يُذكر لفيلسوف المهجر جبران خليل جبران مقولته في التدليل على الخصائص الإنسانية لمن يعتبرهم الأفذاذ، بأن «الكيميائي الذي يستطيع أن يستخلص من عناصر قلبه الرحمة والاحترام والصبر، ويدمج هذه العناصر في عنصر واحد، يمكن أن يخترع الذرة التي تسمى حب الآخرين له». والفاحص في سير الأفذاذ، لا بد أن يجد أناسا صنعوا هذه المعادلة وجسدوها بأفعالهم وحصدوا حب الملايين من الأقربين والبعيدين.
ولنا في صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز العائد إلى حضن الوطن، الأنموذج الأمثل الذي حقق بخصاله وأفعاله تلك المعادلة، فحصد حب الناس بلا حدود. بل، ولنا في رحلة الثلاثمائة وثلاثة وثمانين يوما التي قضاها في الخارج للعلاج، وكيميائية الحب والترحاب اللذين استقبل بهما البارحة، ما يختزل مسارات البحث والتحليل في سيرة الرجل وعطاءاته.
لن نعود في رصدنا إلى عقود خلت لنقرأ مواقف ومنعطفات في حياة صاحب هذه السيرة، طالما أن بين أيدينا حالة قريبة استغرقت عاما ونيفا، فاض فيها قلب الأمير العائد بالرحمة، متقلدا وشاح الصبر، وحاصدا المزيد من احترام العامة والخاصة.
ففي جانب الرحمة، لم ينقطع حبل الخير، بل ظل ممتدا عبر آلاف الأميال، مستجيبا لأي طلب غوث أو نداء يأتيه من صاحب حاجة أو معتل.
ومن جهة الاحترام، تضافرت الصور والتعابير في الداخل والخارج، وكم من زعيم دولة ووجيه ومواطن بسيط شدوا الرحال إلى حيث كان يعالج ويستريح سلطان للاطمئنان عليه.
وفي الصبر، ضرب ولي العهد مثلا حين كان يواجه المرض من جهة والغربة من جهة أخرى، مستمدا القوة من خالقه جل وعلا، ثم من نبل واهتمام ومتابعة أخيه ملك القلوب والإنسانية والشهامة عبد الله بن عبد العزيز الذي أحاط عضده بما لا يحصى من مواقف الأخوة والرجولة دعما ومساندة، ما خفف الأوجاع وعزز المعنويات ورفع درجة الصبر، في الوقت الذي ضرب فيه سلمان الوفاء والشموخ مثلا عاليا راقيا في ملازمة ولي العهد لحظة بلحظة، من ساعة المغادرة وحتى ساعة العودة.
هنا، تكمن معادلة تمازج عناصر كيمياء الشخصية مع النسيج المشاعري للملايين .. ذاك سلطان.
عدد زيارات الموقع
1,194,088
ساحة النقاش