خصائص الدستور فى النظم الديموقراطية، حيث انه اذا كان اى دستور بعيدا عن هذه الخصائص فأنه تبعا لذلك يكون اقرب الى نقيض الديموقراطية وهى الديكتاتورية 

يحدد الباحث القطرى العربى د على خليفة الكوارى المبادىء والخصائص العأمة المشتركة للدساتير الديموقراطية على النحو التالى :

1 -
لا سيادة لفرد أو لقلة على الشعب :
هذا المبدأ يمثل اعادة صياغة لما يعرف بمبدأ سيادة الأمة وهو أكثر تعبيرا عن حقيقة الديموقراطية الدستورية ، وسلطة المشرع فيها ، فقديما كانت السيادة تعنى الحق المطلق فى الأمر دون قيد أو منازع. ومفهوم السيادة هذا نشأ فى ظروف خاصة فى أوروبا وفرنسا على وجه الخصوص ، ألا انه فى الممارسات الدستورية الديموقراطية المعاصرة ليس هناك حق مطلق غير منازع وغير مقيد يعطى لصاحبه الحق فى اصدار الأوامر ، حتى الشعب لا يملك هذا الحق المطلق غير المقيد ، وإنما يمارس الشعب سلطاته بموجب أحكام الدستور وكل دستور ديموقراطى معاصر مقيد بحقوق وحريات عأمة لا يجوز مسها وشرائع وعقائد يجب مراعاتها 
ويترتب على ذلك ان وضع هذا المبدأ موضع التطبيق يتطلب ضرورة انتخاب المسئولين عن السلطة التنفيذية المناط بهم دستوريا السيطرة على قرارات الحكومة وسياساتها، كما يتطلب ضرورة انتخاب المسئولين عن السلطة التشريعية ( البرلمان ) ، المناط بهم مهمة التشريع فى ظل قيود الدستور ، بمعنى ألا تخالف التشريعات التى يضعونها أحكام الدستور ، والقيام بمساءلة السلطة التنفيذية عن أداء مهامها وفقا لاختصاصاتها الدستورية 

2 -
سيطرة أحكام القانون :
ويذكر د0 عبد الحميد متولى فى كتابه القانون الدستورى والأنظمة السياسية ان تطبيق هذا المبدأ على ارض الواقع هو ما تتميز به الحكومة الدستورية الديموقراطية ويشير الى أن لهذا المبدأ ثلاثة مدلولات هى :
أ - أن أية سلطة أو هيئة لا تستطيع ان تصدر قرارا فرديا الا فى الحدود التى بيّنها الدستور 
ب - أن كل قرار عام يجب ان يكون موضع احترام من السلطة التى اصدرته 
جـ- ان القيود التى تفرضها الدولة على حريات الأفراد ونشاطهم لا يمكن تقريرها إلا بواسطة قانون يوافق عليه ممثلو الأمة فى البرلمان 
ويتطلب وضع مبدأ سيطرة أحكام القانون موضع التطبيق وجود ضمانات احترامه ، وتتمثل هذه الضمانات فى وجود جزاء على مخالفة أحكام هذا المبدأ وأفضل اداة لتحقيق ذلك هى وجود هيئة قضائية تتوافر فيها ضمانات الاستقلال والنزاهة والكفاية وتكون مهمتها الغاء القرارات الادارية المخالفة للقانون 
وأبرز مظاهر مبدأ سيطرة أحكام القانون مبدأ علو الدستور ، بمعنى انه لا يوجد اى نص أو قاعدة أأعلى منه أو تساويه فى المرتبة ، ومن ثم لا يجوز مخالفة أحكامه ويترتب على هذا المبدأ الذى هو أساس الديموقراطية الدستورية ، نتيجتين هامتين :
أ - تدعيم مبدأ المشروعية القانونية ، من خلال ايجاد مرجعية دستورية تنبثق عنها القوانين وتقيد سلطة المشرع فى اصدار القوانين 0
ب - التأكيد على ان الدستور يبين اختصاصات وأنه على جميع سلطات الدولة ان تراعى اختصاصاتها الدستورية ، فلا تخرج عن اطار اختصاصاتها فى الدستور 

3 -
عدم الجمع بين السلطات وتحقيق التوازن فيما بينها :
الدستور الديموقراطى يقوم على عدم تركيز السلطة فى هيئة واحدة ، وإنما يقوم على توزيع السلطة وتحقيق التوازن بين سلطة التقرير والتنفيذ والرقابة ، بما يؤدى الى عدم انفراد اى مؤسسة من مؤسسات النظام السياسى بالسلطة ، ويحقق فى ذات الوقت التعاون المطلوب بينها لتسيير العمل السياسى، ولذلك اقتضى نظام الحكم الديموقراطى ان يقوم الدستور بمنع الجمع بين السلطات ، وبرزت قناعة الديموقراطيين بضرورة قيام الدستور الديموقراطى بإيجاد مؤسسات تكفل عدم الحاق سلطة بأخرى ، أو منع سلطة لسلطة أخرى من اداء اختصاصاتها المبينة بالدستور 

4 -
ضمان الحقوق والحريات العأمة :
يتمثل هذا البعد للدستور الديموقراطى فى توفير الضمانات اللازمة لممارسة الحقوق والحريات العأمة ، وهو بعد مكمل لخصائص الدستور الديموقراطى ، ويعبر عن مميزاته ، ومن ثم فالدستور الديموقراطى يهتم بتوفير هذه الضمانات قدر عنايته بتحديد اختصاصات السلطات وضبط تصرف الحكام 

5 -
تداول السلطة :
مبدأ تداول السلطة سلميا بين الاتجاهات والقوى السياسية الشرعية ، اى المعترف بها قانونيا ، مبدأ أساسى من مبادئ الدستور الديموقراطى ، وتداول السلطة يجب ان يكون وفقا لنتائج الاقتراح العام ، وما يسفر عنه من اختيارات الناخبين ، وعلى أحكام الدستور الديموقراطى ان توجد المؤسسات وتخلق الآليات اللازمة لذلك 
هذه هى أهم خصائص الدستور الديموقراطى والتى تبلورت عبر سنوات طويلة من الصراع بين انصار اطلاق السلطة وأنصار تقييدها ، ولقد ادى هذا الى ان الدستور كمفهوم سياسى قانونى قد تطور عبر هذه المراحل ، وتبعا لنتيجة الصراع فى كل مرحلة وصولا الى المرحلة التى نطلق عليها الدستور الديموقراطى بالمفهوم المتقدم. وقد ادى هذا الى تبلور مجموعة من التقاليد الدستورية الأصلية التى صارت تحكم العمل السياسى فى الدول الغربية، خاصة وأن هذه التقاليد نابعة من واقع خبرة هذه المجتمعات ، الأمر الذى ادى الى توفير الاطار الملائم للتطور الدستورى المستمر فى هذه البلدان باعتباره أمرا طبيعيا ، وغير مفروض من خارج المجتمع ، وذلك بخلاف ما حدث فى نطاق خبرات الدول الأخرى غير الأوروبية الغربية 

 

 

المصدر: د. محمد سعد ابو عامود - موسوعة الشباب السياسية http://acpss.ahram.org.eg/ahram/2001/1/1/YOUN42.HTM
  • Currently 15/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
5 تصويتات / 506 مشاهدة
نشرت فى 5 أكتوبر 2011 بواسطة mowaten

ساحة النقاش

mowaten
يأتى الربيع العربى للثورات بمتطلبات ضرورية لعل من اهمها هو نشر التوعية السياسية بين المواطنين بوطننا العربى لارساء وتهيأة البيئة للعيش فى جو ديمقراطى طالما حلمنا به »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

284,547