جارى التحميل
استخدم زر ESC أو رجوع للعودة
فإن باب الحيض والنفاس من الأبواب المهمة التي ينبغي فهمها فهماً دقيقاً وذلك لكثرة الأحكام الشرعية المترتبة عليهما ولعموم البلوى بها للمكلفين نساءً ورجالاً ، فأما للنساء فالأمر واضح ، وأما للرجال فلتعلقه بالطلاق والوطء والمباشرة ، والذي زاد هذا الباب تعقيداً هو أن بعض الفقهاء يفرض فيه مسائل نظرية معقدة لا يفهمها إلا فحول الأذكياء فضلاً عن معرفة تطبيقها ، وكذلك يذكر بعضهم من المسائل والفروع ما هو مخالف للدليل مخالفة واضحة ، وما ذلك إلا لأنهم – رحمهم الله تعالى – يشرحون باب الحيض شرحاً مذهبياً أي هم يقررون فيه ما قرره علماء المذهب سواءً وافق الدليل أو خالفة لكنهم لا يتعمدون مخالفة الدليل – حاشاهم وكلا – ولذلك قال بعضهم "إن باب الحيض من أعسر الأبواب في الفقه" ، قلت كلا والله بل هو من أيسرها إذا لم نتجاوز به حد الدليل الصحيح من الكتاب والسنة ، أما إذا أقحمنا فيه من الفروع ما ليس منه مما لا خطام له ولا زمام فإنه حينئذٍ يكون عسيراً بذلك .
ولكثرة السؤال عن مسائل هذا الباب وكثرة الاضطراب عند بعض الطلبة في الجواب ، ولقلة التأصيل والتقعيد فيه أحببت أن أشارك في تيسيره على إخواني وأخواتي من المسلمين حباً لهم في الله وتعاوناً فيما بيننا على البر والتقوى وهو من باب بذل النصيحة الواجبة بين الأحباب ، فهذه الوريقات اليسيرة هدية لكل مسلم ومسلمة يريد النظر في هذا الباب على طريقة السؤال والجواب ، وطرح الإشكال والإجابة عنه بالعبارة السهلة المفهومة التي يفهمها الصغار والكبار والذكور والإناث إن شاء الله تعالى ، فإن وجدت في هذه الوريقات ما ينفعك فالحمد لله تعالى فإنه من التوفيق والفضل والإحسان الذي عودنيه الله تعالى ، وإن لم تجد فيها نفعاً فاستغفر لمن قيدها فإنه العاجز الضعيف الفقير إلى ربه جل وعلا ، المعترف بذنبه ، الكثير زللة وخطؤه ، فيارب أستغفرك وأتوب إليك ولا حول ولا قوة إلا بك وحسبنا أنت ونعم الوكيل وإنا لك وإليك راجعون ، ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب .. آمين
أسميت هذه الوريقات ( بكشف الالتباس عن كثير من مسائل الحيض والنفاس ) والله أسأل أن يعينني على إتمامه وإتقانه وأن يوفقني فيه لموافقة الحق والصواب وأن يهديني الصراط المستقيم ويعيذني من نزغات الشيطان الرجيم وأن ينفع به كاتبه وقارئه وشارحه وعامة المسلمين في شرق الأرض وغربها وجنوبها وشمالها ، وأن يجعله عملاً صالحاً نافعاً مباركاً مقبولاً محبوباً إنه ولي ذلك والقادر عليه ، فأقول وبالله التوفيق ومنه أستمد الفضل والعون والتأييد
س1/ عرف الحيض لغة ؟
ج1/ الحيض لغة : هو السيلان مأخوذ من قولهم حاض الوادي إذا سال ، فسمي الحيض حيضاً لأن الدم يسيل من فرج المرأة والله أعلم .
س2/ عرف الحيض اصطلاحاً ؟
ج2/ الحيض اصطلاحاً : دم طبيعة وجبلة يرخيه الرحم في وقت معلوم . وهذا التعريف يخرج الإستحاضة فإنها سيلان الدم في غير وقته من العرف العاذل على وجه المرض ، فدم الحيض دم طبيعة وخلقه ويخرج على وجه الصحة ، أي لا نقول للحائض أنت مريضة لأن دم الحيض خرج منك ، لا لأنه دم طبيعة وجبلة وأما المستحاضة فإننا نقول لها أنت مريضة لأنه ليس من طبيعتك ولا من خلقتك أن يخرج منك هذا الدم ، فعليك بالعلاج لإيقافه ، والاستحاضة هي التي يسميها النساء عندنا ( بالنزيف ) وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله تعالى . والله أعلم .
س3/ ما حقيقة الحيض ، ولماذا اختص به النساء دون الرجال ؟
ج3/ لقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم حقيقة الحيض وذلك فيما رواه الإمام البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت :- لما جئنا سرف حضت فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي . فقال : ما يبكيك أنفست ؟ قلت : نعم . قال " هذا شيء كتبه الله على بنات آدم " فهذا هو حقيقة الحيض ، فهو شيء قدره الله تعالى العليم الخبير على بنات آدم عليه الصلاة والسلام ، فالواجب تجاه هذا التقدير الحكيم الصبر والرضا وعدم التسخط كما يفعله بعض الجاهلات – هداهن الله تعالى – ولقد سمعنا بعضهن تقول وقد حاضت : ما أسعدكم أيها الرجال لا تخالطكم هذه الدماء، وهذا كلام فيه إشعار بعدم الرضا وهذا لا يجوز ، وعلى العكس فقد أخبرنا بعض الاخوة عن بعض الكسالى عن الصلاة أنه لما أذن مؤذن الفجر وهم في نومهم وأيقظوه قال في سخافة إني حائض ، قلت : ليتك هكذا يا قليل الأدب وعلى كل حال فالحيض من الأمور التي قدرها الله على بنات آدم كما قدر جل وعلا أن يختص الرجال بالذكر والمرأة بالفرج فإن هذه الخصائص الخلقية هي من أمر الله الذي ينبغي فيه التسليم والرضا ، ولقد سمعنا ممن نثق به أنه وجد الآن في ديار الغرب من يسعى إلى تغيير جنسه من أنثى إلى ذكر ومن ذكر إلى أنثى وهذا هو عين الانتكاسة الفطرية وفساد نظام العالم وقرب الساعة { ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً من المؤمنين } فإن الله تعالى قال عنه { ولأمرنهم فليغيرن خلق الله } وهذا هو حقيقة التغيير ، لقد برت يمينك يا إبليس بفعل هؤلاء السفهاء فلا كفارة عليك ، والعجب من بعض المسلمين كيف يرضى بذلك ، لكن نعوذ بالله من أن يردنا الله تعالى إلى أسفل سافلين بعد أن خلقنا في أحسن تقويم . والله أعلم . وأما شطر السؤال الثاني وهو : لماذا اختص به النساء دون الرجال؟ فجوابه أن يقال :- ق! ال تعالى { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم } وقال تعالى "{ لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم } وقال تعالى { في أي صورة ما شاء ركبك } فالله تعالى هو الذي خلق هذا في النساء دون الرجال فلا ينبغي مثل هذا السؤال أصلاً لكني أتيت به حتى نتربى على الإجابة عليه ، بل نقول كما قال تعالى { لا يسأل عن ما يفعل وهم يسألون } وأضف إلى هذا أن الحيض خلق لتغذية الجنين – وهذا من حكمه – والحمل والوضع من خصائص المرأة ، وأقول :- إنك إذا رأيت إلى خلق الذكر والأنثى وجدت أن في خلقهما أشياء مشتركة وإن اختلفت صفاتهما الظاهرية ، كالوجه والرأس واليد والرجل والفم والأنف ونحوهما ، فهي موجودة في الذكور والإناث ، وهناك أشياء اختص بها أحدهما دون الآخر كالحيض فهو للنساء دون الرجال والذكر فهو للرجال دون النساء ، وكذلك اللحية فهي للرجال دون النساء ونحو ذلك ، وما ذلك إلا لحكم ومصالح ربانية لا يعلمها على وجه التفصيل إلا الله تعالى وإنما الذي يجب علينا التسليم والرضا لقضاء الله وقدره فيما خلق ، وكل أفعاله جل وعلا عين الحكمة والمصلحة . والله أعلم .
س4/ هل الم! رأة إذا حاضت توصف بأنها نجسة ؟
ج4/ معاذ الله من ذلك ، فإن المسلم لا ينجس ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: لقيت النبي صلى الله عليه وسلم في بعض طرق المدينة وأنا جنب . قال : فانخنست منه ثم ذهبت فاغتسلت ثم جئت . فقال : أين كنت يا أبا هريرة . قلت : كنت جنباً فكرهت أن أجالسك على غير طهارة . فقال : سبحان الله إن المسلم – وفي رواية : المؤمن – لا ينجس " فالحائض والنفساء لا يوصفن بالنجاسة وإنما الخارج هو النجس ، كالغائط والبول إذا خرج من الإنسان فهل يوصف المتغوط أو البائل بأنه نجس؟ بالطبع لا ، إذاً مجرد خروج النجاسة من الإنسان لا يجعله نجساً ، وإنما النجس – بالفتح – هو الكافر لقوله تعالى { إنما المشركون نجس } فهم أنجاس اعتقاد ، وعلى كل حال ، فالحائض والنفساء ذواتهن طاهرة وإنما النجس هو ما يخرج من دم الحيض والنفاس فإنه نجس بالإجماع . والله أعلم .
س5/ ما هو مذهب اليهود والنصارى في المرأة إذا حاضت ؟
ج5/ هم على طرفي ن! قيض ، فأما اليهود فغلوا وأفرطوا ، وأما النصارى ففرطوا ، فاليهود كانوا إذا حاضت المرأة فهم لا يوآكلها ولا يجالسوها في البيوت لأنها نجسة قذرة فتأكل لوحدها وتجلس لوحدها ولا يلمسها أحد لا بمصافحةٍ ولا بغيرها وأما النصارى فأنهم تجاوزوا الحد حتى وقعوا في مجامعتها حال حيضها ، ففي دينهم المحرف يجوز للرجل أن يقع على امرأته وهي حائض فيتلوثون بدمها وتهراق دماء الحيض والنفاس النجسة على أبدانهم وثيابهم ، ولا شيء عندهم فهذا هو عين التقدم والحضارة ، فاليهود أفرطوا والنصارى فرطوا ، وأما المسلمون فإنهم توسطوا وبيان مذهبهم هو ما يأتي في السؤال السادس وهو:-
س6/ ما هو مذهب المسلمين في المرأة إذا حاضت باعتبار قربها من عدمه ؟
ج6/ أقول إن هذه الشريعة العظيمة وسط بين الشرائع قبلها كما قال تعالى { وكذلك جعلناكم أمة وسطا } فالأمة الإسلامية وسط بين الأمم وأهل السنة والجماعة وسط بين فرق الأمة كوسطية الأمة بين الأمم ، فالمسلمون يتعاملون مع المرأة إذا حاضت تعاملاً وسطاً بين الأمتين الضالتين المغضوب عليهما اليهود و! النصارى ، يوضح ذلك جلياً حديث أنس في الصحيح قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اصنعوا كل شيء إلا النكاح " فقوله صلى الله عليه وسلم " اصنعوا كل شيء " رد على اليهود الذين قالوا لا تصنعوا مع الحائض أي شيء ، فجاءت شريعتنا المعظمة فقالت اصنعوا كل شيء من مجالسة ومؤاكلة وتقبيل ومباشرة وضم ومبيت بجوارها على فراشها كل ذلك جائز لأنه داخل في عموم ( كل ) لكن لا تقف عند ذلك كما وقفت النصارى ولكن لابد من القيد الآخر في الحديث وهو قوله ( إلا النكاح ) وهذا فيه رد على النصارى الذين أباحوا جماعها ، فانظر إلى هذه الشريعة العظيمة فإنها بالحق من عند حكيم حميد لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها ، إن هذه الشريعة أعطت المرأة حقها كاملاً فلن تجد البشرية شريعة أعطت كل ذي حقٍ حقه كشريعة محمدٍ صلى الله عليه وسلم التي جاء بها من عند ربه جل وعلا ، فالعجب من بعض النساء اللاتي يقلن نحن نطالب بحقوقنا فإن الإسلام لم يعطينا حقوقنا كاملة ، وهذه الكلمة لا يقولها إلا جاهل بحقيقة الإسلام أو هو صاحب شهوةٍ يريد إنفاذها والإسلام يمنعه من مواقعتها ويقف في وجهه . فقال : لابد من إبعاد هذا الدين عن طريقنا حتى نفعل ! ما نشاء بلا قيود ولا تعقيد ، فبدأ يتشدق وينعق كما ينعق الغراب :- الإسلام يدعو إلى الرجعية والتأخر ، الإسلام لا يصلح للقرن العشرين ، الإسلام لم يعط المرأة حقوقها ….. الخ هذه الكلمات التي نعرفها من هؤلاء ، وفتحت كثير من نساء المسلمين قلبها لهذه الدعاوى وبدأت تجلب بخيلها ورجلها وتقول : نعم نحن نطالب بحقوقنا . ونقول لها : أختاه قفي إني أقولها بصوت مرتفع إن كنت تريدين حقوقاً زائدة على ما جاء في الشريعة الإسلامية فاذهبي إلى شريعة أخرى تعطيك هذه الحقوق ولا هوادة في ذلك فشريعتنا كاملة مكملة وليست مورداً للأخذ والرد وإنما علينا الاستسلام لما جاء فيها وما كان لنا أن نختار لأنفسنا بعد اختيار الله لنا فاذهبي إلى اليهود أو النصارى حتى تجدي حقوقك التي تريدينها من كشف الوجه وقيادة السيارة والاختلاط بالرجال ومواقعة الفواحش وسقوط قوامة الزوج والأب ، وحتى تخرجي كما شئت وعلى أي صفة شئت ، وتصاحبين من شئت ، وتلعبين مع أي فرد شئت ، وينزو عليك صاحبك متى شئت ، وتلبسين ما شئت ، كل هذه الأشياء التي تزعمين أنها حقوق لك لن تجديها في الإسلام ولا استعداد عندنا أن تطالبين بها وأنت تنتسبين لشريعة الإسلام ، فاذهبي! للنصارى أو المجوس أو الصابئة أو إلى من شئت فإنك تجدين ذلك متوافراً عندهم ، أما عندنا نحن المسلمين فلا فإنه ليس عندنا لك إلا العفة والحشمة والحياء وعلو المنزلة بالحجاب والستر وحفظك عن أن تنالك نظرات السفهاء أو تصل إليك أيدي الفساق فأنت عندنا جوهرة مصونة ودرة مكنونة . والمقصود :- أن الإسلام أجاز صنع كل شيء بالمرأة الحائض إلا النكاح أي الوطء في الفرج ، وعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف فأغسله وأنا حائض " متفق عليه ، وعنها رضي الله عنها قالت : كنت أشرب وأنا حائض ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه موضع فيّ فيشرب وأتعرق العرق وأنا حائض ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه موضع فيّ " رواه مسلم. وعنها رضي الله عنها قالت: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض ثم يقرأ القرآن " متفق عليه ، وعن ميمونة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في مرطٍ بعضه عليّ وبعضه عليه وأنا حائض " متفق عليه ، فهذا شأن الحائض في هذه الشريعة العظيمة زادها الله شرفاً ورفعة ، فإ! ن قلت : فما تقول في حديث عائشة رضي الله عنها قالت : " كنت إذا حضت نزلت عن المثال – أي الفراش – فلم نقرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ندن منه حتى نطهر " فإن هذا الحديث فيه أنه كان يجانبهن ولا يقربنه حتى يطهرن ، فأقول : أشدد يديك بما تقدم من الأحاديث الصحيحة الصريحة التي لا تقاوم في إسنادها ومتنها في صحتها وصراحتها ودعك من هذا الحديث فإنه منكر وإسناده ضعيف كما قاله الإمام الألباني رحمه الله تعالى ، ولكن مع القول بأنه مما يحتج به فإنه محمول على أمور :- الأول : أنهن لا يبدأنه بالقرب ما لم يطلب هو ذلك ، فإن الأحاديث السابقة فيها أنه هو الذي يبتدئ ذلك صلى الله عليه وسلم ، والثاني : أن القرب والدنو الوارد في الحديث أرادت به الغشيان ، والثالث : أن هذا يكون في بعض الأوقات دون بعض ، ففي بعض الأوقات لا يقربنه وفي بعضها يقربنه جمعاً بين الأحاديث ، ولكن أنبه هنا أن هذه الأوجه في الجمع هي على فرض أن الحديث مما يحتج به ، وإلا فمع القول بضعفه لا نحتاج لها ، وهناك وجه رابع : وهو أننا إذا سلمنا صلاحية هذا الحديث للاحتجاج فإنه يكون شاذاً لأنه مخالف لدلالة الأحاديث السابقة وهي في الصحة والصراحة قد! بلغت الغاية فإذا كان الحديث ضعيفاً يكون منكراً وإذا كان حسناً يكون شاذاً ، وإن قلت : فماذا تقول في حديث معاذ أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض . فقال: ما فوق الإزار . فأقول : هذا الحديث ضعيف فقد رواه أبو داود وضعفه وقال : ليس بالقوي ، لأن في إسناده بقية بن الوليد . قال البيهقي : أجمعوا على أنه ليس بحجة ، وكذلك سعيد الأغطش مجهول . والله أعلم ، وعلى كل حال فالمتقرر في الأدلة الصحيحة الصريحة هو أنه يجوز للرجل أن يفعل مع زوجته الحائض كل شيء إلا الوطء في الفرج . والله أعلم .
س7/ ما حكم دم الحيض ؟ وماذا تفعل المرأة إذا أصاب ثوبها شيء منه ؟
ج7/ دم الحيض نجس وذلك لأنه عينٌ أمر الشارع بغسلها فلقيام المانع فيها والمانع هو النجاسة ، وبناء على ذلك فإنه إذا أصاب ثوبها شيء منه فإنه يجب عليها أن تزيله بما يذهب عينه من لونٍ وريح بقدر المستطاع وذلك لحديث أسماء رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في دم الحيض يصيب الثوب " تحته ثم تقرضه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي في! ه " متفق عليه ، فإذا اجتهدت وبذلت ما في وسعها في إزالته ولكن بقي منه شيء من أثره فإنه لا يضر لحديث " يكفيك الماء ولا يضرك أثره " وسنده ضعيف لكن معناه صحيح ويستدل على ذلك بقوله تعالى { فاتقوا الله ما استطعتم } وقوله { لا يكلف الله نفساً إلا وسعها } وقوله صلى الله عليه وسلم " وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم " والقاعدة تقول : [ لا واجب مع العجز ] والله أعلم .
س8/ هل للمرأة سن يحدد بداية حيضها ؟
ج8/ أقول : هذا مما اختلف فيه العلماء رحمهم الله تعالى ، ولكن الراجح إن شاء الله تعالى أن الحكم مرتبط بوجود الدم الذي يحمل صفات دم الحيض كما سيأتي بيانها إن شاء الله تعالى ، فمتى رأت المرأة الدم الذي يصلح أن يكون حيضاً فهو حيض وإن كان قبل تسع سنين إلا أن الغالب أن المرأة قبل التاسعة لا ترى دم الحيض لكن لو رآه بعض النساء فإنه يكون حيضاً ترتبت عليه أحكام الحيض وهذا هو اختيار أبي العباس ابن تيميه رحمه الله تعالى وهو رواية في المذهب وذلك لأن الأدلة في هذا الباب علقت الأحكام على وجود ما يصلح أن يكون حيض! اً ، وهي مطلقة عن التحديد بالسنين والأصل أن المطلق يبقى على إطلاقه ولا يقيد إلا بدليل ، إذاً فالمرجع في ذلك إلى الوجود . والله أعلم .
س9/ هل للمرأة سن تعرف به انقطاع دم الحيض ؟
ج9/ أقول : هذه المسألة أيضاً مما اختلف فيه العلماء إلا أن الراجح إن شاء الله تعالى أنه لا حد لأكثر سن تحيض فيه المرأة ، وإنما المرجع في هذا إلى حقيقة الانقطاع فإذا انقطع عنها الدم الذي يصلح أن يكون حيضاً فحينئذً ترتفع أحكامه وأما إذا كانت المرأة لا زالت ترى الدم الذي يصلح أن يكون حيضاً فإنها تثبت لها أحكام الحيض حتى ولو بعد الخمسين أو الستين ، وهذا القول رواية في المذهب وهو قول الجمهور واختاره شيخ الإسلام ابن تيميه رحم الله الجميع رحمةً واسعة وهو الذي صححه صاحب الكافي والإنصاف فلا تسمى المرأة آيسة حتى ينقطع ، وقد تقرر في الأصول أن الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً ، والشريعة رتبت الأحكام على وجود ما يصلح أن يكون حيضاً من غير تحديد بسن والأصل بقاء المطلق على إطلاقه ، فإن قلت : فماذا تقول في قول عائشة رضي الله عنها :! إذا المرأة خمسين سنة خرجت من حد الحيض ؟ فأقول : إن صح ذلك عنها ولا أحسبه كذلك لأنه لا يعرف له أصل ، لكن إن وجد له أصل فإنه محمول على الغالب وإلا فالحس يخالفه وقد رأينا من تحيض وهي في التاسعة والخمسين ، فهذا الأمر مرجعه إلى الوجود والانقطاع فمتى ما رأت المرأة دماً يصلح أن يكون حيضاً فهو حيض تثبت له أحكام الحيض من غير تحديد بسن لا في بدايته ولا في نهايته ، والله يتولانا وإياك .
س10/ هل يمكن أن تحيض الحامل ؟
ج10/ هذا مما اختلف فيه العلماء رحمهم الله تعالى ، والراجح من خلافهم إن شاء الله تعالى أن الأصل هو أن الحامل لا تحيض إلا أنه قد تحيض بعض الحوامل لكنه قليل نادر مقارنة بمن لا يحضن وعلى ذلك فإذا رأت الحامل دماً يصلح أن يكون حيضاً في زمن إمكانه فإنه يحكم له بأنه حيض وهو رواية في المذهب واختارها أبو العباس ابن تيميه وهو مذهب المالكية والشافعية واختارها أيضاً صاحب الفائق واستظهرها في الفروع وصوبها في الإنصاف وقال : وقد وجد في زماننا وغيره أنها تحيض مقدار حيضها قبل ذلك ويتكرر في كل شهر عل! ى صفة حيضها ، وقال الحافظ : هو دم بصفات دم الحيض وفي زمن إمكانه فله حكم دم الحيض فمن ادعى خلافه فعليه البيان . أهـ ، فإن قلت : أو ليس دم الحيض يصرف إلى تغذية الولد ؟ قلت : نعم ، لكنه قد يبقى بعده بقيه فيخرج ولا مانع من ذلك ، واختار هذا القول الإمام النووي رحم الله الجميع رحمة واسعة ، وعلى ذلك فإذا رأت الحامل دماً يصلح أن يكون حيضاً فإنه حيض تثبت له أحكامه ، فإن قلت : إذا قلنا إن الحامل قد تحيض فبأي شيء تعتد إذا طلقت بالحيض أم بوضع الحمل ؟ أقول : هذا لا إشكال فيه فإن الحامل داخلة تحت قوله تعالى { وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن } فهي من أولات الأحمال حتى ولو كانت حائضاً فيقدم وضعها للحمل على الاعتداد بالحيض ، فعلى هذا فعدتها وضع الحمل لكن تبقى بقية أحكام الحيض ثابتة لها إلا هذا الحكم فقط ، وهذا فيما إذا كانت من ذوات الأحمال يقيناً . والله أعلم .
س11/ ما هو غالب حيض النساء مع الدليل ؟ج11/ غالب حيض النساء هو ستة أيام أو سبعة أيام بلياليها والدليل على ذلك حديث حمنه بنت جحش رضي الله عنها ق! الت :كنت استحاض حيضة كبيرة شديدة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أستفتيه فقال: " إنما هذه ركضة من الشيطان فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام ثم اغتسلي فإذا استنقأت فصلي أربعة وعشرين أو ثلاثة وعشرين وصومي وصلي فإن ذلك يجزئك وكذلك فافعلي كل شهر كما تحيض النساء " حديث صحيح ، والشاهد هو قوله " ستة أيام أو سبعة أيام " وقوله " كما تحيض النساء" . والله أعلم .
س12/ ما هو أقل زمن تحيض فيه المرأة ؟
ج12/ أقول : القول الصحيح في هذه المسألة أنه لا حد لأقل زمن تحيض فيه المرأة وإنما المعتبر الوجود فإذا رأت المرأة دماً بصفات دم الحيض ولو كان في أقل من يوم وليلة ، فإذا رأت الدم الصالح أن يكون حيضاً فهو حيض وإذا رأت الطهر فهو طهر وهكذا فلا يقيد أقله بيوم وليلة لأن هذا التقدير لا دليل عليه والأصل عدمه والأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها لدليل صريح صحيح ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم " إذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة " فالمعتبر يرحمنا الله وإياكم هو الوجود فمتى وجد الدم بصفات دم الحيض فهو حيض ولو كان لأقل من يومٍ وليلة .! والله أعلم .
س13/ ما هو أكثر زمن تحيض فيه المرأة ؟
ج13/ أقول :- جواب هذا السؤال هو بعينه جواب السؤال قبله وهو أنه لم يرد في الأدلة ما يحدد الزمن لأكثر الحيض وإنما المعتبر الوجود فإذا كان الدم يخرج فهو حيض ولو جاوز عشرة أيام أو خمسة عشر يوماً أو سبعة عشر يوماً لأن هذه التحديدات لا دليل عليها فالأصل أن ما أطلقه الشارع فإنه يعمل بمقتضاه ومسماه ووجوده ولم يجز تقديره وتحديده ، وعلى هذا فلا حد لأقل الحيض ولا لأكثره . وهو اختيار أبي العباس ابن تيميه رحمه الله . والله أعلم .
س14/ ما هي الأشياء التي تحرم في حق الحائض ؟
ج14/ أقول :- قبل الجواب في تعداد هذه الأشياء لابد أن تعرف أن الأحكام الشرعية تفتقر في ثبوتها للأدلة الصحيحة الصريحة ، والتحريم من جملة الأحكام الشرعية التكليفية ، فمن ادعاه فإنه يطالب بالدليل لأنه يعمر الذمة بهذا الحكم والأصل براءة الذمة وحينئذٍ أقول : قد ثبت في الأدلة أنه يحرم على ا! لحائض عدة أشياء :-
الأول :- الصلاة وهذا بالإجماع فالحائض لا يجوز لها أن تصلي ولا فرضاً ولا نفلاً ولا نذراً ولا جنازة، فالصلاة الشرعية تحرم عليها والدليل على ذلك الإجماع القطعي الذي يكفر من خالفه ، ولحديث أبي سعيد مرفوعاً " أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم " متفق عليه ، ولحديث " فإذا أقبلت الحيضة فاتركي الصلاة " وفي الحديث الآخر " فإذا كان ذلك – أي الدم الأسود – فأمسكي عن الصلاة " وغير ذلك ، وهذا الحكم مما يعلم من الدين بالضرورة . والله أعلم .
الثاني :- الصيام : فرضاً كان أو نفلاً أو نذراً أو كفارة فإنه لا يصح فيها بالإجماع ، وذلك لحديث أبي سعيد المتقدم " أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم " متفق عليه ، وقد أجمع العلماء على ذلك إجماعاً قطعياً وهو مما يعلم من الدين بالضرورة . والله أعلم .
الثالث :- الوطء في الفرج وهذا بالإجماع أيضاً لقوله تعالى { فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن } ولحديث " اصنعوا كل شيء إلا النكاح " رواه مسلم ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه وسلم " من أتى حائضاً أو امرأة في دبرها أو كاهناً فقد كفر بما أنزل على محمد " رواه أهل السنن وصح! حه الألباني وغيره رحم الله الجميع رحمة واسعة .
الرابع :- الطواف بالبيت فقط فإنه يحرم بالإجماع ، وذلك لحديث عائشة رضي الله عنها الطويل وفيه " لما جئنا سرف حضت . فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم " افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري " متفق عليه .
الخامس :- مس المصحف وهذا على القول الراجح إن شاء الله تعالى والدليل عليه حديث عمرو بن حزم وأن في الكتاب الذي كتبه له رسول الله صلى الله عليه وسلم " ولا يمس القرآن إلا طاهر " قال ابن عبد البر : إنه أشبه التواتر لتلقي الناس له بالقبول ، وشهد له عمر بن عبد العزيز و الزهري وغيرهما بالصحة ، وقال أحمد : لا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله . وهو قول سلمان وعبد الله بن عمر ولا يعرف لهما مخالف من الصحابة ، وقال الوزير : أجمعوا أنه لا يجوز للمحدث مس المصحف . أ.هـ وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما " لا يمس المصحف إلا على طهارة " .
السادس :- إيقاع الطلاق عليها فإنه لا يجوز وهو الذي يسميه العلماء بالطلاق البدعي ، وذلك لحديث ابن عمر رضي اله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض فجاء عمر فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : مره فليرا! جعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك " فالحائض ليست محلاً صالحاً لإيقاع الطلاق عليها . والله أعلم .
السابع :- اللبث في المسجد فإنه لا يجوز لها حال كونها حائضاً أن تدخل المسجد وتمكث فيه وذلك لحديث أم عطية رضي الله عنها قالت : " أمرنا أن نخرج العواتق والحيض في العيدين يشهدن الخير ودعوة المسلمين وتعتزل الحيض المصلى " متفق عليه وهذا صريح في الدلالة فإذا كان هذا الأمر بالاعتزال في مسجد العيد فلأن يكون المنع في المساجد التي تصلى فيها الصلوات الخمس من باب أولى ، وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : " ناوليني الخمرة من المسجد فقالت : إني حائض . فقال : إن حيضتك ليست في يدك " ووجه الدلالة منه أمران : الأول:- أن المتقرر عند عائشة رضي الله عنها أن الحائض ممنوعة من دخول المسجد ولذلك اعتذرت عن تنفيذ الأمر لكونها حائضاً . الثاني : أنه صلى الله عليه وسلم أقرها على هذا الاعتذار وإنما بين لها أن الحيضة ليست في اليد فمجرد إدخال اليد في المسجد لا يدخل في النهي ، وهذا يدل على أن المتقرر عندهم هو أن الحائض ممنوعة من دخول المساجد ، ولأنه يخشى من! تلويث المسجد بشيء من نجاسة دم الحيض وهو بقعة الصلاة التي يطلب طهارتها ، وخلاصة الأمر : أن من الأشياء التي تمنع منها الحائض دخول المسجد لكن يجوز لها أن تخرج بيدها شيئاً من داخله . والله أعلم .
إذا علمت هذا فاعلم أن حديث " لا أحل المسجد لحائض ولا جنب " لا يصح من جهة سنده فلا يستدل به على هذا الحكم وإنما يكفينا الاستدلال بالأدلة الصحيحة الماضية والله أعلم .
فهذه هي الأشياء التي ثبتت بالدليل الصحيح الصريح أنها تحرم في حق الحائض ، وأما قراءة القرآن فإنه لم يدل على المنع منها في حقها دليل يصح الاستناد إليه ، وإثبات حكم شرعي لا يجوز إلا إذا قام الدليل الصحيح الصريح على ذلك كما قدمنا وحينئذٍ فأقول :- الراجح من أقوال أهل العلم أنه يجوز للحائض أن تقرأ ما شاءت من القرآن لكن من غير مس وذلك لعدم الدليل وأما حديث " لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئاً من القرآن " فإنه لا يصح من جهة سنده ، وإن أردت الوقوف عليه مفصلاً فانظر إرواء الغليل ( 1/ 206-207-208-209 ) فإن العلامة الألباني رحمه الله تعالى قد أتى عليه من جميع جوانبه وانتهى في بحثه إلى أنه لا يصح . والله أعلم .
إذاً تلخص لنا أن الأشياء ا! لمحرمة على الحائض هي هذه السبعة فقط . والله ربنا أعلى وأعلم .
س15/ هل تقضي الحائض الصوم والصلاة إذا طهرت ؟
ج15/ أقول :- أما الصلاة فإنها لا تقضيها بإجماع من يعتد بقوله من أهل العلم ، وأما الصوم فإنها تقضيه بإجماع من يعتد به من أهل العلم أيضاً ، وعمدة ذلك حديث معاذه رحمها الله تعالى قالت لعائشة رضي الله عنها : " ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة . فقالت : أحرورية أنت . قلت : لست بحرورية ولكني أسأل . فقالت : كان يصيبنا ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة " متفق عليه ، وقد ذكر الإجماع على ذلك ابن المنذر والوزير والنووي وغيرهم رحمهم الله تعالى . والله أعلم .
س16/ لماذا فرقت الشريعة بين الصوم والصلاة في هذا الحكم ؟
ج16/ الأصل هو أن هذا هو أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فما علينا إلا السمع والطاعة وبهذا أجابت أمنا رضي الله عنها ، ل! كن ذكر العلماء رحمهم الله تعالى فيه أن الفرق هو أن الصلاة تتكرر فلم يجب قضاؤها للحرج بخلاف الصوم فإنه في السنة شهر واحد فقط فشرع قضاؤه لتدارك مصلحته فسقط قضاء الصلاة رفعاً للحرج وإزالة للمشقة ووجب قضاء رمضان تحصيلاً للمصلحة التي تفوت بفواته . والله أعلم .
س17/ هل يجوز للحائض قراءة كتب التفسير ؟
ج17/ إن كتب التفسير لا تخلو من ثلاث حالات :- إما أن يكون غالبها كلام المفسر فغالب الصفحات من كلامه فهذا ليس بمصحف فيجوز لها مسه وذلك كتفسير ابن كثير والقرطبي والطبري وأيسر التفاسير وأضواء البيان ونحوها ، وإما أن يكون هذا الكتاب هو بعينه القرآن لكن وضع شيء من كلام المفسر على حواشيه كشرح لبعض كلماته فهذا في حقيقته مصحف ووجود بعض الكلمات التوضيحية على حواشيه لا يخرجه عن كونه مصحفاً وذلك كالكتب التي اعتنت بشرح معنى الآيات فقط فهذه تأخذ حكم المصحف لا يجوز مسها لأن الغالب عليها القرآن ، وإما أن يكون الأمران متساويين فهذا قد اجتمع مبيح وحاضر وإذا اجتمع مبيح وحاضر غلبنا جانب الحاضر ، والقسم الثالث يذكر ! من باب إكمال القسمة وإلا فلا أدري هل له وجود أو لا ؟ لكن إن وجد فإنه يأخذ هذا الحكم . والله أعلم .
س18/ هل يجوز للحائض أن تسجد للتلاوة والشكر أو لا ؟
ج18/ هذه المسألة متفرعة على خلاف العلماء في كون سجود التلاوة والشكر صلاة أم لا ؟ والراجح من هذا الخلاف هو أن هذين السجودين ليسا بصلاة وبناءً على ذلك فيجوز للحائض فعلهما فإذا قرأت سجدة أو أخبرت بخبر فلها أن تسجد فالصحيح أنهما ليسا بصلاة فلا يشترط لهما ما يشترط للصلاة وهذا هو اختيار أبي العباس ابن تيميه رحمه الله . والله أعلم .
س19/ ما الحكم لو غلبت الإنسان نفسه وشهوته ووطء امرأته وهي حائض ؟
ج19/ إذا فعل ذلك فإنه قد وقع في المحظور وحينئذٍ فعليه أن يفعل ما يلي :- الأول : التوبة إلى الله تعالى لأن هذا ذنب والتوبة واجبة من كل ذنب ، والثاني : أن يتصدق بدينار أو نصفه كفارة على أصح قولي العلماء وذلك لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه! وسلم قال في الذي يأتي امرأته وهي حائض :" يتصدق بدينار أو بنصف دينار " رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وسنده صحيح . والله أعلم .
س20/ ما الحكم لو اضطرت الحائض للطواف بالبيت ؟
ج20/ أقول : إذا اضطرت الحائض للطواف بالبيت فإن الضرورة تقدر بقدرها ، فتتحفظ جيداً حتى لا تلوث المسجد الحرام وتطوف ، وذلك كمن فاجأها الحيض أو النفاس قبل طواف العمرة أو طواف الإفاضة وهي لا تستطيع البقاء في الحرم إلى وقت الطهر لأنها مثلاً مع رفقة سيذهبون عنها وبلادها بعيدة لا تستطيع الرجوع بعد الطهر إلا بالكلفة والمشقة التي الشريعة بمثلها ، فهذه المرأة في هذه الحالة يجوز لها الطواف لكن تتحفظ جيداً حتى لا تلوث المسجد الحرام واختار هذا القول أبو العباس ابن تيميه رحمه الله، ولأن هذه ضرورة وقد تقرر في القواعد أن الضرورات تبيح المحظورات بالقدر الذي تندفع به وهذا القول هو المتوافق مع يسر الشريعة ورفع الحرج عن أهلها ، لكن إذا كانت تستطيع البقاء والانتظار إلى وقت الطهر أو ترجع لبلادها وترجع إذا طهرت فلا يجوز لها ذلك لأنه حينئذ! ٍ ليس ثمة ضرورة وعلى كل حالٍ فالمفتي في هذه المسألة ينبغي له دراسة حالة المرأة التي وقعت في شيء من ذلك من جميع الجوانب والله يوفقنا وإياك للصواب . والله أعلم .
س21/ هل هناك حالة استثناها الفقهاء في جماع الرجل لامرأته الحائض ؟
ج21/ نعم ، وهي حالة من به شبق ، والشبق شدة الشهوة وهو نوع مرض بحيث قد يؤدي عدم إفراغ مائه إلى حصول الضرر عليه ، فهذا يجوز له أن يطأ زوجته الحائض لكن بشروط أربعة :-
الأول : أن لا تندفع شهوته بدون الوطء في الفرج ، فإن اندفعت شهوته بدون ذلك فلا يجوز له وطؤها .
الثاني : أن يخاف من عدم الوطء تشقق أنثييه ، أما إذا كانت شهوة عارضة فهذه تكون عامة في كل أحدٍ مع زوجته ، والكلام هنا إنما هو عن الشهوة الخارجة عن حد العادة الموجبة للمفسدة من هلاك أو تشقق أنثيين .
الثالث : أن لا يجد مباحة غير هذه الحائض ، فإن كان له زوجة أخرى طاهرة أو كانت عنده أمة طاهرة فلا ضرورة حينئذٍ ، فلا يجوزله أن يجمع هذه الحائض .
الرابع : أن لا يقدر على مهر حرة ولا ثمن أمة ، وبناءً عليه فإن! كان يملك مهر حرة فإنه يجب عليه أن يتزوجها أو كان يستطيع ثمن أمة وهي موجودة فإنه يلزمه حينئذٍ شراؤها ، فإذا تحققت هذه الشروط فإنه حينئذٍ يجوز له أن يطأ زوجته الحائض بالقدر الذي تندفع به ضرورته وهذا الحكم داخل تحت قاعدة إذا تعارض مفسدتان روعي أشدهما بارتكاب أخفهما . والله أعلم.
س22/ ما الحكم لو دخل وقت الصلاة ثم نزل بها الحيض فهل تقضي هذه الصلاة أو لا ؟
ج22/ إذا دخل وقت الصلاة ثم حاضت فإن من العلماء من يقول يجب عليها قضاؤها إذا طهرت إذا أدركت من وقتها بمقدار تكبيرة الإحرام ، ومنهم من يقول تقضيها إذا أدركت من وقتها ركعة ، لأن الصلاة تدرك بإدراك ركعة من وقتها انتهاءً فكذلك ابتداءً . ومنهم من قال : بل لا يلزمها القضاء إلا إذا أخرت الصلاة حتى يتضايق فعلها ثم حاضت في هذا الوقت ، أما إذا دخل عليها الوقت ولم تصل في أوله ثم حاضت قبل تضايق الوقت فلا يلزمها القضاء في هذه الحالة وهذا المذهب هو الأقرب إن شاء الله تعالى وهو اختيار أبي العباس ابن تيميه رحمه الله ، وذلك لأنها إذا أخرت الصلاة إلى تضايق وق! تها عنها فإنها تنسب إلى تفريط وأما قبل ذلك فلا . والله أعلم .
س23/ ما الحكم لو طهرت المرأة في وقت الصلاة ؟
ج23/ إذا طهرت المرأة في وقت الصلاة فلا يخلو إن كان بقي منه مقدار ركعة فإنها تصلي هذه الصلاة لقوله صلى الله عليه وسلم " من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ومن أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الفجر " فيلزمها أن تصلي هذه الصلاة وما يجمع إليها قبلها وذلك لفتوى بعض الصحابة ، فإذا طهرت في وقت الظهر وأدركت منه ركعة فإنه يلزمها الظهر فقط ، وإذا طهرت في وقت العصر وأدركت منه ركعة فإنه يلزمها العصر والظهر ، وإذا طهرت في وقت المغرب وأدركت منه ركعة فإنه لا يلزمها إلا المغرب فقط ، وإذا طهرت في وقت العشاء وأدركت منه ركعة فإنه يلزمها العشاء والمغرب ، هذا هو محصل الجواب وبناءً عليه فإنها إذا طهرت في وقت صلاة لم يبق منه ما يسع ركعة كاملة فإنها لا تعد مدركة للوقت فلا يلزمها هذه الصلاة التي طهرت في وقتها . والله أعلم .
س24/ هل يجوز للحائض ! أن تستعمل دواءً من حبوب أو شراب يمنع نزول الحيض لإتمام صيامها أو حجها مثلاً ؟
ج24/ قد تقرر عند أهل العلم أن الأصل في الأشياء الحل والإباحة وبناءً عليه فإنه يجوز لها ذلك لكن بشرطين :-
الأول : أن تأمن الضرر باستعمالها وحينئذٍ فلابد قبل الاستعمال من استشارة الأطباء في ذلك وأخذ رأيهم فإن رأيهم في هذه المسألة معتمد شرعاً .
الثاني : استئذان زوجها إن كانت ذات زوج ، فإذا توفر هذان الشرطان جاز لها ذلك لأن خروج دم الحيض من طبيعة المرأة ومنع ما هو من طبيعتها قد يلحق الضرر بها ، ولأن هذه الحبوب قد يؤدي استعمالها إلى اضطراب عادتها فتخلط على المرأة ما قد تقرر لها من العادة . والله أعلم .
س25/ متى يحكم للحائض بأنها طهرت ؟
ج25/ إن المرأة يحكم بأنها حائض إذا رأت الدم الصالح أن يكون حيضاً وبناءً عليه فإذا انقطع ذلك الدم ورأت المرأة الطهر فإنها تكون حينئذٍ طاهر ، وفي بعض النساء يخرج منها ماءً أبيض يسمى القصة البيضاء فإذا رأته المرأة ! فإنه علامة على طهرها لحديث عائشة رضي الله عنها أن النساء كن يبعثن لها بالدرجة فيها الصفرة والكدرة . فتقول : لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء والحاصل أن الطهر يحصل بأمرين : بالانقطاع وتعرفه المرأة بإدخال خرقه أو قطعة في فرجها وتمسحه بها فإن خرج سليماً لا كدرة عليه ولا صفرة فهذا علامة الطهر والنقاء ، وكذلك يكون بالقصة البيضاء فإن كانت ممن ترى القصة اغتسلت حين تراها وإن كانت ممن لا تراها اغتسلت عند الجفاف كما تقدم . والله أعلم .
ساحة النقاش