بورصة الطعام.. التوفير والصحة أسهم في صعود


كيف تكون التغذية صحية بأقل الأسعار؟.. معادلة صعبة تحاول كل ربة منزل الإجابة عليها، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها معظم الأسر الآن؟ والإجابة ليست بالأمر اليسير، لكنها تحتاج للبحث والتدقيق في جانبين هامين، أولهما أسس التغذية السليمة ،  وثانيهما اقتصاديات الغذاء ومتغيراته.. هذان المحوران حاول د.مصطفى نوفل أستاذ علوم الغذاء بجامعة 
الأزهر تقديم خلاصة بحثه فيهما بكتابه الجديد "بورصة الطعام" والذي صدر مؤخرا عن دار أخبار اليوم للنشر حاملا روشته استرشادية للغذاء الصحي الرخيص تتداخل فيها الأمور الطبية بالاقتصادية بالموروثات الاجتماعية المرتبطة بعاداتنا الغذائية.

"كلوا واشربوا ولا تسرفوا"..  كانت تلك الآية الكريمة القاعدة الأساسية التي انطلق منها الدكتور نوفل.. فقد أفرد الفصل الأول من كتابة للحديث عن مخاطر الإسراف وفوائد الاعتدال في الغذاء من النواحي الصحية والاقتصادية حيث يؤكد في كتابه أن عدم الإسراف في تناول الطعام يؤخر الشيخوخة ويمنع الإصابة بالأمراض ذات التكلفة العلاجية الكبيرة وأشار إلى الدراسات الحديثة التي أثبتت أن الاعتدال يعمل على إبطاء معدلات استهلاك الجسم لنفسه وزيادة كفاءته، ومن ثم زيادة القدرة على الإنتاج والعمل، ثم عدد مخاطر الإسراف في الطعام وأثره السيئ على استفادة الجسم منه ومن ثم دخوله في قائمة المهدرات.. وضرب مثلا بالإسراف في تناول اللحوم، حيث يؤدي كما أشار الكتاب إلى طرد الكالسيوم من الجسم وتقليل فرص امتصاصه.

ومن أهم النقاط التي ركز عليها في هذا الجانب مسألة تداخل الإسراف في الغذاء مع الأدوية التي يتناولها الإنسان وأثر ذلك على عدم استفادة الجسم من الدواء أو تراكمه داخله أو ظهور أعراض جانبية تزيد من فاتورة العلاج، ويضرب مثالا على ذلك بأدوية الضغط التي يقل مفعولها بسبب الإسراف في الغذاء.

أكل واقتصاد

"أكل واقتصاد" بهاتين الكلمتين عنون د.نوفل الباب الثاني من كتابه ويركز فيه على الأغذية رخيصة الثمن التي تحتوي على مركب الفايتو باعتباره مركبا فعالا للغاية يقي من الأورام ويمد الجسم بعدد كبير من المغذيات، ومنها أغذية القرنبيط والكرنب والجزر والبقدونس والكرفس والبرتقال والثوم والرمان والعرقسوس.

ويقارن نوفل بين البروتينات الحيوانية والنباتية واضعا البديل النباتي للبروتين الحيواني، حيث يحتوي الترمس والعدس والفول وحمص الشام والفاصوليا على بروتينات مماثلة للموجودة في اللحوم والكبدة والأسماك والبيض.

وأشار إلى وجود قيمة غذائية كبيرة في الوجبات الشعبية ناصحا بضرورة خلطها لزيادة فائدتها، كأن يخلط الأرز بالعدس، والأرز مع الفاصوليا، ومن الوجبات المخلوطة ذات النفع الصحي والاقتصادي للإفطار التمر بالبيض، والجبن مع الزبادي والبيض، والبليلة باللبن والسمسم، وللغذاء الباذنجان بالبيض والطماطم، والسبانخ بالحمص والبيض، والكشري مع البيض والزبادي.

ويعطى نوفل في كتابه اهتماما خاصا بالبقول حيث يقول إنها الوجبة الاقتصادية لمحدودي الدخل وأصبحت الآن غذاء الصحة والوقاية في أغنى دول العالم، فبعد أن كانت أطباق اللحوم هي نجوم وجبات طعام الأغنياء تتجه الأضواء الآن إلى البقول حتى إن المطاعم الراقية تقدم البسلة (البازلاء) واللوبيا والعدس، وأصبحت البقول وأشهرها الحمص مكونا رئيسيا في الحلوى.

ويرجع اهتمام الدول المتقدمة بها بعد أن ثبت أنها غنية بالبروتين والكربوهيدرات والألياف، فتقي من الأورام وتخفض الكولسترول، كما أنها تحافظ على الرشاقة  فضلا عن أن تكلفتها بسيطة.

ويعيد الدكتور نوفل الثقة في غذائنا الشعبي في الباب السادس من الكتاب حيث يؤكد أن دول العولمة صدرت لنا الوجبات السريعة منخفضة القيمة الغذائية مرتفعة التكاليف بينما تقوم هي بتطوير المأكولات الشعبية المصرية لتنتج أغذية صحية ووقائية وعلاجية ومن بين هذه الأغذية البطاطا والترمس والتين الشوكي والبامية، حتى إن المعهد الأمريكي لبحوث الأورام دعا المواطنين إلى تناول البطاطا طوال العام، كذلك توصلت إيطاليا لطريقة جديدة لتطوير الباذنجان المصري لتجعله منافسا قويا للحوم من الناحية الصحية والاقتصادية، كما دخل القرع العسلي في الفطائر الأمريكية.

الشراء الاقتصادي

وينتقل المؤلف بعد ذلك لتحديد 8 قواعد ذكية في الشراء الاقتصادي للأغذية الصحية وهي:

  1. تحديد المشتريات قبل النزول للسوق، بحيث يجب إعداد قائمة للمشتريات المطلوبة قبل النزول للمحلات، وذلك يحقق وفرا اقتصاديا أكيدا ويجعل المشتري ملتزما بالميزانية المخصصة، ويفضل أن توضع مفكرة في المطبخ يدون فيها باستمرار كل ما ينقص وينصح كذلك بعدم أخذ عربة مشتريات إذا كان الهدف شراء منتج واحد كعلبة لبن مثلا.

  2. مقارنة وزن المنتج بسعره وتفضيل الوزن الأكثر لأنه غالبا ما يكون الأوفر.

  3. اختيار الشكل الاقتصادي للمنتج فإذا كان معبأ في عبوات زجاجية أو بلاستيكية أو معدنية فعلينا اختيار الأرخص وينصح بشراء اللحوم قطعة كبيرة واحدة ليتم تقطيعها وإعدادها منزليا بدلا من شراءها جاهزة من المحلات.

  4. شراء كل غذاء في موسمه حتى يتم الاستفادة من انخفاض سعره وارتفاع قيمته الغذائية.

  5. قراءة بيانات العبوة للتأكد من أنها تناسب المستهلك صحيا.

  6. الشراء على قدر الاستهلاك حتى لا تنتهي مدة صلاحية المنتج ويتحول إلى كم مهدر.

  7. التأكد من أن أي خفض في السعر هو تخفيض حقيقي وليس مجرد إعلان وهمي.

  8. المحافظة على قيمة مشترياتك من خلال حفظها بشكل جيد وعدم تعريضها للتلف.

مفكرة جدتي

ويؤكد د.نوفل أن دعوته إلى الغذاء الاقتصادي والصحي ليست بالجديدة، بل هي في تراث أجدادنا، ولذلك كان مسك الختام هو عرضه لبعض الأمثال القديمة التي استعان بها الجدات للترويج للغذاء الصحي والاقتصادي، فيذكر مثلا أنهم قالوا في عدم الإسراف "الجُودة من الموجودة" والمقصود بها عدم محاولة الإنسان التكلف في العزائم بوضع أصناف كثيرة لا يؤكل معظمها، و"دبر غداك تلقى عشاك" ويعني أن لا يسرف الإنسان في وجبة الغذاء حتى يجد ما يأكله في العشاء، "ولقمة هنية تكفي مية" وهي دعوة -أيضا- للاقتصاد في العزائم.

المصدر: اسلام اون لاين
  • Currently 196/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
66 تصويتات / 849 مشاهدة
نشرت فى 20 أكتوبر 2009 بواسطة moneelsakhwi

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,167,786