المشاركة السياسية للشباب
وأثرها فى تنمية المجتمع

 

مختار الغباشى

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

P

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

فى إطار توجه الدولة نحو الاهتمام بالشباب وإتاحة الفرصة لهم للإلمام بمفهوم المشاركة السياسية الصحيحة من أجل إعداد الكوادر الشبابية المتميزة للمساهمة فى تنمية المجتمع ، فإننا نقدم فى هذه الدراسة :

&     مقـدمـــة .

&     دور الشباب فى المشاركة .

◄     أولا : سمات مرحلة الشباب .

◄     ثانيا : احتياجات الشباب .

◄     ثالثا : مقومات المشاركة الفاعلة للشباب .

◄     رابعا : آفاق جديدة لمشاركة الشباب فى قضايا الوطن .

&     المجالات التى يمكن أن يشارك فيها الشباب .

&     التأكيد على بعض الحقائق .

&     التوصيات التى نرى من وجهة نظرنا أنها تفيد بإذن  الله تعالى .

 

 

 

مقـدمـــة :

الحديث عن الشباب كشريحة سنية مهمة من عمر الإنسان يعد واحدة من أهم قضايا التنمية البشرية فى مصر ، فمما لاشك فيه أن قضية الشباب تطرح نفسها بكل ثقلها فى هذه المرحلة لأسباب تتعلق بهموم الشباب نفسه ، ولأسباب تتعلق بمتغيرات المجتمع وتوجهاته الجديدة وإفرازاته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والعلمية .

وعندما نتناول قضية الشباب فإننا يجب أن نعلم أن الشباب يملك رؤية رحبة تسمح له بأن يحلم ويتصور مستقبل أفضل ، فالأفكار العظمى والاختراعات فى التاريخ بدأت أفكاراً وتساؤلات كان معظمها معتمداً على الشباب . وكذلك فإننا دائما نجد صعوبة فى هذا التناول لأن الشباب قطاعا ليس بالسهل حتى يمكن دراسته والبحث عن قضاياه المتعددة بسهولة كما فى القطاعات الأخرى فى المجتمع . فالشباب قطاع يتغلغل داخل كل القطاعات التى يتكون منها البنيان السكانى .

والشباب هم نتاج المجتمع بما فيه من نجاحات وإخفاقات ، ومن عوامل ومؤثرات وما يملك من حصاد التجارب وموروثات الحضارة . فالشباب هم نصف الحاضر وكل المستقبل .

ولأن الشباب فى مصر يمثل أكثر من 60 %  من مجموع السكان فهم عنصر فاعل وحاسم فى قضايا التنمية .

فالتنمية لابد أن تبدأ من الشباب لأنه يملك الطاقة والقدرة على العطاء ، ولأن مردود التنمية عائد إليه . فنحن نملك ثروة بشرية قادرة على العمل والإنتاج . وإذا كان البعض ينظر إلى هذه الإمكانيات البشرية كعبء أو كمشكلة ، فإن البعض الآخر    يرى فيه الحل لكافة مشاكل المجتمع .

وإذا كانت هناك اجتهادات عديدة لبلورة إطار محدد    لمفهوم الشباب ، فإنه يمكن على الأقل التمييز بين اتجاهين رئيسيين فى هذا المجال:

-   أحدهما يرى أن الشباب مجرد مرحلة محدودة من العمر . وطبقا لهذا الاتجاه فإن المقصود بالشباب هو المرحلة  العمرية التالية للصبا والسابقة للنضج فتنحصر ما بين     15 - 25 عاماً (وأحياناً 35 عاماً) وهى مرحلة مفعمة بالطاقة والنشاط وإمكانية اكتساب الجديد من المعارف والمعلومات والمهارات وتحمل المسئولية إلى جانب مرونة وعدم جمود العلاقات الإنسانية .

-   والثانى يرى أن الشباب حالة نفسية تمر بالإنسان ويمكن أن تعيش معه فى أى مرحلة عمرية ، وتتميز بالحيوية والقدرة على التعلم ومرونة العلاقات الإنسانية ، فإنه يفترض أن الإنسان يكون دائما طموحا متطلعا إلى المستقبل .

ويؤكد علماء النفس أن مرحلة الشباب عبارة عن مرحلة نمو وانتقال بين الطفولة والرشد ، لها خصائصها المتميزة عما قبلها وبعدها ، وقد تتخللها اضطرابات ومشكلات بسبب ما يتعرض له الشباب فى الأسرة والمدرسة والمجتمع من ضغوط . فهى مرحلة تحقيق الذات ونمو الشخصية وصقلها ، وهى أيضا نقطة ضعف وثغرة يحتاج فيها الشباب إلى مساعدته للأخذ بيده وهو يعبرها ليصل إلى مرحلة الرشد بسلام .

 

 

 

 

دور الشباب فى المشاركة

 

عندما نتحدث عن دور الشباب فى المشاركة فإنه لا يمكن الفصل بين مشاركة الشباب فى العمل وتنمية المجتمع وبين مشاركته السياسية ، فالتنمية والسياسة وجهان لعملة واحدة ولايمكن بأى حال من الأحوال فصلهما أو الاستغناء عن إحداهما .

فالمشاركة السياسية هى مكملة لما يبحث عنه الشباب من فرص للعمل ، على اعتبارها الوجه الآخر للعملة .

المشاركة السياسية للشباب تساهم فى حل المشكلات التى يواجهها المجتمع إلى حد بعيد ، وذلك من خلال دفعهم إلى العملية التنموية التى يشهدها المجتمع بقطاعاته المختلفة .

 

ويمكن إلقاء الضوء على دور الشباب فى المشاركة من خلال بعض النقاط :

أولا : سمات مرحلة الشباب .

ثانيا : احتياجات الشباب .

ثالثا : مقومات المشاركة الفاعلة للشباب .

رابعا : آفاق جديدة لمشاركة الشباب فى قضايا الوطن .

 

أولاً : سمات مرحلة الشباب

مرحلة الشباب تعد من أهم مراحل الحياة ، فخلالها يكتسب الفرد مهاراته الإنسانية والبدنية والعقلية والنفسية والاجتماعية اللازمة لتدبير شئون حياته وتنظيم علاقاته مع الآخرين .

ولهذه المرحلة سمات لابد من التعرف عليها وهى :

1)    الاستعداد للتغيير .

2)    الطموح والتطلع للمستقبل .

3)    التذبذب والتردد .

4)    القدرة على اكتساب المعلومات .

 

1ـ الاستعداد للتغيير :

لأن الشباب بحكم الطبيعة مرحلة تغير بيولوجى ونفسى واجتماعى يعيشها الإنسان ، فإنها يمكن أن تتسق مع تغيرات مقابلة فى الثقافة المادية والمعنوية ، وأساليب الحياة وطرقها . تلك التغيرات التى تعنى بها وتستهدفها التنمية . وبالتالى فإن التنمية كتغيير تجد أخصب الفرص وأثراها للنجاح فى وسط بيئة الشباب المتغيرة بطبيعتها . ويؤكد ذلك أن الفرد فى مرحلة الشباب يكون فى طور تلقى واكتساب قيم المجتمع وتقاليده وعاداته ، ولم ترسخ بعد فى نفسه أو تتغلغل فى ذاته ، ومن ثم لم تصبح جزءا وطيداً من نسيجه القيمى والثقافى . وهو ما يجعل تقبله للقيم الجديدة التى تأتى بها التنمية أكثر يسراً وبساطة إذا ما قورن بكبار السن الناضجين أولئك الذين أصبحت القيم والثقافة السائدة جزءا لا يتجزأ من خصائصهم الذاتية ويبادرون بالدفاع عنها ضد محاولات تغييرها ، ومن ثم فإن الشباب لا يلاقون جهود التنمية فى هذا المضمار بالمقاومة والصد والرفض .

2ـ الطموح والتطلع للمستقبل :

تتميز مرحلة الشباب بأنها مرحلة التطلع إلى المستقبل بطموحات عريضة فى إطار من المثاليات . فمرحلة الشباب هى المرحلة التى تتمثل فيها المُثُل العليا للحياة ، وتبدو فيها واضحاً التطلع لمستقبل زاهر قبل أن تأتى مراحل العمر التالية لتصدمه خلال الحياة بمعاناتها وتطحنه بصراعاتها وتفرض عليه التكيف بالتنازل عن كثير من آماله وطموحاته ومثالياته التى عاشها خلال مرحلة الشباب . وهذا يجعل من الطبيعى أن يكون الشباب هم أكثر فئات المجتمع مساندة لعملية التنمية ، وهم جيشها الحقيقى القادر على تحمل مسئوليات تضحياتها من منطلق رغبتهم الأكيدة وتطلعهم إلى بناء مستقبلهم من خلال هذه التنمية .

3ـ التذبذب والتردد :

الشباب فى كل مجتمع وإن كانوا نبع الطاقة الحيوية ، فإنهم يشكلون مجموعة من المتناقضات التى لابد من فهمها وتقبلها . فالفرد خلال هذه المرحلة العمرية تتناوبه مشاعر وأحاسيس شديدة التقلب وتنعكس على تصرفاته بنفس الدرجة ، فهو قد يكون مرحاً فى يوم ، عابساً فى يوم آخر ، عقلانيا   تارة ، وعابثاً تارة أخرى ، قابلا للنصح والإرشاد فى فترة ، ورافضاً وساخطاً فى فترة أخرى .

هذا التذبذب فى التفكير والمشاعر والسلوك بين وقت وآخر يعكس الصراع الذى يدور داخل الشباب جسدياً وعقلياً   وانفعالياً ، فهو حائر بين رغباته وطموحه اللانهائى وإمكاناته التى تحد من هذا الطموح .

4ـ القدرة على اكتساب المعلومات :

فقد أدى العصر الحديث بمتغيراته المتنوعة وثورة الاتصالات والتقدم الهائل فى تقنياتها ووسائلها ، إلى تيسير حصول الشباب على كم كبير من المعلومات فى أى مجال من مجالات المعرفة .

فالبيئة المحيطة بالشباب تموج بالمعلومات من خلال وسائل الاتصال المختلفة ، فضلاً عن أن الشباب أصبح معرضاً ـ بدرجة أكبر من شباب الأجيال السابقة ـ  لآراء متعددة ووجهات نظر متباينة وأفكار مختلفة فى مختلف مجالات وميادين الحياة مثل الدين والاجتماع والاقتصاد والسياسة والأخلاق . ولا شك أن هذا الاتساع الرحب للمعارف والآراء المتاحة يعد فى صالح الجيل الراهن من الشباب ، إلا أن ذلك يواكبه فى نفس الوقت عدم توافر سبل الإرشاد لإيضاح ما هو زائف وما هو صحيح فى وسط هذا الخضم المتلاطم من المعلومات والآراء المتدفقة ، مما يعد مصدراً رئيسياً لكثير من مشاكل شباب الجيل الحالى .

هذا بالإضافة إلى أن نسبة كبيرة من شباب الجيل الحالى قد حظيت بتلقى تعليم نظامى أعلى  بكثير فى المستوى وأطول فى المدة من الأجيال السابقة ، مما أسهم فى تحسين مستوى النضج العقلى الانفعالى لشباب اليوم إذا ما قورن بأقرانهم فى العمر من الأجيال السابقة ، وهو ما انعكس على كون الشباب المعاصر يشكل مجموعة مستنيرة ولديها خبرة فى أمور عديدة بدرجة لم تكن متوافرة لأمثالهم   فى فترات سابقة مما خلق مشاكل الاغتراب عن المجتمع ، لعدم قدرة المجتمع على استيعاب إمكانياتهم الجديدة والمتلاحقة ، فكان المقابل مزيد من النقد الصريح والرفض من جانبهم لأفكار الكبار وأسلوبهم فى الحياة .

 

 

 

ثانياً : احتياجات الشباب

غالباً ما تتركز اهتمامات الشباب فى الآتى :

1-  المشكلات الشخصية .

2- التعليم والعمل وتحقيق الاستقلال عن الأسرة .

3- الإعداد للزواج وتكوين أسرة .

4- إثبات الذات وتحقيق المكانة الاجتماعية المتميزة .

5- إيجاد فلسفة ومبادئ مستقرة للحياة .

6- المشاركة فى الحياة الاجتماعية العامة .

7- تنمية الشعور بالاحترام والتقدير المتبادل مع الآخرين .

وعلى أساس هذه الاحتياجات يجب أن تبنى برامج الشباب فى إطار خطط التنمية بحيث تسعى هذه البرامج لإشباع تلك الاحتياجات حتى تضمن أعلى مستوى للقبول والاستجابة من جانب الشباب للمشاركة الفعالة فى أنشطتها .

 

 

 

 

ثالثاً : مقومات المشاركة الفاعلة للشباب

أشرنا فيما سبق إلى أن مرحلة الشباب تنفرد بسمات   خاصة ، ويقتضى لحُسْن الاستفادة من طاقات وإمكانيات الشباب أن تقوم الدولة من خلال مؤسساتها المختلفة بخلق المناخ الملائم والبيئة المناسبة التى تتيح فرصة الانطلاق وتفجر الطاقات الإبداعية للشباب لكى يشارك فى كافة الأنشطة والجهود فى كافة نواحى الحياة ، ويتأتى ذلك من خلال توفير المقومات التالية :

1)    إعداد قاعدة بيانات أولية عن الشباب .

2)    دراسة المنظمات العاملة فى مجال خدمة الشباب .

3)    حل مشاكل الشباب وتلبية احتياجاته .

4)    تنمية وعى الشباب بقضايا مجتمعه .

5)    التعبير عن المشاركة كواجب دينى .

6)    اعتماد نظرية الحوافز .

7)    اقتناع القيادة بأهمية دور الشباب .

8)    توافر النموذج والقدوة .

 

1ـ إعداد قاعدة بيانات أولية عن الشباب :

المعلومة هى ركيزة التخطيط السليم ، فلا يستطيع أى مخطط أن ينجح فى إعداد سياسات ناجحة بدون توفير حد أدنى معقول من المعلومات والبيانات السليمة .

ولكى يحسن المجتمع الاستفادة من الطاقات السياسية ويستطيع توظيفها لخدمة قضايا المجتمع واحتياجاته ، لابد من إعداد قاعدة بيانات عن الشباب تتضمن الجوانب التالية :

<!--تعداد الشباب فى المجتمع المصرى .

<!--توزيعهم على الفئات العمرية المختلفة .

<!--التوزيع الجغرافى بين الريف والحضر .

<!--المستويات التعليمية .

<!--توزيعهم من حيث الجنس .

<!--الوضع الاقتصادى .

<!--الحالة الاجتماعية .

<!--الانتماءات العقائدية .

<!--علاقة الشباب بوسائل الإعلام .

<!--قضايا الشباب ومشكلاته .

ولأن الشباب يمثل شريحة كبيرة من الجماهير المصرية ، فعلى ضوء ذلك يجب رسم خريطة إحصائية دقيقة لخصائص وسمات الشباب المصرى لنتمكن من إعداد الخطط والسياسات بشكل يضمن استيعابه ضمن الإطار المجتمعى .

 

2ـ دراسة المنظّمات العاملة فى مجال خدمة الشباب :

يتردد الشباب عبر مراحل عمره على العديد من المؤسسات كالمدارس والجامعات والأندية الرياضية والمؤسسات الثقافية والإعلامية ودور العبادة ... الخ . وتقوم هذه المؤسسات بدور كبير فى مجال تنشئة الشباب وإعداده للخدمة العامة .

ويقتضى تعظيم الاستفادة من إمكانيات هذه المؤسسات الإلمام بجوانب معينة منها :

<!-- مدى إقبال الشباب على التعامل مع هذه المؤسسات .

<!-- مدى نجاح المؤسسات فى تلبية احتياجات الشباب .

<!-- مدى التزام المؤسسات بالأسلوب الديمقراطى فى التعامل مع الشباب .

<!-- دور المؤسسات فى تدعيم مشاعر الولاء والانتماء لدى الشباب .

<!-- المشاكل والعقبات التى تعترضها فى تأدية رسالتها ، وكيف يمكن التغلب عليها .

<!-- نوع العلاقة بين هذه المؤسسات وبعضها ومدى التوافق أو التعارض بين ما تقدمه من مضامين .

<!-- مدى إيمان قيادات هذه المؤسسات بدور الشباب فى التنمية .

ومن خلال الإجابة على هذه التساؤلات يتسنى الوقوف على نواحى القوة والضعف فى عمل هذه المؤسسات وبلورة توجه واع متغير للاستفادة من إمكانياتها للقيام بدور فعال فى إعداد الشباب والنهوض بمستواه المادى والارتقاء بمستواه الثقافى ، وتهيئته للمشاركة فى قضايا مجتمعه.

 

3ـ حل مشاكل الشباب وتلبية احتياجاته :

تعد مشاكل الشباب فى مصر نتاجاً لبيئة اجتماعية ذات خصائص ومواصفات معينة ، أو هى نتيجة لعدة ظروف أو أوضاع أفرزتها البيئة الاجتماعية .

فعندما توجد حاجات أساسية وهامة لدى الشباب ولا تجد لها إشباعاً مناسباً فى مدى زمنى معقول ، فلا يتوقع من الشباب أن يكون مشاركاً فاعلاً فى قضايا مجتمعه . وعندما تكون الخدمات غير مهيئة بالقدر الكافى والاحتياجات غير مشبعة فلا ننتظر من الشباب أن يكون إيجابياً .

فالشباب يحتاج إلى الأمن والاطمئنان على مستقبله وأنه سيتمكن فى مدى زمنى معقول أن يجد بيتاً صغيراً يُكَوّن فيه أسرة ، وأن يجد حلاً مستقراً يحقق له نوعاً من الاعتماد على الذات فى تلبية احتياجاته.

كما أن الشباب فى حاجة إلى من يُشعره بالانتماء ، والتقدير والاحترام ، ويمنحه الفرصة ، ويثنى على نجاحاته وإنجازاته .

لا شك أن اهتمام الدولة بمؤسساتها المختلفة بحل مشاكل الشباب وتلبية احتياجاته سينعكس ايجابياً على مشاركة الشباب الفاعلة فى كل ما يجرى على أرض مصر . فنراه حينئذ زارعاً هنا وصانعاً هناك منخرطاً فى عمل حزبى أو نقابى ، رافعاً لافتة انتخابية يؤيد بها مرشحاً أو آخر ، أو متردداً على لجنة انتخابية يمارس حق التصويت لاختيار من يشعر أنه جدير بتمثيله .

وبتعدد المشاركين يزيد الإنتاج وترتقى الممارسة الديمقراطية ، وتختفى السلبية رويداً رويداً ويزول شبح اللامبالاة شيئاً فشيئا ً.

 

 

 

4ـ تنمية وعى الشباب بقضايا مجتمعه :

لا يشارك إنسان فى موضوع يجهل أبعاده . وغالباً ما يحجم الشباب عن المشاركة فى قضايا مجتمعه حينما تقل المعلومات أو تنعدم ، وعندما تتسم القضايا الموجودة فى محيطه بعدم التحديد والغموض . لذلك ينبغى على كل مؤسسات التنشئة والقائمين على أمرها أن تضع بين يدى الشباب كافة القضايا والمستجدات التى تفرض نفسها على المجتمع فى لغة سهلة وبسيطة بعيدة عن الغموض والتجريد متحاشية استخدام الأساليب الخطابية الرنانة والمصطلحات العلمية المتخصصة ، مع شرح المصطلحات الجديدة التى بدأت تتردد على مسامعنا كالخصخصة والعولمة وصراع الحضارات والنظام العالمى الجديد ، وعليها إيجاد الصيغ المقبولة لذلك ، كما أنه من الضرورى خلق رأى عام مؤمن بقضايا المجتمع المختلفة مع ربطها بالمصلحة المباشرة للشباب . فعندما نطرح على سبيل المثال قضية الخصخصة فلابد من توضيح انعكاساتها الايجابية على المصالح المباشرة للشباب من خلال إتاحة فرص العمل الجديدة أمام جموع البطالة التى تتزايد يوماً بعد يوم .

وفى مجال ترسيخ قيم الديمقراطية فى وجدان الشباب ومناقشة أبعاد هذه القضية فإنه ينبغى الإعداد الجيد للشباب وإكسابه قيم التعاون والمشاركة وتعويد الشباب على أن كل حق يقابله واجب وترسيخ قيم المواطنة لديه من خلال إدراك حقوقه وواجباته وإشعاره بأهمية وجدوى مشاركته وفاعليتها ، وربط الديمقراطية بعنصر المصلحة ، فعندما يحترم رأى الآخرين يحترمون رأيه ، وعندما يشارك بالرأى فى قضايا وطنه فهو يساهم فى صنع السياسات العامة لوطنه ، كما أن الإدلاء بالرأى يعد مدخلاً لتلبية الاحتياجات . فكيف يعرف صانع القرار احتياجاتى إذا أحجمت عن إبداء رأيى ؟

 

5ـ التعبير عن المشاركة كواجب دينى :

الحياة المصرية القديمة منذ آلاف السنين قامت على أسس دينية . فمنذ القدم عُرف المصريون بقوة التدين ، فالدين سلطان نافذ على عقول المصريين يدعوهم إلى التدين والتقوى والصلاح والإحسان إلى الغير والعمل الصالح . ويعد الدين من أهم العوامل التى تحكم نظرة المجتمع إلى متغيرات العصر والتى ينطلق منها إلى اتخاذ موقف معين من القضايا والمشكلات سلباً وإيجاباً .

ورغم صور الانحراف التى شاعت بين شباب العالم بصفة عامة ، وألقت بظلالها على الشباب المصرى ، إلا أنه يمكن القول أن القاعدة الشبابية فى مصر فى مجموعها بخير ، فهى منضبطة وملتزمة ومتدينة بالفطرة ، والقلة الشاردة لا تغير فى القاعدة ولا حكم لها .

فإذا ( نال ) تلقى الشباب عبر مؤسسات التنشئة المختلفة ما يلقى الضوء على موقف الإسلام من المشاركة واعتبارها واجباً دينياً ، فإن نهوض الشباب لتلبية هذا الواجب الدينى سيتسم بسرعة الاستجابة ، وسيكون أكثر فاعلية . وقد تضمنت الآيات القرآنية العديد من القوانين والأسس التى تؤكد على ضرورة مشاركة الشباب فى كافة الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية لإيجاد مجتمع إسلامى متكامل .

فقد امتدح القرآن الكريم الجماعة التى تعتمد الشورى منهاجاً لحياتها فى قوله تعالى : (( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر .. )) الآية 159 من سورة آل عمران .  

وقوله تعالى : ((.. وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون )) الآية 38 من سورة الشورى .

كما حث الرسول e على الاهتمام بأمور المسلمين كشرط للانتساب لعضوية المجتمع المسلم فيقول e "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم" ، كما قال e "ما تشاور قوم إلا هُدوا لأرشد أمورهم" وقال أيضا e "استعينوا على أموركم بالمشاورة" .

كما قدم الرسول e العديد من المواقف العملية فى مجال الشورى فقد استشار أصحابه فى غزوة بدر وأحد والأحزاب وغيرها من المواقف التى نزل على رأيهم فيها واستجاب لمشورتهم عندما استحسنها .

وهكذا تكون المشاركة عنصراً أساسياً للانتماء للمجتمع الإسلامى .

إن الدعوة للمشاركة موجهة لجميع الشباب المسلمين والمسيحيين على حد سواء وعلى قدم المساواة مساهمة فى العمل العام وتوثيقا لوحدة الوطن فالدين لله والوطن للجميع .


6ـ اعتماد نظرية الحوافز :

تعد الحوافز من محركات السلوك ، ويرى علماء النفس أن كل الأفعال التى يقوم بها الإنسان يمكن وصفها على أنها مجهود يقوم به الإنسان لإشباع متطلب أساسى أو حاجة ضرورية . فإذا تم إيجاد الرابط أو العلاقة بين المشاركة وبين ما يسميه علماء النفس بالجزاء ، فإن هذا يؤدى إلى تعظيم المشاركة وتفعيلها .

ولما كانت الحاجة إلى التقدير بشقيه المادى والمعنوى من حاجات الإنسان الاجتماعية ، فإن إشباعها يؤدى إلى مزيد من العطاء ، فمن يشارك فى محو أمية مجموعة من المواطنين أو يستصلح قطعة أرض صحراوية أو يساهم فى نظافة البيئة أو تشجير المنطقة التى يقطنها عندما يمنح حافزاً مادياً أو معنوياً فإن هذا يؤدى إلى حدوث تأثيرين إيجابيين:

<!--رفع معنويات المشارك بما يؤدى به إلى بذل المزيد من الجهود .

<!--تقديم النموذج الذى يمكن أن يحاكى من الآخرين .

وتطبيقاً على ذلك فإنه يجب على الهيئات المعنية بشئون الشباب والمؤسسات التى يتردد عليها أن تتبنى سياسة تشجيع الشباب من خلال الجزاءات والحوافز حتى ولو كانت حوافز نسبية .

 

7 ـ اقتناع القيادة بأهمية دور الشباب :

إن إيمان القيادة من أى مستوى وفى كل موقف بفلسفة مؤداها - أن الشباب جزء هام فى كيان المجتمع ، وأن انعدام مشاركة هذا الجزء وتهميشه يعود بالضرر على المجتمع ككل الأمر الذى من شأنه أن ينعكس ايجابياً على تهيئة الظروف المناسبة لاندماج الشباب فى أنشطة المجتمع ومشاركته فى الأدوار المطروحة .

ويمكن تحديد عدد من الآليات التى تترجم هذا الاقتناع إلى واقع عملى ملموس :

<!--إتاحة الفرصة أمام الشباب للتعبير عن آرائهم فى قضايا مجتمعهم ورؤيتهم لكيفية التعامل مع مشاكل المجتمع دون خوف من عقاب أو مساءلة ، وفى ظل مناخ آمن يرعى الحريات ويدعم الديمقراطية .

<!--توفير قنوات أو منابر تتيح لهم طرح مشاكلهم وتصوراتهم لكيفية حلها والتعبير عن طموحاتهم وتصوراتهم .

<!--ضرورة أن تضم الهيئات المعنية بأمور الشباب فى عضويتها بعض العناصر الشبابية التى تحسن التعبير عن همومها وقضاياها . إذ ليس من المعقول أن ينفرد بالتعبير عن قضايا الشباب من هم خارج هذه الشريحة الشبابية . فالشباب هم الأقدر على التعبير عن أنفسهم .

<!--الاهتمام بعمل استطلاعات دورية لآراء الشباب حول همومهم وقضايا المجتمع .

<!--تطوير دور الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدنى لاستيعاب الشباب وتدريبهم على التعامل مع القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية .

<!--أن تحتفظ مؤسسات المجتمع ومنظماته ببعض الأدوار القيادية لكى يشغلها المتميزون من الشباب دون التقيد بالعوائق البيروقراطية ، ولنا فى رسول الله e الأسوة الحسنة عندما كان يحلل الخصائص المدخرة فى الشخصيات ويضع الرجل المناسب فى المكان المناسب دون التقيد باعتبارات تتعلق بالسن ، وإنما المعيار الأساسى هو مدى الأهلية والكفاءة للقيام بالدور المنوط به ، فقد كلف الرسول e أسامة بن زيد بقيادة جيش المسلمين لغزو الروم وهو دون العشرين من عمره وتحت إمرته أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب ـ وعندما استكثر البعض على أسامة هذا المنصب    قال الرسول e : "والله إنه بالإمارة لخليق ، وإن أباه من قبله بالإمارة لخليق ، فاستوصوا به خيراً فإنه من صالحيكم" . كما يذكر التاريخ أنه قد التف حول المسيح عليه السلام عدد من الحواريين الشبان .

 

8 ـ توافر النموذج والقدوة :

يتعامل الشباب عبر مراحل عمره المختلفة مع العديد من المؤسسات التى يتولى الإشراف عليها قيادات مختلفة .

والإنسان كما يتلقى تعليمه وثقافته عن طريق الإطلاع والقراءة والدرس ، فإن جزءً كبيراً من خبراته ومعارفه تنتقل إليه نتيجة احتكاكه بمن حوله فى مواقف الحياة الاجتماعية المختلفة .
فالطفل أثناء عملية نموه يكتسب أنماطاً من السلوك نتيجة تفاعله مع أفراد أسرته أو مجتمع الدراسة أو النادى وخلافه . وفى جميع مراحل الحياة يكون فى حاجة إلى الموجه الذى يوجهه ويأخذ عنه ، فأحيانا يكون الأب أو الأم وأحياناً أخرى يكون المعلم وربما أى شخص يظن فيه الإنسان القدرة على النصح والتوجيه وهداية السلوك . ومن الخطأ أن يظن الإنسان أن بإمكانه الاستغناء عن القدوة ، فهو كائن اجتماعى يتأثر بالمجتمع ، ومن الخطأ المبين أن يظن أن الأخلاق الفاضلة والسلوك المستقيم للفرد والمجتمع تتحقق بمجرد سن القوانين وتوقيع العقوبات ، وإنما يلزم مع ذلك وجود القدوة الحسنة فى مختلف مجالات الحياة الاجتماعية .

لذلك يجب أن تحرص القيادات على أن تكون مثالاً للقدوة الطيبة فى الحفاظ على الوقت ، والانضباط فى العمل ، والصدق فى القول ، والحفاظ على المال العام .

أما إذا اتصف سلوك القيادة بالغش والخداع وعدم المطابقة بين القول والعمل ، فإن هذا سيؤدى إلى إشاعة مناخ من الإحباط لدى الشباب مما يعيق نمو شعورهم بالولاء والانتماء للمجتمع .

 

 

رابعاً : آفاق جديدة لمشاركة الشباب فى قضايا الوطن

يعد التعليم المدنى أحد القضايا بالغة الأهمية مع بداية القرن الجديد لاعتبارات اقتصادية واجتماعية وثقافية عديدة ، وهو ما يعنى التعليم السياسى ، أى التشكيل الثقافى بغرض تكوين المواطن المشارك فى نظام حكم صالح بكل شروطه ومقوماته ، وتنبع هذه الأهمية من عدة ظواهر لعل فى مقدمتها العولمة بكل الفرص والمخاطر التى تطرحها ، ومناخ الأزمات المتشابكة وضرورات التغيير ـ الأمر الذى يملى حتمية التركيز على بناء قدرات وتنمية مهارات الإنسان الذى يستطيع أن يتعامل بذكاء واقتدار مع كل هذه التحديات .

ومثلما ننادى باستثمار الثورة العلمية التكنولوجية والإسراع بمعدلات التنمية الشاملة والمتواصلة وإيجاد طبقة جديدة من المستثمرين الجدد وشباب رجال الأعمال ، لابد أيضا من تدريب أبنائنا وبناتنا على المشاركة الواعية والسلوك الرشيد كمواطنين لهم حق المشاركة فى الانتخابات والحياة العامة واختيار الحكام والمفاضلة بين السياسات المطروحة ، بل وبذل مجهود عملى لإنجاز التنمية الذاتية والنهضة الوطنية ، لأن التنمية ، والاستثمار ، وتحسين الإنتاجية ، وثمار التقدم ، مهددة فى حالة غياب نظام سياسى ديمقراطى يضمن توسيع المشاركة فى صنع القرار وحرية الاختيار .

فالتعليم السياسى فى مفهومه المعاصر بهدف تنمية المجتمع المدنى ليس تعليماً حزبياً وإنما يقوم على التعددية الثقافية والدينية والاجتماعية ، وهو بمثابة دعوة مفتوحة للمشاركة فى الشئون العامة فكراً وقولاً وعملاً بهدف تأمين الوحدة الوطنية .

والواقع أنه فى المجتمعات المعاصرة يلعب نظام التعليم دوراً محورياً فى إعداد النخبة السياسية  وتأهيل حكام الغد من القيادات والمرؤوسين ، وتتوقف أبعاد هذا الدور على غاية العملية التعليمية فى مختلف المراحل وعلى امتداد سنوات الدراسة من الطفولة فالصبا حتى الشباب فى إطار فلسفة النظام السياسى .

فقد تكون الغاية هى تخريج الموظفين والفنيين وقد تتسع لتكوين وإعداد المواطن الراشد والإنسان الإيجابى .

كل ذلك من منطلق أن التعليم الذى نعنيه أوسع بكثير من مفهوم التعليم المدرسى والجامعى ليشمل الثقافة والإعلام والتدريب والصحة والرعاية وكل صور التنمية البشرية بل والتنمية السياسية التى تشمل تقاليد الحكم والممارسات الدستورية ومستوى المشاركة الديمقراطية والمساهمة فى التنمية .

وجدير بالذِّكر أن التعليم المدنى أو التعليم السياسى للشباب ليس مسئولية مؤسسات التربية والتعليم كالمدارس والجامعات ومراكز الشباب فقط ، بل إنه يمتد إلى جميع المنظمات التى تشارك فى التنشئة السياسية للمواطنين مثل الأسرة والنادى ودور العبادة والخدمة العسكرية ، وأجهزة الإعلام والمنظمات الأهلية التطوعية .

ومن جهة أخرى فإن آفاق التعليم السياسى الذى يستهدف تنمية فعاليات المجتمع المدنى الجديد الذى نحاول إرساءه بدلاً من المجتمع التقليدى العسكرى الموروث ـ يشمل العديد من الاهتمامات والمسئوليات التى يجب على الشباب فتيات وفتيان القيام بها ـ مع الأخذ فى الاعتبار توسيع مفهوم العمل السياسى والمشاركة الشعبية ـ لتشمل فى ظروفنا هذه أهمية بث روح الخدمة العامة والعمل التطوعى لدى الشباب .

وهكذا تشمل قائمة مهام التعليم المدنى والعمل الاجتماعى أنشطة عديدة مثل : محو ا�

mokhtaralghobashy

مختار الغباشى

  • Currently 170/5 Stars.
  • 1 2 3 4 5
49 تصويتات / 2950 مشاهدة
نشرت فى 3 أغسطس 2007 بواسطة mokhtaralghobashy

ساحة النقاش

mokhtaralghobashy

أشكرك على اهتمامك
يسرنى التعارف بكم وتبادل الأراء
خالص تحياتى

مختار حسن الغباشى فى 27 أغسطس 2011

تسجيل الدخول

مهندس / مختار حسن الغباشى

mokhtaralghobashy
»

ابحث

عدد زيارات الموقع

28,844