من الأمراض التي زادت مع تطور حياة الإنسان وزيادة الرفاهية امراض تصيب العمود الفقري منها انزلاق الغضروف الذي لم تعد الاصابة به مقتصرة على المتقدمين في السن بل والشباب ايضا، ولا غرابة ان نجد فتاة لم تبلغ بعد من العمر الـ 13 عامًا وتشكو من انزلاق غضروفي(ديسك) حوّل حياتها الى جحيم من كثرة الالام، لكن اضافة الى ذلك هناك مسببات للانزلاق الغضروفي وهي الوراثة والجلوس الطويل وحمل الاشياء الثقيلة والانحناء بشكل خطأ وقلة الرياضة والحركة وضعف في عضلات الظهر واوتار العضلات التي تثبت العمود الفقري. كل هذه العوامل تؤدي دورًا رئيسيًا في زيادة الضغط على الغضروف الموجود بين الفقرات أكثر فأكثر، ما يؤدي الى تآكله وتقلصه وفقدانه لوظيفته وخروج قسم بسيط من نواة الغضروف منه لتضغط بدورها على الاعصاب، فيسبب ذلك الامًا وتنملاً وضعفًا في القدم وقلة السيطرة على البول والضعف الجنسي في بعض الحالات، وتترسب احيانًا تكلسات في القناة العصبية فتضيقها وتضغط نتيجة ذلك على النخاع الشوكي. ولعدم حصول المريض على نتائج جيدة عن طريق العقاقير والادوية الرياضة التي كانت تسكن الآلالم لوقت قصير، لجأ الجراحون قبل أكثر من ثلاثة عقود الى المباضع وغرفة العمليات علها تحمل املا اكبر لازالة الانزلاق وازالة الضغط على العصب. لكن بعد سنوات اتضح ان العملية تزيل الضغط على العصب، لكنها تسبب في الوقت نفسه مشاكل جديدة منها التليف والالتصاقات، اضافة الى نشوء خلل في ثبات العمود الفقري مما دفع الاطباء مرة اخرى الى البحث عن طرق توصلهم الى نتيجة افضل، فبدأت المعالجة بالليزر لتخفيف الضغط على العصب. وعلى الرغم من مواصلة عدد من جراحي الاعصاب الاعتماد على الطرق التي توصف بالحديثة لازالة الغضروف المنزلق، والتي بلا شك قللت من الام المريض، الا ان التقدم الطبي لا يقف عند حد معين، وتمثلت اخر انجازاته في الجراحة الصغيرة عن طريق الانزيمات او السلك اللولبي الحفار، حيث شهد هذان العلاجان الجراحيان تطورا كبيرا في الاونة الاخيرة، رغم ان عدد الجراحين الذين يعتمدونها قلائل لأنها تحتاج الى خبرة ومراسة جراحية كبيرة جدًا. ومن الأطباء الذين يعتمدون في علاجهم للانزلاق الغضروف على اسلوب الانزيمات واللولب الحفار الدكتور منذ صباريني العربي الاصل ورئيس المستشفى الدولي لمعالجة انزلاق الغضروف Internationale Wirbelsaulenklinikفي برلين وفي لقاء معه بعد زيارة تفقدية قام بها لرجل الماني تجاوز الثمانين اجرى له قبل اربعة ايام عملية ازالة غضروف قاسٍ لم يسبب له فقط الاوجاع بل وحرمه من كل حركة صغيرة. ورغم مرور ايام قليلة على العملية يمكن للمريض انتعال حذائه بنفسه وهذا ما كان يحلم به منذ سنوات ايضًا اعتناء بحديقته، واستنادًا الى بيانات وزارة الصحة الالمانية فإن كل واحد من اثنين في المانيا اشتكى مرة في حياته او مازال يشتكي من الام الظهر مما يكلف الخزينة الاتحادية المليارات سنويًا لعلاج هؤلاء المرضى. ازالة الانزلاق بالانزيمات وبحسب قول الدكتور فان الاسلوب ازالة الانزلاق بالانزيمات يعمل على تذوبه بينما الاسلوب الثاني وهو اللولب الحفار فإنه يزيل جزءًا كبيرًا منه بحيث يزيل الضغط عن العصب،"لكن بالطبع لكل طريقة وضع معين لا يمكن استخدامه مع كل مريض، وهذه هي الايجابيات في العلاجين، فلدينا اكثر من طريقة نختار منها ما يناسب هذا المريض او ذلك حسب وضع الانزلاق لديه، ويتم تحديد ذلك بناء على التحليلات المخبرية وصور الرنان المغناطيسي وموقع الديسك ووضع الفقرات الاخرى القريبة منه". والعلاج بالانزيمات ابسط واقل عبأ على المريض، فبعد تحديد الجراح موقع الغضروف يخدر المريض موضعيا في مكان محاذي للورك في اسفل الظهر ثم يدخل عبر فتحة صغيرة جدا يحدثها، انبوبًا دقيقا يتابع حركة دخوله بالمليمتر عبر ميكروسكوب وعن طريق الكاميرات الموجودة في غرفة العمليات الى ان يصل الى المنطقة المصابة، فيترك رأس الانبوب على الغضروف المنزلق. ويترك الانبوب في مكانه حيث يحقن الجراح عبره كل يوم وعلى مدى ثلاثة الى اربعة ايام كمية معينة من الانزيمات تصل الى خمسة ملم تتوزع ايضا حول الديسك وتعمل على تذويب القسم الضاغط على العصب. وحسب تفسير الدكتور منذر فإن كمية الانزيمات التي تعطى للمريض عبر هذا الانبوب كافية لتذويب الغضروف الذي يمتصه الدم في ما بعد ويخرج مع البول مثل الرواسب الاخرى في الجسم. ويضيف " هذه الطريقة وفرت على المريض وقتًا طويلاً من العلاج اذا ما قورنت بالعمليات الجراحية التقليدية التي تبقيه في المستشفى عشرة ايام على الاقل اضافة الى تكاليفها الباهظة وحاجته إلى أشهر من اجل العودة الى ممارسة حياته العادية والمهنية. ولقد سجل العلاج بالانزيمات نسبة نجاح كبيرة وصلت الى 80 في المئة مع مضاعفات بسيطة جدًا لا تذكر منها التهاب بسيط في مكان غرز الابرة، ولا تدوم عملية ادخال انبوب الانزيمات وتثبيته على الانزلاق اكثر من نصف ساعة يمكن للمريض بعد اربعة او خمسة ايام الخروج من المستشفى وممارسة حياته العادية بعد عشرة ايام مع وجوب القيام بتمارين رياضة معينة". ولا يشكل لا العمر ولا الوزن او الاصابة بمرض اخر ( السكر او الضغط المرتفع) عائقًا لاجراء عملية الانزيمات، فما يحدد ذلك هو وضع الانزلاق نفسه، فاذا كان قد اصبح خارجا من المنطقة ويضغط بقوة على العصب فمن السهل الوصول اليها وازالته، عن طريق رأس الانبوب الذي يوصل الانزيمات التي تعمل على اذابته. ويزيل الطبيب العربي الاجزاء المنزلقة لا الغضروف نفسه الذي بين الفقرات لانه ليس المسبب للمشكلة، فتذيبه الانزيمات احيانا جزئيا او كليا وذلك حسب وضع المريض. واذا كان الانزلاق في البداية تستطيع الانزيمات ازلاته بسرعة، بينما تصل نسبة اذابة الغضروف المنزلق والمتحجر تقريبا الى اكثر من ستين في المئة مع حدوث تحسن كبير والتخفيف من الوجع والضغط على العصب المعروف بالعصب الطرفي، فالضغط القوي عليه يمنع دخول وخروج الدم منه ويحجب التغذية عن الفقرات. وحسب شرح الدكتور منذر صباريني يوجد حول الديسك نفسه وتر يمكن ان يتعرض للضغط عن طريق الانزلاق الغضروفي، لكنه يظل في اغلب الاحيان سليما وينعكس الضغط عليه وعلي العصب، في هذا الحالة لا ينفع العلاج بالانزيمات لان هذا الوتر يعيق دخولها الى الغضروف ويفضل هنا اللجوء الى اللولب الحفار. اللولب الحفار والطريقة الجديدة التي ادخلها الدكتور منذر الى الجراحة في المانيا قبل اعوام قليلة وتزيل الغضروف المنزلق هي بواسطة اللولب الحفار، وتجرى عن طريق ابرة مجوفة يدخلها الجراح من منطقة الورك عند اسفل ظهر المريض مع مراقبتها عبر الميكروسكوب الى ان تصل الى الديسك الذي خرج منه الغضروف، ومن جوف الابرة يدخل الجراح سلكا رفيعا لا يصل قطره الى الملم ويدفع به بكل بطأ وعناية ومراقبة ميركورسكوبية حتى يصل الى المنطقة المصابة،ويكون في نهاية السلك حفار يتحكم الجراح بحركته بوساطة بطارية كهربائية، وعندما يضغط على الزر يلف اللولب ويحفر في منطقة الديسك حيث الانزلاق فتكون النتيجة تحجيمه وازلة الضغط على العصب، وتظل السيطرة على السلك والحفار بيد الطبيب الى ان يوصل الحفار الى منتصف النواة حيث يمكن تحريكه يمنة ويسارا في الوسط وذلك حسب مكان الانزلاق وشكله. والوقت المتوسط الذي تحتاج إليه العملية لا يتعدى العشرين دقيقة وذلك حسب كثافة الديسك، كما تخرج الجزئيات المتفتتة من الانزلاق وتكون دقيقة جدا خلال العملية عبر الابرة المفرغة، فالحركة الدائرية للولب تشفطها لان الحفار يحفر ويشفط في الوقت نفسه. وكما يقل الدكتور منذر "اتبع هذا الطريقة مع المصابين بالديسك في الرقبة وفي منطقة القفص الصدري والمنطقة العجزية ويكون الديسك خارجيًا ويضغط على الوتر الذي لا يزال سليمًا ويعمل بشكل عادي، وبسبب ذلك فانني اعمل خلف الوتر من اجل تخفيف الضغط ،عندها يشد ويرجع او يدفع بالمنطقة التي كانت خارجة". وعلى الرغم من النجاح الذي سجله الحفار اللوبي الا انه الدكتور منذرلا يتبع هذه الطريقة مع المرضى الذين تكون المسافة بين فقرات عمودهم الفقري قليلة جدا، اذ يصعب ادخال الابرة التي يستعملها مع الحفار، عندها يفضل المعالجة بالانزيمات. لكنه لا يفضل طريقة عن الاخرى فكل طريقة لها دورها، المهم وجود طرق حلت محل الجراحة التقليدية يلجا اليها حاليا حوالي 90 في المائة من المصابين بالانزلاق الغضروفي.، وقام حتى الان باكثر من خمسة الاف عملية ازالة الغضروف اما عن طريق اللولب الحفار او الانزيمات.

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,194,982