عواصم - وكالات: في الوقت الذي تتواصل فيه الحرب السعودية ضد المتمردين الحوثيين للاسبوع الثالث على التوالي، قال عدد من المحللين السياسيين السعوديين إن هذه الحرب والدائرة حاليا في الشريط الحدودي مع اليمن بدأت تدق ناقوس خطر جديد للتهديدات الإيرانية لأمن الخليج والبحر الأحمر رغم محاولات تنصل إيران الرسمية من تورطها في هذه الحرب، مؤكدين أن ما يحدث في اليمن لا يمكن أن يتصوره أحد إنه أمر داخلي فتبعاته تمس المنطقة بالكامل.
ووصف عدد منهم محاولة الحوثيين الاعتداء على الأراضي السعودية بأنها فاشلة كانت تهدف لتحويل تمردهم إلى قضية إقليمية، وجر السعودية إلى معركة لا علاقة لها بها، وهو ما لا تريده السعودية التي تفضل علاقة حسن الجوار، ولا ترى أن الحوثيين قضية إقليمية، بل هي مشكلة يمنية داخلية صرفة.
وأجمع هؤلاء المحللون على أن القيادة السعودية لا تريد الخوض في حرب طويلة مع المتسللين الحوثيين بل "تريد فقط تطهير" حدودها مع اليمن لتأمين أراضيها من أي خروقات جديدة يمكن أن يقوم بها مسلحون حوثيون أو قاعديون أو حتى مهربو الأسلحة والمخدرات.
وارجعوا استمرار العمليات العسكرية إلى تواصل عمليات التسلل الى الأراضي السعودية سواء من المسلحين الحوثيين او من مسلحي تنظيم القاعدة الذي بات يتخذ من اليمن مقرا له على مستوى المنطقة، مؤكدين على أن العمليات العسكرية السعودية على طول الشريط الحدودي مع اليمن تحقق أهدافا مزدوجة لأجهزة الأمن السعودية.
وحسبما ذكرت صحيفة "البيان" الاماراتية، فقد رأى بعض المحللين أن قضية الحوثيين ليست سوى "مخطط كبير" يستهدف اليمن خصوصا والمنطقة بأكملها، مشيرين في هذا الصدد إلى تماهي الحوثيين مع طروحات إيران السياسية ودفاع طهران عنهم، وركزوا على أن ما اكتشف من أسلحة إيرانية في البر والبحر يؤكد الحقائق المعروفة.
وقال المحلل السياسي السعودي د. علي العطية إنه "رغم أن الرياض وجدت الدعم الخليجي والعربي الصريح لموقفها من الحرب ضد الحوثيين استشعاراً من هذه الدول لمخاطر جر المملكة إلى صراع طائفي ومذهبي ستكون تأثيراته كارثية على كل دول الخليج، وليس فقط على اليمن والمملكة فقط فإن على الدول العربية كلها أن تبحث بالتنسيق مع اليمن عن طريقة للجم هذا التطور لئلا تتحول المواجهات المحدودة إلى أزمة يصعب السيطرة عليها في قادم الأيام، ويصبح الشريط الحدودي كله ملتهباً".
واضاف العطية: "إن دخول المسلحين الحوثيين وهجومهم على الأراضي السعودية وضعهم بين كماشة الموت، لأنهم جعلوا المملكة التي كانت محايدة وبعيدة عن ميادين المعركة في اليمن، تخوضها دفاعاً عن سيادتها وأراضيها وحماية مواطنيها".
وتابع: "إن اختيار جماعة الحوثيين لهذا التوقيت كي تنقل عملياتها إلى الجانب السعودي من الحدود مع اليمن "لم يأتِ اعتباطًا؛ فالجماعة تدرك أن المملكة في هذا الوقت تستنفر كل طاقاتها للعبور بموسم الحجّ إلى برّ الأمان".
وأوضح المحلل السعودي أن الحوثيين وضعوا أنفسهم في مأزق حقيقي بالمواجهة مع السعوديين، وهي مواجهة تجعلهم أمام جيشين في وقت واحد، وفي منطقة جبلية وعرة، ومعزولة على حدود البلدين.
وقال: إن "وعورة منطقة المواجهة في صعدة اليمنية كانت تمثل رصيداً استراتيجياً للحوثيين خلال المواجهات الخمس الماضية بينهم والقوات اليمنية منذ العام 2004 وكانت كذلك مع بداية المواجهة السادسة، أو الحالية منذ أغسطس الماضي"،
غير انه أكد أن دخول السعودية على خط المواجهة "غيّر المشهد بشكل كبير"، وأن الحوثيين باتوا، ولو بشكل تدريجي، يفقدون ميزة حرب العصابات، والمنطقة المعزولة والوعرة التي كان يتمتعون بها لأن الرياض لديها قوات خاصة بحرب العصابات، كما أن سلاح الجو السعودي قد قلل ميزة التضاريس الجغرافية التي كان يستفيد منه الحوثيون.
من جهته، قال المحلل العسكري منيف الشمري إن نقل الحوثيين معركتهم إلى داخل الشريط الحدودي السعودي "دليل على أن إيران التي تدعمهم عسكريا وإعلامياً تريد أن تنقل مشكلاتها الداخلية إلى خارج الحدود"، وشدد على أن هذا التحرك العسكري "يدق ناقوس الخطر الإيراني من جديد على أمن الخليج والجزيرة العربية".
وقال الشمري إن القوات اليمنية ظلت تحارب المتمردين الحوثيين في صعدة على مدى نحو خمسة أعوام دون نتائج حاسمة على الأرض مما أثار حيرة المراقبين وتساؤلاتهم عن صمود مجموعة مسلحة أمام جيش دولة متكامل العدة والعتاد، وأشار إلى أنه «عندما حاول الحوثيون تمديد رقعة الصراع بوازع من شعورهم بالثقة تمدد المتسللون منهم إلى الحدود السعودية ليواجهوا جبهة مشتعلة لا تسمح لهم بالتطاول على الأراضي السعودية".
خسائر فادحة في صفوف المتمردين
في نفس السياق، تصدت القوات السعودية المسلحة فجر أمس السبت لهجوم مباغت نفذه المتسللون بالأسلحة الثقيلة والخفيفة على جبل الرميح القريب من جبل دخان بالخوبة. ونجحت القوات الجوية والبرية في التعامل مع الموقف مستخدمة الطائرات ومتمكنة من تكبيد المتسللين خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
ونقلت صحيفة "الوطن" السعودية عن مصدر عسكري سعودي قوله: "إن المتسللين قامــوا بهجومهم المكثف وبأعداد كبيرة على جبل الرميح داخل الأراضي السعودية حيث تصدى لهم رجال القوات المسلحة وكبدوهم خسائر فادحة".
كان مساعد وزير الدفاع والطيران السعودي والمفتش العام للشؤون العسكرية الأمير خالد بن سلطان قد أكد في وقت سابق أن المملكة لا تريد إلا الدفاع والسلام فمن مد يده للسلام فأيدينا ممدودة ومن تعدى قطعت يده.
وفي صنعاء، قال مصدر أمني إن السلطات اليمنية توصلت إلى معلومات دقيقة من المعتقلين الصوماليين تكشف تورط عناصر أجنبية في تقديم دعم لوجستي للحوثيين يتمثل في تدريب أتباع التنظيم على أساليب شن هجمات خاطفة والتعامل مع مختلف الأسلحة والمعدات الحربية المتوسطة والثقيلة، إلى جانب المهارات الخاصة بنصب الكمائن والتفخيخ والتلغيم.
وقال مصدر أمني يمني مسؤول: "تمكنت سلطات خفر السواحل اليمنية من إحباط العديد من المحاولات لتهريب أسلحة إلى اليمن من الصومال وإريتريا، نفذها مهربون أفارقة يحملون الجنسيتين الصومالية والإريترية".
وأشار المصدر إلى أن السلطات اليمنية اعتقلت منذ أغسطس الماضي أكثر من 20 إفريقياً معظمهم يحملون الجنسية الصومالية.
وأفاد أن التحقيقات مع هؤلاء أثبتت دخولهم إلى اليمن متسللين ومشاركتهم في الحرب إلى جانب الحوثيين عبر القيام بأعمال من قبيل الصيانة للمعدات الحربية، أو المساهمة في تهريب أسلحة وتوريد أجهزة اتصال مقابل أجور مجزية جعلتهم بحكم "المرتزقة" في التوصيف القانوني للتهم الموجهة إليهم.
وأشارت المصادر إلى أن السلطات اليمنية توصلت إلى معلومات دقيقة من المعتقلين الصوماليين تكشف عن تورط عناصر أجنبية بتقديم دعم لوجستي للحوثيين من قبيل تدريب أتباع الحوثي على أساليب شن هجمات خاطفة والتعامل مع مختلف الأسلحة والمعدات الحربية المتوسطة والثقيلة، إلى جانب المهارات الخاصة بنصب الكمائن والتلغيم.
ساحة النقاش