( منفعة الخط )
وضروبٌ من الخُطوطِ بعد ذلك تدلُّ على قدرِ منفَعَة الخطِّ . قال اللّه تبارَك وتعالى كِرَاماً كَاتِبِينَ . يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُون وقال اللّه عزّ وجلَّ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ . مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ . بأَيْدِي سَفَرَةٍ وقال فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِه وقال وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ وقال اقْرَأْ كِتابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً .
ولو لم تكتب أعمالُهم لكانت محفوظةً لا يدخلُ ذلك الحفظَ نِسيانٌ .
ومّما قالوا في الخطّ ما أنشدنا هشامُ بن محمد بن السائب الكلبي قال : قال المقنَّع الكنديُّ في قصيدةٍ له مدح فيها الوليدَ بنَ يزيد :
( كالخطِّ في كُتُبِ الغلام أجادَه ******** بِمداده وأسَدَّ من أقلامهِ )
( قلمٌ كخُرطوم الحمامةِ مائلٌ ******** مُستَحفِظٌ للعلم من علاّمِه )
( يَسم الحروفَ إذا يشاءُ بناءَها ****** لبيانِها بالنَّقْط من أرسامهِ )
( مِن صُوفةٍ نَفث المداد سُخامه *******حتى تغيَّرَ لونُها بسُخامِه )
( يَحْفَى فيُقْصَمُ من شَعيرة أنفِه ****** كقُلاَمة الأُظْفُورِ من قلاّمِه )
( وبأنفه شَقٌّ تلاءَم فاستَوى ********* سُقِيَ المدادَ فزاد في تَلآمِه )
( مُسْتعجِمٌ وهو الفصِيحُ بكلِّ ما ** نطق اللسانُ به على استعجامِه )
( وله تراجِمةٌ بألسنةٍ لهمْ ********** تبيانُ ما يَتلُونَ من تَرجَامِه )
( ما خطَّ من شيء به كتّابه ******* ما إن يبوحُ به على استكتامِه )
( وهجاؤه قاف ولام بعدها ************** ميم معلَّقةٌ بأسفلِ لامِه )
ثم قال :
( قالتْ لجارتها الغزَيِّلُ إذ رأت ******* وجهَ المقنَّع من وراءِ لِثامِه )
( كم من بُويزِل عامِها مهرّية ******* سُرُحِ اليدينِ ومن بُويزِل عامِه )
( وَهَبَ الوليدُ برَحْلها وزمامها ********* وكذاكَ ذاكَ برَحلِهِ وزِمامه )
( وقويرحٍ عتد أُعِدَّ لِنِيِّهِ ************** لبن اللَّقُوحِ فعادَ مِلءَ حِزامِهِ )
( وهبَ الوليدُ بسَرْجها ولجامها ******** وكذاك ذاك بسَرجه ولِجَامه )
( أهدَى المقنّع للوَليدِ قصيدةً ********** كالسيفِ أُرهِف حدُّه بحُسامه )
( وله المآثرُ في قريشٍ كلِّها ********** وله الخِلافةُ بعد موتِ هشامِه )