إن من السهل تقليل أهمية حمى القش hay fever واعتبارها حالة صغيرة. ولكن، إن ذكرنا هذه الحالة باسمها المناسب وهو التهاب الأنف التحسسي allergic rhinitis، فإننا سنعترف بها بوصفها مشكلة طبية مشروعة.

 أضف إلى ذلك حقيقة أنها تؤثر على واحد من كل خمسة أميركيين وتكلف الاقتصاد نحو ملياري دولار سنويا، مما يجعلنا نراها مشكلة مهمة بالفعل. وهي أيضا مشكلة تستجيب للعلاج بشكل جيد.

التهاب الأنف 

إن فكر الإنسان في أنفه فعلا، فإنه سيفكر على الأكثر بكونه عضوا بسيطا للشم. فالأنف مسؤول حقا عن حاسة الشم، إلا أن الشم يعني أكثر من القدرة على التمتع بالروائح الطيبة.

ولأن الشم يساهم بشكل مهم في التحسس بالمذاق، فانه يلعب دورا مركزيا في الحفاظ على تغذية جيدة.

كما أن الشم يمكنه أيضا تحذير الإنسان من المخاطر التي تتراوح بين الأدخنة السامة والحرائق الكثيفة الدخان والأغذية الفاسدة.

ويمكن لالتهاب الأنف التحسسي أن يقلل من قوة حاسة الشم كثيرا، كما يمكنه التداخل مع الوظائف المهمة الأخرى للأنف.

فعندما تقوم الممرات الأنفية بعملها الاعتيادي فان نحو 5 إلى 8 كوارتات (الكوارت يعادل ربع غالون أو 0.946 لتر) من الهواء تمر عبر كل منها في الدقيقة الواحدة.

ومهمة الأنف هي تكييف هذا الهواء قبل أن يصل إلى الأنسجة الحساسة للرئتين. ويضيف الأنف الرطوبة إلى الهواء. ولأجل ذلك فان عليه أن يفرز كميات كبيرة من المخاط.

 كما أنه يسخن الهواء بمساعدة شبكة كبيرة من الأوعية الدموية.

وختاما فان الأنف يلتقط الدقائق الصغيرة لإبقائها بعيدة عن الرئتين. وان كنت مصابا بالحساسية، وكان انفك يلتقط طلع النباتات أو الدقائق التي تثير الحساسية لديك، فان عملية التهاب تبدأ فورا في انفك. إذ تقوم خلايا mast cells في جهاز المناعة الموجودة في انسجة الأنف بإفراز مواد كيميائية مثل الهيستامين histamine و«اللوكوتريين» leukotriene.

 وتأخذ الأوعية الدموية بالانتفاخ، ما يسبب احتقان الأنف، وإفرازات غزيرة في المخاط، الأمر الذي يؤدي إلى سيلان الأنف.

وهكذا، تظهر لديك أعراض لالتهاب الأنف التحسسي ـ وتتعرض بعض وظائف أنفك للخلل.

أنواع التهاب الأنف 

التهاب الأنف التحسسي هو أكثر الأنواع شيوعا. فحساسية الأنف الموسمية تأتي وتذهب بعد تفتح زهور عدد من النباتات.

وان كانت الأعراض تحدث في الربيع، فان الحساسية تكون على الأرجح بسبب طلع الأشجار. وان كانت تحدث في الصيف، فان مسبباتها على الاكثر هما الحشيش وطلع الاعشاب.

 أما إن حدثت في أواخر الصيف والخريف فان طلع من نبات الرجيد (وهو عشبة في اميركا الشمالية ـ المحرر) هو المسؤول عنها.

ولكن ان حدثت الاعراض على مدار السنة (حساسية الأنف السنوية) فان هذه الحساسية تعود على الارجح إلى مسببات التحسس مثل العث المنزلي، العفونة، او فرو الحيوانات.

وقد يحدث التهاب الأنف من دون وجود حساسية. والامثلة هنا تشمل: التهاب الأنف الفيروسي (نزلات البرد الشائعة).

والتهاب الأنف الناجم عن الأدوية (الأدوية المحتملة التأثير هي: الفياغرا وغيرها من عقاقير علاج ضعف الانتصاب لدى الرجال، حاصرات ألفا لعلاج تضخم البروستاتا الحميد، مثبطات انزيم الانجيوتنسين، وحاصرات بيتا لعلاج ارتفاع ضغط الدم، والاسبرين والادوية غير السترويدية المضادة للالتهاب).

والتهاب الأنف الهرموني (الذي يشمل «الأنف الحامل» «pregnant nose» الذي يعاني منه بعض النساء).

 ولدى بعض الناس قد يحدث التهاب الأنف نتيجة اجراء التمارين الرياضية، أو تناول الطعام، التعرض للبرد او الهواء الجاف، الملوثات الجوية، او الروائح القوية.

ولا تحدث الالتهابات في حالات التهابات الأنف غير التحسسية، وتكون اعراضها محدودة باعراض سيلان الأنف، واحتقان الأنف.

 والصنف الاخير من التهاب الأنف صعب التحديد ويسمى «التهاب الأنف الناجم عن الادوية» rhinitis medicamentosa، وهو تخرشات في اغشية الأنف تنجم عن الاستخدام المفرط في المرشاشات الحاوية على مضادات الاحتقان مثل «فينيليفرين» phenylephrine و«اوكسيميتازولين» oxymetazoline التي يلجأ إليها بعض الناس بهدف التخفيف السريع من التهاب الأنف التحسسي.

الأعراض 

كل شخص من المصابين بالتهاب الأنف التحسسي تقريبا يشكو من سيلان الأنف واحتقانه. والعطاس شائع تقريبا، وقطرات الأنف قد تقود إلى السعال.

 الأعراض النموذجية تتعدى الأنف لتشمل احمرار أو التهاب البلعوم، مع حكة، حرقة في العين وتدميعها. وتبدو العين حمراء نتيجة التهاب باطن الجفن التحسسي.

أمراض مرافقة 

بين 20 و40 في المائة من المرضى المصابين بالتهاب الأنف التحسسي يعانون ايضا من الربو. ويمكن ان تظهر أمراض أخرى مرتبطة بالحساسية مثل الأكزيما. وتظهر لدى بعض المرضى زوائد مخاطية، وانعراج في الاغشية او الحواجز الفاصلة في الأنف، او التهاب الجيوب الأنفية.

التشخيص 

اكثر المصابين بالتهاب الأنف التحسسي يمكنهم تشخيص حالاتهم ببساطة بالتعرف على الاعراض النموذجية.

وفي الحالات المعقدة، فان اختصاصيا في الأنف والاذن والحنجرة يمكنه فحص الزوائد، او العيوب الاخرى في الأنف.

وان كان التعرف على بعض مثيرات الحساسية مهما، فان اختصاصي الحساسية سيجري فحصا على الجلد.

كما يمكن لما يسمى بفحص «راست» للدم RAST blood test ان يساعد في تحديد الاسباب.

العلاج

هناك ثلاث استراتيجيات متوفرة، هي: تجنب المثيرات، وتناول الادوية لتخفيف الاعراض، واستخدام العلاج المناعي («حقن الحساسية»).

تجنب المثيرات. وفي ما يلي الخطوات اللازمة في حالة التهاب الأنف الموسمي:

ـ قلل من فترات خروجك من المنزل في أوقات ازدياد الطلع. ويزداد عدد طلع الحشيش في فترة ما بعد الظهر المتأخرة وبداية المساء.

وان كنت مضطرا للعمل في الباحة الخارجية للمنزل اثناء موسم الطلع فعليك ارتداء قناع «ان 95» N95. ثم استحم تحت المرشاش، اغسل شعرك، ثم غير ملابسك.

ـ أغلق نوافذك وأبوابك جيدا أثناء موسم الطلع.

ـ استخدم مكيف الهواء بدلا من المروحة لانها تجلب الهواء من الخارج. قُدْ السيارة ونوافذها محكمة الاغلاق. اما بالنسبة لالتهاب الأنف على مدار السنة فالخطوات هي:

ـ إن كان لديك كلب أو قطة يمكنهما إثارة الأعراض، عليك بغسلهما أسبوعيا، وإبعادهما عن الأثاث وغرفة النوم.

ـ ضع الوسائد والافرشة داخل اغطية بلاستيكية محكمة (اغطية الحساسية) بهدف منع تراكم عث الغبار عليها.

- اغسل مفروشاتك بالماء الحار (فوق 120 درجة فهرنهايت ـ 49 درجة مئوية) للقضاء على عث الغبار.

ـ أبعد السجاد الأرضي تماما من غرفة النوم.

ـ استخدم جهازا لإزالة الرطوبة لتقليلها إلى اقل من 40 في المائة.

الأدوية 

يتوافر الكثير من العقاقير. وفي ما يلي خلاصة عن أهم أنواعها:

ـ حبوب مضادات الهيستامين تساعد اغلب المرضى. ولاكثرية الناس فان احد انواع الادوية الجديدة التي لا تسبب النعاس، هو الافضل. وبعض من هذه الادوية يتوفر من دون وصفة طبية.

وقد تسبب الجرعات العالية لهذه الادوية، النعاس وجفاف الفم، كما قد يعاني المصابون بتضخم البروستاتا الحميد من صعوبة التبول.

ـ مرشاشات الأنف الستيرويدية تكون فعالة في العادة الا ان مفعولها يبدأ بعد بضعة ايام من بدئها. ومثلها مثل حبوب مضادات الهيستامين التي يتم تناولها عبر الفم، فان هذه الادوية تخفف الاعراض الحاصلة في العينين وكذلك الأنف.

ـ مرشاشات الأنف من مضادات الهيستامين فعالة مثل فاعلية حبوبها.

 ـ حاصرات «اللوكوتريين»، مثل دواء montelukast Singulair)) بوصفة طبية، وهو يخفف من اعراض التهاب الأنف التحسسي. وقد تشمل أعراضه الجانبية الصداع وربما حدوث تغيرات في الشخصية.

ـ مضادات الاحتقان التي تتوفر من دون وصفة طبية بهيئة حبوب أو مرشاشات للانف التي يمكنها تخفيف الاحتقان في الأنف إلا أنها لا تؤثر إلا قليلا على اعراض الحساسية.

 وقد تشمل أعراضها الجانبية التهيج العصبي، وإسراع دقات القلب، وزيادة ضغط الدم والأرق. ويواجه المصابون بتضخم البروستاتا الحميد صعوبة في التبول.

ـ العلاج البيولوجي، أو («حقن الحساسية»)، يمكنه المساعدة في ضبط التهاب الأنف التحسسي والتحكم فيه.

المصدر: الجمال

  • Currently 398/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
134 تصويتات / 3005 مشاهدة
نشرت فى 22 يونيو 2009 بواسطة moonksa

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,197,950