يعمل العقل ولا يغيبه.

إن أحداث تونس لم تسقط فقط حكم الرئيس زين العابدين بن على لكنها أسقطت أيضاً التصور السائد فى الكثير من الأدبيات السياسية الخاصة بالوطن العربى والقائلة إن الحركات السلفية وحدها الفاعلة بين الجماهير، وإن الإسلام السياسى هو القوة المحركة فى الشارع العربى، لقد بحثت مع بهاء طاهر فى صور الشباب القادمة من تونس عن تلك السلفية فلم أجدها، بل وجدت شباباً واعياً ومتقدماً.. شباباً عصرياً وجميلاً برشا برشا!

المصدر: المصرى اليوم
  • Currently 30/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
10 تصويتات / 72 مشاهدة
نشرت فى 22 يناير 2011 بواسطة nahlamohamed

ساحة النقاش

nahla mohamed

nahlamohamed
اللهم صلى وسلم وبارك عليك يا حبيبى يا رسول الله عدد خلق الله وزنة عرشة ورضاء نفسة ومداد كلما ته وعدد الحركات والسكون »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

4,770