النظام الرئاسي هو نظام حكم تكون فيه السلطة التنفيذية مستقلة عن السلطة التشريعية ولا تقع تحت محاسبتها ولا يمكن أن تقوم بحلها.
تعود أصول النظام الرئاسي إلى النظام الملكي في العصور الوسطى في فرنسا، بريطانيا واسكوتلندا التي كانت فيها السلطات التنفيذية تصدر أوامرها من التاج الملكي وليس من اجتماعات مجلس الأعيان (البرلمان).
إن النظام الرئاسي هو نوع من أنظمة الحكم يضع الهيئة التنفيذية بيد رئيس الدولة وهو رئيس الصفوة الحاكمة يعاونه مجموعة وزراء يعدون بمثابة مستشارين "وأحياناً يطلق عليهم أسم سكرتير كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية" ويكون رئيس الدولة هو رئيس الحكومة بالوقت نفسه، ويكون غير مسؤول سياسياً أمام السلطة التشريعية، ويختار رئيس الدولة "الحكومة" من قبل الشعب بشكل مباشر أو غير مباشر.
ويعطي البعض تعريف للنظام الرئاسي فيرى إنه "ذلك النظام الذي ترجح فيه كفة رئيس الدولة في ميزان السلطات"،
ويقوم النظام الرئاسي على مجموعة من الأسس وله مجموعة من المميزات كما أن له عيوب بالوقت نفسه،
نشأة وتطور النظام الرئاسي.
لقد كان لآراء لوك مونتسكيو في ألفعل بين السلطات تأثير كبير على واضعي دستور الولايات المتحدة الأمريكية في سنة1787 فأقاموا نظامهم السياسي على أساس ذلك المبدأ وقد كان قصد واضعي الدستور الأمريكي اعتماد الفصل المطلق بين السلطات وتحقيق المساواة بينها، غير أن النصوص الدستورية التي قررها أسفرت عن فصل نسبي سمح ببعض التداخل في الاختصاصات كما إن العمل قد أدى إلى رجحان كفه السلطة التنفيذية ممثلة برئيس الدولة، وهذا النظام يختلف اختلافاً كبيراً عن الأنظمة المسماة خطأ بالرئاسية مثل بعض نظم دول أمريكا اللاتينية أو مصر وهي ليست بذات المعنى القانوني والسياسي في الولايات المتحدة الأمريكية ففي مصر مثلاً يمكن لمجلس الشعب إقالة وزير وفقاً للمادة "126" من الدستور المصري لعام1971 والتي نصت على المسؤولية السياسية الفردية لكل وزير على حده إذ نصت على أن لمجلس الشعب أن يقرر سحب الثقة من أحد نواب الرئيس لمجلس الوزراء أو أحد الوزراء أو نوابهم وسحب الثقة يكون بناءاً على تصويت مجلس الشعب عقب استجواب تمت مناقشته. (محمد رفعت عبد الوهاب،1990، 247). ومع هذا تم وضع عدة شروط وضمانات لذلك العمل بيد أنه نص على إمكانية تدخل السلطة التشريعية بعمل السلطة التنفيذية وهناك أيضاً المسؤولية الجماعية للوزراء أمام البرلمان التي نصت عليها المادة "127" والدستور المصري لعام1971. (محمد رفعت عبد الوهاب،1990، 247). وهذا غير موجود في أسس النظام الرئاسي.
إن أساس فكرة إقامة نظام سياسي يعتمد على مبدأ الفصل بين السلطات وهو النظام الرئاسي كانت أفكار لوك إذ وجد أنه في عام1988 وهو عام الثورة في إنكلترا وإعلان وثيقة الحقوق BiII of Riyhts إذ إن القضاة كانوا قابلين للعزل في وقت كانوا فيه خاضعين لسلطة الملك يتصرفون حسب ما يوصي إليهم به، وكانت الأمور تسير على أساس التنكيل بخصوم الملك وتبرئة أنصاره، وبالرغم من تغير وضع القضاة بعد الثورة إذ أصبحوا غير قابلين للعزل إلا بقرار من البرلمان إلا إن هذا التغير في الوضع لم يضمن لهم الاستقلال الكامل في قضائهم والحياد والنزاهة في إحكامهم لأنهم كانوا خاضعين ومتأثرين باتجاهات وميول حزب الأغلبية في البرلمان، (عبد الحميد متولي،1961، 112) وهذا ما دفع لوك إلى إدراج القضاء بين سلطات الدولة التنفيذية وعدم اعتباره سلطة مستقلة، لكننا نلاحظ أن القضاء أصبح بمضي الزمن سلطة مستقلة لها ضماناتها وحقوقها. (رايموند كيتل،1960، 285 وما بعدها). وبمرور الزمن استطاع الرئيس الأمريكي الاستئثار بالعديد من السلطات والصلاحيات مما أدى إلى رجحان كفه الرئيس باعتباره مرشح الأمة وممثل الشعب بأكمله وكذلك من خلال السلطات الممنوحة له من قبل البرلمان "الكونكرس" نفسه فالصلاحيات المالية التي يتمتع بها الرئيس قد فوضت إليه وفقاً للقوانين التي صدرت بخصوص الميزانية والحساب الختامي في عام1921. (رايموند كيتل،1960، 251).
وبتوالي الأحداث وانتشار النموذج الأمريكي في الحكم والديمقراطية الأمريكية أدى ذلك إلى محاولة العديد من دول العالم نقل النموذج الأمريكي، لكن الحقيقة تشير إلى الكثير من بلدان العالم لم تنجح في مسعاها ذاك لأسباب تختلف من بلد لأخر بسبب اختلاف المعطيات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية... الخ، فالدستور والنظام السياسي هو وليد البيئة الاجتماعية وليس حدثاً طارئاً عليها، ويجب الإشارة إلى أن الدستور الأمريكي وغيره من الدساتير التي آخذت بالنظام الرئاسي قد تأثرت بشكل كبير بآراء مونيسكيو وخصوصاً كتابة روح القوانين Siprit of Laws الذي بين فيه نظريته الخاصة بمبدأ الفصل بين السلطات.
2. أسس ومتطلبات النظام الرئاسي.
إن النظام الرئاسي يقوم على مجموعة من الأسس والمتطلبات التي يتميز بها عن غيره من الأنظمة السياسية الأخرى ويمكن الإشارة إلى هذه الأسس والمتطلبات بالآتي:-
1- وجود رئيس دولة منتخب من قبل الشعب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
2- الفصل شبه المطلق بين السلطات.
3- يكون اختيار الوزراء "الحكومة" بيد رئيس الدولة دون تدخل من السلطات الأخرى ويكونون مسؤولون أمامه فقط.
4- المرونة الحزبية.
ويمكن تناول هذه الأسس والمتطلبات وفقاً لمجموعة محاور وكما يأتي:-
1- وجود رئيس دولة منتخب من قبل الشعب بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.
رابعا:- مزايا وعيوب النظام الرئاسي.
للنظام الرئاسي كغيره من الأنظمة السياسية الأخرى مجموعة من المزايا والعيوب ويمكن إيجازها بالآتي:-
أ- المزايا.
1- توفير الاستقرار السياسي لمرحلة انتخابية كاملة
2- تأمين استقرار الحكومة بغض النظر عن الاتجاهات الحزبية المعارضة.
3- يوفر فرصة أفضل لعمل الحكومة وحرية الحكومة وفي المقابل يوفر للبرلمان حرية الحركة والمناقشة فللبرلمان سلطة مهمة لعل أبرزها يتركز في المسائل المالية
4- إن الرئيس في النظام الرئاسي يتمتع بشعبية كبيرة وهيبة مهمة لأنه مرشح الأمة ومنتخب من الأمة بشكل مباشر وهذا ما يعفي الرئيس من الولاءات الضيقة.
5- إنه نظام ناجح في البلدان ذات التجربة الديمقراطية المتكامله والتي يكون فيها مستوى النضوج والوعي السياسيين عالياً. (د.ثناء فؤاد عبد الله،1997، 256). لأن الديمقراطية لا تكتفي برسم حدودها لما يحق أو لا يحق أن تفعله، ولكنها أيضاً تحكم على بعض الأفكار والمعتقدات التي تجد لها مكاناً في أذهان بعض الأفراد من الشعب، بل يجري في بعض الأحيان السماح للعنصرين بالتظاهر والتعبير ضد هذه الجهة أو تلك باسم الديمقراطية وحرية الفكر وهذا غير موجود في كثير من دول العالم الأخرى.
ب- العيوب.
1- إن تطبيق هذا النظام الذي يقوم على الفصل بين السلطات غير ممكن لأنه يعني كالفصل بين أجزاء الجسم البشري، لان الاتصال بين السلطات الثلاث اتصالاً عضوياً.
2- إنه يلغي مبدأ المسؤولية السياسية مما يعني إمكانية التهرب من المسؤولية وصعوبة معرفة المسؤول الحقيقي عن الخطأ.
3- يرى روسو أن فيه تجزئة للسيادة، وذهب آخرون مثل بعض الفقهاء/ المان كجيلنك ولاباند والفرنسي العميد ديكي إلى القول، إن الفصل بين السلطات يؤدي إلى هدم وحدة الدولة.
4- أنه يؤدي إلى الاستبداد في دول عالم الجنوب أي استبداد السلطة التنفيذية وهيمنة الرئيس سياسياً ودستورياً في الحياة الوطنية وإعادة انتخابه لأكثر من مرة.
ساحة النقاش