|
تلعب المواد الخام في السوق العقارية دورا مهما في زيادة أو خفض تكاليف الوحدات السكنية وسعرها النهائي.. وبرغم انخفاض أسعار معظم الخامات عالميا بنسب كبيرة جدا فإن الانخفاض في مصر مازال بنسب تافهة فيما يرجع إلي الاحتكار والسيطرة فرغم تراجع تصدير الأسمنت مازال يرتفع سعره والخشب إلا فمازال بأكثر من ضعف ثمن استيراده وكذلك الألومنيوم, كما أن الحديد فمازال سعره مرتفعا.. وجميع المواد البترولية مبالغ في أسعارها..
ويطالب الخبراء بأن تحكم الحكومة السيطرة علي الأسواق حتي تنخفض الأسعار علي الأقل بنسبة25% لتقترب من الأسعار العالمية, وخفض أسعار المواد البترولية والوقود بعد أن تدهورت أسعاره من170 إلي أقل من40 دولارا للبرميل.. وعدم وقف سوق الإنشاءات لأن ذلك سيكون كارثة تهدد الأمن القومي إذيعمل في مجال المعمار ملايين المواطنين بشكل مباشر وغير مباشر ويعولون أسرهم.. ويقول الدكتور حسين عباس أستاذ الهندسة المدنية بهندسة الأزهر إن تثبيت أسعار الخامات له دور مهم في تحديد أسعار السوق العقارية المصرية, وخلال الأيام القادمة من المتوقع انخفاض أسعار الأسمنت بشكل محسوس, لكن ليس بشدة نتيجة تقلص البرامج الإنمائية في المنطقة المحيطة بمصر التي كانت تستورد الأسمنت المصري إلا أنه بسبب حالة الركود الاقتصادي العالمي تراجعت عمليات التصدير. ويجب أن نضيف للحديد والأسمنت الزيادة الكبيرة التي تشهدها أسعار الزلط والرمل.
أسواقنا لن تهتز هل هذا الوضع يؤثر علي السوق العقارية؟ وبأي صورة؟.. يؤكد الدكتور حسين عباس إن السوق العقاري في مصر لم تهتز كثيرا حتي الآن لأن السوق المصرية لها خصائصها التي يتميز بها فنحو85% من الوحدات السكنية المنتجة إذا تحدثنا عن صناعة التشييد والبناء ـ يقبل عليها من هو في حاجة لشقة سكنية, سواء شعبية أو متوسطة أو عالية, و15% فقط من الوحدات تستغل كاستثمار ويجري تصقيع جزء منها مما تعطي ربحا أكبر دون متاعب, الأمر الذي يختلف كلية عن السوق العقارية في دبي إذ إن أكثر من90% من الوحدات يقبل عليها المستثمرون, والنسبة الباقية لذوي الحاجة للإسكان بغض النظر عن قدراته المالية, فهذه السوق تهتز بشدة وكذلك أي سوق استثمارية, فهي تعتمد علي رؤوس أموال خارجية وداخلية وهدفها الربح فقط.. وهذا ما يعلل ثبات أسعار السوق العقارية المصرية إلي حد ما حيث يمثل الانخفاض نحو10% وهي تمثل تقريبا نفس نسبة المستثمرين والمضاربين في مجال الوحدات السكنية بمصر, ويتوقع أن مناطق في مصر ستزيد أسعار الوحدات السكنية فيها لأنها تتميز بمواقعها مع حدوث تنمية سريعة بالمنطقة التي تقام بها المنشآت وتوافر الخدمات المختلفة.
فيجب أن تتماشي أسعار هذه الخامات مع السوق العالمية وعدم الاتجار في الأراضي بمبالغة وعدم اللجوء للتصقيع, ولكن كيف؟.. يؤكد الدكتور حسين أنه توجد صعوبة كبيرة في تحقيق ذلك وهذا خطر, لأن الحكومة نفسها لاتتجاوب مع الأسعار العالمية فعندما ارتفعت أسعار البترول عالميا تم رفع سعر جميع أنواع الوقود والمواد البترولية, لكن برغم تدني أسعار البترول للربع أو أقل لم تشعر الحكومة المواطنين بهذا الانخفاض ولم تخفض المنتجات البترولية بمافيها الوقود ولايوجد أي رد فعل من الدولة يعبر عن هذا الانخفاض مثلما حدث عندما ارتفعت أسعار البترول, وهنا تكيل الحكومة بمكيالين مع المواطن فيجب أن تبدأ بنفسها أولا, حتي يستجيب الآخرون, فهي المسئولة الآن عن عدم ضبط الأسعار في الأسواق وعلي رأسها الخامات خاصة في مجال المعمار.. وهذا الوضع يؤخذ علي الحكومة.. ولا فصال فيه, فعند حدوث هذا الوضع والتغيرات السعرية ارتفاعا أو انخفاضا في الدول الواعية تقوم بالاستجابة الفورية فتشعر المواطن بأنها معه وليست عليه...
أما المهندس حامد إبراهيم مهندس مدني ومنفذ إنشائي فيوضح أن الشقة المتوسطة التي تبلغ مساحتها100 متر مربع تتكلف حديد حوالي5 أطنان مضافا إليها الأساسات والبدروم, وعند انخفاض الحديد من8 إلي4 آلاف جنيه تقل تكلفة الوحدة السكنية20 ألف جنيه, وهذه الشقة تباع بسعر مختلف من مكان لآخر وفقا لسعر الأرض, وللأسف فالأسمنت الذي يعتبر من المواد الخام المهمة التي يتم البدء بها والانتهاء بها في التشطيبات مازال سعره يرتفع ولاينخفض وهذا وضع عجيب, كما أن أسعار الوقود لم تنخفض في مصر حتي الآن برغم انخفاض البترول من أكثر من170 دولارا للبرميل لأقل من40 دولارا, وهو له دور في رفع تكاليف البناء وتخفيضه, إلي جانب زيادة المصنعيات فقد زادت خلال الفترة الأخيرة زادت من25% إلي50% فوصل سعر مصنعية الخرسانة المسلحة في الدور الأول إلي حوالي160 جنيها ومنذ عام كانت أقل من100 جنيه, وزادت مصنعيات المحارة حوالي30% وزاد سعر الطوب الأحمر50% والأسمنتي30% وهناك أنواع أخري زادت بنسب مختلفة, وكذلك كانت الزيادة في أسعار الرخام كبيرة وبلغت30% فكان سعر الجرانيت150 جنيها ارتفع إلي200 جنيه للمتر, وكان يجري است لام طولات رخام جلالة بحوالي22 جنيها وأصبح37 جنيها, وزاد الرمل من10 جنيهات إلي14 جنيها, والسن من42 إلي52 جنيها في منطقة القاهرة الكبري والأراضي المجاورة أما المدن في المحافظات الأخري التي تبعد عن القاهرة ومناطق المحاجر فقد ارتفعت الاسعار ارتفاعا باهظا لارتفاع أسعار الوقود والنقل, ورغم ارتفاع أسعار السيراميك إلا أنه لايمثل شيئا مهما في العقار, كما أن معظم البيع نصف تشطيب لايتطلب سيراميك, وعند التشطيب تكلفته تكون حسب نوعه ومتطلبات الشخص.
الخشب نار معظم هذه الخامات انخفضت علي استحياء ولم يكن الانخفاض المحلي تعبيرا عن الانخفاض العالمي. مما يؤثر علي تكاليف المبني ولايسمح بخفض يؤدي لرواج السوق العقارية, ويضرب المهندس حامد مثالا صارخا فيشير إلي أن الخشب سعره عالميا حاليا لنوعي السويدي والفنلندي الأكثر استخداما في المعمار حوالي ألف جنيه للمتر لكنه وقف عند2500 جنيه وهذه كارثة لأنه يدخل في خشب العدة الإنشائية وفي الأبواب والشبابيك والموبيليا لاحقا, فلابد من تدخل الدولة بجدية ضد جشع التجار, والأمثلة كثيرة فسعر الخامات حاليا يجب أن يقل علي الأقل25%, ويتم التجاوب مع السوق العالمية. والإنشاءات قضية أمن قومي حيث يتعايش علي هذا القطاع ملايين المواطنين بشكل مباشر وغير مباشر, فلو سقط هذا القطاع ستحدث كارثة بمصر لأن العمالة لن تجد عملا مما يزيد من معدلات الجريمة وهذا واضح وحدث مع بعض الحالات في الفترة الأخيرة. وبرغم تراجع السوق العقارية إلا أن رياض شريف عضو غرفة مواد البناء باتحاد الصناعات, ويؤكد أن هناك مقاسات معينة مثل الحديد10 مللي غير متوافرة. بينما يتحدث خالد صفوت ــ مدير عام التسويق والمبيعات بإحدي شركات المقاولات مؤكدا أنه في ظل ارتفاع أسعار مواد البناء وعدم ثباتها فإننا نقوم بعملية توازن معدل العمل ليستمر بنسبة الطبيعية في المشاريع التي تم التعاقد عليها, ونضطر لتحمل زيادة الأسعار في سبيل التزامنا أمام العملاء.
ويضيف أن هناك بعض المشاكل التي قد تواجهنا مثل مشاكل الترخيص ونقص العمالة وارتفاع لأسعار مواد البناء فتقوم الشركة بتحمل هذه الزيادات من رصيد أرباحها وتتحمل بذلك فروقا بين التكلفة وسعر البيع.
ويضيف أن هناك عاملا مؤثرا أيضا في ارتفاع أسعار البناء وهو مصاريف النقل التي زادت بعد تعديل حمولات سيارات النقل حيث صدر قرار يلزم سيارات النقل التي تقوم بحمل60 طنا بأن تحمل30 طنا فقط, مما تسبب في حدوث ارتفاعات مضاعفة في سوق النقل, بينما اتهم التجار المنتجين بأنهم السبب الحقيقي في رفع أسعار مواد البناء في السوق.
ويشير مساعد عبدالمولي نايل( مقاول بسيدي عبدالرحمن) إلي أن التاجر بطبيعته لابد أن يكسب ولكن هذا ليس السبب في حدوث تلك الارتفاعات الموجودة حاليا, فالتاجر والمنتج يرفعان الأسعار بسبب الحصول علي التراخيص اللازمة من المناجم والمحاجر.
بينما يري فريد شعلان( مقاول بالجيزة) أن سعر الحديد وصل الي3950 جنيها للطن بسعر المصنع والاستثماري وصل بسعر3900 جنيه للطن, أما بالنسبة للأسمنت فقد وصل سعر الطن من المصنع إلي460 جنيها, أما وعن زيادة أسعار الأسمنت فترجع لارتفاع أسعار الجاز والسولار, أما بالنسبة لأسعار الزلط والرمل فقد أرتفعت نتيجة ارتفاع مصاريف النقل إذ وصل سعر الطوب الأحمر من المصنع إلي250 جنيها للمتر, بينما يصل إلي التاجر ليبيعه بـ310 جنيهات للمستهلك, والطوب الأبيض من المصنع بـ450 جنيها للمتر.
ويري أن التجار قد يرفعون أسعار الحديد والأسمنت ولكن في حدود, فقد يصل المكسب أحيانا إلي ألف جنيه عند بيعه للمستهلك, مضيفا أن مساحة العقار تختلف فمثلا مساحة100 متر بناء وتمثل25% حديد, و25% أسمنت, و9% رمل, أي تصل نسبة مواد البناء إلي65% من إجمالي ثمن الوحدة بعيدا عن سعر الأرض والمرافق.
|