3% ممن يخططون يملكون 90% مما يملكه الـ 97% الذين لا يخططون. فكيف تخطط لحياتك؟ الذين يخططون لا يتعدون 3% وهم الذين يقودون المجتمعات ماليًا وسياسيًا واجتماعيًا ونفسيًا, كيف تخطط لحياتك؟!

إذا فشلت في التخطيط, فقد خططت للفشل, كيف تخطط لحياتك؟!

شخِّص رسالتك, وحدد طموحك, ثم ضع الخطة. كيف تخطط لحياتك؟!

خطوة بخطوة, ضع رسالتك ورؤيتك, وأهدافك لنبدأ في كيف تخطط لحياتك؟!

يرى العلماء من خلال دراسات أُعدت أن نسبة الذين يخططون لحياتهم لا تصل 3% من مجموع الناس كلها, وأن هذه النسبة القليلة هي التي تقود المجتمعات في مجالات الحياة المتنوعة.

في دراسة أعدتها جامعة هارفارد الأمريكية عام 1970 سألوا فيها مائة طالب عن خُططهم في المستقبل, وما إذا كانت لديهم خطط واضحة؟! 3% فقط أجابوا بالتفصيل عن خُططهم المستقبلية, والبقية لم يعرفوا ما الذي يريدون تحقيقه بعد.

بعد عشرين سنة, قامت الجامعة بالبحث عن المائة طالب, فوجدت الثلاثة هؤلاء يملكون أكثر من 90% من ممتلكات المائة كلهم.

التخطيط سر النجاح:

التخطيط سر نجاح الناجحين في الدنيا, وأهم من التخطيط أيضًا: أن تكون للإنسان رسالة.

يرى العلماءُ النفسانيون أن الذين لا يحملون رسالة أكثر عُرضة للمشاكل والصدمات النفسية والاجتماعية.

الرسالة والرؤية أهم ما تضعه لنفسك الآن:

أنا صلاح الراشد من مركز الراشد للتنمية الاجتماعية والنفسية, أرحب فيك في جولة مع الذات, وتحديد المصير.

سأكون مضيفك ومساعدك في هذا اللقاء, وسوف أستعرض لك كيفية وضع رسالة ورؤية لحياتك, سوف أستعين بأمثلة واقعية من تجاربي الشخصية.

هذه اللحظات التي سوف تقضيها في تعلم هذه المادة, ومن تطبيق ما فيها, قد تكون أهم الساعات في حياتك كلها. هذه المادة بعنوان: الرسالة والرؤية.

في هذه المادة, سوف نستعرض بالإضافة إلى أشياء كثيرة أخرى: أهم مسألتين تحتاج إليهما للانطلاق في حياتك.

1ـ تحديد رسالة لحياتك.

2ـ ووضع أهداف.

سوف تتعلم عدة أمور, منها:

كيف تكتشف رسالتك الحالية في الحياة؟

كيف تضع أو تغيِّر في هذه الرسالة, وفق ما تتمناه؟

كيف ترسم خطة استراتيجية وبعيدة المدى لحياتك؟

كيف تضع خطة قصيرة المدى وسريعة التنفيذ؟

كيف تطبق الخطة؟

كيف تكون شخصًا منجزًا وفعالاً؟

هذه المعلومات عادة ما تُعطى في خمس دورات, قد صُغتها لك بأسلوب مسهل, تُغنيك عن كثير من الكلام والتفاصيل.

سوف آخذك في جولة روحانية نفسية وخيالية, وخطوة خطوة تنتهي بكَ في وضع رسالتك ورؤيتك في الحياة, بإذن الله.

كل ما أود أن أتمناه لك, هو أنك فعلاً مستعد لذلك, بعدما تضع خطتك ورؤيتك لحياتك, وتتبع بعض الإرشادات التي سأذكرها لك, سوف تفاجأ من التغيرات التي ستطرأ على حياتك, سوف ترى أبواب التوفيق تفتح لك, ستشعر أن لحياتك معنى, سوف تحب الحياة, وسوف لن تهاب الممات, سوف يتساوى لك الأمران.

ستُثري جوانب حياتك المتنوعة, وسوف تترك لمن بعدك إرثًا ماليًا, أو علميًا, أو خُلُقيًا, أو غير ذلك.

هذا الموضوع المهم ليس لثقافة معينة, أيضًا, قد تكون أستاذ, دكتور في الجامعة, وقد تكون من حملة الشهادات الابتدائية, حتى إذا كنت لا تقرأ ولا تكتب, فيمكنك متابعة هذا الموضوع, شريطة أن تجد من يقرأ ويكتب لك.

هذا الموضوع لكل إنسان يود أن يضع لحياته معنىً, وأن يتعلم كيف يحقق أمانيه بطريقة تضمن له بعون الله ذلك, فالموضوع صِيغ لك بطريقة عملية تسلكها خطوة خطوة.

إذا كنت فقط تقرأ, دون أن تطبق, فهذه المادة ليست لك, هناك مواد كثيرة لي في مركز الراشد إذا أردت, مُصاغة بطريقة عرض المعلومة, هذه المادة ليست كذلك, هذه المادة عملية, لذا فالتطبيق فيها واجب.

دعنا نبدأ على بركة الله تعالى.

حُكيَ عن حكيم عربي قال: ليس للحياة قيمة إلا إذا وجدنا فيها شيء نناضل من أجله. ورُوي عن عليِّ بن أبي طالب ـ كرم الله وجهه ـ أنه قال: ‘رُبَّ هِمَّة أحيت أمة’.

ما الرسالة, وما الرؤية, أود أن أبدأ أولاً بتعريف ذلك:

الرسالة ‘mession’:

ويحلو للبعض أن يسميها المهمة, أو الدور, هي ما تود أن تسير عليه في الحياة, ولذا فإنك تقول لشخص: ما رسالتك في الحياة, أو ما دورك في الحياة؟ أو ما مهمتك في هذه الحياة؟ وتكون الرسالة عن شيء عام, وطريق دائم.

الرؤية ‘vession’:

هي النتيجة النهائية التي تسعى شخصيًا لصنعها, هي ما تود الوصول إليه, والرؤية كلمة عامة للأهداف.

وبما أن الأهداف تنقسم إلى ‘بعيدة ـ ومتوسطة ـ وقصيرة المدى’.

دعنا نفرق بين الرسالة والرؤية

الرؤية

الرسالة

الرؤية مقصد وهدف تصل إليه, مثل: رؤيتي أن أكون مديرًا.

الرسالة غير محددة بهدف, مثل: أن تكون رسالتي أن أعلم الناس.

الرؤية شيء ينتهي, فبعد أن تكون مديرًا, تكون قد انتهت رؤيتك.

الرسالة شيء لا ينتهي, فأنت تعلم الناس حياتك كلها.

الرؤية نتيجة

الرسالة اتجاه

الرؤية كمية

الرسالة نوعية

الرؤية تُحسب وتُعد

الرسالة تُشعر وتُحس

إذًا, هكذا نكون عرَّفنا الفرق بين الرسالة والرؤية.

دعني أحدثك عن الشخص الذي عنده رسالة ورؤية, وعن الشخص الذي لا يحمل رسالة ولا رؤية:

الشخص الذي يحمل رسالة ورؤية, كابتن يقود سفينة, وينقل البضائع بين البلدان, ويعرف الموانئ الجيدة من الموانئ غير الجيدة, كما أنه يعرف أماكن القراصنة, ويعرف متى تأتي العواصف, وكيف يتصرف معها إذا أتت, ويعرف كيف يدير البحارة, والاتصال بهم… وهكذا, فهو واضح في اتجاهاته ومقاصده.

بينما الشخص الذي لا رؤية له ولا رسالة, كمثل قبطان سفينة, لا يدري اتجاهه, ولا يعرف عن القراصنة شيء, ولا دلالة له في الأجواء البحرية, أو إدارة البحارة, فهو أحيانًا يتمتع بالهواء الطلق, لكنه أحيانًا يتعرض للقراصنة, وأحيانًا ينزل في ميناء أهله مُضرون, وأحيانًا يخسر بعض رجاله بسبب العواصف التي لا يعرف كيف يتعامل معها, أو متى تأتي.

إذًا الشخص الذي لا رسالة له ولا رؤية له, معرَّض لهزات اجتماعية, ونكبات مالية, واضطرابات نفسية.

هل تعرف كيف تستخلص رسالة من غايات متكررة؟

الشخص يدور دائمًا حول رسالته, الرسالة في الغالب سامية, لكن قد يكون التطبيق والوسيلة خاطئة.

دعني فقط أُذكرك بصيغة الرسالة.

ـ الرسالة مستمرة, تأتي كفعل, مثل: تأمين أو إسعاد, أو تقوية, أو تعليم, أو مساعدة, أو رفع, أو تحقيق….

ـ الرسالة في المضارع, ليست في الماضي, ولا في المستقبل, بل هي الآن وكل زمان.

ـ الرسالة مختصرة, لكن تشتمل على عدة معاني في حناياها.

توقف الآن, واستخلص رسالة من غاياتك المتكررة في سطر واحد فقط, ثم اكتبها.

قد تحتاج دقائق, أو ساعات, أو يومًا, أو حتى أسبوعًا, خُذ حصيلتك من الوقت, المهم أن تفعل ذلك أولاً, ثم عاود القراءة.

الآن, بدأت تفهم نفسك أكثر, وقد يأخذ عقلك الباطن ساعات أو أيام, يستنتج فيها أشياء سوف تنفعك في المستقبل, فقط أطلق لعقلك العنان, قد ترى أحلامًا, أو تشعر بمشاعر, فقط رحب بها, فهي إما أن تكون إيجابية, فهي سعيدة بما بدأت تُدركه, أو سعيدة بالانسجام بينها وبين العقل والجسد والروح, وإما أن تكون سلبية فهي تخرج وتعبر عن نفسها.

الآن, أريد أن أخبرك بكيفية أن تضيف لرسالتك شيئًا أو تعدل فيها.

أنت الآن لديك رسالة حالية, تريد أن تعدل وتضيف عليها, إن استعدت الحالة, ربما تكون رسالتك هذه سامية, لكنها قد تكون أسمى, يكفي فقط أن تعرف رسالتك, فهذا بحد ذاته معين جدًا.

دعني أُعينك ببعض الملاحظات التي قد تستفيد منها بعض الشيء.

أولاً: هل نفسك في الرسالة, أو لا؟

لاحظ أن رسالتي التي اكتشفتها كانت كالتالي:

إسعاد الآخرين والتأثير فيهم. رسالتي لم تكن تحتوي على نفسي, من هنا أدركتُ كيف أني كنت أعمل الليل والنهار من أجل إسعاد الآخرين والتأثير فيهم.

لقد استلمتُ لجنة خيرية آنذاك, وكانت ميزانيتها خمسة عشر ألف دينار, كان المفروض من هذه اللجنة أن تعرِّف بالإسلام لغير المسلمين, وكانت أعداد غير المسلمين في الكويت تُقارب ثُلث مليون, تصور وأنا وعامل, ومساعد لي, هو صديقي الفاضل وائل عبد الرحمن صدقة, المساعد في إعداد هذه المادة, بدأنا في تنفيذ هذه الفكرة.

في غضون أربعة سنوات, أصبحت اللجنة قوية جدًا على مستوى الخليج, ومعروفة على مستوى العالم, وأدخلت بفضل الله أكثر من عشرة آلاف شخص في الإسلام, وتركتها وميزانيتها تعادل مليون دولار.

إنها رسالة, ونِعمت الرسالة, لكني في ذلك الوقت خسرت أهلي وأولادي وصحتي, كانت مشاكلي الأسرية كثيرة, ووضعي المالي متواضع, وكنتُ أراجع عيادة القلب للفحوصات, وزاد وزني, ولازمني القلق والتوتر.

رسالتي لم تحتو نفسي, لذلك أضفتُ لها: إسعاد نفسي والآخرين, والتأثير فيهم.

بمجرد أن فعلتُ ذلك, ووضعت الخُطط المُعينة لذلك, تحسنت نفسيتي, وأصبحت صحتي في حالة ممتازة, وصرت ـ والحمد لله ـ أتدرب, ما لا يقل عن ساعة إلى ساعتين, ثلاث مرات في الأسبوع, وأعطي نفسي من الاسترخاء ما لا يقل عن ثلاث ساعات أسبوعيًا, وأصبحت سعيدًا أسريًا.

فإذا لاحظت نفسك غائب عن الرسالة, فأنصحك أن تضيفها إلى رسالتك, الذي لا يُعطي نفسه سوف لن يستمر, سوف يصل إلى مرحلة تُتعبه, هو كقائد السيارة الذي يقول: لا وقت لدي لتغيير الزيت, أو ملئها بالبنزين, ما الذي سيحصل؟ ستقف السيارة.

إذًا, هذه الملاحظة الأولى: تأكد من وجود نفسك.

الملاحظة الثانية: لا تنسَ الآخرين. هناك من يجد في رسالته, أن رسالته احتوت نفسه, لكن لم تحتو الآخرين. مثل: أكون واثقًا في تحقيق نجاحي, أو أن أبلغ قمة النجاحات في علم الهندسة, هذه الرسالة, وتلك, خالية من الآخرين.

رسالتك ينبغي أن تحتوي على الآخرين, يمكن أن تكون في الأولى: أن أكون واثقًا, وأن أحقق مع الآخرين نجاحات. وفي الثانية: أن أساعد في تحقيق النجاحات في علم الهندسة بما يخدم السلك الهندسي والبشرية.

لاحظ أن رسالتي احتوت إسعاد نفسي والآخرين.

لمَّا كانت رسالة صديق الدكتور نجيب الرفاعي: العلم, كان في ضمنها التعلم النفسي, والتعليم لغيره, هذا التوازن بين نفسك والآخرين, وفي الحديث: ‘إن لنفسك عليك حقًا’.

ورسالة الأنبياء من أعظم الرسالات, وهي تبليغ الدعوة للآخرين {وَمَا عَلَيْنَا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [يـس:17], أي رسالتك في البلاغ المبين, لكن {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19] كما في سورة القتال. {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:108] إذًا, ضمّن الآخرين في الرسالة, فأنت ضمِّن الآخرين مع نفسك في الرسالة.

ملاحظة أخيرة: وهي أننا كمسلمين, غايتنا الكبرى, رضا الله سبحانه وتعالى عنَّا, فبإمكانك أن تضيف في بداية رسالتك: إرضاء الله تعالى.

فرسالتي, مثلاً, أصبحت إرضاء الله بإسعاد نفسي والآخرين, وتنوير مجالات حياتهم المختلفة. هناك كثيرون, أعمالهم في خطر. وقديمًا قال أحدُ العارفين: الناسُ في هلكة إلا العالمين, والعالمون في هلكة إلا العاملين, والعاملون في هلكة إلا المخلصين, والمخلصون على خطرٍ عظيم.

والسبب: تلك النية الخفية, ومن هنا تدرك أن الإسلام أعطى للنية وضعًا خاصًا.

علَّق أبو داود السجستاني ـ رحمه الله ـ صاحب ‘السنن’ على حديث عمر ‘إنما الأعمال بالنيات’, قائلاً: النية ثلث الدين.

الرؤية:

عليك أن تعرف أن الرؤية التي نقصدها, هي أهدافك الاستراتيجية, أي أهدافك بعيدة المدى. الشيء الذي تخطط له لتعمله غدًا, أو هذا الأسبوع, نسميه هدف قصير المدى.

الشيء الذي تخطط له الشهر القادم أو السنة القادمة, هذا نسميه متوسط المدى.

الشيء الذي تخطط له بعد خمس سنوات أو عشر سنوات, هذا نسميه بعيد المدى, أو هدف استراتيجي.

الأهداف بعيدة المدى, هي الروح, أود هنا أن أذكر لك حقيقة اكتشفها علماءُ التخطيط والإدارة: اكتشفوا أن الذي يخطط على المدى القصير عادة ما يحقق أقل مما خطط, بينما الذي يخطط على المدى البعيد, عادة ما يُحقق أكثر مما خطط.

يعني إذا كنت تضع خطة لأسبوع أو شهر, ولديك متابعة جيدة, فأنت عادة ما تحقق 70 ـ 80%, بينما إذا كنت تضع خطة لعشر سنوات, ولديك متابعة جيدة, فعادة ما تحقق 120 ـ 150%.

سؤال: أيهما أفضل: أن تضع خطة قصيرة المدى, أم خطة بعيدة المدى؟

ج: طبعًا خطة بعيدة المدى, وسوف تتعلم كيف تضع رؤىً وخططًا استراتيجية, وخططًا متوسطة المدى, وخططًا قصيرة المدى كل جزء من هذا التخطيط مهم.

هناك معلومة أخيرة أود أن أذكرها لك في هذا المقام:

ستيفن كافي ‘Steven Cavy’ في كتابه ‘الأولى أولاً’ ‘First Things Firs”, ذكر موضوعًا مهمًا في التخطيط.

أريد منك أن تحضر كشكولاً, أو دفترًا, وتكتب عليه في الخارج أو في أول صفحة بالخط الكبير والجميل ‘الرسالة والرؤية’, ثم تكتب تحت ذلك اسمك بالكامل, في الصفحة التي تليها اكتب رسالتك التي ارتضيتها, ثم في الصفحة التي تليها اكتب أعلى الصفحة في الوسط ‘الأهداف الروحانية’ اكتب الآن.

في الصفحة التالية اكتب ‘الأهداف الذاتية’, في الصفحة التالية اكتب ‘الأهداف الاجتماعية’, في الصفحة التالية اكتب جانبًا آخر يهمك مثل ‘الأهداف المالية, الوظيفية… ‘وهكذا, ضع على الأقل خمس جوانب رئيسية في حياتك.

في خطتي الشخصية المكونة من 38 صفحة من القطع الكبيرة والمجلدة والملونة والمخططة, وفيها أجمل الرسومات, وضعت 8 جوانب أسميتها مستويات؛ المستوى الإيماني, والمستوى السياسي, والمستوى الدعوي, والمستوى الاجتماعي, والمستوى المادي, والمستوى الخيري, والمستوى الثقافي, والمستوى الشخصي.

قُم الآن بكتابة الجوانب المهمة بالنسبة لك.

دعني أنبهك بأن رؤيتك يجب أن تتوافق مع رسالتك, فإذا كانت رسالتك اجتماعية, فالجانب الاجتماعي هو الأهم بالنسبة لك.

التنبيه الأول: إذا كانت رسالتك دعوية, فيجب أن تضع الجانب الدعوي كأحد الجوانب الرئيسية بالنسبة لك… وهكذا.

التنبيه الثاني: أن لا تنسى نفسك في الأهداف, وأهم ما أقصده: التطوير الذاتي. هذا الجانب غاية في الأهمية, ينبغي أن تعرف أن هذا العصر عصر المعلومة, والذي لا يتطور كل يوم, تفوته سنة الذي لا يتطور لمدة سنة, يعيش في عصرٍ سابق, ويتعداه الزمن.

لا يمكن أن تكون سعيدًا وناجحًا في زمن يتطور بالدقيقة, وأنت تعيش في معلومات الثمانينات, والتسعينات, وتقنيات المعلومة من المجلة والجريدة.

إن العلم في مثل هذه البرامج وأمثالها, والدورات التدريبية, وما شابه ذلك, ينبغي أن تجعل من أهدافك الرئيسية التطور الذاتي.

التنبيه الثالث: أن لا تنس أهلك, فأنت لا تعيش وحدك, فرسالتك ينبغي أن تكون من ضمن بيئة أو جماعة من الناس تحيط بك؛ أهلك جزء منك, فاحملهم معك.

التنبيه الرابع: أن لا تنس الجانب الروحاني الإيمان, أنت هنا بسبب, يقول الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56] هنا واجب حتمي, اجعل هذا الجانب أهم الجوانب.

الآن, تأخذ بحدود عشرة أوراق وتعنونها بالرؤية, ثم تكتب في الصفحة الأولى, كما قلنا, الأهداف الروحانية, ثم بقية الجوانب في الصفحات التالية.

سوف تكتب في هذه الورقة الأشياء التي تود أن تحققها في نهاية حياتك على هذه الأرض, هناك مجموعة طُرق يمكن أن تنفذها للحصول على هذه النتيجة:

الطريقة الأولى: أن تتخيل أنك وبعد دفنك, قد وقف شخصٌ بمقربة من قبرك, ثم صار يتحدث عنك وعن مناقبك, وعن الأشياء التي حققتها في حياتك.

الطريقة الثانية: أن تتخيل, بعد مماتك صفحة في الجريدة أو المجلة, تتحدث عن مناقبك ونجاحاتك, التي حققتها في حياتك.

الصورة الثالثة: إذا كانت فكرة الموت تزعجك, أن تتخيل أن عمرك في الثمانينات, وأنك تجلس في مكتبك الخاص, أو في صالة الاستقبال, وصحافي يلتقي معك, ليدون ذكرياتك.

أو تتخيل أنك تجلس في الشتاء قُرب المدفأة, وأطفالك يجلسون من حولك, وبأيديهم أوراق وأقلام يكتبون تجاربك, وأنت تعدد عليهم نجاحاتك.

أو أن تتخيل أنك تجلس في مكان تكتب فهي ذكرياتك حتى تنشرها على الملأ, أو تعطيها لأحد من بعدك يستفيد منها.

أو أن تتخيل كتاب فيه مذكرات نجاحاتك التي حققتها في حياتك, اختر ما شئت. المهم أن تخط كل ما تتمناه, أن تحققه في هذه الدنيا.

هناك ملاحظة واحدة عند فعل هذا التمرين:

أطلق لعقلك العنان, لا تحده, لا تضيق عليه, أطلق له العنان, دع عقلك يكتب كل ما تتمناه, كل شيء بدون قيود, سوف نأتي إلى الواقعية والعقلانية لاحقًا. الآن, فقط اكتب كل ما تتمناه دون أي شك أو تفكير, فيما إذا كان يمكن تحقيق ذلك أو لا, فقط اكتب, ربما تحتاج ساعة أو يومًا أو أكثر. خُذ كامل وقتك.

المهم أن لا تُكمل إلا بعد عمل هذا التمرين؛ لأن بقية المادة التخطيطية تعتمد عليه.

دعني فقط أنبهك بأن تشتمل في طموحاتك وأحلامك مرة أخرى جوانب, وهي:

الجانب الروحاني: المتعلق بربك, بدينك, وقِيَمك.

والجانب النفسي: المتعلق بنفسك, وتطورها وثقافتها وتعليمها وعملها وتطويرها.

والجانب الاجتماعي: المتعلق بأسرتك وأهلك وأصدقائك وأولادك.

والجانب الجسدي: المتعلق ببدنك وصحتك.

ـ ما الذي تريد تحقيقه في الجانب الروحاني؟

ـ ما الذي تريد تحقيقه في الجانب النفسي؟

ـ ما الذي تريد تحقيقه في الجانب الاجتماعي؟

ـ ما الذي تريد تحقيقه في الجانب البدني؟

انتبه من أنك تكتب الخطط الاستراتيجية التي هي منتهى ما تتمناه في كل جانب, يعني لا تكتب مثلاً: شراء سيارة, ليست هذه الأمنية استراتيجية, اكتب مناقبك.

ممكن أن تكتب في الجانب العلمي مثلاً: الحصول على درجة الدكتوراه في علم الهندسة, ولا داعي لذكر الحصول على درجة الماجستير في علم الهندسة ‘لأن هذا تلقائي’ إلا إذا كنت تقصد الماجستير في تخصص ثاني.

على أي حال, دوِّن منتهى أحلامك, وطموحاتك في كل جانب منذ هذه الجوانب المهمة, ثم عاود, كُن خياليًا, احلم كطفل.

لقد كتبت مجموعة من منتهى الأمنيات التي تود أن تحققها في حياتك وقبل مماتك, وفي جوانب مختلفة مهمة بالنسبة لك.

الآن, سوف نتعلم الأولويات:

قُم بتحديد الأولوية لهذه الأعمال.

التركيز, أخي الشاب, سرٌ من أسرار الإنجاز والنجاح والسعادة.

الإنسان الذي يريد أن يحقق كل شيء لا يحقق شيئًا.

الإنسان الذي يريد أن يركز تنحاز له الحياة.

الحياة تحب الشخص الذي يركز, أما المشتت, فالحياة لا تُلقي له بالاً.

ركز على الأهداف ذات الأولوية القصوى وصنفها أ, ب, ج. ركز على أ وستتبعها تلقائيًا ب، و ج.

اكتبها في ورقة مستقلة, وتأكد من أنها تشتمل على الجوانب الرئيسية الأربع التي ذكرناها, وتشمل الوضع المالي والوظيفي, إن شئت اكتبها, وتأكد من شموليتها.

هذه الأهداف هي التي ستعمل عليها في السنوات الخمس أو العشرة القادمة على الأقل. بإذن الله تعالى.

الآن, اكتب في خطتك الاستراتيجية في صفحة مستقلة, فقط الأهداف التي صنفتها بـ أ, ثم عاود.

شكرًا لاهتمامك في طموحاتك وأمنياتك.

ضع السبب الذي يجعل هذا الهدف فعلاً ذا أولوية وأهمية.

أو أجب على سؤال: ما الذي أحصُل عليه لو حققت هذه الخطة بشكل عام؟ ثم كل هدف على حدة, بشكل خاص.

اكتب الأسباب, ثم عاود.

الآن صار لديك أهداف محددة, ومهمة, وتستحق العيش من أجلها.

نريد قبل أن نتحدث عن خطة التنفيذ ‘Action Plan’, أن أذكر شيئًا في إدارة الأمنيات, بعد أن كتبناها كلها, ثم صنفناها واصطفينا منها المهم فقط, وهو كتابة ملخص عن حياتك المستقبلية.

أنا مرة أخرى, وضعت خطتي على شكل كشكول جميل وضعت لها, وضعتها عنوان عريض, ثم اسمي, ثم هدف استراتيجي دنيوي, بعيد المدى, وآخر أُخروي, ثم كتبت لكل جانب أهميته, بسبب أولويته, مثلاً:

في الجانب الروحاني كتبت: الله, الجنة, والدافعية, ونيل شرف الآخرة…

وفي الجانب الشخصي ذكرت التمتع والسعادة والنجاح, وغير ذلك.

قُم بتجميل هذا المؤلف بقدر ما تستطيع, استخدم الرسومات والألوان, فالأمر يستحق ذلك, فهذه حياتك, أنت الآن تكتب تفاصيلها.

قرأتُ لأحد الكتاب الأستراليين، ينصح بكتابة سيناريو الحياة. الفكرة فظيعة, فهو يسميها ‘Life Scrept’ ممكن أن تكون مختصرًا لمستقبل حياتك.

إذًا, هذا الطرف الأول, جمِّل كتاب حياتك, واكتب قصتك.

الآن, نريد أن نكتب الخطة, كل الذي فعلته حتى الآن, أنك كتبت رؤيتك, أي آخر أمنياتك, والتي ستتركها عند ذهابك إلى الدار الأفضل.

نريد الآن, أن نكتب كيف تحقق هذا الكلام, والمطلوب في خطة عمل أن تكتب خمس خانات: الأولى: للرقم التسلسلي, الثانية: للإجراء المرحلي الذي ستعمله لتحقيق الهدف الاستراتيجي, الثالثة: لتاريخ البدء في العمل. والرابعة: لتاريخ الانتهاء وإنجاز العمل المطلوب. والخامسة: خالية لأي ملاحظات تود أن تضيفها لنفسك.

الآن مطلوب منك أن تضع خطة لسنة واحدة, أو سنتين فقط, أي متوسطة المدى.

يجب أن يكون كل إجراء في الخطة يُوصِل إلى الهدف.

أولاً: ضع السنة في أعلى الصفحة, تحت عنوان خطة عمل.

ولنأخذ مثلاً:

لنفرض أن من أهدافك الروحانية الاستراتيجية: حفظ القرآن الكريم كاملاً, حدد كم جزءًا سوف تحفظ هذه السنة.

لنفرض أنك قررت حفظ جزئين هذه السنة, ستكتب في الإجراء: حفظ جزئي 26, 27 من القرآن الكريم. في تاريخ البدء, ستكتب مثلاً 10 يناير, وفي تاريخ الانتهاء: ستكتب 30 نوفمبر. هذا سيكون الإجراء رقم وحد.

ثم تُكمل ما يخدم الأهداف الاستراتيجية الأخرى للجانب الروحاني.

ثم تبدأ في إجراءات الجوانب الأخرى.

فلنفرض مثلاً, أن الجانب الثاني عندك: الجانب العلمي, وأن من أهدافك الاستراتيجية الحصول على درجة الدكتوراه في علم الاجتماع, وأنت حاصل على الثانوية, أو ليسانس آداب علم الاجتماع.

إذا كان لديك فقط الثانوية, فهدف هذه السنة سيكون: التسجيل في إحدى الجامعات المحلية, أو البعثة للخارج لإكمال الدراسة, أو الانتساب في إحدى الجامعات البعيدة, بحسب ما يُناسبك. من كانت له غاية, فلن يُعدم الوسيلة.

لو كنت تحمل ليسانس آداب, فسيكون هدفك: التسجيل في برنامج الماجستير, وهكذا.

قد توزِّعها إلى إجراءين, مثلاً, ولنفرض أنك كتبت تسع إجراءات, وكان هذا الإجراء رقم عشرة: مراسلة الجامعات للحصول على القبول في درجة كذا, تاريخ الابتداء: 1 فبراير, وتاريخ الإنجاز: 30 إبريل.

في الملاحظات: ستضع: مصر, لبنان, الأردن مثلاً.

الإجراء الثاني: البدء في الدراسة: تاريخ البدء 15 سبتمبر, حيث غالب البدء في الدراسة في العالم. أما تاريخ الانتهاء: فسيكون نهاية السنة, وسيستمر بعدها, أي 31 ديسمبر, وهكذا تُكمل بقية الإجراءات.

ضع لكل هدف استراتيجي على الأقل إجراء واحد, ولا تفوِّت هدفًا, ولو عمل شيء بسيط.

رسم هذه الخطة السنوية يحتاج وقت, وربما يحتاج مساعدة, فاحصل على كتيب تفصيلي في التخطيط, أو احصل على نموذج.

في مركز الراشد, وبقيمة رمزية, يُوجد مخطط لخطة ورسالة متكاملة, لدورة كنتُ أُعدها يمكنك الحصول عليها عن طريق الحضور, أو البريد, أو الإنترنت.

أنا وأعضاء فريق المستشارين في مركز الراشد, أيضًا, نعطي جلسة لوضع خطة, أو لحسم صراع داخلي عن طريق الإنترنت, فاحجز موعدك من المركز, أو عن طريق الإنترنت.

إذًا, حتى هذا الحد, نكون ختمنا الخطة التنفيذية.

افعل بداية كل سنة, مثل هذه الخطة, افعل الخطة, ولو كنت لا تنفذ أكثرها.

فالذي يخطط ولا ينفذ, خير من الذي لا يخطط بتاتًا, الأفضل منهما: الذي يخطط وينفذ.

المسألة الأخيرة في التخطيط: التخطيط قصير المدى.

بريان تريـسي ـ أحد أكـبر المخـتصـين في التـخطيــط التسـويقي والإنتـاجي, وأحـد مـلاك شــركـة ‘Gate & Conant’ ـ يقول: إن مجرد كتابة القائمة الأسبوعية لتنفيذ بعض الأشياء, يزيد من الإنتاج إلى حد 30%.

تصور فقط قائمة, لا تأخذ منك 15 دقيقة, تزيد 30% من إنجازاتك.

الذي أقترحه: أن تقوم مساء كل جمعة بكتابة مهمات لهذا الأسبوع, وتستقي مجموعة المهمات من خطتك السنوية, لنفرض أن في إجراء ‘1′, والذي قلنا أن فيه حفظ جزئين من القرآن الكريم, وفي إجراء ‘10′, والذي قُلنا أن فيه مراسلة الجامعات للحصول على القبول, سوف تكتب هذه المهمات, في كتيب, أو مذكرة جيب مثلاً:

1ـ حفظ 10 آيات من سورة الجاثية؛ لأنها في الجزء 26, ثم مهمات أخرى…

7ـ الاتصال بملحقيات الثقافة لسفارات مصر والأردن ولبنان, للحصول على أسماء الجامعات التي تقدم برنامج ليسانس أو ماجستير في علم الاجتماع.

8ـ سؤال مكاتب الدراسة في الخارج عن إمكانية التسجيل عن طريقهم, ومدى التكاليف.

9ـ النظر في الإنترنت, في مواقع هذه الجامعات, والخدمات التي تقدمها… وهكذا تقوم بشطب كل مهمة بعد أن تحققها. تفعل ذلك كل مساء جمعة, أو بداية صباح السبت, أنا أميل بقوة إلى مساء الجمعة.

‘تريسي’, يرى أن تضع قائمة أعمال يومية, كل ليلة لليوم التالي, كلا الطريقتان جيدتان, اختر ما شئت, لكن أرى أن تفعلها قبل النوم, حتى تستفيد من برمجة عقلك الباطن خلال الليل.

وباختصار, هذه هي الطُرق السبع للتخطيط لحياتك, دونها في كراستك:

أولاً: اكتب جميع أمنياتك الاستراتيجية في كل جانب مهم من جوانب حياتك.

ثانيًا: حدد الأوْلى فقط من كل هدف استراتيجي من هذه الأهداف.

ثالثًا: اكتب القيم المرتبطة بكل هدف من هذه الأهداف, أي الأسباب والفوائد.

رابعًا: اكتب في ورقة مستقلة: الأهداف الاستراتيجية الأوْلوية لحياتك.

خامسًا: ارسم خطة تنفيذ سنوية لتحقيق الأهداف الاستراتيجية.

سادسًا: داوم على كتابة قائمة يومية أو أسبوعية للمهمات المطلوبة لتحقيق إجراءات الخطة السنوية.

سابعًا: توكل على الله, وقُم بصلاة الحاجة وهما ركعتان, واقرأ في الأولى سورة الكافرون, وفي الثانية سورة الإخلاص, ثم تقول في سجودك دعاء الحاجة المعروف, والله يوفقك إن شاء الله.

قبل أن أختم, دعني أُعينك بتقديم عشر مقترحات في تحقيق رؤيتك:

1ـ اقرأ خطتك الاستراتيجية, من وقت إلى آخر, كل شهر مرة, مثلاً, يجوز لك أن تغير وتعدل فيها, لكن لا تُصاب بداء التغيير المستمر, علِّم نفسك أن تستمر حتى تُنجز, البعض يهرب من حمل الإحباط برسم خطة جديدة كل فترة ولكن بدلاً من خطة جديدة نفذ الخطة القديمة, سعادتك بالإنجاز خير من سعادتك بالتخطيط.

2ـ اقرأ خطتك السنوية باستمرار, كل يوم أو كل أسبوع, وِفق ما تختاره من المداومة على القائمة الرئيسية.

3ـ تحمس لشبط المهمات, أي للإنجاز, افعل شيئًا دائمًا للتقرب من هدفك.

4ـ حافظ على جلسات خيال في تحقيق خطط ‘Visaulaisation’. استعن بتمرين الفيلم الذهني الموجود في شريط قانون الجذب, في برنامج السعادة في ثلاثة شهور.

5ـ ادفع أمنياتك بتمرينات التوكيد, مثل تمرين 21 في 14, الموجود في برنامج السعادة في ثلاثة شهور أيضًا.

6ـ تصرف وكأن الهدف تحقق, أي مثِّل, وكن فعلاً مُستيقنًا.

7ـ استعن بقاعدة العشرة سم, أي بداية الألف ميل خطوة بسيطة, كل يوم إنجاز شيء, أي 365 إنجازًا في السنة, أي 3650 إنجازًا في العشر سنوات, أي 164000 مهمة في أربعين سنة.

8ـ تحمَّل المسؤولية, وكُن على قدر من ذلك. لا تماطل تحمَّل مسؤولياتك في الحياة, فأنت كما ذُكر عن الرافعي, تزيد على الدنيا, أو تصبح رقمًا زائدًا على الحياة إذا لم تعمل شيئًا.

9ـ تقبَّل التغيير, وكُن لينًا في المحاولات للحصول على النتائج, ليكن التطور ديدنك وهدفك.

10ـ استعن بالله, ولا تعجز. ما خاب من رجا ربه, فهو الذي لا يخيب أمل آمل, ولا يضيِّع عمل عامل

المصدر: كتاب صلاح الراشد كيف تخطط لحياتك
  • Currently 141/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
49 تصويتات / 2483 مشاهدة
نشرت فى 5 يناير 2010 بواسطة moneelsakhwi

ساحة النقاش

عدد زيارات الموقع

1,169,270