«حابس حابس» يا«شمهورش»

أعداد / محمود مسلم

منذ فترة قصيرة، وحينما كان العالم كله يتحدث عن قرب صدور الجزء السادس من رواية السحر الشهيرة هاري بوتر، وبينما آلاف الصفحات تسود تروي أخبار هاري بوتر ـ الطفل الصغير الذي دخل مدينة السحرة، وقرأ تعاويذها، في هذا الوقت تحديدا كان ثلاثة صحافيين مصريين يستعدون لإصدار أول جريدة متخصصة في عالم هاري بوتر، أول جريدة في العالم العربي تهتم بعالم القوى الخفية، والباراسيكولوجي، والسحر والجن والعفاريت، والأبراج، وتفسير الأحلام، وكل ما بمثل هذه الأشياء الخرافية.

الجريدة اسمها «التعويذة» واختارت أن يكون غلافها اسود، لزيادة الإثارة والرعب، صدر منها حتى الآن ثلاثة أعداد، ورغم انها تتخذ شعار «ضد الجدل والشعوذة»، إلا انها ومنذ صدورها لاقت هجوما كثيفا بتهمة أنها تحرض على الجدل والشعوذة.

الفكرة تبدو غريبة، والأغرب أن الذي يقف وراءها ثلاثة صحافيين من مؤسسات صحافية كبري (الأهرام ـ وأخبار اليوم) لهم اسمهم في العالم الصحافي. لماذا اختاروا هذه النوعية؟ ومن يمولها وكيف جاءت الفكرة؟

ليس حكرا على الغرب < دينا ريان ـ ناشرة الجريدة ـ والصحافية بالأهرام قالت لي «الفكرة ليست ملكا لي وحدي، بل أنا وزميلاي وائل أبو السعود من أخبار اليوم ومحمد رجب من أخبار الحوادث»، وتابعت دينا «لقد اكتشفت أن في أميركا مثلا جريدتين متخصصتين في عالم القوى الخفية في حجم التابلويد، وتعالجان أشياء موجودة لدينا في الشرق اكثر من وجودها لديهم، وهي الأمور المتعلقة بالقوى الخفية، ومع ذلك فهناك إقبال كبير عليها هناك، وقمنا في الشارع المصري وفي شارع الصحافة بعمل استطلاع رأي، فوجدنا أن كل الجرائد الموجودة تغطي شؤونا سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية ولا توجد جريدة واحدة لا في مصر ولا في العالم العربي تهتم بهذا الموضوع، وكانت الفكرة في حد ذاتها مبتكرة، وغير موجودة في دولنا العربية، وبهذا نكون نحن أول من يعمل جريدة من هذا النوع».

دينا التي تكتب عمودا أسبوعيا في الجريدة عنوانه «الدار دار أبونا والعفاريت بيطردونا» قالت ان تمويلهم بسيط، وهو لا يتجاوز ما يدفعه ثلاثتهم، خاصة بعد رفض المعلنين عن الاعلان لديهم، غير أنها تتوقع أن يكون التوزيع مستقبلا اكبر، خاصة وان هناك إحصائية تقول ان مصر يصرف فيها 10 مليارات جنيه على الدجل والشعوذة.

دينا تتابع: «رغم أننا لسنا بقدر المواجهة مع السحرة والمشعوذين، إلا اننا قررنا أن نواجههم وان نكشف عالمهم، وان نتحدث عن الغرب.. كيف يفكرون في هذه الأشياء، وان نطعم ذلك بالأشياء التي تحدث في مصر من النصب والسحر، وان نعالجها في النهاية بعيدا عن التصادم، وقد جمعنا جميع الحوادث المسجلة بأرقام في أقسام البوليس، ومن المعارف الموثوق فيهم لنشرها».

بحثا عن الربح < دينا لا تنفي وجود رغبة في الربح، وقالت «سوف اضحك عليك لو قلت العكس، وأي جريدة تصدر في أي مكان في الدنيا تصدر من اجل هذا الغرض، وقد مررنا بتجربة البحث عن ممولين، لكننا وجدنا أن كرامة الصحافي تجعله يتجه لإصدار جريدته الخاصة من جيبه الخاص، لذا قلنا يجب أن تتعامل بشيء من الكرامة المهنية، بدلا من أن نعمل لدى التجار». تعتز دينا أنها وزميليها في الجريدة من مدرسة مصطفى وعلى أمين التي تعتمد على الأخبار اللافتة، والكتابة المثيرة وتقول «كلنا من مدرسة واحدة، ولذلك اتفق تفكيرنا على هذا الاتجاه»، ورغم صدور ثلاثة أعداد فقط من الجريدة إلا أن دينا غير راضية عن التوزيع «في العدد الأول طبعنا 20 ألف نسخة ووزعنا 11 ألفا، وفي العدد الثاني وزعنا 12 ألفا»، ورغم تأكيد العديد من رؤساء التحرير لها أن هذا رقم معقول جدا في أول عددين، هذا بينما يتوقع زميلها وائل أبو السعود كما قال لي أن يصل التوزيع إلى مليون نسخة.

وتقول دينا إن المادة التي تنشر في الجريدة تعتمد على وقائع حقيقية، «فأول عدد تحدثنا فيه عن عفريت في شقة المطربة المقتولة ذكرى، جئنا به من قسم الشرطة بمحضر مسجل برقم». وتضيف «قبل أن نصدر هاجمنا الكثيرون، منهم خيري رمضان مدير تحرير جريدة الأهرام، وكذلك جريدة الدستور ثم قناة دريم، كلهم يتهموننا بالدجل والشعوذة».

في مواجهة «المستخبي» وتكشف دينا عن أن إبراهيم سعدة رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير الأخبار السابق، اعجب جدا بالفكرة وعرض عليهم شراءها، لكي تصدر عن دار أخبار اليوم، إلا أن التغييرات الصحافية أطاحت به قبل ان ينفذ فكرته.

في مقالها الافتتاحي في العدد الأول «عفريت الدار» كتبت دينا ريان: «لا أنكر أننا اتعفرتنا طوال عدة اشهر ماضية نستعد بتعويذتنا لمواجهة ولاول مرة في تاريخ الصحافة المصرية القوى الخفية والغيبيات وننبش في دهاليز المستخبي، ونمسك الطبلة والطار وندق دقات الزار، ولا أنكر أن العفاريت الزرق والحمر والخضر ركبونا لدرجة أننا كدنا في الآونة الأخيرة أن نمسك في زمارة رقبة بعضنا لولا الذكر والقرآن والاستعاذة بالله من الشيطان ومدد، مدد، حي الله الله الله».

وتختم قائلة «وليكن شعارنا دائما إذا كانت الدار دار أبونا والعفاريت بيطردونا فهيا بنا نبني معا دارا جديدة خالية من شياطين الانس والجن، كلها ملائكة وعصافير وحمام صو سيو سيو»!! أما وائل أبو السعود رئيس مجلس إدارة الجريدة فقال لي «الفكرة أننا كنا نريد أن نعمل جريدة مختلفة، فوجدنا أن هناك جرائد كثيرة متخصصة في الحوادث، وهذه الفكرة ليست جديدة في العالم العربي، واكتشفنا أن في البرازيل وحدها 80 مجلة عن القوى الخفية، وفي إنجلترا مجلة أسبوعية، وفي أميركا جريدتان، ولا توجد أي مطبوعة متخصصة في هذا المجال بعالمنا العربي، رغم أننا نصرف 13 مليار دولار في العالم العربي على الدجل والشعوذة، ونحن نريد من خلال هذه الجريدة أن يستيقظ الناس وأن يفهموا أن الإنسان اقوى من الجن، نريد أن نقول للناس أن هناك قوى خفية وهذه القوى قدرات، ولكن ليست عفاريت وشعوذة».

رصد وليس صناعة < وائل قال ردا على اتهام الجريدة بالشعوذة «هناك فرق بين رصد الظاهرة وصناعتها، ونحن نرصد الظاهرة لنحللها، ولا نصنعها، تماما كما ان ليس محررو الحوادث مجرمين، بل هم يرصدون الحوادث. الشعوذة موجودة بالفعل، ونحن نحللها».

وائل واصل دفاعه بالقول وكالة ناسا عندما تقول ان هناك كائنات أخرى في الكون، نحن لا نقول عنهم مشعوذين ولا نقول انهم يشعلوا البخور، والقرآن ذكر الجن، وقال انهم موجودون، ولابد من مقاومتهم بعقلنا وعلمنا.

وائل ينفي أن يكون الربح هو السبب الرئيسي وراء الجريدة، وقال «نحن صحافيون معروفون، ولن نضيع تاريخنا من اجل مكسب مالي، نحن نعرض لظاهرة موجودة، في إنجلترا هناك وسائط روحانيون، ولم يقل أحد انهم يغيبون المجتمع ونحن صغار كانوا يقولون لنا لا تفتحوا الباب لان وراءه عفريت، مع أننا لو فتحنا الباب لن نجد شيئا، وسنكسر حاجز الخوف، لذا فتحنا الباب للنقاش والتحليل».

وحول رد الشارع ورأيه في الجريدة قال وائل «الشارع يعتقد اننا جريدة حكايات ونحن لا نستطيع أن نصدمهم في البداية بالقول انه ليس هناك عفاريت، ولكن نستطيع أن نقول للتي لم تتزوج وتعتقد أن العفاريت هم السبب أن هذا ليس حقيقيا، أو اذهبي إلى طبيب نفسي. نحن لم نعمل جلسة لطرد الجن، ولا لإشعال البخور، فلماذا كل هذا الهجوم»؟.

يتساءل وائل «في التلفزيون المصري يوجد الآن برنامج اسمه (كلام حسين الإمام) يتعرض لحكايات الفنانين مع الجن والعفاريت، فلماذا يهاجموننا ولا يتعرضون له مع إن هدفنا غير هدف البرنامج، نحن كتبنا على الجريدة (ضد الشعوذة والدجل) وفي العدد الأول نشرنا موضوعا موثقا بالصور اسمه (ساحر قليل الأدب)، كشفنا فيه استغلال السحرة لما يقومون به لأغراض جنسية».

رغم كل ما سبق يرى وائل أن الجو السياسي الآن يشجع الناس على الفهم والتفكير، وإعادة النظر في أمور تشغلهم مثل الجن والعفاريت والسحرة لتبيان حقيقتها.

الخيال يتحول إلى حقيقة < محمد رجب رئيس تحرير الجريدة بدأ حديثه معي قائلا «نحن الجريدة الوحيدة المتخصصة في العالم العربي في علم البارسيكولوجي، وهو علم في أوروبا له منهجه الأكاديمي، وفيه علماء متخصصون وله صحافة متخصصة يقبل عليها ملايين القراء، وأي صحافي عندما يقبل على صناعة أي جريدة لا بد أن يبحث عن مجال لا توجد به منافسة، لذلك وجدت أن هذا النوع من الصحافة متقدم جدا في أميركا، ومع ذلك ليس له شبيه في العالم العربي».

المشكلة في اعتقاد رجب أن المشعوذين والدجالين والخارجين عن القانون يستغلون هذا الأمر لصالحهم، ويشوهون العلم وكل يوم نقرأ عن دجال يغتصب امرأة.

محمد رجب تابع بالقول «العالم مليء بالقوى الخفية، في الخارج يسمونها الأرواح الشريرة، ومع ذلك فأفلام الخيال العلمي التي كانت تقدم في الخمسينات على أنها خيال انقلبت إلى واقع مع صعود الإنسان إلى سطح القمر، ونزوله إلى أعماق البحر، وعندما تتحدث وكالة ناسا الآن عن امكانية وجود مخلوقات على كواكب أخرى، أو عن ظهور الأطباق الطائرة، لا نستطيع أن نتهمها بالدجل لان الخيال غدا يصبح واقعا».

ويدافع رجب عن جريدته «نحن نرصد الأحداث فقط، نحن لا نعالج أناسا ممسوسين، ولا ندخل كطرف في الأمر، وإنما نوضح الأمر ونحاول أن نقدم خدمة متميزة، عبر التعرض للقوى الخفية، هناك تخاطر عن بعد، وقراءة فنجان، وأبراج، وتفسير أحلام، وغير ذلك. وزعماء العالم من المعروف أن لهم عرافات ومنجمين وهو مجال خصب للمعرفة».

يفسر رجب الهجوم على الجريدة بمثل شعبي مصري شهير يقول «لم يجدوا في الورد عيبا، فقالوا عنه احمر الخدين.. المشكلة أننا في العالم العربي ننظر للنصف الفارغ من الكوب، ونهاجم دون أن نقرأ مع أن هذه الجرائد موجودة في أوروبا دون أن يقولوا عنها أنها كلام فارغ، والقضاء البريطاني كان ينظر منذ فترة قضية المتهم فيها عفريت، وهذا من المستحيل أن يحدث عندنا».

ويختم رجب قائلا «رغم كل الهجوم الذي تلقيناه، إلا أننا نريد أن نوضح الحقائق للناس.. إننا نتحدث عن علم الباراسيكولوجي، ونسعى إلى ان نطهر العقول من الخرافة والدجل».

قراءة مرعوبة < في جولة سريعة في أعداد جريدة التعويذة الصادرة نجد أن أغلفتها سوداء، أو ذات لون احمر غامق مثير للرعب. وتدور موضوعات الجريدة في اغلبها حول قصص عن السحرة والعفاريت، ففي العدد الأول تحذير للنساء من ساحر قليل الأدب! وشبح المطربة ذكرى يظهر في الزمالك، العفاريت تسكن شقة الفنانة القتيلة بعد 20 شهرا من المذبحة، سكان العمارة يسمعون أصواتا غريبة واحجار تتطاير ليلا في شقة ذكرى، وطفل يختفي تحت الأرض كل ليلة بالصور، وهناك موضوع بعنوان «علم الحساب القرآني يؤكد: نهاية إسرائيل عام 2023» وحوار مع كاميليا اشهر قارئة كف في مصر. و13 طريقة لفك السحر، ومن الأبواب الثابتة السحر الأسود (مقال يكتبه أنيس منصور ) وعلم الأبراج، وأحلام الكبار التي غيرت وجه التاريخ. تضع الجريدة اللون الأسود لونا أساسيا في صفحاتها الداخلية وتضع أرقام الصفحات في يد مفتوحة «خمسة وخميسة» وفي العدد الثاني نقرأ: بأمر الجان بنات ممنوعة من الزواج، وزفاف في المقابر! رجل أعمال تزوج من عفريتة في مقابر العريس! والشعراوي يتحدث عن السحر أضراره وعلاجه، ورحلة في عالم الأحلام، وحوار مع يسرا قالت فيه: عفريت شيكوريل جعلني اجري حافية القدمين، وحكاية الرئيس ميتران واشهر عرافة بأوروبا، وموضوع بعنوان: نوع من الجنون اسمه «عشق الموتى»، وموضع عن معجزات الشيخ حسين في الأراضي المحتلة، سفينة فضاء تهبط على فلسطين تحمل كائنات أخرى، وسفير المكسيك في إسرائيل من أهم اتباع الشيخ حسين ويروج له في بلاده.أما في العدد الثالث فالمقال الرئيسي فيه بعنوان «كفيف يتزوج من العالم الآخر، سمير: تزوجتني جنية رغما عني وجعلتني أطلق زوجاتي الثلاث» كما تقدم ملفا عن الخرافة في

 جمهوري الحبيب نقدم لكم كل ماهو جديد

لذا نرجوا كتابة التعليق والتصويت

لانا هذا يسعدنا كما نسعدكم

مع تحياتي / محمود مسلم

صحفي

0102259689