اسمه كاملاً «محمد التابعي محمد وهبة»، ولد علي شاطئ بحيرة المنزلة أما أسرته فهي من المنصورة، وفي أوراق كثيرة نجد تاريخ مولده وهو ١٨ مايو عام ١٨٩٦ أي منذ ١١٢ عاماً، لكننا نجد في طلب استدعائه إلي محكمة الجنايات عام ١٩٢٨، ما يقول: محمد أفندي التابعي ٣٠ سنة - موظف بمجلس النواب، ومقيم بشارع جلال رقم ١٠ قسم الأزبكية للحضور في جلسة الجنايات التي ستنعقد في المحكمة المذكورة يوم السبت ٢١ مارس عام ١٩٢٨م - الساعة ٨ أفرنكي صباحاً وكان عمره المدون في طلب الاستدعاء المؤرخ في مارس عام ١٩٢٨م أنه ثلاثون عاماً، ومعني هذا أنه ولد عام ١٨٩٨م وليس ١٨٩٦م.

تركه والده وهو في السابعة من عمره عام ١٩٠٣م، والتحق محمد التابعي بالمدرسة الأميرية الابتدائية في المنصورة، وحصل علي الابتدائية عام ١٩١٢م وكان ضعيفاً جداً في مادة الخط العربي.. ثم هبط إلي القاهرة والتحق بالمدرسة السعيدية الثانوية وكان فكري أباظة صديق عمره، ثم انتقل التابعي إلي مدرسة داخلية في محرم بك في الإسكندرية وحصل علي التوجيهية عام ١٩١٧م والتحق بحقوق القاهرة وكانوا أربعة أصدقاء يقضون ليلهم في مسارح شارع عماد الدين وهم: محمد التابعي وفكري أباظة ومحمود حافظ وعلي شريف مسعود، حصل التابعي علي ليسانس الحقوق في عام ١٩٢٣م، وحينما كان يعمل موظفاً في إدارة التموين بمدينة السويس تولي الإشراف علي توزيع مواد التموين بعد انتهاء الحرب العالمية الأولي إلي أن انتقل إلي القاهرة وعمل موظفاً في قلم الترجمة بمجلس النواب، وهنا بدأت مرحلة جديدة في حياته.


وأثناء دراسة التابعي في كلية الحقوق، عام ١٩٢١م ظهرت الميول الصحفية بقوة وبوضوح وحين نشرت جريدة «الإجيبشن ميل» مقالاً يهاجم فيه المظاهرات الوطنية للطلبة، كتب طالب الحقوق آنذاك - التابعي - مقالاً باللغة الإنجليزية يرد فيه علي ما نشرته الجريدة، ثم أتبعه بمقال آخر يعرض فيه لمواقف الموظفين الإنجليز في الإدارة المصرية،


ثم طلب منه رئيس التحرير أن يكتب رؤية نقدية بالإنجليزية حول مسرحية «غادة الكاميليا» التي كان يقدمها مسرح رمسيس وكتب التابعي مقالاً ينتقد فيه عميد المسرح العربي «يوسف وهبي» بطريقة ساخرة، وراح بعد ذلك يكتب في جرائد «السياسة» و«أبوالهول»، و«النظام» و«الأهرام»، بتوقيع «حندس» وتميزت أفكاره بالوضوح ولغته بالسهولة حتي قيل عنه إنه بدأ مدرسة مسرحية أسلوبية جديدة، ووصفه يوسف وهبي قائلاً عنه «الناقد الذي يسقيني السم في برشامة»، ثم كتب التابعي نقداً لتمثيل «روزاليوسف» وعزيز عيد وكان يوقع هذه المقالات بالإنجليزية بحروف «م.ت.م» أي محمد التابعي محمد.


وعندما ولدت فكرة مجلة «روزاليوسف» في محل حلواني اسمه كساب تطرق الحديث إلي مجلة فنية وظهرت المجلة يوم الأحد ٢٥ أكتوبر عام ١٩٢٥م.


وكان التابعي لايزال يعمل في قلم الترجمة في «البرلمان» ويكتب نقداً فنياً لجريدة «الأهرام» بتوقيع «حندس» فيما كان زكي طليمات يكتب عن الأدب العالمي الذي لم يكف التابعي عن السخرية منه، ودعت «روزاليوسف» محمد التابعي للعمل معها في المجلة واستجاب وحرص التابعي أن يكتب في السياسة.


وبدأ بباب نسائي يحرره هو بتوقيع «الآنسة حكمت» ثم باب «حواري» وبعض الموضوعات الأخري.


وبعد نقل مقر مجل «روزاليوسف» من ١٠ شارع جلال - قسم الأزبكية - وهو المنزل الأول لأمير الشعراء إلي مقر جديد يطل علي ميدان التحرير لم يعد التابعي يأتي، ويختفي فوق دراجة وهو يحمل أوراق التحرير، بل أصبح رزيناً ورشيقاً، وأصبحت له رهبة، ثم ترك التابعي «روزا» ليقيم لنفسه مجتمعاً خاصاً به يسميه «آخر ساعة» وأخذ معه في هجرته كل العناصر الرئيسية ومنهم «صاروخان» ومصطفي أمين، وسعيد عبده، فوضعت «روزا» محمود عزمي رئيساً للتحرير وأصبح العقاد الذي انتقل من جريدة «الجهاد» لتوفيق دياب إلي «روزا» من أعمدة المجلة ثم هجر مصطفي أمين «آخر ساعة» ليعمل في «دار الهلال»،


لكن «آخر ساعة» واجهت أزمة فباعها التابعي لمصطفي أمين وكانت «آخر ساعة» قد ظهرت للوجود في ١٤ يوليو من عام ١٩٣٤م، وكان التابعي قد اختار هذا التاريخ الذي يوافق يوم الثورة الفرنسية التي تحمل الشعارات الثلاثة «الحرية - الإخاء - المساواة».


روشتة «الأمير» للشباب: الاسم النظيف هو معيار نجاح الصحفي الشاب


في كلمة قصيرة منسوبة لمحمد التابعي في مجلة «الجيل الجديد» عام ١٩٥٦، تحت عنوان «الاسم النظيف» يقول إن باب النجاح مفتوح للصحفي الشاب، الذي لا يتملق الرأي العام والذي يؤمن بقضيته مادام علي حق.


ويضيف أنه لو بدأ شريط حياته من أول الطريق، فإنه سيختار الصحافة ليدخل من باب النجاح، والنجاح في الصحافة هو «الاسم النظيف».. ويقول: «والنجاح يختلف برغبة كل شخص فهناك من يقيس النجاح بالفلوس، أما بالنسبة لي فهو (الاسم النظيف) وهو أهم من الثروة، فلو أنني شاب أريد أن أنجح في الصحافة فلن أحيد عن الخطوات التي سرت فيها، وسوف أفرغ ما في صدري ولن يهمني الرأي العام، مادمت أقف بجانب الحق وأناصر المظلوم، فإذا كان الرأي العام لا يتقبل فلن أنزل علي رأيه، فمن واجب الصحفي أن يفرض رأيه، وكذلك المثابرة علي العمل هي سر نجاح الصحفي».


حروب «التابعي» مع الملك فؤاد والسفارة البريطانية والسراي


عرف القراء محمد التابعي باسم «حندس» علي صفحات «الأهرام»، وحيد عمل مع روزاليوسف حرص علي ألا يبدأ بالمقالات السياسية لكنه بدأ الرأي السياسي في شكل تعليقات منذ يونيو عام ١٩٢٦.. ومنذ البداية وقف إلي صف سعد زغلول، وظل يمجد ذكراه، ثم انتقل يدعو - من بعده - إلي مصطفي النحاس، وانغمس في السياسة، ووقف أمام محكمة الجنايات عدة مرات، وبخاصة حينما تحولت روزاليوسف من مجلة فنية إلي مجلة سياسية وخاضت المجلة ومعها التابعي الكثير من المعارك السياسية إلي جانب الوفد في مواجهة حكومة الأقلية، وراح التابعي يغمز في الملك أحمد فؤاد وولي عهده «فاروق» وبعض الأمراء الآخرين،


وفي صيف عام ١٩٢٧ بدأ في تعرية ملوك وملكات أوروبا قاصدًا تشويه النظم الملكية، وفي ٢٨ يوليو عام ١٩٢٧ نشرت المجلة مقالاً بعنوان «ولي عهد مصر يجري في عروقه دم فرنسي لأن أمه الملكة نازلي هي حفيدة سليمان باشا الفرنساوي وهو الكولونيل سيف الذي دخل في خدمة محمد علي الكبير.


وفي ٢٩ سبتمبر عام ١٩٢٧ كتب مقالاً آخر بعنوان «اعتدي علي سلطة البرلمان فطاحت رأسه» ومع الموضوع صورة لشارل الأول متوجهًا إلي ساحة الإعدام، وفي ١٥ ديسمبر عام ١٩٢٧ نشرت المجلة موضوعًا بعنوان «ما بين الخديو إسماعيل والملكة فيكتوريا - معلومات لم يسبق نشرها»، وفي هذا يقول التابعي: «دخلت السجن في شهر ديسمبر عام ١٩٢٧ وكنت يومئذ موظفًا بسكرتارية مجلس النواب، ولم أكن رئيسًا للتحرير ولا أوقع باسمي، وبادر رجال البوليس إلي القبض علي مع اثنين من أصدقاء المجلة وأودعونا السجن وأكبرت شهامة الصديقين فقد أنكرا معرفتهما بكاتب المقال، لكنني اعترفت في الصباح وأفرج المحقق عن الصديقين وقرر استمرار حبسي إلا إذا دفعت كفالة قدرها ٥٠ جنيهًا وبقيت ٧ أيام لعدم توافر الكفالة ثم أفرجوا عني وعرفت أن صديقي اللدود يوسف وهبي هو الذي دفعها عندما علم بعجزي عن الوفاء بها.


حارب التابعي السفارة البريطانية والسراي الملكية بضراوة كما حارب وزارة محمد محمود «وزارة اليد الحديدية» وحارب وزارة «إسماعيل صدقي» ثعلب السياسة المصرية وكان محمد محمود حينما تسلم وزارته في ٢٨ أكتوبر ١٩٢٩، أعلن أنه سيحكم البلد بيد من حديد، فسخر منه التابعي قائلاً: «إن يده من صفيح لا من حديد» فأصدر محمد محمود قرارًا بمصادرة المجلة، فنشر التابعي في العدد التالي في الصفحة الأولي بعنوان «عطلها بأه» وفعلاً قام محمد محمود بتعطيلها ومصادرتها.

من اقواله

"لقد خلعوا على الصحافة لقب -صاحبة الجلالة،"لكن صاحبة الجلالة تحمل على راسها تاجا من الأشواك! فالصحفى يكتب وسيف الأتهام مسلط فوق راسه وقليلون منا نحن الصحفيون هم الذين أوتوا الشجاعة لأبداء رأيهم ولا يبالون قي أن يتهموا قي نزاهتم وأنهم ماجورون ينالون ثمن مقالتهم من دولة ما أو من جهة ما....أذا كتب الصحفى أتهم قي نزاهته وأذا لم يكتب اتهم قي شجاعته بأنه لا يؤدى واجبه ورسالته"

-«رسالتي الصحفية أن أحارب الظلم أياً كان وأن أقول ما أعتقد أنه الحق ولو خالفت في ذلك  الرأي العام"

"أنا لا أسكت على الحال المايل، رأيى ان الصحافة تستطيع أن توجه الرأى العام وليست أن تتملقه أو تكتب ما يسره أو يرضيه."

"ان يفوتك 100 سبق صحفى أفضل من أن تنشر خبرا كاذبا"

 

  • Currently 0/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
0 تصويتات / 103 مشاهدة
نشرت فى 12 أكتوبر 2011 بواسطة moltaka

ساحة النقاش

ملتقى طلاب الإعلام في الجامعات العربية

moltaka
إنطلاقاً من إيماننا الكامل بأهمية وضرورة التواصل ما بين طلاب الإعلام في وطننا العربى، وتشكيل حلقة الوصل فيما بينهم في الجامعات العربية, قمنا بإنشاء هذا الملتقى لتسليط الضوء على القضايا الإعلامية فى وطننا العربي, فى محاولة منا للإرتقاء برسالتنا الإعلامية العربية من خلال جيلٍ صاعد من شباب الإعلاميين هدفه أن »

ابحث

تسجيل الدخول

عدد زيارات الموقع

15,784