ثانيا : ـ المصادر الرئيسية لدستور 1971 :
يقول الرئيس السادات بصدد الدستور : اما نيجى نبنى هذا المجتمع فى تقديرى لابد ان يكون المدخل الصحيح له هو عمل الدستور الدائم.
ويذكر أهم المصادر التى يمكن أن نستمد منها الدستور وهى :
ـ تجربة ثورة 23 يوليو .
ـ تقاليد شعبنا التى رسخت على مدى الآف السنين .
ويقول فى موضع آخر : ان الوثيقة التى تحتوى على المبادئ الأساسية لمشروع دستور جمهورية مصر العربية ، إشتقت نبعها من ميثاق العمل الوطنى ، ومن دستور 1964 ، هذا الدستور الذى يمثل مرحلة تاريخية من مراحل تطورنا ، وهي المرحلة التى فتحت الطريق لعملية التحول الاشتراكى الوثيقة إلى جانب ذلك تأخذ من دروس التجربة التى مرت بنا سنة 1964 وتأخذ من تجربة نكسة 1967 ومن بيان 30 مارس ، وتأخذ مما كشفت عنه احداث مايو1971.
ويشير د. جمال العطيفى فى كتابه آراء فى الحرية والشرعية إلى مصادر هذا الدستور . فيقول : يمكن القول بأن تقنين الثورة ، قد بدأت فى الميثاق ، الذى سجل الانجازات التى حققتها الثورة ورسم الطريق امام تحالف قوى الشعب العاملة لبناء مجتمع الكفاية والعدل ، ومن هذه المبادئ التى اعلنها الميثاق يستقى الدستور احكامه التى تصدر الدولة قوانينها وفقا لها، ومن الانصاف ان نسجل الانجازات التشريعية الضخمة التى صدرت خلال الثورة ، وبعضها قوانين صدرت منظمة لاجراءات التغيير الاجتماعى ، مثل ما يتعلق بقوانين الاصلاح الزراعى ، والمجتمعات التعاونية ، والمؤسسات العامة وقوانين الإسكان ، والمنظمات الجماهيرية كالنقابات والجمعيات .
كما يشير فى موضع آخر إلى مصادر دستور 1971 فيقول : إعداد الدستور يجب ان يبدأ بالتعرف على طبيعة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية السائدة فى مجتمعنا اى التعرف على الواقع او بما مر به من تجارب ، وما لحقه من قصور ، وما يحتاج إلية .من تصحيح ، ثم تحديد الأهداف فى ضوء ذلك ، وبعدها يأتى دور الصياغة والانتقاء والاسترشاد والانتقاء بالتجارب الاخرى الشبيهة بظروفنا وبالأحكام الدستورية التى تضمنتها مواثيق ودساتير الثورة ، وبل وبمناقشات لجان الاستماع التى إنبثقت عن اللجنة التحضيرية للدستور حيث كان مجلس الأمة ، قد بدأ فى مهمة وضع الدستور فى عام 1966 وقت أن كان الرئيس السادات رئيسا لمجلس الامة ، ثم المبادئ التى اشار إليها بيان 30 مارس. ويذكر د . عصمت سيف الدولة ان المصدر الأساسي للقواعد المنظمة للحكم فى دستور 1971 هو الدستور الفرنسى الصادر عام 1958 ، وقد تضمن احكاما تكاد تكون منقولة نصا عن هذا الدستور الاخير ، هذا وقد نصت المادة الثانية من الدستور على ان مبادئ الشريعة الاسلامية مصدر رئيسى للتشريع ، وقد عدلت هذه المادة بعد ذلك لتصبح مبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسى للتشريع .
وعلي هذا يمكن القول بان المصادر الأساسية لدستور 1971 هى :
ـ الشريعة الاسلامية .
ـ المواثيق وتشريعات ودساتير23 يوليو .
ـ الدستور الفرنسى الصادر عام 1958 .
وقد طالب الرئيس السادات بأن يتضمن الدستور بعض المبادئ التى كان يرى أنها أساسية وهامة بالنسبة للمجتمع المصرى ، ونقدمها هنا لأنها توضح بعض جوانب الفكر السياسى للرئيس السادات .
المبدأ الأول : وأول هذه المبادئ التى طالب بها الرئيس السادات العودة إلى اخلاق القرية ، التى تعرف ان هناك شيئا يسمى العيب وأن هناك حدودا لكل شئ ، وأن رب العيلة عندما يكون حازما تصبح العيلة محترمة فى القرية ، هذا بالاضافة إلى قيم التعاون والتكافل التى تعتبر عنها القرية وفى هذا يقول : عايز الدستور يفضل على كده مش للقرية ، لا أنا عايز يفضل علشان مصر كلها تبقى قرية واحدة ، فى هذا الشأن مفيش مكان لا للعيب ، ولا للتسيد ،فى القيم، والوفاء لازم الوفاء، وكل من يؤدى لهذا البلد خدمة ، لازم البلد ترد له بوفاء ، وكل من يسيئ إلى هذا البلد لازم يعامل من هذا المنطق .
المبدأ الثانى : الذى طالب الرئيس السادات ان يتضمنه الدستور هو تأكيد الانتماء المصرى إلى الأمة العربية .
المبدأ الثالث : حماية المكتسبات الاشتراكية وتدعيمها وخلق الظروف الملائمة لتوسيع نطاقها بما فى ذلك النسبة المقررة فى الميثاق للفلاحين والعمال فى مجلس الشعب ، وفى المجالس الشعبية المنتخبة على مختلف المستويات وهى نسبة 50 % على الأقل .
المبدأ الرابع : ـ ضرورة النص على الصلة الوثيقة بين الحرية الاجتماعية والحرية السياسية .
المبدأ الخامس : ـ سيادة القانون فالدولة تخضع للقانون كما يخضع له الافراد ، مع ضرورة تدعيم الرقابة القضائية .
وطالب الرئيس السادات بعد ذلك بضرورة إشراك الشعب فى كل المسائل الهامة التى تمس مصالحة ومصالح المجتمع الاشتراكى .
وبالنسبة لمجلس الشعب طالب الرئيس السادات بإتساع الدور الرقابى للمجلس ، وبكفالة كافة الضمانات للمجلس بما فى ذلك عدم حله خلال مدته الدستورية إلا فى حالة لا يحل إلا بإستفتاء شعبى .
وطالب بأن ينص الدستور على حد زمنى معين لتولى الوظائف السياسية والتنفيذية الأخرى وذلك ضمانا للتجديد والتجديد بإستمرار .
وطالب كذلك بضرورة التأكيد على دور القطاع العام والتعاونى ، وكفالة كل الضمانات للقطاع الخاص ، وبتأكيد مبدأ العمل الواحد للفرد الواحد ، وبتقرير معاش لكل مواطن وأشار إلى ضرورة التأكيد على أهمية الحركة النقابية العمالية فى دفع التطور وبوضع ميثاق شرف لكل اصحاب المهن ، وخاصة الصحافة .
ساحة النقاش