خبرات الشعوب وعاداتها الغذائية قد لا تكون نتيجة للعفوية، أو دونما ملاحظة أن ثمة فوائد من ورائها.

والأمثلة على ذلك متعددة. ومثلاً إضافة مكسرات الجوز إلى البقلاوة، وسيلة ثبت جدواها في تخفيف أضرار السكريات والدهون.

وإضافة "الصوص" للسلطات مفيد في تسهيل امتصاص الأمعاء للمواد المضادة للأكسدة في الخضار.

وإضافة الأناناس إلى أطباق اللحوم عند طهيها، مفيد في تسهيل هضم الأمعاء للبروتينات المعقدة.

وتناول شوربة من الخضار قبل الطبق الرئيسي للوجبة، ثبت انه مفيد في تقليل كمية الطعام المُتناولة خلال تلك الوجبة.

وإضافة السمن إلى العسل، أخف على الجسم لجهة إبطاء امتصاص السكريات بسرعة وارتفاعها سريعاً في الدم.

وكذا عند تناول التمر المحشو باللوز. وإضافة الليمون للسمك تُسهل امتصاص الأمعاء لزيوت أوميغا-3 فيه.

والعادة المنتشرة في كثير من المناطق العربية بتناول البذور البيضاء للقرع pumpkin seeds، أو ما يُسمى بـ "اللب"، هي الأخرى عادة صحية مفيدة.

وعلى الأطباء والمتخصصين في التغذية أن يهتموا بها، وأن يقتصر اعتراضهم ونصيحتهم على تقلل كمية الملح المُستخدم في تحميص تلك البذور.

بل لو أمكنهم أن ينصحوا الناس بتناول اللب دون إزالة قشر البذرة، عند التمكن من مضغها جيداً، لكان بلا شك أفضل.

تناول التسالي، كوجبة "سناك" خفيفة، هو بالأصل سلوك صحي، وذلك حينما يكون ضمن منظومة مترابطة من تناول ثلاث وجبات متوسطة الحجم، ووجبتين خفيفتين بينهما، مع احتساب كمية كامل الطاقة اليومية لغذاء الإنسان بما يُناسب اللازم له، وفق مقدار وزنه ومستوى مجهوده البدني اليومي.

وحينما تكون مكونات أحد تلك الوجبات الخفيفة من أنواع الأطعمة الصحية، بعيداً عن المقرمشات والمقليات الهشة، فإن الفائدة ستكون مضاعفة.

أي نيلاً لفوائد تناول العناصر الغذائية والفيتامينات والمعادن، في تلك الأطعمة، ونجاةً من تناول النشويات والزيوت المهدرجة العامرة بالضرر والعديمة الفائدة.

ووراء هذه النصيحة أسباب عدة، وهي المستخلصة من الجهود العلمية، لعشرات السنوات، حول دراسات مكونات بذور القرع وتأثيرات تناولها. وبالعموم، فإن القيمة الغذائية لتناول بذور القرع نابعة من غناها بعناصر غذائية ومعادن وفيتامين مركزة في عبوات، بذور، صغيره الحجم، أشبه بكبسولات دوائية.

ولنلاحظ ما يلي: ان ربع كوب من بذور القرع، بوزن حوالي 35 غراما، يحتوي على 180 كالورى، سعر حراري، وحال تناول تلك الكمية فإن الجسم سيأخذ 50% من حاجته اليومية من معادن المنغنيز والمغنيسيوم والفسفور!

و35% من حاجته لمركبات تريبتوفان المُهدئة للأعصاب والمنشطة للتفكير الذهني السليم، بل والمُسهلة للخلود إلى النوم، كما ستوفر له كمية من الحديد نسبة 30%، ومن النحاس نسبة 25%، مما يحتاجه الجسم يومياً، ومن الزنك وفيتامين كيه والبروتينات، حوالي 18% كذلك.

وبالخصوص لأعضاء معينة في الجسم أو حالات مرضية، فإن من بين مجموعات الدراسات الطبية، ثمة القلب والبروستاتا، كأعضاء هي الأكثر ربحاً، فيما يبدو، من تناول بذور "لب" القرع.

وإضافة إلى معدن المغنسيوم، فإن لب القرع غني بالزيوت النباتية، وهو السر وراء ارتفاع كمية الطاقة فيه، ونوعية الدهون في "اللب" هي من الأنواع الأحادية غير المشبعة، أي أسوة بتلك التي في زيت الزيتون ودهون الفستق الحلبي.

إضافة إلى نوعي أوميغا-3 وأوميغا-6 من الدهون، ولهذه الدهون الأحادية وأوميغا، دور ثابت في خفض كولسترول الدم، وإذا ما أُضيف إلى هذا احتواء بذور القرع على كميات جيدة من مواد "فايتوستيرول" Phytosterols، ازدادت فائدة البذور تلك على خفض الكولسترول.

ومعلوم أن مواد "فايتوستيرول" تُعيق امتصاص الأمعاء لكولسترول الطعام، وبالمقارنة بين جميع أنواع المكسرات الشائعة التناول، ماعدا السمسم، في مقدار احتوائها على "فايتوستيرول" فإن الفستق الحلبي هو الأول، يليه بذور "دوار الشمس"، ثم بذور القرع.

وبالرغم من النتائج المتضاربة في الظاهر حول علاقة الزنك بتخفيف حدة مشاكل البروستاتا، إلا أن ثمة أدلة على أن أغذية غنية بالزنك، مثل بذور القرع، لها دور مهم في تخفيف أعراض تضخم البروستاتا، ولذا فإن ثمة نصائح طبية ألمانية تتضمن تناول بذور القرع لتخفيف المعاناة من تضخم البروستاتا، وتقول بأن ثمة مواد، مثل كيكربيتاكين، تعمل على خفض إنتاج هرمونات ذكورية تضر بالبروستاتة.

ويبدو أن النصيحة القديمة بتناول بذور القرع لقتل الديدان في البطن، تجد من يُعللها باحتواء بذور القرع على مادة كيكربتين Cucurbitin ، التي تشل تدريجياً الجهاز العصبي لتلك الديدان، ما يُسهل خروجها من الأمعاء مع الفضلات.

كما أن ثمة منْ يقول بأن تناول بذور القرع يُخفف من ألم المفاصل، لأنها تحتوي على مواد أشبه بمسكنات الألم من نوع إندوميثاسين.

وصحيح أن أحداً لم يقل أن بذور القرع دواء يُعالج أمراضاً معينة، وليس مطلوباً منها ذلك البتة، إلا أنها تظل، وبشكل ملفت للنظر، غذاءً مفيداً لنا، ولذا تتضمن نصائح التغذية الصحية، التوجيه نحو تناولها إن أمكن.

المصدر: www.masrawy.com
  • Currently 214/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
73 تصويتات / 644 مشاهدة
نشرت فى 30 نوفمبر 2009 بواسطة moneelsakhwi

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,167,524