1- التربية الخاصة :
*- نشأتها ومفهومها :-
تعد التربية الخاصة (Special Education) من الموضوعات الحديثة في ميدان التربية وتعود البدايات المنظمة لهذا الموضوع إلى النصف الثاني من القرن الماضي .
ويجمع موضوع التربية الخاصة بين عدد من العلوم من ميادين علم النفس والتربية وعلم الاجتماع ويتناول موضوع التربية الخاصة الأفراد غير العاديين الذين يختلفون اختلافا ملحوظا عن الأفراد العاديين في نموهم العقلي والحسي والانفعالي والحركي واللغوي مما يستدعي اهتماما خاصا من قبل المربين بهؤلاء الأفراد من حيث طرائق تشخيصهم ووضع البرامج التربوية الخاصة بهم.
ولقد كان للتيارات والاتجاهات التربوية ولجهود التربويين والعاملين في مجال علم النفس والطب والمهتمين في المجتمعات البشرية في أوربا وفي الولايات المتحدة الأمريكية اكبر الأثر في نمو وتطور ميادين التربية الخاصة الذي يهتم بحاجات الجماعات والأفراد المختلفة وخاصة من الناس غير العاديين ومن المهتمين في ذلك المجال فروبل (Frubil) وبياجيه (Biadgel) وستراس (Stras) كان لهم ابلغ الأثر في تقدم ذلك الميدان حتى وصل إلى ما وصل عليه في الوقت الحاضر وكذلك كيرك (Kirk) الذي يعد من اكثر المهتمين في هذا المجال .
إن الاهتمام بتلاميذ التربية الخاصة والتفكير الجدي بالبرامج المناسبة لهم والاستراتيجيات والتقنيات المساعدة لهم من تعليمهم كيفية استغلال ما لديهم من قدرات والارتقاء بها إلى المستوى الذي يمكنهم من الاعتماد على أنفسهم سواء في الصفوف الاعتيادية أم من صفوف التربية الخاصة ومؤسساتها وهذا دليل على تطور النظام التربوي.
وبذلك احتل ميدان التربية الخاصة مكانة مرموقة نتيجة اهتمام الباحثين وعلماء التربية وعلم النفس والأطباء وغيرهم بتلاميذ التربية الخاصة حتى أصبح الاهتمام بهذه الفئات الخاصة يمثل موقعا متقدما في سلم الأولويات.
لقد عرف مفهوم التربية الخاصة من خلال تعاريف متعددة ومتباينة على وفق الأشخاص الذين عرفوها فمثلا عرفها احمد (1989) بأنها نوع من التعليم الذي يهتم بتقديم التعليم المناسب بكل فرد في ضوء ظروفه وقدراته واستعداداته وميوله واهتماماته مستخدما في ذلك الوسائل والطرائق والأساليب كافة التي تمكن هذا التلميذ من إتقان ما يتلقاه من علوم على وفق ظروفه.
ويقصد بها كذلك (مجموعة من الإجراءات والطرائق والأساليب التي تستخدم من اجل تقديم الخدمات التربوية لتلاميذ التربية الخاصة) .
وفي ضوء ما تقدم يمكن الاستنتاج بان التربية الخاصة هي جملة من الأساليب التعليمية الفردية المنظمة التي تتضمن تعليما خاصا ومواد ومعدات خاصة أو مكيفة وطرائق تربوية خاصة وإجراءات علاجية تهدف إلى مساعدة تلاميذ التربية الخاصة في تحقيق الحد الأقصى الممكن من الكفاية الذاتية – الشخصية والنجاح الأكاديمي على أن الهدف الذي تتوخى التربية الخاصة تحقيقه لا يقتصر على توفير منهاج خاص أو طرائق تربوية خاصة أو معلمٍ خاصاً ولكن الهدف يتضمن إيضاح حقيقة أن كل شخص يستطيع المشاركة في فعاليات مجتمعة الكبير وان كل الأشخاص أهل للاحترام والتقدير وان كل إنسان له الحق في أن تتوفر له فرص النمو السليم .
*- أهداف التربية الخاصة :
لقد تعددت وتنوعت أهداف التربية الخاصة على وفق التربويين والمهتمين في هذا المجال ويجب أن لا يغيب عن أذهاننا بان فئات التربية الخاصة هم ليسوا شريحة واحدة تماما إذ إن هناك فروقا فيما بينهم بحاجة إلى الدراسة وإلى أهداف تربوية خاصة تختلف باختلاف طبيعة تلك الحاجات .
وتتمثل أهداف التربية الخاصة بالنقاط الاتية :
<!--التعرف على التلاميذ غير العاديين وذلك من خلال أدوات القياس والتشخيص المناسبة لكل فئة من فئات التربية الخاصة .
<!--إعداد البرامج التعليمية لكل فئة من فئات التربية الخاصة .
<!--إعداد طرائق التدريب لكل فئة من فئات التربية الخاصة وذلك لتنفيذ وتحقيق أهداف البرامج التربوية على أساس الخطة التربوية الفردية .
<!--إعداد الوسائل التعليمية والتكنولوجية الخاصة بكل فئة من فئات التربية الخاصة لتسهيل عملية التعليم .
<!--إعداد الكوادر العلمية لتدريس وتأهيل وتدريب أصحاب هذه الفئات سواء في أثناء الخدمة أم قبلها ليتعاملوا باقتدار مع كل فئة من فئات التربية الخاصة.
وهدف التربية الخاصة عامة هو تقديم الخدمات للتلميذ الخاص لتوفير الظروف المناسبة له لكي ينمو نموا سليما يؤدي إلى تحقيق ذاته عن طريق تحقيق إمكاناته وتنميتها إلى أقصى مستوى تستطيع أن تصل إليه وان يدرك ما لديه من خدمات يتقبلها في جو يسوده الحب والأحاسيس .
مبادىء التربية الخاصة :
فيما يلي بعض المبادىء التي يستند اليها ميدان التربية الخاصة وهي ما يأتي:
<!--حق الرعاية والتعلم لجميع ذوي الحاجات الخاصة ويشمل كل الاطفال الذين يعانون من مختلف اشكال الاعاقة.
<!--تأكيد مبدأ الفروق الفردية بين من هم حاجة الى التربية الخاصة على الرغم من وجود حاجات متشابهة بين الفئات المختلفة.
<!--وضع الخطط التربوية الفردية منها والجمعية لمواجهة الاحتياجات التربوية الخاصة بكل فئة مع تحديد معايير معينة من الوصول الى الهدف في مستويات التحصيل والمهارات الحية والحركية والمهنية مع عدم اغفال دور الاسرة في هذا الجانب.
<!--تحديد السبل والوسائل والادوات التي يمكن استخدامها للمساعدة في تحقيق هدف احداث التغير في حياة التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة التي منها ما يخص (تقويم الاداء لهم).
<!--تقديم الخدمات التربوية الخاصة بالتلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة على وفق اسلوب الادماج* باقل محددات البيئة، ويتضمن هذا المفهوم على سبيل المثال وجود تلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة بمرحلة دراسية معينة مع اقرانهم العاديين لتوفير اقصى درجة ممكنة من التفاعل الاجتماعي.
<!--لم تثبيت بعض المستحدثات التربوية في مجال رعاية التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة على وفق نظام الصف الخاص نجاحها بوصفها بديلا تربويا مركزا علاجيا دائم الفائدة بل اصبح هذا الصف يمثل جزءا صغيرا جدا من المهمات الكبيرة التي تنادى بها التربية الخاصة. وبتقادم الزمن قد يفقد ذلك شيئا من مفهومه التربوي من خلال نظرة المجتمع اليه، مما يشكل عبئا تربويا تتحمله المؤسسات التعليمية.
<!--فسح المجال امام التلاميذ لاشباع هواياتهم وممارستها من خلال تجمعاتهم بوصفه اسلوبا علاجيا لتجاوز حالة الشعور بالنقص ومساعدتهم على تنمية الاداء الاجتماعي من خلال الممارسات السلوكية الايجابية (كيلانو،1995، 131-134).
<!--ان توفير الخدمات التربوية الخاصة للاطفال ، يتطلب قيام فريق متعدد التخصصات بذلك، حيث يعمل كل اختصاصي على تزويد الطفل بالخدمات ذات العلاقة بتخصصه، وغالبا ما يشمل الفريق: معلم التربية الخاصة، والمعالج النفسي، والمعالج الوظيفي، واخصائي علم النفس والمرشد، واخصائي التربية الرياضية المكيفة، واخصائي العلاج النطقي، والاطباء والمرضات، واخصائي العمل الاجتماعي.
<!--ان الاعاقة لا تؤثر على الطفل فقط، ولكنها قد تؤثر على جميع افراد الاسرة، والاسرة هي المعلم الاول والاهم لكل طفل، والمدرسة ليست بديلا عن الاسرة، فلكل من الطرفين دور يلعبه في نمو الطفل، كذلك لابد من تشجيع افراد الاسرة وخاصة الوالدين على المشاركة الفاعلة في العملية التربوية الخاصة.
<!--ان التربية الخاصة المبكرة اكثر فاعلية من التربية في المراحل العمرية المتقدمة، فمراحل الطفولة المبكرة مراحل حساسة على صعيد النمو، ويجب استثمارها الى اقصى حد ممكن، وكذلك يعتبر الكشف والتدخل المبكر احد المبادىء الرئيسية في ميدان التربية الخاصة، ويمكن تقديم هذا النوع من الخدمات اما في المراكز المتخصصة او في البيت.
*- استراتيجيات التربية الخاصة :
إن إستراتيجية التدريس لتلاميذ التربية الخاصة تتطلب الإحاطة بجانبين مهمين الأول أن تبنى الإستراتيجية بالطريقة الفردية أي أن يبنى لكل تلميذ برنامجاً خاصاً به وهذا ما يسمى استراتيجيات التدريس الفردي لكل تلميذ ، أما الجانب الثاني فهو وضع الأهداف بعد قياس مستوى الأداء الحالي إذ يتم بعد ذلك البحث عن إستراتيجية ما لتدريسها .
وتتمثل استراتيجيات التربية الخاصة بما يأتي :
أ- طريقة التدريب على العمليات (Process On Modality Training ) :
في ظل هذه الطريقة يتم تصميم خطة التدريس بهدف علاج وظائف العمليات التي تعاني من ضعف أو ضمور عند الطفل على سبيل المثال إذا كان الطفل يعاني من م
شكلة في القراءة نتيجة لضعف مهارات التمييز السمعي في هذه الحالة يمكن إعطاء الطفل تدريبا على التمييز بين احد الأصوات وصوت آخر الأول هنا هو أن تستمر هذه المهارة في النمو والتطور من ثم تسهل التقويم في المهارات الكلية للاستماع والقراءة فيما بعد .
واضح من أسلوب التدريب على العمليات أن التدريب على إحدى العمليات له قيمته في حد ذاته دون النظر إلى علاقة ذلك بالنجاح الأكاديمي في المستقبل بمعنى آخر فان بعض المهارات الإدراكية المعينة تعد ضرورية ولها قيمتها في حد ذاتها .
ب- أسلوب تحليل الواجب التعليمي (Task Analysis Procedure ) :
يتطلب أسلوب تحليل الواجب التعليمي بوصفه طريقة علاجية تحديدا دقيقا وفهما واضحا لكل الخطوات الجزئية المطلوبة لتعلم أي واجب من الواجبات .
ويعد بوش (Bush) (1976) من اشد المتحمسين لهذه الطريقة ويقول "إن هذا الأسلوب يسمح للمعلم أو للقائم بالتشخيص أن يحدد تحديدا دقيقا الخطوة التي تصلح أن يبدأ منها تعليم الطفل ويمكن الحصول على مثل هذه المعلومات من خلال القياس والملاحظة التي تتم بعناية فائقة عندما يفشل الطفل في أداء واجب ما ، يقوم المعلم بتحليل هذا الفشل في محاولة منه لتحديد ما إذا كان الفشل يرجع إلى طريقة في عرض وتقديم المادة التعليمية أم انه راجع إلى طريقة الطفل للاستجابة للموقف" .
على سبيل المثال قد يطلب المعلم من تلاميذه القيام برسم دائرة حول إحدى الصور في الكتاب المدرس بحيث تتم عملية الرسم مع إيقاع كلمة يرددها المعلم شفويا قد تتضمن الخطوات المطلوبة للقيام بهذا الواجب معرفة الطفل السابقة للصورة ومهارة التفكير السمعي والقدرة على المقارنة بين الكلمات وفهم كلمة (إيقاع) المهارات الحركية اللازمة لرسم الدائرة.
ويمكن كذلك تحليل كل خطوة من الخطوات السابقة إلى عمليات أخرى جزئية .
<!--[if !supportFootnotes]-->
<!--[endif]-->
* يشير الادماج بمعناه الشامل الى مجموعة من الاجراءات والممارسات التي تزيد من فرص الفرد للمشاركة القصوى في الحياة الثقافية والاجتماعية.