صاحبة أول مشروع مائي في التاريخ
الأميرة "زبيدة" قدوة لكل امرأة مسلمة

قبر الأميرة زبيدة
بالرغم من الادعاءات التي تقلل من شأن المرأة هنا وهناك ، إلا أن انجازات المرأة ملموسة وظاهرة فى كل زمان ومكان ، منهن من سلطت الأضواء عليهن وأخريات بقين فى الظل رغم تخليد التاريخ لأعمالهن التي خدمت البشرية ، ومن هؤلاء الأميرة زبيدة زوجة الخليفة هارون الرشيد وهي أحد بطلات التاريخ الإسلامي وصاحبة أول مشروع مائي فى التاريخ.

وعن الأميرة زبيدة وسيرتها تحدث الداعية الدكتور جاسم محمد المطوّع ببرنامج "فن التأمل" على قناة "اقرأ" قائلاً : الأميرة زبيدة هي زوجة هارون الرشيد ، ولدت عام 145 هـ ، واسمها الحقيقي "أمة العزيز بنت جعفر بن أبي المنصور" سماها والدها المنصور بزبيدة كونها كانت بيضاء وآية فى الجمال وأطلق عليها "زبيدة"كنوع من التدليل الزائد لها كونها ناعمة كالزبد ، وبالرغم من جمالها ورقتها إلا أنها كانت تتمتع بذكاء حاد كما تحلت بالشجاعة وكان لها العديد من الإبداعات.

وذات مرة خرجت مع زوجها هارون الرشيد إلى الحج من بغداد إلى مكة المكرمة ، ولفت انتباهها أثناء الطريق أن الحجاج يحتاجون إلى الماء ولا يجدوه فى رحلتهم الشاقة ، ومن هنا فكرت " لماذا لا أتحرك لبناء مشروع يخدم الحجاج عن طريق عمل مجري النهر وفيه عيون من الماء تمتد من العراق إلى مكة المكرمة؟"

ويؤكد د. المطوّع أن الفكرة عندما طرحت كانت أقرب إلى الخيال للجميع ، ولكنها بدأت بالفكرة بعد أداء مناسك الحج واتخذت قراراً ببناء عيون الماء ، وجمعت المهندسين والعمال والقياديين وأمرتهم ببناء العيون مهما بلغت تكلفته قائلة : "ولو كلفنى هذا المشروع كل ضربة فأس بدينار .. أنا مقدمة عليه" ، وقامت بعمل مسح شامل وتبين أنها فى حاجة إلى 20 عين من بغداد إلى مكة ، فأمرت بحفر العيون ، وأنفقت على هذا المشروع ما يقدر بمليون وسبعمائة ألف مثقال ذهب.

أثناء إنجاز المشروع كان هناك تساؤل حول كيفية ربط العيون ببعضها البعض ،فقاموا بعمل المجاري حتى يجري الماء من عين إلى أخرى ، وكل عين كان لها مجري من الماء على اليمين واليسار ، وبذلك اتصلت كل العيون بمجري مائي من بغداد إلى مكة المكرمة ، الخطوة التالية كانت كيفية المحافظة على الماء ليبقي بارداً ، فاقترح المهندسون أن يغلقوا هذا المجري ويقوموا بعمل بعض الفتحات حتى يتسني للحجاج استخدام الماء فى الوضوء والشرب أثناء طريق الحج الطويل ، كما حاول القائمين على البناء بتصميمه بحيث لا يتأثر بالسيول أو بالعوامل الجوية عدما يأتى السيل لا يهدم هذا السد ، وسميت "بعين زبيدة"

مجرى عين زبيدة
وبالفعل تم المشروع ليكون من أهم الأماكن التاريخية الهامة في المملكة العربية السعودية ، والتي لا يزال آثارها قائمة منذ آلاف السنين حتى يومنا هذا ، وخلد معه تاريخ هذه المرأة العظيمة التى كان هدفها سقاية الحجاج.

والطريف أن السيدة زبيدة بعد انتهاء المشروع قامت بجمع المهندسين وكل خبراء العمران وكل العمال اللذين أحضروا لها الدفاتر حتى يتحاسبوا فأخذت الدفاتر كما تقول الرواية وألقيت بها فى نهر دجلة بالعراق ورفعت يديها إلى السماء وقالت : "الحساب ليوم الحساب .. لا نريد أن نتحاسب وإنما أريد أن استشعر أن كل ما أنفقته لله ، ومن عنده من الدراهم فهو صدقة له" ، وبلغ تكلفت المشروع مليون وسبعمائة ألف مثقال ذهب على نفقتها الخاصة. 

الأميرة "زبيدة" امرأة مسلمة قدمت إنجاز حضاري عظيم وهو أول مشروع مائي فى التاريخ ، لذا نحن فى حاجة إلى معرفة المزيد عن نماذجنا المشرفة ونقف وقفة أمام نساء مسلمات خدلهن التاريخ وهن أفضل قدوة ومثل يحتذي به.

والملفت للنظر هو أن زوجها الخليفة هارون الرشيد لم يثبط من عزيمتها عندما طرحت الفكرة ، ولم يكن أكبر معيق لها عندما رغبت فى تحقيق حلمها ، كما يحدث الآن من بعض الزوجات البارزات فى أي مجال ، ولم يسخر منها أو يحاول هدم عزيمتها بالرغم من أنه فى ذلك الوقت كان درب من دروب الخيال ، ولم يقل لها كيف لأمرأة مثلك أن تقوم بمشرع ضخم مثل هذا .. وغيرها

إلى هذه اللحظة يستفيد الجميع من مشروع "عين زبيدة" الذي يظهر آثاره من جبل عرفة ، وتحاول الحكومة السعودية الآن تطوير وإحياء المشروع من جديد ، ولا شك أنه إلى الآن يأتي لها الأجر بميزان حسناتها، فالماء أكبر صدقة كما أخبرنا النبي صلي الله عليه وسلم " أفضل الصدقة سقى الماء" [رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة:صحيح الجامع].

والصور التالية للأثر التاريخي "عين زبيدة" على الطبيعة

 








 

  • Currently 142/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
48 تصويتات / 106 مشاهدة
نشرت فى 3 سبتمبر 2009 بواسطة moneelsakhwi

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,167,550