ينتظر زوجك وأبناؤك يوم عطلتهم بشوقٍ ليذوقوا الطعام الذي يفضلون ويشتهون ويحلمون به كل أيام الأسبوع، فهم دومًا يتحدثون بكل اشتياقٍ عن الطعام الرائع الذي يقدمه المطعم الصيني، أما المطعم الايطالي فألذّ، أما الأجمل والأجمل فهو المطعم الخليجي المميز بأطعمته المُبهرة. فهل تستائين من تعليقاتهم؟ وهل ضاق صدرك بنقدهم اليومي لطعامك الذي أفنيتِ فيه وقتًا طويلاً في محاولة لكسب رضاهم بلا فائدة، ودائمًا تقرئين في عيونهم "مللنا" صارخة مدوية؟.
ألم يئن الأوان كي تتمردي مثلهم على الاعتياد اليومي وتتحرري من صينية البطاطس التي اشتهرتِ بها، لدرجة أن العائلة والأصدقاء يلقبونك بها لأنك تستسهلين صنعها ولا تسألين إن كانت سترضي أحباءك أم أنهم مَلّوا من تكرار الطعام: شكله وطعمه ورائحته؟.
فهل ستتركين الأمر يخرج من تحت سيطرتك وأنت سيدة البيت الأولى؟! أم ستبحثين عن كل ما يبهج أسرتك ويجمعهم من جديدٍ حول قائمة طعام جديدة ومبتكرة تجمع الشمل وتعيد المرح ليرفعوا لافتة "هل نحن في البيت أم نحن في المطعم؟!" لتسمعي صرخات الإعجاب من أحبائك دون أن تعرفي كيف توقفين تقبيل الأيادي. فإن كانت إجابتك "نعم قد حان وقت التجديد" فهيا معنا ندلك على الطريق.
ماذا يعني الطعام بالنسبة لكِ؟
إن الإجابة عن هذا السؤال ستحدد مدى جديتك في اتجاهك نحو التغيير. والسؤال هو: هل الطعام بالنسبة لكِ هو بناء أجسام وتجميع سعرات حرارية تمد أسرتك بما يحتاجون إليه من طاقة تساعدهم في استكمال أعمالهم ودراستهم؟ أم هو سد جوع وكفى، لترفعي بعدها الأطباق مسرعةً، فمازال أمامك غسل الأطباق وتنظيف المطبخ بعد يوم شاقٍ لتهرعي إلى الراحة مُعلنةً أنكِ قد انتهيت وأديت مهتك؟.
إن كان هذا هو مفهومك للطعام فأبناؤك لديهم كل الحق بشعورهم بالملل، واغفري لهم شوقهم لأكل المطاعم والذي لا يعد طعامًا لذيذًا يفضلونه فقط، بل جلسة جميلة ومرحة وتجمع وتجديد يبهجهم ويجدد في نفوسهم الحياة ليعاودوا الأحلام ويغترفوا من الآمال.
ابحثي عن كل جديد ولذيذ يفضله أحباؤك
لن تكون المهمة مستحيلةً فأنتِ لن تصعدي جبلاً أو تحرثي أرضًا، فما عليك سوى أن ترددي بقوة "حان وقت التغيير" لتسمعها نفسك التواقة للتجديد، فابحثي في المجلات أو على شاشات التليفزيون أو داخل كتب الطهي أوفي شبكة الإنترنت المكتظة بمواقع لا آخر لها عن طرق الطهي والأطباق الجديدة والمميزة، وقومي بنقل أطباق البلاد المختلفة إلى مطبخك وجربي ولا تخشي عدم الإتقان، فعندما تضعين فرحة أسرتك بالتغيير أمامك ستنجحين، وحتى لو فشلتِ أول مرة فستنجحين حتمًا في المرات القادمة.
أعدي قائمة طعام أسبوعية من اختيار الأعزاء
والآن وبعد الاستعداد للدخول من بوابات التغيير، يبقى أن تقومي بعمل استقصاءٍ للأكلات التي يفضلها أفراد أسرتك، لتدونيها في قائمةٍ لتوفير الجهد في سؤالك اليومي: ماذا تأكلون؟.
وهذا سيساعدك وأنت تقومين بشراء لوازم الطهي من خضراوات ولحوم وغيرها، فلا تشتري شيئًا لا يفضلونه ثم تعودين للشكوى من جديد بأنهم يتركون الطعام ولا يكملون أطباقهم. فمثلاً الزوج يحب المحّمرات والصوصات مختلفة الطعم، بينما يفضل الابن الأكبر الناجتس والطعام المتبل، والصغرى تحب الاثنين معًا، فقومي بعمل أطباقٍ صغيرة لكل منهم، وهو ما يعني إنجاز الطعام في وقتٍ قليلٍ وليس كما كنتِ تخافين أن يستهلك وقتًا وجهدًا أكبر.
العين تأكل أولاً .. لوني أطباقك
إن من أعظم النعم علينا أن الطعام قد تنوعت أشكاله وتعددت ألوانه وطعمه، فاستفيدي من تلك النعمة واجعلي طبقك يحتوي على الألوان المبهجة التي تجعل عيون أحبائك تلتهم طعامك قبل أن تمتد إليه أيديهم، فالألوان ليست فقط مبهجةً بل هي أيضًا فاتحة للشهية، ووقتها لن تسمعي اعتراضًا أو تأففًا قط. وليس الطبق فقط هو المطلوب تلوينه، فالمائدة أيضًا لابد أن تحتوي على مواد جذابة، بأن تضيفي ولو وردةً واحدة أو زجاجات ملونة أو مناديل مرتبة بشكلٍ مميز، ليضيف كل هذا الدهشة والبهجة إلى جلسة الطعام والتي طالما تمنيتيها.
سحر البهار وروعة الصوصات
إن استخدام البهارات يعد سرًا من أسرار الطهاة، فهو الذي يفرق بين طعام الشرق الساحر وأكل الغرب المختلف، وهو السر وراء النكهة المميزة لكل طعام، كذلك الصوصات والتي تضيف الطعم اللذيذ الذي هو السبب الرئيسي وراء تميز الأكلات وإقبال الجميع عليها، فهناك الخلطة السرية والنكهة المغربية والصوصات التايلاندية.
قومي فقط بالبحث عن مكوناتها، وبعدها سجلي نفسك ضمن أمهر الطهاة وأشهرهم.
أعطي لإعداد الطعام وقته
من أصول إعداد الطعام الجيد والمميز أن نعطيه وقته الكافي لإعداده إعدادًا جيدًا، فكثيرًا ما تصيبنا العَجلة في إعداد الطعام فلا يخرج بالصورة التي نتمناها، أو ننساه على النار فيحترق وتملأ رائحة الشياط المطبخ، ومع ذلك نُصرّ على أن يأكله الجميع وهو لا يصلح إلا للإلقاء في صندوق القمامة، إذ هو المكان الملائم للطعام المحترق والذي جعلته رائحة الشياط لا يطاق. فأعطي لإعداد الطعام الوقت المناسب له حتى يتم طهيه على أكمل وجه ليخرج لذيذًا يستمتع به أفراد أسرتك.
أكل صحي وفي نفس الوقت لذيذ
ليس معنى التجديد ألا تلتفتي لصحة أفراد أسرتك، لكن يجب بحرص الزوجة وبذكاء الأم أن تقومي بعمل ما يحبون وتفاجئينهم بأطباق جديدة يفضلونها مع مراعاة صحتهم، وذلك بأن تقومي باستبدال الألبان كاملة الدسم بأخرى قليلة الدسم أو تقليل كمية اللحوم والدهون، وهكذا في جميع مكونات الأطعمة التي ستقومين بإعدادها، أي: اجمعي بين الأكل الصحي وأيضًا اللذيذ.
أشياء تعينك في مهمتك
- يجب أن تكون أسرتك على رأس أولوياتك فاهتمي بها وافعلي كل ما بوسعك لتبثي فيها السعادة والحب والتآلف. ويقولون: أقرب طريق إلى قلب زوجك هو معدته، وهذا القول صحيحٌ إلى حدٍ كبير، واسألي الزوجات المخضرمات وربات البيوت المتمكنات. وتأكدي أن كل تغييرٍ من أجل إرضائه سينتج عنه ازدياد مكانتك في قلبه، فلا تفرطي في هذا الإحساس.
- يقولون: من أجل الورد علينا أن نتحمل الأشواك، فلا تستثقلي مهمتك وتأكدي أن ما تفعلينه بالحب لا يمكن أن يكون مصيره الفشل، وحتى لو أخفقتي عاودي المحاولة من جديد.
- التغيير لن يصبح مُرضيًا للجميع، ولكن الجهد المبذول حتمًا سيرضيكِ أنت ويكفيك المحاولة.
- أنتِ المسئولة الأولى عن صحة أفراد أسرتك، فضعيها نصب عينيك دائمًا وأنت تحضرين وجباتهم المفضلة وفي اختيار الأطعمة الطازجة، ومراعاة التخزين الجيد والنظافة الفائقة والطهي المتأني؛ للحفاظ على الفيتامينات الضرورية لصحتهم.
- الأسواق مكتظة بكل ما يملأ قوائم الطعام لسنوات قادمة، فلا تجعلي حُجَّتك أنكِ لا تجدين البهار المناسب أو نوع الخضار الذي تفضله أسرتك، أو أنك لا تعرفين الصوص الذي استخدمه المطعم في آخر وجبة تناولها أفراد أسرتك وطلبوا منك أن تصنعي مثلها. فقد كنا نفعل ذلك كثيرًا في السابق وكانوا يصدقوننا، ولكن الآن ليس لدينا أي حُجة للتهرب، فالمُجمّعات ممتلئةٌ والأسواق تنتظر من يشتري بعد أن تعددت المنتجات وتنوعت أشكالها وألوانها.
وتبقى كلمة أخيرة..
قد يحتاج التغيير وقتًا وجهدًا وصبرًا، ولكن النتائج التي ستضفي عليكِ السعادة والمتعة ستعوضك عن الجهد والتعب ثناءً وقربًا وعرفانًا ومحبةً تنطق من عيون أحبائك، سواء من الزوج أو الصغار الأعزاء.
ساحة النقاش