الذكاءات المتعددة

(Intelligence multiples) والتربية الحديثة

 

د. مراد حكيم بباوي 

* أستاذ الثقافة الفنية والمناهج

وطرق التدريس المشارك، كلية التربية، جامعة قطر

28/06/2007

 

إن أي نقد يوجه إلى العملية التعليمية يوجه عادة إما للمناهج أو إلى المعلم أو إلى المدرسة أو إليها جميعاً باعتبارها منظومة ثلاثية الأبعاد. يتساءل الكثيرون عن "الذكاء"وقدرات أبنائهم في التعليم..والذكاء هو من أكثر المفاهيم التي تطرق في مجال بحوث علم النفس، ومنه:

 الذكاء البيولوجي (البنائي): وهو الذكاء الناتج عن إمكانية أداء نمط معين من السلوك حسب الاستعداد الفطري الموجود لدي الكائن الحي وقدرته على التكيف مع المواقف الفيزيائية، ومنه أيضاً:

 الذكاء السيكولوجي: وهو يتناول القدرة على إدراك العلاقات والاستدلال على الحكم السليم..

 والذكاء الإجرائي: ويعني بإعطاء أهمية للطرق والوسائل التجريبية في تحديد معنى الذكاء الموضوعي..

 ومن تعريفات الذكاء الكثيرة: (تعريف بينيه) ويعني القدرة على الابتكار والفهم والحكم الصحيح والتوجيه الهادف للسلوك والنقد الذاتي.

 وفي تعريف كل من (تيرمان وكسلر وسبيرمان)، هو القدرة على التفكير المجرد، وهو القدرة الكلية للفرد على العمل الهادف والتفكير المنطقي والتفاعل الناجح في البيئة، وهو القدرة على إدراك العلاقات الخاصة، وخاصة العلاقات الصعبة والخفية..

 وفي تعريف أخر لبياجيه: الذكاء هو القدرة على التفكير ألتأملي والتجريدي والقدرة على التكيف مع البيئة.

  وقد واكب البحث في تطوير المناهج الدراسية، تحليل ودراسة آليات التعلم، حيث اشتهرت نظريات سيكولوجية عديدة منها نظرية الذكاءات المتعددة. وهذا النموذج الجديد للذكاء يستند على الاكتشافات العلمية الحديثة في مجال علوم الذهن وعلم الأعصاب، وقد أطلق عليها "نظرية الذكاءات المتعددة  (Intelligence multiples).

 

ويقول "جاردنر" أن نظرية الذكاءات المتعددة تسمح للشخص باستكشاف مواقف الحياة المعيشية والنظر إليها وفهمها بوجهات نظر متعدّدة، فالشخص يمكنه أن يعيد النظر في موقف ما عن طريق معايشته بقدرات مختلفة، فالكفاءات الذهنية للإنسان يمكن اعتبارها مجموعة من القدرات والمهارات العقلية التي يطلق عليها "ذكاءات".فما من شخص سويّ إلا ويملك إلى حدٍّ ما أحد هذه الذّكاءات، ويختلف الأفراد فيما بينهم عن طريق الكيفية التي يوظف بها كل واحد منهم كفاءته لتحديد الطريق الملائم للوصول إلى أهدافه، ويكتسب الفرد عدة ذكاءات من خلال ما يقوم به من أدوار ثقافية بالمجتمع، وهذه الذكاءات الثمانية هي:

 

1.      الذكاء اللغوي: وهو القدرة على فهم وإنتاج مجموعة من العلامات المساعدة على نقل رموز وبيانات ومعلومات لها دلالة، والقدرة على التعبير عنها وبواسطتها.ويظهر الذكاء اللغوي لدى الكتاب والخطباء والشعراء والمعلمين، وذلك بحكم استعمالهم الدائم للغة.

2.      الذكاء المنطقي "الرياضي": يغطي هذا الذكاء مجمل القدرات الذهنية، التي تتيح للشخص ملاحظة وتحليل واستنباط، ووضع الفروض المتبعة لإيجاد الحلول للمشكلات، وكذا القدرة على التعرف على الرسوم البيانية والعلاقات التجريدية والتصرف فيها.وأصحاب هذا الذكاء، لهم قدرة عالية على التفكير ويتمتعون بموهبة حل المشكلات، بشكل منطقي ويمكنهم أن يتفوقوا في المنطق المرتبط بالعلوم.

3.      الذكاء التفاعلي "الاجتماعي": وهو يرتبط بالعمل الجماعي، ويتميز صاحبه بالقدرة على لعب دور الزعامة والتنظيم والتواصل، ويفيد هذا الذكاء في تفهم الآخرين، وتحديد رغباتهم ومشاريعهم وحوافزهم ونواياهم والعمل معهم.

4.      الذكاء الذاتي: يتمحور حول إحساس الشخص بذاته وفهمه لها، وحب العمل بمفرده، والقدرة على فهمه لانفعالاته وأهدافه، وأصحاب هذا الذكاء يتمتعون بثقة كبيرة بالنفس، ولهم أحساسات قوية بقدراتهم الذاتية ومهارتهم الشخصية، ويبرز هذا الذكاء لدى الفلاسفة والباحثين في العلوم الإنسانية. يرى "جاردنر" أن هذا الذكاء صعوبته تكمن في ملاحظة الفرد وتحليل عاداته في العمل وإنتاجه، ويجب تجنب الحكم بصفة تلقائية على الذين يحبون العمل على انفراد، أو المنطوين على أنفسهم على أنهم يتمتعون بهذا الذكاء.

5.      الذكاء الجسمي"الحركي": ويتميز أصحاب هذا الذكاء باستعمال الجسم لحل المشكلات، والقدرة على التعبير عن الأفكار والأحاسيس من خلال القيام بالعديد من الأعمال، . التي تتسم بالتأذر المرئي والحركي.

6.      الذكاء الموسيقي: ويتميز أصحاب هذا الذكاء بالقدرة الذهنية والإحساس بالمقامات والقيام بالتشخيص الدقيق للنغمات الموسيقية، وإدراك إيقاعها الزمني، وكذا الانفعال العاطفي للإيقاعات.

7.      الذكاء البصري "الفضائي": ويعني القدرة على خلق تمثيلات للأشكال المرئية للعالم في الفضاء وتكييفها ذهنياً وبطريقة ملموسة والتعرف على الوجود وإدراك المجال والأماكن، والإحساس بالتفاصيل وإدراك الاتجاه، لتكوين صور ذهنية أو صورة ملموسة لفهم المعلومات الجديدة، وأصحاب هذا الذكاء يتميزون بالعمل في معالجة الرسوم والخرائط واللوحات والجداول، كما يتفوقون في الرسم وفنون الخط والإبداع.

8.      الذكاء الطبيعي: يتجلى في القدرة على تحديد وتصنيف الأشياء الطبيعية من نباتات وحيوانات. إن أصحاب هذا الذكاء تغريهم الكائنات الحية، ويحبون معرفة كونه الأشياء. وقد أحدثت هذه النظرية منذ ظهورها ثورةً في المجال التربوي والتعليمي، حيث غيّرت نظرة المعلم عن طلابه، وأضحت الأساليب الملائمة للتعامل معهم وفق قدراتهم الذهنية، كما شكّلت هذه النظرية تحدياً للمفهوم التقليدي للذكاء، والذي لم يكن يعترف سوى بشكل واحد من أشكال الذكاء الذي يظل ثابتاً لدى الفرد في مختلف مراحل حياته. حيث أكدت التطورات في التربية الحديثة أن هناك فروق فردية بين الأفراد وكذا في أنواع الذكاءات التي لديهم وفي أسلوب استخدامها، وبالتالي يجب أن تتطور المناهج وتتمركز وفقاً لاحتياجات الطلاب وقدراتهم وخاصة أنها تهدف نموهم.

 

 

 

 

mouradbebawy

ببــــــــــاوي نت

  • Currently 345/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
99 تصويتات / 2269 مشاهدة
نشرت فى 7 مايو 2010 بواسطة mouradbebawy

[email protected]

mouradbebawy
يعني هذا المركز بتنمية القدرات الفنية لدى الطلاب والموهوبين والمهتمين وإمداد الباحثين بالبحوث والمراجع التربوية والفنية والتكنولوجية وتشجيع المهتمين ودعم غير المهتمين للتذوق الجمالي لتنمية قدراتهم الفنية والتشكيلية من أجل خلق عالم الخير والحق والجمال لمدينة فاضلة »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

100,078

جمال الفـــــــــــنون