تأسيس الرابطة الإسلامية في الهند

 

14 من ذي القعدة 1324هـ ـ 30 ديسمبر 1906م

 

مفكرة الإسلام: بعد الثورة الكبرى التي قام بها أهل الهند ضد الاحتلال الإنجليزي سنة 1857م، أخذ الإنجليز في التفكير في كيفية إدارة هذه البلاد الشاسعة المتباينة في المستقبل، وفي كيفية احتواء ثورات المسلمين المتكررة، حيث كان المسلمون هم وقود وأساس أي ثورة ضد المحتل، والإنجليز أساتذة المكر والكيد، ففكروا في إنشاء حزب علماني قومي يجمع بين الهندوس والمسلمين، يكون هذا الحزب مسايرًا للإنجليز ومسالماً لهم، يقوم بدوره في امتصاص غضب الناس ويظهر بصورة الساعي نحو رقي البلاد واستقلالها، من هذا المنطلق تأسس حزب المؤتمر الهندي الوطني على يد مستر «ألن هيوم» ونائب الملك الإنجليزي «اللورد دوفرين» سنة 1885م، وعمل الإنجليز على الدعاية له بأساليبهم المعروفة والترويج له في صفوف المسلمين، حتى ارتفعت شعبية هذا الحزب، وانضم إليه كثير من الناس ولكن غالبية من انضم إليه الهندوس والبقية من المسلمين.

كان فريق كبير من المسلمين ينظر بعين الريبة والشك لحزب المؤتمر، بسبب أصل نشأته ولكثرة الهندوس فيه واتجاهه الذي يغلب عليه الطابع الهندوسي، فاستغل الإنجليز سادة التآمر والخداع والمكر هذا الشك فأنشئوا عدة جماعات ظاهرها إسلامي وباطنها شيطاني مثل جماعة «أحباء الوطن»، و«الجماعة المحمدية الإنجليزية»، وجماعة «النظام المحمدية السياسية»، وكلها جماعات تحمل أفكارًا ظاهرها الدفاع عن حقوق المسلمين ضد طغيان الهندوس، مع الولاء الكامل للإنجليز، وكانت أفكار سير أحمد خان وجامعة عليكرة هي أساس منهج هذه الجماعات العميلة للإنجليز، وتبنت هذه الجماعات الثلاثة فكرة محاربة ومنافسة حزب المؤتمر، ورغم الهدف الخبيث الذي قامت هذه الجماعات من أجله إلا إنها كانت ذات أثر كبير في لفت نظر المسلمين إلى البحث عن كيانهم وذاتهم الخاصة، وحقوقهم إزاء طغيان الأكثرية الهندوسية.

بدأت مجموعة من زعماء المسلمين أمثال نواب دكا «سليم الله خان» ونواب «محسن الملك» ـ لقب نواب يطلق على الحاكم المسلم للولايات الهندية شبه المستقلة داخل الهند، ويقابل لقب المهراجا إذا كان الحاكم هندوسيًا ـ ومعهم 36 زعيمًا وقائدًا مسلمًا في التفكير في إنشاء حزب إسلامي يدافع عن حقوق المسلمين ويحقق الرابطة القوية بين المسلمين في بلاد الهند الشاسعة، وكانت هذه المجموعة قد شكلت وفدًا للاجتماع من نائب الملك الإنجليزي بالهند اللورد كيرزون وقدمت له عريضة بمطالب المسلمين وحاجاتهم، وذلك في أكتوبر 1906م ـ 1324هـ، وقد قابلهم اللورد بصورة ودية واستجاب لبعض مطالبهم خصوصًا مطلب تخصيص بعض المقاعد للمسلمين في الدوائر الانتخابية.

بعد هذا النجاح الذي حققه هذا الوفد في التفاوض مع الإنجليز، قرر هؤلاء الزعماء تأليف جماعة خاصة تنطق باسم المسلمين وترعى حقوقهم، وتم الاتفاق على ذلك وأعلن قيام حزب «مسلم ليكَ» أي الرابطة الإسلامية في 14 من ذي القعدة 1324هـ ـ 30 ديسمبر 1906هـ، وهو الحزب الذي أصبح مع مرور الزمان المتحدث الوحيد باسم المسلمين، والذي قاد عملية استقلال باكستان عن الهند، وعلى الرغم من وجود الكثير من المخالفات الشرعية بهذا الحزب وانضمام أغاخان زعيم الطائفة الإسماعيلية الباطنية للهيئة المؤسسة للحزب، إلا إنه ظل محتفظًا بقيادة مسيرة المسلمين حتى بعد استقلال باكستان عن الهند.

المصدر: مفكرة الإسلام
  • Currently 120/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
40 تصويتات / 138 مشاهدة
نشرت فى 12 ديسمبر 2009 بواسطة moonksa

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,194,505