الهيروغليفية وتفسير الحروف المقطعة في القرآن الكريم
عندما نتعرض لكتاب يعنى بالتفسير للقرآن الكريم ، فمن واجبنا أن ننقل ما قاله المؤلف ونترك للمتابع التعليق أو حتى مراسلة المؤلف إن رغب في ذلك .
ونحن الآن أمام أحد الكتب الغريبة في تناول التفسير للقرآن الكريم وبالتحديد الحروف المقطعة (الحروف النورانية) واسم الكتاب هو : "الهيروغليفية تفسّر القرآن - شرح ما يسمى بالحروف المقطعة" لمؤلفه سعد عبد المطلب العدل والناشر مكتبة مدبولي .
- في مقدمة الكتاب تعرض الكاتب لجميع الأقوال والتفسيرات التي كتبت عن الحروف المقطعة تعكس درايته الواسعه واطلاعه على العديد من التفسيرات، ولا داعي لذكرها لأن جلها تم شرحه في عديد من الروبط بموقع الأرقام ، وخاصة الرابط الخاص بفواتح القرآن (تجدونه أسفل الصفحة).
- كما أن المؤلف قدم تحليلا بيانيا من حيث اللغة العربية وقواعد الترقيم مما يعود بالفائدة والنفع .
ولكن ما ذكره في خلاصة القول وقد قمنا بنقله حرفيا وهو :
يقول الكاتب : (فمن قائل بأن هذه الحروف هي أسماء الحروف الهجائية ، وآخر يقول : إنها أسماء للسور ، وثالث يقول : إنها إعجاز على أنها حروف الكلام ، ورابع يقول إنها أسماء الله تعالى ، وخامس يذكر لنا أنها اختصار ومفتاح لأسماء وسادس يقول بانها أقسام .
ونحن نرى بعد ما فتح الله علينا بفضله ما يلي :
-
إن هذه الرموز ليست هي حروف المعجم وإن تشابه البعض منها ، فالمعروف ان حروف المعجم عددها يبلغ 28 حرفا بل وربما 29 ، والحروف التي ذكرت في أوائل السور لا يزيد عددها على 14 ، وإن قلنا أن الم تشابهت مع الألف واللام والميم في شكلها ونطقها فإن الر : يتشابه فيها الألف واللام ، أما ر ففي القراءات هي ر مفتوحة وليست راء ، وفي كهيعص يتشابه الكاف ، ولكن هيع لا تتشابه حيث تقرأ هاي عيين ، فهذا ليس النطق الصحيح للهاء والعين ، أما طـه فهي ليست حروف الهجاء طاء هاء ، وطس ليست طاء سين ، وفي يـس ليست ياء سين ، إنما ياسين . أما في حـم فلو كانت حروف الهجاء لنطقت : حاء ميم ، وكذا عسق فهي تقرأ عيين . اما من ناحية إعرابها فنحن لا نرى في القراءات أي تنوين لها ، فلو كانت هي من حروف الهجاء لنونت مثلا ولقلنا : بدلا من ألف لام ميم ألفٌ لامٌ ميمٌ بالتنوين ، وهذا ليس الحال هنا . وعلى هذا فهي ليست حروف الهجاء ولا هي أسماؤها .
-
أما من يقولون بأنها أسماء للسور فنقول لهم : إن الاسم يطلق ليميز المسمى عن باقي الأشياء حتى لا تختلط . فكيف نسمي سورة البقرة مثلا سورة ألم وكيف نميزها عن سورة آل عمران أو سورة لقمان أو غيرها (وهي تبدأ بنفس الرمز) ، أو كيف نميز الحواميم عن بعضها لو تسمت كلها حم ، وكذا في الطواسين .وبناء عليه لا يصح هذا الفرض أيضا .
-
ولمن يقولون إنها وردت لتدل على إعجاز ، فإننا نقول لهم : من ناحية انها إعجاز فهي وللحق كذلك ، ولكن ليس لأنها حروف الهجاء بل لأسباب أخرى سنعرض لها خلال البحث .
-
ولمن يقول أنها أسماء الله تعالى ، فإنه لا توجد أي إشارة لا في القرآن ولا في السنة في هذا الاتجاه ، ولا حتى في سياق الآيات التي وردت فيها توجد أي احتمالية لهذا ، فيبقى هذا الادعاء مجرد ادعاء حتى نثبت عدم صحته من خلال فصول كتابنا هذا (لا يزال الكلام للمؤلف) .
-
وأما الذي يقولون بأنها مفتاح واختصارات لاسم الله تعالى أو لنبيه . . . إلخ ، فنقول لهم هذا الكلام يفتح لنا باب الاحتمالات لما قد يكون مختصرا بعدد كلمات اللغة العربية طالما لم يقم دليل على صحة ما نفترض ، وحيث إن أصحاب هذا الاتجاه لم يقدموا ولو دليلا واحدا يثبت صحة ما يقولون ، فتبقى فرضيتهم كما هي في عداد الفرض ونظرية الاحتمالات .
-
واما من يقولون بأنها أقسام أقسم الله تعالى بها ، فذلك من أبواب النحو ، وسنرد على ذلك في كل سورة على حدة .
بعد هذا العرض الوافر للاتجاهات المختلفة في تفسير هذه الرموز وبعد الرد المختصر عليها (سنعرض لتفسيرات وتأويلات أخرى عرضها بعض المفسرين ، مع تفسير كل سورة ، ونرد عليها بالنقد والتفنيد بعين العقل والمنطق كل في حينه) .
نقول بعد كل هذا : إن النظرية التي تعتبر هذه الرموز حروفا قد بدأت تضعف وتتهاوى ، بل إن الافتراضات التي تحيلنا إلى أشياء غيبية أخذت الآن في الوهن والانحسار ، لا لشيء إلا لأن تفسيرا علميا أصبح ملحا وضروريا .
والفرضية المقابلة - ولا أقول المضادة - تلخص نفسها الآن وتتبلور في كونهذه الرموز ليست حروفا على الإطلاق .
إذن :
الفرضية القديمة : هذه الرموز هي حروف الهجاء .
فرضـــــــــــيـتنا : هذه الرموز هي كلمات وجمل .
منهج البحث
روى الترمذي عن عبد الله بن مسعود قال : قال النبي (صلعم) من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول ألم حرف ، ولكن ألف حرف ، ولام حرف , وميم حرف - صدق رسول الله (صلعم) . والمتأمل في معنى ودلالة الحديث الشريف لا بد وأن يكوون لفت نظره تلك الجزئية : لا أقول الم حرف : فمن البديهيات أنها ليست حرفا واحدا وإنما ثلاثة أحرف (إذا اعتبرنا أنها حروف الهجاء) فماذا يقصد الرسول الكريم من قوله إذن : لا أقول الم حرف ، إلا إذا كان يقصد بكلمة حرف معنى آخر غير مسمى حرف الهجاء ، فهل تعني كلمة - حرف - معنى غير ذلك ؟؟ لننظر في المعجم :
ففي "لسان العرب" من معاني كلمة حرف : حرف من حروف الهجاء ، الأداة التي تسمى الرابطة ، القراءة التي تقرأ على أوجه ، والحرف في الأصل الطرف والجانب ، والحرف : الكلمة - يقال هذا الحرف ليس في لسان العرب ، والحرف : اللغة واللهجة ومنه الحديث الشريف (نزل القرآن على سبعة أحرف) .
وعلى هذا تكون الرموز التي تبدأ بها السور هي كلمات وجمل : ولما وجدنا أن هذه الكلمات لا تؤدي إلى معنى من المعاني في اللغة العربية كان لزاما علينا ان نبحث في لغة أخرى من اللغات القديمة أو المعاصرة للغة القرآن .
ولكن هل كل اللغات على وجه البسيطة معنية بهذا الأمر ؟!! .
لقد اختص الله عزّ وجل منطقتنا وهي قلب العالم بكل الرسالات السماوية ، فهل كل لغات المنطقة معنية بالأمر ؟ وهل كل لغات المنطقة مقدسة ؟
بالطبع لا ، فاللغة المقدسة هي تلك التي تنزلت بها رسالة على رسول ، أو نبوة على نبي ، واكتسبت قدسيتها من باب أن الله تعالى خاطب بها الأنبياء والرسل وسائر البشر الذين ما تنزلت الرسالات إلا من أجلهم ومن أجل هدايتهم ودعوتهم إلى الله ووحدانيته .
فإذا غصنا في أعماق التاريخ الديني لكي نحدد أي اللغات مقدسا ، وأيها غير مقدس ، للاحظنا ما هو جدير بالملاحظة :
الملحوظة الأولى :
اللغة العبرية قد تنزلت بها رسالات أنبياء اليهود ؛ بعد إبراهيم إسحق وإسماعيل ثم يعقوب وأبناؤه ، ولنا هنا عدة ملاحظات جدبرة بالاهتمام :
( أ ) أن نبي الله يوسف هو من أبنا يعقوب قد تربى عاش معظم حياته في مصر ، ولا بد أن يكون قد أتقن اللغة المصرية القديمة ، فإذا كان قد بلغ عن الله أي تبليغ فلزم أن تكون اللغة المصرية هي لغة التبليغ ، وحتى وإن كان لا يزال يذكرلغته الأم .
(ب) نبيّ الله موسى ولد وتربى في مصر لا بد أن يكون قد بلغ باللغة المصرية حتى وإن تكلم العبرية إلى جانبها ، وقصص القرآن لهي خير دليل لنا في هذا المقام ، حيث مسرح أحداث القصة يدور في مصر ومع فرعون مصر .
(جـ) سلسلة الأنبياء كداود وسليمان وحتى زمن عيسى بلغوا فيما يبدو باللغة العبرية أو إحدى لهجاتها ، مع العلم أن داود مثلا قد تأثر في مزاميره بأناشيد إخناتون التي ترجمها مما يدل على علمه باللغة المصرية ، ومن المعروف لدى كل علماء المصريات الآن أن المزمور رقم 104 لداود يكاد يكون ترجمة حرفية لترنيمات إخناتون في الوحدانية ، فهل كانت اللغة المصرية في ذلك العهد هي لغة أهل الزمان أو كانت لغة عالمية لكل من أراد أن يعبر .
ومن المعروف أيضا أن النبي سليمان حتى ولو تكلم العبرية ، إلا أن الحكم المأثورة عنه تكاد تكون أيضا ترجمرة حرفية لحكم الحكيم المصري (أمنوبي) ، فهل أتقن هؤلاء الأنبياء اللسان المصري آنذاك أم كان هؤلاء المصريون - إخناتون وأمنوبي - من الأنبياء الذين قال فيهم رب العزة لرسوله : (ومنهم من لم نقصص عليك) أم نقلوا عن أنبياء لا نعرفهم ، أم اقتضت عالمية اللغة المصرية ذلك ؟!
حتى نبي الله عيسى كما يذكر لنا التاريخ المسيحي كان قد قضى طفولته في مصر، وهذا ثابت في رحلة العائلة المقدسة ، فلا مندوحة من التسليم أنه كان يعرف اللسان المصري آنذاك والمعروف لنا الآن باللغة القبطية . فلما عاد إلى فلسطين بلغ بلهجة من لهجات العبرية ، ربما اللهجة الآرامية .
حتى أن أحد حوارييه - مرقص - الذي كلف بنشر الدعوة في مصر وأسس الكنيسة المرقصية بها والتي ما زالت هي مذهب القبط حتى الآن ، لا بد وأن يكون قد عرف اللسان المصري وإلا كانت دعوته للمسيحية في مصر كقبض الريح وغير ذات مضمون كبير وغير مفهومة بدون وسيط اللغة .
( د) ولا نريد في هذا المقام أن نشير قضايا كبرى مثل مصرية سيدنا إبراهيم وسيدنا لوط عليهما السلام ، أو نقول إن نوحا عليه السلام كان مصريا ، وسنفرد إن شاء الله لكل منهم كتابا يثبت ذلك .
ونستطيع من كل ذلك أن نستنتج حقيقة تاريخية هامة ألا وهي :
اللغة المصرية القديمة والمعروفة الآن تحت مسمى "اللغة الهيروغليفية" كانت لغة عالمية ، وكانت لسان العصر لكل من أراد أن يعبر أو يكتب أو يتكلم ، ربما لا نبالغ إن قلنا حتى بعثة نبينا محمد (صلعم) .
الملحوظة الثانية :
أن بعض هذه الرموز التي تصدرت بها بعض السور القرآنية مثل : ق ، ص ، ن ، لها شكل مميز شبيه بصورة الأفغال في اللغة المصرية القديمة ، وبالذات أنها لا تحمل نهايات في آخرها ولا تتغير مع تغير الفاعل أو المفعول به ، فإن لها صورة واحدة هي صورة المفرد المذكر حتى وإن اختلف فاعلها من حيث التذكير والتأنيث والإفراد والتثنية أو الجمع ، وتأكيدا لهذا الكلام نستعرض الآتي :
خصائص اللغة المصرية القديمة
-
اللغة المصرية لا تعرف أداة التعريف أو النكرة ، وفي تفاصيل هذا ، انظر كتاب : Egyptian Grammer لمؤلفه Sir Alan Gardiner فقرة رقم 21 .
-
كما هو الحال في اللغات السامية توجد في اللغة المصرية أنواع الجمل من اسمية وفعلية ، فقرة 27 ، 28 نفس المرجع .
-
قد يأخذ الفعل شكلا واحدا في جميع الأزمنة ، فقرة رقم 30 .
-
قد تحذف نهايات الجمع والمثنى كما هو موضح بالفقرة 74 .
-
أداة العطف - الواو - لا توجد على الإطلاق ، فقرة 91 .
-
يحذف الفاعل إذا كان معروفا من السياق أو متوقعا أو غامضا ، فقرة 145 .
-
الديانة المصرية القديمة كانت تؤمن بالحياة بعد الموت وبالحساب بعد البعث ومن ثم فقد اشتملت مفرداتها على كلمات في هذا الاتجاه بل وتغطي كل مناحيه ، بل وكل الغيبيات .
ولا نريد هنا أن نسهب في شرح هذه السمات ولكن لأهميتها سنتناولها ثانية في حينه أثناء شرح معتى الرمز في السور ولكنا نجد أنفسنا هنا وفيما يخص الرموز التي في أوائل السور القرآنية نسلم بأنها كلمات من اللغة المصرية لما وجدناه من تشابه كبير من سمات تلك اللغة .
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن بكل إلحاح : ماهي علاقة اللغة المصرية القديمة .
-
أولا باللغة العربية ؟
-
وثانيا بالجزيرة العربية ؟
-
وثالثا وأخيرا بلغة القرآن الكريم ونصوصه ؟
وللإجابة على هذه التساؤلات نقول :
أولا : تعتبر اللغة المصرية من أقدم لغات العالم على الإطلاق ، ومن ثم فقد أثّرت وأثْرت اللغات الأخرى بتأثيراتها وثرائها ، ولسنا هنا في مقام تحديد أي اللغات أقدم من الأخرى ، ولكنا هنا سنعجب كل العجب عندما نجد كلمات لا تعد ولا تحصى موجودة في قاموس اللغة المصرية وموجودة أيضا في معجم لغتنا العربية نسوق منها على سبيل المثال لا الحصر : مادة ب ر ك :
وسندهش كثيرا حين نرى كل هذه المعاني في المعجم العربي .
وثانيا : علاقة اللغة المصرية بالجزيرة العربية ؛ فالجزيرة العربية وهي الأرض التي بارك الله فيها للعالمين ولا ريب ، وهي الأرض التي اختصت ببيت الله الحرام ، ولكننا وللمفاجأة نجد أن معظم مسمياتها من أسماء للأماكن والمدن والجبال بل وبعض أسماء القبائل والنبات والحيوان ، نجد أنها مسميات معجمة لا تبوح لنا اللغة العربية بسرها ، وحيث إننا لسنا من أنصار المبدأ الذي يقول بأن "الأسماء لا تعلل" فقد رأينا من واجبنا أولا : أن نشير إلى تلك المسميات ، وثانيا : محاولة توضيح أصولها وإلى ما قد تدل عليه من معنى .
فأسماء المدن والأماكن مثل : تيماء ، فدك ، تبوك ، الحجاز ، خيبر ، حصن نطاه ، حصن الوطيح ، مكة ، والطائف ويثرب . . . إلخ هي أسماء معجمة ليس في اللغة العربية إمكانية لتوضيحها ، نوضح بعضا منها فيما يلي :
تيما : وتكتب بالمصرية هكذا : وتعني : الأرض الجديدة أرض الحقيقة ، المصريون الذين قدموا من ناحية البحر .
الحجاز : وتكتب هكذا : وتعني النور .
خيبر : وتتكون من مقطعين وتكتب هكذا : وتعني (كتيبة أو فصيلة) الألف جواد (سلاح الخيالة) .
حصن نطاه : وتكتب هكذا : وتعني نوع من العمالة .
حصن الوطيح ، وطيح : وتكتب هكذا : وتعني : الذين يعملون في صهر الذهب (الصاغة) .
مكة (بكة) : سيأتي شرحها في كتابنا القادم إن شاء الله (الكلام للمؤلف) .
يثرب : سيأتي شرحها مع شرح سورة البقرة (سنتعرض لها ضمن الأمثلة) .
الطائف : وتكتب هكذا : وتعني الشرقية أو الأرض الشرقية (وهي تقع فعلا في شرق مكة المكرمة تماما) .
وأسماء الجبال : آرة ، ابلى ، برثم ، بس ، ثبير ، تعار ، حراء ، خطمة (هضبة) ، رضوى ، سن ، ضعاضع ، عرفات ، عن ، عير ، قرقد ، معدن إبرام ، مغار ، هكران ، يسوم . . . إلخ .
وإليك بعض النماذج لأسماء الجبال :
برثم : وتكتب بالمصرية هكذا : وتعني : بيت (مكان) النار (في الأولى) ، بيت التفكر (في الثانية) .
يس : وتكتب هكذا : أو هكذا : وتعني في الأولى : سر ، أو في الثانية : المهجر .
تعار : وتكتب هكذا وهي مقطعان : وتعني : أرض الماعز ، أو أرض الحجر النفيس .
حراء : وتكتب هكذا وهي مقطعان : وتعني : أطلال أو خرائب ناتجة بسبب الكواكب والنجوم .
خطمة : وتكتب هكذا : وتعني الكنز .
عن : وتكتب هكذا : وتعني : المغطى بالحجر الجيري ، أو ربما الجميل .
عرفات : وتكتب هكذا : وتعني : بوابة السماء أو باب السماء أو سلم السماء أو مكان الصعود إلى السماء .
ومن أسماء النبات : العرتن ، العرعر ، العرفط ، العشرق ، والهمقع . . . إلخ .
عرتن : وتكتب هكذا : وتعني : نوع من البقوليات ربما العدس .
عشرق : وتكتب هكذا : وتعني : مضاد (حيوي) لحالة ما يسمى الشرقة أو الغصة .
همقع : وتكتب هكذا : وتعني : مادة للسخونة أو القيء ( ويبدو أنها نباتات كان لها استعمالات طبية) .
ومن أسماء القبائل والطوائف والجماعات : أوس ، ثقيف ، جسر ، جشم ، خثعم ، خزاعة ، فهر ، قريش ، هوزان . . . إلخ
كل هذه المسميات ليس لها أي معنى في اللغة العربية ، وسنقدم الآن ترجمة لبعض النماذج منها لنثبت أن هذه المسميات لها أصول في اللغة المصرية القديمة :
أوس : وتكتب هكذا : وتعني : الإدارة (وسنتكلم عنها بإفاضة في كتابنا القادم) .
ثقيف : وتكتب هكذا : وتعني معسكر (عسكري) مقر الكتيبة او الفصيلة. (الكلمة الأولى تعني حرفيا : أخلاق وصفات الموظفين ، وربما أن كلمة "ثقافة" مشتقة من هذه الكلمة بناء على ذلك) .
جسر : وتكتب هكذا : وتعني : المقدس ، الحرام ، العظيم ذو الشرف .
أضف إلى ذلك أن جميع أسماء القبائل اليهودية التي تواجدت على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كلها أسماء من اللغة المصرية على عكس ما كان متوقعا أن تكون عبرية مثلا : خزاعة ، قريظة ، النضير ، الاوس ، الخزرج ، قينقاع . . . إلخ ومصطلحات مثل : أطم أو آطام وصياصي وغيرها .
وترجمة بعضها من اللغة المصرية كما يلي :
النضير - نضير : وتكتب هكذا : وتعني : الملك .
قينقاع : وتكتب هكذا : وتعني : كتيبة الألف من الحرس الملكي (المدافعين) .
خزاعة : وتكتب هكذا : وتعني : كتيبة (هيئة) الألف من الموظفين الملكيين .
أطم أو أطمة : وتكتب هكذا : وتعني : مزرعة ، أيضا بمعنى عزبة أو أبعادية .
* * *
ثالثا : علاقة اللغة المصرية بالقرآن الكريم :
نعرض فيما يلي لبعض النماذج لكلمات في القرآن الكريم ، علاقتها باللغة العربية ضعيفة ، ولذا نجدها موضحة بآيات تشرح معناها أو تتساءل عن مرادها ومفادها :
أمثلة : (كَلَّا لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ {4} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ {5}) و (الْحَاقَّةُ {1} مَا الْحَاقَّةُ {2} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ {3}) و (الْقَارِعَةُ {1} مَا الْقَارِعَةُ {2} وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ {3}) . وكلمات مثل : حور عين ، الصاخة ، علق ، برزخ ، فردوس ، الطامة ، ونقدم شرح بعضها بشيء من التفصيل كما يلي :
الطامة : وتكتب بالمصرية هكذا : وتعني : المختبئة أو المخفية أو المفاجئة الشاملة .
علق : وتكتب هكذا : وتعني : العقل والفهم والإدراك .
" وقد وردت كلمة - علق - في سورة العلق وسميت السورة بها ، وهي أول آيات تتنزل من القرآن ، وقد وجد المفسرون تشابها بين هذه الكلمة وكلمة - علقة - فقالوا إن معناها تلك المرحلة من التخليق للجنين ، ونرى أن هذا الكلام يجانبه الصواب ؛ فكلمة علقة لم تأت في القرآن إلا في هذه الصورة المفردة المؤنثة ، وهي ليست أول مراحل التخليق في الجنين وليست آخرها ، هذا بالإضافة إلى أن معنى كلمة علق في سياق الآية لا يوحي أبدا بمعنى كلمة علقة فلنقرأ النص : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ {1} خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ {2} اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ {3} الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ {4} عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ {5}) .
وكما قلنا فهذه الآيات هي أول ما تنزل من القرآن ، ولا يعقل أن تبدأ السورة بكلمة - اقرأ - وهي من وظائف الفكر والمعرفة والعلم وباسم الله الخالق العليم ، ثم يتبع ذلك تذكير بعملية الخلق المهين (من ماء مهين ، كما ورد فيما بعد من آيات في سور أخرى) ، ولا سيما أن الآية التي تليها - اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ - فقد خلق الله الإنسان وكرمه لا لانه خلقه من علقة ولكن لأنه اختصه دون سائر المخلوقات التي لا علاقة لها على الإطلاق بكلمة علقة . وإذا تدبرنا الآيات : لوجدنا أن الأمر للرسول بالقراءة باسم الله الذي خلق ، وهذا الخلق عام ينطبق على كل ما خلق الله ، أما خلق الإنسان من علق فهذا خلق آخر وتمييز للإنسان عما سواه ، فلا يصح أن يكون معنى علق يساوي علقة فما هذا بتمييز للإنسان عن سائر الحيوانات (لاحظ أن تكرار كلمة خلق ليس من نوع التكرار الذي لا يفيد بل قمة البلاغة) ، وتكريم الله للإنسان (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ) أن ميزه بالعقل ، ولهذا نجد الآيات التالية تسير معنا في هذا الاتجاه ، فالله الذي علم بالقلم - لاحظ أن مهمة التعليم بالقلم هي وظيفة لا تنطبق إلا على جنس الإنسان ، فقد علم الله الغنسان أي أعطاه القدرة على العلم والتعلم ثم علمه ما لم يعلم ، وبشرح كلمة علق بهذا المعنى كانت موجودة في اللغة العربية القديمة وتوارت بقلة استعمالها) يتضح المعنى الحقيقي للآيات" .
الصاخة : وتكتب هكذا : وتعني : الضربة ، التي تصيب بالصمم ، الإنذار والإيذان بالحلول والتهديد .
الحاقة : وتكتب هكذا : وتعني : الساحقة الكبرى .
الحطمة : وتكتب هكذا : وتعني : مكان القصاص ، مكان العذاب الأكبر في الآخرة . وله علاقة أيضا بانصهار المعادن كالنحاس مثلا . والفعل من هذه الكلمة : يكفرعن سيئاته ، يدفع مقابل ما أذنب (وكل هذه المعاني تدور في عالم الآخرة) . والصفة : الملعونون ، أعداء الله .
حور عين : وتكتب هكذا : وتعني : الوجوه الجميلة (جمالا حقيقيا) .
سَمْك : (رفع سمكها فسواها) وتكتب هكذا : وتعني : الأعمدة والعائم الحاملة والأساطين .
فردوس : وتكتب هكذا : وتعني : دار البقاء الأبدية .
برزخ : وتكتب هكذا : وتعني : بيت الحماية ، بيت التذكر أو الذكرى . . . وغير هذه الكلمات والتعبيرات كثير .
وكلها كلمات تصف إما ما يحدث في الآخرة أو ما يدور في الملأ الأعلى ، وهذا يذكرنا بالآيات في سورة البقرة : (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ {30} وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ {31} قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ {32} قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ) ، فبأي لغة علم آدم ، أعلم باللغة المصرية القديمة ، حيث أنها أقدم لغات العالم ؟ وهل كانت لغة آدم لما هبط إلى الأرض هي اللغة المصرية ؟؟!!
فنحن لسنا من أنصار من يصورون الإنسان البدائي في هذا الشكل الممقوت الذي يصور به الإنسان وكأنه لا يعلم شيئا ولا يتكلم لغة مفهومة وانه هو الذي طور لغته بنفسه ، فإن كان الأمر كذلك ، فأين ما علم آدم ، وأين التكريم الذي كرمه الله للإنسان ؟
ونحن نرى أن آدم لما نزل إلى الارض كان معلَّما ، وكان يتكلم اللغة التي عُلمها ، وهبط إلى الأرض فسكن أرض مصر - جنة الرب كما يقول عنها اليهود في كتبهم - فصارت لغته التي عُلمها في السماء هي لغة أبنائه وأحفاده من بعده ، وصارت إلى اللغة المصرية التي نتكلم عنها في كتابنا هذا .
وهل اللغة المستخدمة في الكلام في الملأ الأعلى هي اللغة المصرية ؟؟!!
ونحن نرى أيضا أن الكتب السماوية الأولى ربما كانت تحمل إشارات إلى هذه المعلومة كصحف إبراهيم وتوراة موسى الحقيقية ، مؤداها أن لغة الملأ الأعلى هي تلك اللغة التي تسمت فيما بعد باللغة المصرية ، وان هذه الإشارات في أوائل السور القرآنية تصح ان تكون المفتاح السري الذي يتم من خلاله التعرف ما إذا كانت رسالة محمد من عند الله ، فخاصة الخاصة من أحبار اليهود كانوا يعلمون هذه الشفرة ومن خلالها آمن منهم من آمن واستكبر من استكبر ، فهم ولا شك في ذلك كانوا ما زالوا يعرفون اللغة المصرية حتى على عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، وهي لغتهم في الأصل (وليس العبرية كما يتوقع) .
أم أن اللغة التي علمها آدم في الملأ الأعلى كانت مختلفة بدليل أن الملائكة لما سئلوا عن تلك الأسماء لم يعرفوها (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا) .
على أي حال فهذا الموضوع لا نستطيع الآن أن نبت فيه بكلمة نهائية إلا بعد بحثه علميا مدققا في مناسبة أخرى ، ولعلنا بهذه الإشارات نفتح الباب لغيرنا لبحث الموضوع مستقبلا .
الفائدة والهدف المرجو من هذا البحث ومنهجه
المنهج الذي سنستخدمه في كتابنا هو :
تحديد الرموز القرآنية المعجمة التي في أول السور الـ - 29 ، وإعادة كتابتها بلغتها الأصلية ، ثم البحث في معانيها في قاموس اللغة المصرية القديمة ، ثم التأكد من صحة معناها في السياق ، سواء بالحس اللغوي التفسيري أو بما نستطيع الحصول عليه من كتب السيرة والسنة من إشارات في هذا الاتجاه .
وهدف هذا الكتاب :
-
تعيين اللغات المقدسة (- اللغة المصرية القديمة ، اللغة البابلية وعلى وجه التحديد في منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد ، واللغة العبرية ن اللغة العربية -) وإعلاء شأنها على سائر اللغات ، حتى نتفادى أن يفسر مجتهد كلمات معجمة في القرآن الكريم بلغات أخرى غير المقدسة لمجرد تشابه كلمة معها ؛ كأن يقول قائل في معنى (فرت من قسورة) : الأسد ، ويشرح كلمة قسورة بلغة اخرى (الحبشية) غير مقدسة مثلا (وكلمة قسورة أيضا كلمة مصرية وتعني : (رامي الحربة) . فإن هو فسر بها كلمة فلن تسمو تلك اللغة لتفسر كلمات أخرى ، وربما كانت تلك اللغة قد انتقلت إليها الكلمات من المصرية لانها ليست بأقدم من اللغة المصرية .
-
لا بد وأن يأتي المنهج بثمرة ويضيف إلى تفسير الآيات ما يستأهل الأخذ بهذا المنهج .
-
لا بد وأن يعاون المنهج على الكشف عن أسرار جديدة في القرآن ، من أسرار الله وعلوم وتاريخ . . . إلخ .
-
واخيرا ليتضح معنى الآيات التي ورد بها الرمز في محاولة للوصول إلى مراد الله عز وجل .
-
لتأكيد بلاغة القرآن حتى وإن احتوى بعض الكلمات المعجمة حيث غن وضعها في سياقها وتوظيفها في مكانها في الآيات يشير إلى بلاغة عالية رفيعة مما سنشير إليه في موضعه .
فاستخدام المنهج المذكور ليس مجرد شرح مفردات أو أن كلمة ما تساوي كلمة أخرى من لغة أخرى وحسب ، بل لا بد وأن تضيف هذه المعلومة الجديدة كشوفا جديدة إلى تفسير النص ، وشرحها يساعد في توضيح المراد الحقيقي الذي أراده الله عز وجل ، وإلا كانت هذه العملية برمتها لا فائدة منها ولا طائل .
ساحة النقاش