2ـ الصــراع الــديني:
لا شك أن الدين هو أساس منظومة القيم فى أى مجتمع، فهو يشتمل على مبادئ أساسية تحدد ما يعتبر حلالا أو حراما، وحقا او خطأً، وخيرا أو شرا. وهذه المبادئ تعتبر حقائق مطلقة غير قابلة للمناقشة أو المساومة. وبالتالى فإن الاختلافات الدينية تقود فى أحيان كثيرة إلى استخدام العنف، وتجعل النزاعات القائمة صعبة الحل .
وغنى عن البيان القول بأنه ليس هناك عيب فى الدين ـ أى دين ـ يستدعى الصراع، بدليل أن هناك اناسا من ديانات مختلفة يعيشون مع بعضهم البعض فى سلام فى مناطق كثيرة من العالم .
وفى السنوات الأخيرة انتشرت الحركات الأصولية فى العالم، ويدعو أعضاء هذه الحركات إلى تحكيم المبادئ الدينية فى مختلف اوجه الحياة، وينظمون أنفسهم للدعوة إلى هذه المبادئ، ويكونون على استعداد للتضحية بأرواحهم فى سبيل نصرتها .
وهذه الحركات الأصولية (وهى موجودة فى الإسلام والمسيحية واليهودية والهندوسية) تتحدى قيم وممارسات المؤسسات السياسية العلمانية التى تقوم على الفصل بين الدين والدولة، وتسعى ـ بدلا من ذلك ـ إلى تطبيق منظومة القيم الدينية فى الشئون السياسية .
ومن الممارسات العلمانية التى تتحداها الحركات الأصولية قواعد النظام الدولي. فوفقا لهذه القواعد يتم التعامل مع الدول باعتبارها متساوية بصرف النظر عما إذا كانت هذه الدول دولا مؤمنة او كافرة . ولكن الدين، كمنظومة للقيم، لا يعبأ بالحدود السياسية، ويعتبر ـ فى عين المتشددين من المؤمنين به ـ قانونا يفوق القانون الدولى والمعاهدات الدولية.
وعلى سبيل المثال، فقد قام الحرس الثورى الإيرانى ـ بعد الثورة التى أطاحت بالشاه فى عام 1979 ـ بمساعدة الحركات الأصولية فى الجزائر ومصر والأردن ولبنان.
أما فى اسرائيل فإن المتطرفين اليهود يقومون ببناء مستوطنات فى الأراضى التى تحتلها اسرائيل ويعلنون عن نيتهم عدم الانسحاب من هذه المستوطنات حتى ولو قامت حكومتهم بذلك. وحتى فى الولايات المتحدة نفسها يسعى الأصوليون المسيحيون إلى محاولة اقناع حكوماتهم بالانسحاب من تمويل صندوق السكان التابع للأمم المتحدة باعتبار أن هذا الصندوق يشجع أنشطة معادية للدين. وهذه كلها صور لتدخل الدين فى صراعات سياسية تعبر الحدود القومية، وتقود إلى نزاعات دولية.
وفى سنوات التسعينات أشار عالم السياسة الأمريكى الشهير صامويل هنتيجتون إلى أن الصراع القادم بعد انتهاء الحرب الباردة سوف يكون صراعا بين الحضارات، ودلل على ذلك بأن المناطق التى تقع على خطوط التقسيم بين الحضارات المختلفة تعانى دوما من صراعات واضطرابات. وأشار كذلك إلى أن الصراعات المعاصرة فى فترة التسعينات صارت تحمل إبعاداً دينية وحضارية واضحة مثل صراعات البلقان التى اندلعت فى أعقاب انهيار يوجوسلافيا بين الصرب (مسيحيين ارثوذكس) والكروات(مسيحيين كاثوليك) والمسلمين .
وأشار هنتيجتون وغيره إلى أن هناك احتمالا كبيرا لأن يكون الصراع القادم صراعا بين الإسلام والغرب. وتحولت الأنظار إلى المنطقة الشاسعة التى يغطيها العالم الإسلامى من نيجيريا إلى أندونيسيا، باعتبارها مصدر الخطر الأساسى على النظام العالمى حيث ينظر الكثيرون إلى النزاعات التى تدور رحاها على حواف العالم الإسلامى باعتبارها خطرا توسعيا ينبغى التصدى له. بينما يشعر المسلمون بأنهم محاصرون بأعداء من جميع الجهات، وقد أعطت المذابح التى وقعت أخيرا فى الشيشان والبوسنة والهرسك وكوسفو ما يؤيد هذا الزعم فى نظر المسلمين .
المصدر: جمال رشدي - موسوعة الشباب السياسية
http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/Y1UN13.HTM
نشرت فى 13 أكتوبر 2011
بواسطة mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
284,296
ساحة النقاش