هذا بالإضافة إلى أن نسبة كبيرة من شباب الجيل الحالى قد حظيت بتلقى تعليم نظامى أعلى بكثير فى المستوى وأطول فى المدة من الأجيال السابقة، مما أسهم فى تحسين مستوى النضج العقلى الانفعالى لشباب اليوم إذا ما قورن بأقرانهم فى العمر من الأجيال السابقة، وهو ما انعكس على كون الشباب المعاصر يشكل مجموعة مستنيرة ولديها خبرة فى أمور عديدة بدرجة لم تكن متوافرة لأمثالهم فى فترات سابقة مما خلق مشاكل الاغتراب عن المجتمع، لعدم قدرة المجتمع على استيعاب امكاناتهم الجديدة والمتلاحقة، فكان المقابل مزيد من النقد الصريح والرفض من جانبهم لأفكار الكبار وأسلوبهم فى الحياة.
ثانياً : احتياجات الشباب
غالباً ما تتركز اهتمامات الشباب فى الاهتمامات الآتية :
1- المشكلات الشخصية.
2- التعليم والعمل وتحقيق الاستقلال المادى عن الأسرة.
3- الاعداد للزواج وتكوين أسرة.
4- اثبات الذات وتحقيق المكانة الاجتماعية المتميزة.
5- ايجاد فلسفة ومبادىء مستقرة للحياة.
6- المشاركة فى الحياة الاجتماعية العامة.
7- تنمية الشعور بالاحترام والتقدير المتبادل مع الآخرين.
وعلى أساس هذه الاحتياجات يجب أن تبنى برامج الشباب فى إطار خطط التنمية بحيث تسعى هذه البرامج لاشباع تلك الاحتياجات حتى تضمن أعلى مستوى للقبول والاستجابة من جانب الشباب للمشاركة الفعالة فى أنشطتها.
ثالثاً : مقومات المشاركة الفاعلة للشباب
أشرنا فيما سبق إلى أن مرحلة الشباب تنفرد بسمات خاصة، ويقتضى حسن الاستفادة من هذه الطاقات والامكانات أن تقوم الدولة من خلال مؤسساتها المختلفة بخلق المناخ الملائم والبيئة المناسبة التى تتيح فرصة الانطلاق وتفجر الطاقات الابداعية للشباب لكى يشارك فى كافة الأنشطة والجهود فى كافة مناحى الحياة، ويتأتى ذلك من خلال توفير المقومات التالية.
1ـ اعداد قاعدة بيانات أولية عن الشباب :
المعلومة هى ركيزة التخطيط السليم، فلا يستطيع أى مخطط ان ينجح فى إعداد سياسات ناجحة بدون توفير حد أدنى معقول من المعلومات والبيانات السليمة. ولكى يحسن المجتمع الاستفادة من الطاقات السياسية ويستطيع توظيفها لخدمة قضايا المجتمع واحتياجاته، لابد من اعداد قاعدة بيانات عن الشباب تتضمن الجوانب التالية :
q تعداد الشباب فى المجتمع المصرى.
q توزيعهم على الفئات العمرية المختلفة.
q التوزيع الجغرافى بين الريف والحضر.
q المستويات التعليمية.
q توزيعهم من حيث الجنس.
q الوضع الاقتصادى.
q الحالة الاجتماعية.
q الانتماءات العقائدية.
q علاقة الشباب بوسائل الاعلام.
q قضايا الشباب ومشكلاته.
ولأن الشباب يمثل شريحة كبيرة من الجماهير المصرية، فعلى ضوء رسم خريطة احصائية دقيقة لخصائص وسمات الشباب المصرى يمكن اعداد الخطط والسياسات بشكل يضمن استيعابه ضمن الإطار المجتمعى.
2ـ دراسة المنظمات العاملة فى مجال خدمة الشباب :
يتردد الشباب عبر مراحل عمره على العديد من المؤسسات كالمدارس والجامعات والأندية الرياضية والمؤسسات الثقافية والإعلامية ودور العبادة ... الخ. وتقوم هذه المؤسسات بدور كبير فى مجال تنشئة الشباب وإعداده للخدمة العامة، ويقتضى تعظيم الاستفادة من امكانات هذه المؤسسات الالمام بجوانب معينة منها :
· مدى اقبال الشباب على التعامل مع هذه المؤسسات.
· مدى نجاح المؤسسات فى تلبية احتياجات الشباب.
· مدى التزام المؤسسات بالأسلوب الديمقراطى فى التعامل مع الشباب.
· دور المؤسسات فى تدعيم مشاعر الولاء والانتماء لدى الشباب.
· المشاكل والعقبات التى تعترضها فى تأدية رسالتها ، وكيف يمكن التغلب عليها.
· نوع العلاقة بين هذه المؤسسات وبعضها ومدى التوافق أو التعارض بين ما تقدمه من مضامين.
· مدى إيمان قيادات هذه المؤسسات بدور الشباب فى التنمية.
ومن خلال الاجابة على هذه التساؤلات يتسنى الوقوف على نواحى القوة والضعف فى عمل هذه المؤسسات وبلورة توجه واع متغير للاستفادة من إمكاناتها للقيام بدور فعال فى إعداد الشباب والنهوض بمستواه المادى والارتقاء بمستواه الثقافى، وتهيئته للمشاركة فى قضايا مجتمعه.
3ـ حل مشاكل الشباب وتلبية احتياجاته :
تعد مشاكل الشباب فى مصر نتاجاً لبيئة اجتماعية ذات خصائص ومواصفات معينة، أو هى نتيجة لعدة ظروف أو أوضاع أفرزتها البيئة الاجتماعية.
وعندما توجد حاجات أساسية وهامة لدى الشباب ولا تجد لها إشباعاً مناسباً فى مدىزمنى معقول ، فلا يتوقع من الشباب أن يكون مشاركاً فاعلاً فى قضايا مجتمعه. وعندما تكون الخدمات غير مهيئة بالقدر الكافى والاحتياجات غير مشبعة فلا ننتظر من الشباب أن يكون إيجابياً. فالشباب يحتاج إلى الأمن والاطمئنان على مستقبله وأنه سيتمكن فى مدى زمنى معقول أن يجد بيتاً صغيراً يكون فيه أسرة، وأن يجد حلاً مستقراً يحقق له نوعاً من الاعتماد على الذات فى تلبية احتياجاته.
كما أن الشباب فى حاجة إلى من يشعره بالانتماء، وفى حاجة إلى من يشعره بالتقدير والاحترام يمنحه الفرصة ويثنى على نجاحاته وإنجازاته.
ولا شك أن اهتمام الدولة ـ بمؤسساتها المختلفة ـ بحل مشاكل الشباب وتلبية احتياجاته سينعكس ايجابياً على مشاركة الشباب الفاعلة فى كل ما يجرى على أرض مصر. فسنراه حينئذ زارعاً هنا وصانعاً هناك منخرطاً فى عمل حزبى أو نقابى، رافعاً لافتة انتخابية يؤيد بها مرشحاً أو آخر، أو متردداً على لجنة انتخابية يمارس حق التصويت لاختيار من يشعر أنه جدير بتمثيله.
وبتعدد المشاركين يزيد الانتاج وترتقى الممارسة الديمقراطية، وتختفى السلبية رويداً ويزول شبح اللامبالاة شيئاً فشيئاً.
4ـ تنمية وعى الشباب بقضايا مجتمعه :
لا يشارك انسان فى موضوع يجهل أبعاده. وغالباً ما يحجم الشباب عن المشاركة فى قضايا مجتمعه حينما تقل المعلومات أو تنعدم. وكذلك عندما تتسم القضايا الموجودة فى محيطه بعدم التحديد والغموض.
وكذلك ينبغى على كل مؤسسات التنشئة والقائمين على أمرها أن تضع بين ايدى الشباب كافة القضايا والمستجدات التى تفرض نفسها على المجتمع فى لغة سهلة وبسيطة بعيدة عن الغموض والتجريد متحاشية استخدام الأساليب الخطابية الرنانة والمصطلحات العلمية المتخصصة. مع شرح المصطلحات الجديدة التى بدأت تترددد على مسامعنا كالخصخصة والعولمة وصراع الحضارات والنظام العالمى الجديد. علينا إيجاد الصيغ المقبولة والتى تسمح بنقل المعانى من ثقافات أخرى مع توضيح انعكاسات هذه الثقافات علينا.
كما أنه من الضرورى خلق رأى عام مؤمن بقضايا المجتمع المختلفة مع ربطها بالمصلحة المباشرة للشباب. فمن الخصائص المميزة للرأى العام وتر المصلحة الذاتية. فعندما نطرح على سبيل المثال قضية الخصخصة فلابد من توضيح انعكاساتها الايجابية على المصالح المباشرة للشباب من خلال اتاحة فرص العمل الجديدة أمام جموع البطالة التى تتزايد يوماً بعد يوم.
وفى مجال ترسيخ قيم الديمقراطية فى وجدان الشباب ومناقشة أبعاد هذه القضية فإنه ينبغى الاعداد الجيد للشباب وإكسابه قيم التعاون والمشاركة وتعويد الشباب على أن كل حق يقابله واجب وترسيخ قيم المواطنة لديه من خلال إدراك حقوقه وواجباته واشعاره بأهمية وجدوى مشاركته وفاعليتها، وربط الديمقراطية بعنصر المصلحة .. فعندما يحترم رأى الآخرين يحترمون رأيه. وعندما يشارك بالرأى فى قضايا وطنه فهو يساهم فى صنع السياسات العامة لوطنه، كما أن الإدلاء بالرأى يعد مدخلاً لتلبية الاحتياجات فكيف يعرف صانع القرار احتياجاتى إذا أحجمت عن إبداء رأيى.
ساحة النقاش