خامساً : دوافع المشاركة :
يسعى الفرد للمشاركة فى مختلف المجالات والميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية، انطلاقاً من عدة دوافع منها ما يتصل بالمجتمع ككل، ومنها ما يتعلق باهتمامات الفرد واحتياجاته الشخصية.
وعلى هذا يمكن الحديث عن نوعين من الدوافع :
1- الدوافع العامة : وتتمثل فى :
× الشعور بأن المشاركة واجب والتزام من كل فرد تجاه المجتمع الذى يعيش فيه، مما يستوجب مشاركة الجماهير وبفاعلية فى الحياة العامة للمجتمع فيعبرون عن آرائهم وأفكارهم ورغباتهم فيما يجب اتخاذه من قرارات وقوانين وسياسات وفى البرامج والسياسات التى تتخذ استجابة لاحتياجات المواطنين.
× حب العمل العام والرغبة فى مشاركة الآخرين فى تطوير المجتمع وتحسين مستويات الخدمة فيه من خلال العمل فى المجالات المختلفة التى تستهدف تحسين وجه الحياة على أرض الوطن.
× الرغبة فى لعب دور محورى ومؤثر فى أنشطة المجتمع المختلفة بالشكل الذى يؤثر على حاضرهم ومستقبلهم ويشعرهم بأهمية دورهم وانعكاساته على دعم مسيرة التنمية.
× الرغبة فى تقوية الروابط بين مختلف فئات المجتمع وجماعاته بغية تحقيق نوع من التكامل. والتفاعل بين هذه الفئات بما يحقق المصالح المشتركة لهذه الفئات والجماعات.
× الأعباء الملقاة على كاهل الحكومة للوصول الى الأهداف المطلوب تحقيقها.
× الرضا أو عدم الرضا عن السياسات القائمة. حيث أثبتت بعض الدراسات أن المشاركة الجماهيرية تزداد مع زيادة الرضا عن هذه السياسات والعكس صحيح. وأن الذين يهتمون بالمشكلات العامة هم أكثر الناس رضاء عن المجتمع.
× عوامل التنشئة الاجتماعية والسياسية فى محيط الأسرة أو المدرسة أو النادى أو المؤسسات الدينية أو التطوعية أو الأحزاب أو وسائل الاتصال وغيرها، والتى تنمى فى الفرد قيمة المشاركة، وتجعل منه مواطناً مشاركاً.
× توافر الضمانات القانونية والدستورية التى تضمن للمواطنين الأمن والأمان والمناخ الديمقراطى السليم، وسيادة القانون وحرية التفكير والتعبير بما يتفق والمصالح العليا فى المجتمع.
× تعاليم الدين من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية المباركة التى تحث على التعاون والتكامل والمشاركة، فقد قال الله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان المائدة / 2، كما قال تعالى فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر آل عمران / 159 وقال صلى الله عليه وسلم ما تشاور قوم إلا هدوا إلى أرشد أمورهم .
2- الدوافع الخاصة : وتتمثل فى :
× محاولة التأثير على صنع السياسة العامة فى المجتمع لتكون ملائمة للاحتياجات الفعلية والرغبات الخاصة بأفراد المجتمع والتى تعود بالنفع عليهم.
× تحقيق المكانة المتميزة بين أفراد المجتمع واكتساب الشهرة والحصول على التقدير والاحترام.
× اشباع الحاجة إلى المشاركة، حيث تنقسم حاجات الانسان إلى مستويات خمس هى: الحاجات الأساسية كالمأكل والملبس، والحاجة إلى الأمن والطمأنينة، والحاجة إلى المشاركة، والحاجة إلى العاطفة والتقدير، والحاجة إلى تحقيق الذات.
× تحقيق مصالح شخصية تتمثل فى السيطرة والتمتع بالنفوذ والسيطرة، وتحقيق منافع مادية وغيرها من المصالح الشخصية.
سادساً : محددات المشاركة السياسية :
تتأثر مشاركة الأفراد فى الحياة العامة بتغيرات متعددة أهمها المؤثرات السياسية التى يتعرض لها، وخصائص الخلفية الاجتماعية، ومدى توفر وفاعلية القنوات المؤسسية للتعبير والعمل السياسى، وغيرها من المحددات التى يمكن التعرض لها على النحو التالى :
1ـ المنبهات السياسية :
مع تعرض المرء للمؤثرات السياسية يزداد احتمال مشاركته فى الحياة العامة. غير أن التعرض للمنبه السياسى لا يفضى بالضرورة إلى المشاركة. وتصدر المنبهات عن وسائل الإعلام الجماهيرى والحملات الانتخابية والاجتماعات العامة والمناقشات العامة ..الخ.
وبرغم أنها متاحة لجمهور عريض من الأفراد، إلا أن مستوى التعرض لها يرتبط بعوامل عديدة مثل الانتماء الطبقى ومحل الاقامة والحالة التعليمية بالإضافة إلى الميول الشخصية، والشخص الايجابى يرحب بالمنبهات السياسية بل ويسعى اليها بعكس الشخص السلبى الذى ينأى بنفسه عنها ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
2ـ المتغيرات الاجتماعية :
يتأثر حجم ومدى المشاركة السياسية بالمتغيرات الاجتماعية المختلفة مثل التعليم والدخل والمهنة والجنس والسن وغيرها من العوامل، حيث يرتبط الدخل ايجابياً مع
المشاركة .. فأصحاب الدخول المتوسطة أكثر مشاركة من ذوى الدخل المنخفض، وذوى الدخل المرتفع أكثر مشاركة من ذوى الدخل المتوسط.
كذلك يرتفع مستوى المشاركة بارتفاع مستوى التعليم حيث تعتبر الأمية أحد معوقات المشاركة فى دول العالم النامى. فالشخص المتعلم أكثر وعياً ومعرفة بالقضايا السياسية وأشد احساساً بالقدرة على التأثير فى صنع القرار والاشتراك فى المناقشات السياسية وتكوين آراء بخصوص الموضوعات والقضايا المختلفة.
كما يميل الأشخاص ذوو المركز المهنى المرتفع إلى المشاركة بدرجة أكبر من ذوى المكانة المهنية المنخفضة، وإن ظل هناك اختلاف بين مجتمع وآخر وبين مهنة وأخرى.
كما يتأثر حجم ومدى المشاركة السياسية بالنوع .. حيث يلاحظ أن المرأة بوجه عام أقل ميلاً إلى المشاركة عن الرجل ، غير أن التطور الاقتصادى والاجتماعى يعمل باستمرار
على تضييق هذه الفجوة بين الجنسين فيما يتعلق بالمشاركة السياسية. ولا يعنى هذا استقلال المرأة عن الرجل فى تحديد مواقفها السياسية اذ لا تزال الزوجة تتبع زوجها فى كثير من الاحيان فى التصويت والانتماء الحزبى.
وبالإضافة إلى العوامل السابقة تتأثر المشاركة ايضا بعامل السن اذ يرتفع مستوى المشاركة تدريجيا مع تقدم العمر، ويبلغ ذروته فى الأربعينات والخسينات ثم يهبط تدريجيا بعد سن الستين.
وإذا كانت هذه العوامل لا تشكل قاعدة يحتكم اليها دائما. ذلك أن المتغيرات الاجتماعية تختلف من فرد لآخر ومن مجتمع لآخر.
3 ـ الإطار السياسى :
ترتبط المشاركة بعناصر الإطار السياسى التى تتمثل فى رؤية القيادة لدور المواطن ومدى توافر الحرية للتنظيمات الحزبية والشعبية والمجالس النيابية المنتخبة وطبيعة النظام الاعلامى.
فالمشاركة التى تنعم بها المجتمعات الغربية ترجع جزئيا إلى وجود الإطار الدستورى والمؤسسى الملائم : الدستور والانتخابات الدورية، والتعدد الحزبى، والجماعات المصلحية، وحرية الصحافة، والبرلمان، وأجهزة الحكم المحلى .. الخ .. وفى الدول الشيوعية تؤدى هيمنة الحزب الى تفعيل دور المواطن فى صفة السياسة واختيار القيادات، ومع ذلك فإن نسبة المنخرطين فى النشاط السياسى ربما تتجاوز مثيلاتها فى معظم الدول الديمقراطية الغربية.
أما فى الدول النامية بصفة عامة، فإنها تعانى من أزمة مشاركة تعود جزئياً إلى ما يعترى البناء السياسى من تشوهات ونقائص .. فبعض الدول ليس بها دستور وبعضها الآخر ليس بها مجالس نيابية، وإن وجدت فهى شكلية وتتفاوت هذه الدول بين الأخذ بالحزب الواحد والتعددية الحزبية أو عدم الأخذ بالنظام الحزبى من أساسه. هذا المستوى الهابط من المؤسسية السياسية يقابله تغير اقتصادى اجتماعى مرموق، ولعل هذه الفجوة بينهما هى المصدر الأساسى لعدم الاستقرار السياسى الذى تعانى منه كثير من دول العالم النامى.
ساحة النقاش