خــاتــمــة
التحديات التى تواجه البرلمان
كما أن البرلمان هو ممثل الشعب، فهو مرآة المجتمع، بكل ما فيه من قوة وضعف، إلا أن البرلمان كمؤسسة سياسية وتشريعية ورقابية يواجه تحديات هامة فى الوقت الراهن، تجعل من الضرورى الاهتمام بتطويره ودعم دوره فى المجتمع، ولعل أهم هذه التحديات ما يلى:
أولا، نظرة الرأى العام الى البرلمان وأعضائه، أى مدى إدراك المجتمع لدور البرلمان وأهميته فى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكذلك نظرة الرأى العام الى أعضاء البرلمان وتقديره لأدائهم النيابى والتشريعى والرقابى.
ولعل أهم ما يلفت الانتباه فى مختلف برلمانات العالم المعاصر هو الغموض الذى يحيط بالبرلمان، ومحدودية معرفة المواطنين به ومتابعتهم لأعماله. كذلك، فهناك درجة عالية من الاستقطاب فى نظرة الرأى العام للبرلمان، ما بين السخرية والنقد الشديدين أو الإعجاب والتأييد المبالغ فيه.
وليس هذا الأمر قاصرا على دول بعينها، فحتى فى الديمقراطيات الغربية العريقة، فإن البرلمانات موضع إعجاب وتعجب فى نفس الوقت.
وربما يعود هذا الاستقطاب الفكرى الى نقص المعلومات عن الحياة البرلمانية، وكذلك تقصير البرلمان فى الإعلام عن نفسه وحقيقة أنشطته بالقدر الكافى من أجل الوصول الى اتجاهات المواطنين والتأثير فيها. ولعل هذا الكتيب خطوة على الطريق.
ثانيا، التطورات الهائلة التى حدثت فى الحياة السياسية وجعلتها أكثر تعقيدا من ذى قبل، سواء من حيث تنوع الأحزاب السياسية، أو التنافس على مقاعد البرلمان ومحاولة الوصول الى السلطة بمختلف الوسائل، أو الدخول فى تحالفات بين التيارات والقوى السياسية للتأثير فى صنع القرار، وكذلك تعقد القوانين التى تحكم الحياة السياسية، وتغيرها بمعدلات سريعة..، الأمر الذى يجعل متابعة الحياة السياسية عموما، والبرلمانية خصوصا أمرا شاقا على مختلف المواطنين.
ثالثا، تعقد الأمور التى تواجهها الدولة الحديثة، فى مجالات التنمية والتطور، والنشاط الداخلى والخارجى، الأمر الذى يقتضى من عضو البرلمان قدرا من التخصص والخبرة الفنية المميزة لكى يمارس مهامه التشريعية والرقابية على الوجه المطلوب.
ولا شك فى أن كل هذه الأمور نادرا ما تتوافر لدى البرلمان، الأمر الذى يفرض على أعضائه الاستعانة ببيوت الخبرة والمتخصصين من مختلف المجالات.
رابعا، التغييرات الهائلة فى الاقتصاد وسرعة حركة رؤوس الأموال وانتقالها بين أنحاء العالم، وضرورة العمل بسرعة أكبر لملاحقتها، وهو ما لا يتصف به العمل البرلمانى غالبا، لما اشتهر عنه من بطء وتعقد فى الإجراءات التشريعية، فضلا عن تأثره بالتوازنات السياسية والحزبية بين الأعضاء، بما قد يؤثر سلبيا على دوره فى دفع جهود التنمية بالقدر الكافى.
خامسا، تزايد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية التى يتعرض لها المجتمع الحديث، وخصوصا فى مرحلة النمو والنهوض، وضرورة أن يكون البرلمان قادرا على تقديم الحلول التشريعية الملائمة لتلك الأزمات، حتى يصبح قوة دافعة للتنمية وليس عائقا أمامها.
وما من شك فى أن كل ذلك يتطلب توجهات سياسية خاصة ووعيا متطورا لدى الأعضاء، كما يحتاج الى موارد مادية وبشرية رفيعة لمعاونة البرلمان فى مواجهة تلك الأزمات.
ساحة النقاش