تعد وسائل الإعلام في أي مجتمع المسؤول الأول عن صياغة ونشر وتوزيع الأخبار والمعلومات والأفكار والآراء، حيث تمثل أهم الوسائل الفاعلة في المجتمع،
وتعتمد الحكومات والمؤسسات الحكومية والخاصة ومؤسسات المجتمع المدني والجمعيات والهيئات ذات الصلة بالمجتمع وشرائحه على وسائل الإعلام الجماهيرية على اختلافها سواء كانت (صحافة مكتوبة ،إذاعة ،تلفزيون ،سينما) في الوصول إلى الجمهور المستهدف والمتلقي الرسالة الإعلامية لتحقيق الأهداف من الاتصال الإعلامي.
ويختلف المجتمع في طبيعته وصفاته وتركيبته، والأشخاص من ذوي الإعاقة هم جزاء لا يتجزأ من كيان المجتمع وعندما نتحدث عن علاقة الإعلام بالإعاقة ونصنفها بأنها علاقة تفاعلية ومسؤولية متبادلة فإن ذلك يعني أننا ندرك ونعي أهمية توظيف وسائل الإعلام في إثارة قضايا الأشخاص المعاقين في المجتمع، واستغلال هذه الوسائل في التوعية الشاملة لكل أفراد المجتمع فيما يتعلق بمفهوم الإعاقة وبضرورة دمج فئة المعاقين مجتمعيا، وضمان كامل حقوقهم الإنسانية والحياتية ليكونوا فاعلين كغيرهم من الأفراد غير المعاقين.
ومع تطور القوانين الدولية التي تدعوا إلى حماية الأشخاص من ذوي الإعاقة تغيرت المفاهيم بتزايد الإهتمام التوعوي بهذه الشريحة المجتمعية غير أن معظم الاهتمامات لم تتطرق إلى تفعيل دور وسائل الإعلام في خدمة قضايا الإعاقة بشكل عام.
وعندما نتحدث عن رياضة المعاقين نجد أن الإعلام قادر على إثارة شغف الناس برياضة ما وحجبهم عن أخرى، وهذا نراه جليا حين يتعلق الأمر برياضة كرة القدم التي تحظى بأوسع شعبية بين جميع الرياضات في العالم، غير أن الإعلام العربي يتحدث عن الأشخاص من ذوي الإعاقة بإظهار العيوب وإثارة الشفقة ، حتى أن وسائل الإعلام لم تتفق على التسمية الصحيحة للشخص المعاق، كما أن المساحة التي تحتلها أخبار الأشخاص من ذوي الإعاقة جدا محدودة وعادة ما تكون في الصفحات الداخلية، كما لا تستخدم الصور في بعض الأخبار، وكأن الشخص المتحدث عنه، لا معنى لوجوده في الحقيقة.
من هذا المنطلق يتوجب على المؤسسات المعنية بقضايا الأشخاص من ذوي الإعاقة توطيد العلاقة بين المسؤولين في وسائل الإعلام وضرورة تصحيح الأفكار النمطية والخاطئة السائدة لدى بعض الصحفيين والمراسلين، وأيضا الجهات التي تعنى برياضة المعاقين، لها مسؤولية في إطلاع الصحافة على نشاطاتها، والمبادرة إلى إرسال مواد تسهم في تغيير نظرة المجتمع اتجاه المعاقين، وإبراز رياضة المعاقين التي لا تقل أهمية عن رياضات غير المعاقين، بل إنها تقدم نماذج عن قدرة الإنسان العظيمة في تحدي إعاقته وتحقيق النجاح رغم الصعوبات.
وهنا يتجلى دور وسائل الإعلام العربية، ألا وهو القيام بهذا الدور المعدوم في الوقت الراهن، وتسليط الضوء الكاشف على هذه النماذج الإنسانية الفذة، واهتمام الإعلام بالأشخاص من ذوي الإعاقة يعد واجبا على كل الوسائل الإعلامية المتخصصة في هذا المجال، وتلك المتخصصة في الجوانب الإنسانية والاجتماعية.
يعيش العالم الآن عصر الإعلام بامتياز، ذلك أنّ الإعلام أصبح مؤثّراً وفاعلاً في حياة الناس عامة، ويمكن أن يغيّر القناعات أو يحرفها، وقادر على خلق قناعات جديدة، ومن هنا نشعر بقوّة الإعلام في تشجيع المعاقين على ممارسة الرياضة لما لها من أثر فيزيولوجي ونفسي عليهم، إضافة إلى حثّ أفراد المجتمع على الاهتمام بهذا النوع من الرياضة وتشجيعهم على متابعتها ودفع المعاقين من حولهم على ممارستها.
وموضوع رياضة المعاقين والأبطال الرياضيين من ذوي الإعاقة من الموضوعات التي لا تقلّ أهمية عن أي موضوع اجتماعي آخر، بل قد تفوقه أهمية لما يرتبط بهذه القضية من تبعات، تترك أثرها على الشخص المعاق وأسرته ومجتمعه، ويلعب الإعلام بوسائله كافة بما فيها وسائل الإعلام المقروءة دوراً مهمّاً في تسليط الانتباه على القضايا المهمّة فيخرجها من دائرة التعتيم إلى دائرة الحوار والمعالجة، وقد يفعل العكس حين يتجاهل تلك القضايا أو حين يتحدث عنها دون أن يأخذ في الاعتبار المتغيرات التي تزيد من أهميتها أو تقلل من شأنها.
ويؤكد خبراء الإعلام وجود اهتمام عربيمحدود بموضوع الإعاقة منوط بالمناسبات، كما يؤكدون افتقار محرري الصحف للمعرفة الواضحة بمسميات ومصطلحات الإعاقة الصحيحة ما قد يؤثر سلباً في اتجاهات جمهور القراء نحو الأشخاص المعاقين، خاصة في ظلّ وجود فجوة بينالإعلاميين والتربويين المتخصصين في مجال التربية الخاصة من حيث تبادل الآراء والخبرات.
والاهتمام بقضية المعاقين ليس ترفاً إعلامياً، ويجب ألّا يُنظر إليهم على أنهم شريحة صغيرة من المجتمع، بل هو واجب وطني وإنساني تمليه مصالح الوطن وحاجات المعاقين وحقوقهم، وتأتي رياضة المعاقين على رأس الأولويات التي ينبغي الاهتمام بها، عن طريق تغطية فعاليات رياضات المعاقين، وتخصيص برامج حوارية حولها، لتوضيح دورها في تأهيل المعاقين وتحسين أوضاعهم الفيزيولوجية والنفسية، فضلاً عن إقامة الندوات والمحاضرات والأنشطة التثقيفية والإرشادية، لتوعية الناس بأهمية هذا النوع من الرياضة ودورها في دمج المعاق في المجتمع.
في هذا السياق، أظهرت الدراسات الإعلامية حول الإعاقة أهمية تنوع الرسائل الإعلامية ومضمونها وأسلوبها، حسب الفئة المستهدفة والمستوى التعليمي، وأن تتركز الرسائل الإعلامية الأساسية على الأنشطة الداعمة لنجاح الرسائل الإعلاميةوبالتالي الخطة الإعلامية، وأهمها تقديم البيانات والمعلومات الصحيحة عن الإعاقة للجمهور المستهدف، لمتابعة نتائج الحملة الإعلامية للترويج بشكل فعّال لرياضة المعاقين، من أجل الحصول على المؤشرات المطلوبة وتعميمها، ووضع الخطط اللاحقة.
وينبغي الاستفادة من تقنيات الرسائل الإعلامية والحقائب التدريبية، وغيرها من التقنيات، لإيصال الرسالة المطلوبة إلى الفئات المستهدفة عبر قنوات الاتصال المباشر المختلفة، وتشجيع أفراد المجتمع على متابعة هذا النوع من الرياضة، وبثّ البرامج الجذابة حولها.
ويوصي الخبراء المتخصصين في المجال بمجموعة من التوصيات للتعاطي مع قضايا الإعاقة عامة، ورياضة المعاقين بشكل خاص، ومنها:
- إجراء المزيد من الدراسات المتخصصة في مجال الإعلام والإعاقة، لدراسة دور وسائل الإعلام في تغطية قضايا الإعاقة، وعلى رأسها رياضة المعاقين.
- تأسيس لجنة خاصة بإعلام الإعاقة في الجمعيات المتخصصة بالإعلام في العالم العربي، يشترك فيها إعلاميون ومتخصصون في التربية الخاصة.
- إقامة دورات تدريبية وورش عمل مشتركة للعاملين في قطاعي الإعلام والتربية الخاصة، بما يساهم في تطوير الخبرات في مجالي الإعلام والإعاقة.
- إقامة ملتقيات دورية للعاملين في مجال الإعلام والإعاقة لتبادل الأفكار حول المستجدات في مجال الإعاقة.
- إعداد دليل عربي بالمسميات والمصطلحات اللغوية الصحيحة التي يستوجب استخدامها من الإعلاميين فيما يتعلق بمجال الإعاقة.
وجود مساحات إعلامية متخصصة يتيح المجال للإهتمام برياضة المعاقين إعلاميا
وعلى هامش ملتقى الإمارات لرياضة المعاقين أكد السيد ماجد العصيمي أمين سرّ اتحاد الإمارات لرياضة المعاقين أنّ الإعلام العربي لا يمنح رياضة المعاقين حقّها من الاهتمام مقارنة مع الإعلام الغربي، ويقول:بمقارنة سريعة بين ما يحققه أبطالنا من ذوي الإعاقة وما يحققه غيرهم من الرياضيين غير المعاقين، سنجد أن النتائج والميداليات العالمية التي نالها أبطالنا في دولة الإمارات أكثر بكثير مما حققه الرياضيون الآخرون، فقد استطاعوا رفع علم الإمارات في كلّ المحافل الدولية التي شاركوا فيها، وبهذا يستحقون الاهتمام من وسائل الإعلام، ولاسيّما بعد اتساع المجالات والتخصص لعدة قنوات فضائية وكذلك تخصص الصحف والمجلات والإذاعات الرياضية، فهذا يعني مساحة إعلامية أكبر، تتيح المجال للاهتمام برياضة المعاقين كما هو الأمر بالنسبة للرياضات الأخرى لتحقيق مفاهيم المساواة والعدل.
المطلوب من الإعلاميين العرب لخدمة قضايا الإعاقة بشكل عام
- الإهتمام بإبراز قضايا الأشخاص المعاقين والتعريف بخصائصهم وإحتياجاتهم وحقوقهم وواجباتهم من خلال توفير مساحات أوسع وأكثر تنوعا في مختلف وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة.
- مطالبة أعضاء الجمعيات والمؤسسات التي تقدم خدماتها لذوي الإعاقة في كل الدول العربيةبمواصلة السعي لتطوير العلاقة التفاعلية بين مختلف وسائل الإعلام والجمعيات العاملة في مجال ذوي الإعاقة ويمكن أن يتم ذلك من خلال إقامة ورش العمل والدورات التدريبية والندوات المشتركة بين فئة المعاقين وأولياء أمورهم والعاملين في الإعلام.
- حث المؤسسات العاملة في مجال الإعاقة والأشخاص المعاقين وأولياء أمورهم على أخذ المبادرة في الإتصال والتعاون مع وسائل الإعلام من أجل تبني قضايا ومشكلات الإعاقة والتعريف بها.
- دعوة وسائل الإعلام من تلفزيون وإذاعة وصحافة لإتاحة الفرص للأشخاص من ذوي الإعاقة للمشاركة في إعداد وتقديم أنواع البرامج تجسيدا لمبدأ دمج فئة المعاقين في المجتمع.
- دعوة الجامعات والكليات في الوطن العربي إلى تسهيل قبول الطلبة من ذوي الإعاقة وتوفير البيئة الملائمة لهم في أقسام كليات الإعلام من أجل تأهيلهم للعمل في المجال الإعلامي.
- دعوة الباحثين في الجامعات ومراكز البحوث في الدول العربية لمزيد من الإهتمام بإجراء الدراسات والبحوث حول قضايا الإعاقة في مختلف وسائل الإعلام بما يعزز التوجهات المجتمعية الإيجابية نحو الإعاقة والأشخاص المعاقين.
- تخصيص مسابقات لأفضل البرامج الإذاعية والتلفزيونية التي تعالج قضايا الإعاقة.
أهم قضايا الأشخاص من ذوي الإعاقة التي يجب تسليط الضوء عليها إعلاميا
- دور الإعلام العربي في إبراز أهمية تعليم الأشخاص من ذوي وتأهيلهم وتنمية مهاراتهم.
- دور الإعلام العربي في تسليط الضوء على دمج المعاقين وزيادرة تقبل المجتمعات لهم.
- تسليط الضوء إعلاميا على رياضة المعاقين وابراز نجاحات الأبطال من ذوي الإعاقة وتشجيع المجتمع على دعم هذه رياضة المعاقين وتقبلها.
- دور الإعلام العربي في دعم توظيف المعاقين وزواجهم واستقلاليتهم كحق إنساني وواجب وطني.
- دور الإعلام العربي في تصحيح وتوحيد مصطلاحات الإعاقة.