كل ما يحيط بنا في هذه الايام يعرضنا لمخاطر من نوع ما، سواء كان ذلك عن طريق الأدوات التي نستعملها، أو الأشخاص الذين نتعامل معهم في المنزل وأماكن العمل والمرافق العامة.. ومن العسير – بالطبع – تجنب المرض، لكن من السهل العمل على دعم الجهاز المناعي الذي يقاوم كل الأمراض.. وتضعف مناعة الجسم كلما تقدم المرء في العمر، لذلك بات من المهم أن نولي اهتمامنا لتقويتها منذ سن مبكرة.
ونحاول هنا التطرق لأفضل الطرق التي تقي وتشحن الجهاز المناعي في كل مرحلة من مراحل العمر.
في الثلاثينات:
يكون المرء في أوج نشاطه في هذا العمر، إذ يتابع عدة مهام وأعمال في نفس الوقت: فالثلاثينات سن الترقية الوظيفية، وتكوين الأسرة، والنشاط الاجتماعي.. وهذا قد يدعو لبعض العادات الغذائية الضارة، من قبيل تناول الوجبات السريعة أو المقرمشات أو السكريات، ليكسب المرء طاقة ترافقه طوال اليوم، دون أن يدري أن كمية السكر في زجاجة الكولا مثلاً تقلل من فعالية مناعته بحوالي 30% ولحوالي 3 ساعات بعد تناولها، حيث أن السكر يعطل حركة بعض الخلايا المناعية ويحد من قدرتها على احتواء الجراثيم وتدميرها.وإذا كان ولا بد للمرء بأن يتناول أي شيء سريع يقع تحت يديه، فعليه أن يحسن الاختيار، وأن يتجه مثلا نحو بسكويت الشوفان أو القمح الكامل، أو الفاكهة، وهي مواد غذائية غنية بالمعززات الحيوية (وهذه عبارة عن نوع من البكتيريا الصديقة التي تساعد في جعل المعدة قوية في وجه الفيروسات والأنواع الضارة من البكتيريا).. كما يمكن للمرء أن يعزز مناعة جسمه عبر تناول الفينولات المتعددة المتوفرة مثلاً في المنتجات المشتقة من دقيق الحنطة السوداء.
ويضاف إلى الغذاء الصحي التمارين المفيدة القاسية التي تحسن شكل الجسم ورشاقته خلال أسابيع، بيد أن الدراسات تشير إلى أن التمرين المتوسط الشدة أفضل لدعم حركة الخلايا المناعية داخل مجرى الدم بحيث تصبح أكثر قدرة على التقاط الجراثيم والفيروسات.. وتأثير التمرين على الجسم التراكمي، ويحسن أن تتألف التمارين من حركات حرة (الأيروبيك أو المشي والركض أو السباحة) لمدة 15 – 30 دقيقة يومياً، مع 15 دقيقة من تمارين القوة، ثلاث مرات في الأسبوع، ويمكن تعزيز فائدة التمارين الرياضية بأداء حركات اليوغا التي تخفف من الشدة وبالتالي تعزز الجهاز المناعي الذي يتأثر سلباً بالشدة النفسية.
في الأربعينات
بعد انقضاء يوم طويل ومتعب، نجد أن الكثيرين في هذه السن يحبذون أن يمضوا بعض الوقت مسترخين أمام التلفاز أو يقرؤون شيئاً قبل النوم.. لكن تلك العادة المحببة قد تكون على حساب النوم، حيث أن زيادة النوم في هذه الفترة العمرية (بالاضافة للغذاء الصحي والرياضة) ضرورية لدعم الجهاز المناعي، إذ يجري الجسم عملياته الإصلاحية أثناء ساعات النوم في الليل والتي لا ريب أنها تشمل الجهاز المناعي.. ويحسن أن يستجيب المرء لنداء النوم حتى ولو في النهار، لأن تلك هي طريقة الجسم في بث الطاقة فيه مجدداً.ولابد من الإشارة إلى أن حالة الشدة النفسية تضعف جهاز المناعة ومن استجابته أمام تهديدات الجراثيم والفيروسات. ولعل جلسات الاسترخاء والتأمل من أفضل الطرق لمحاربة الشدة اليومية.
في الخمسينات فما فوق
يزيد احتمال الإصابة بالأمراض مع بلوغ المرء الخمسين من عمره، ما يتطلب زيادة جرعة مضادات الأكسدة عبر تناول المزيد من الخضراوات والفاكهة. وينصح باحثون من جامعة كاليفورنيا بزيادة ما يتناوله المرء من القرنبيط الأخضر والملفوف واللفت لأنها تحتوي على مواد أساسية تحارب السرطان.ويعتبر الشاي أحد أفضل مصادر مضادات التأكسد، خصوصاً النوع المعروف باسم ماتشا، الذي تعادل كمية مضادات الأكسدة الموجودة في فنجان واحد منه تلك التي توجد في 15 فناجين من الشاي الأخضر.
ولا ينبغي إهمال الجانب النفسي في هذا العمر، إذ أن التركيز على ما يريده المرء في حياته والتأمل خيراً في كل أمر يساعدان في زيادة عدد الخلايا المناعية في الجسم .. لا بل تلعب الأعمال الخيرية والتطوعية دوراً في تحسين المناعة على حسب ما وجد في الكثير من الأبحاث، حتى أن بعض الدراسات أشارت إلى أن المتطوعين في الأعمال الخيرية يكونون أطول عمراً من غيرهم، ويعزو الباحثون الأمر إلى دور تلك النشاطات في التقليل من الشدة.
ومن ناحية أخرى، يجد كل من الرجال والنساء في الخمسينات من العمر متسعاً من الوقت كي يعيشوا الحب ويمارسوا الجنس أكثر من ذي قبل، وتؤكد الأبحاث أن المعاشرة لمرتين أسبوعياً على الأقل تزيد من وجود مولد الضد (IgA) في اللعاب والطبقات المخاطية، الذي يعتبر خط الدفاع الأول ضد فيروسات الزكام والأنفلونزا.. ولم يتوصل العلماء بعد للعلاقة بين ممارسة الجنس وتلك الزيادة التي تبلغ 30% حسب تلك الدراسات.
_________________
طبيبك 613
ساحة النقاش